| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

الخميس 24/9/ 2009

 

من قال أن عباس تخلى عن الكفاح المسلح؟

صائب خليل

النضال السلمي واللاعنف، كان يذكر المرء بغاندي ومارتن لوثر كنج والقس توتو، صار اليوم له طعم آخر حين ارتبط اليوم بعباس وحسني مبارك والملك عبد الله ومن لف لفهم. طعم لم تعد تسارع لتذوقه بمتعة وعفوية وبلا تردد. إنك بالتأكيد لا تشعر معه برأسك ينحني احتراماً لقوة روحية تخشى النظر اليها وجهاً لوجه...
هناك شيء ما مختلف بين هذا اللاعنف وذاك الذي كان أيام زمان.
لكن رغم كل شيء فالسلام شيء يبعث على الراحة ولا يمكن أن يكون نقطة سلبية على صاحبه، فما سبب الرائحة المنفرة التي التصقت بعبارات "النضال السلمي" و "الخيار السلمي" و "السلام كخيار استراتيجي"؟

"الرئيس" عباس، (أضع كلمة "الرئيس" بين علامات لأن انتخابه تم بواسطة التصفيق وليس بالتصويت في المؤتمر الأخير، وشكل العلامات تشبه إيدين تصفق حتى كلما ترون كلمة "الرئيس" تتذكرون الطريقة المبتكرة اللي انتخب بها عباس، "رئيس" التصفيق).

الرئيس، عفواً "الرئيس" عباس، سجل مؤخراً ما يستحق عليه التصفيق أيضاً، فقام بما اعتبر "نقلة نوعية في سياق الحرية الاعلامية" حين سمح بإنتاج وعرض برنامج يقدم الرئيس بشكل ساخر (وطن على وتر)..وتحرش البرنامج بأسماء "مقدسة" أخرى مثل دحلان وأحمد قريع.

ما هو "التحول المناخي" الذي سبّب هذا التغير الكبير في الإستراتيجية الإعلامية الفلسطينية؟ من الصعب جداً أن نتخيل أنها من ثمار "صفنة تفكير" ذاتية داخلية، بل استشارة خارجية من طبيعة خارج هذا المحيط. لكنه على أية حال أختيار موفق بلا شك، فكل هذا يصب في صورة "اللاعنف" التي اختارها عباس "إستراتيجياً".

لماذا إذن عندما تنظر إلى وجه عباس يخطر ببالك هتلر أكثر مما يخطر ببالك غاندي؟
"الرئيس" في زيارته الأخيرة لواشنطن قال إنه "لايريد تدمير إسرائيل" ومن أجل ذلك فإنه "لن يطالب بعودة 5 ملايين لاجئ فلسطيني". إنه يضحي بحق 5 ملايين من أبناء شعبه بالعودة إلى بلادهم (حسب علمي مازال يعتبرها بلادهم، أم إنها ضمن ما تم التخلي عنه مؤخراً؟) من أجل "عدم تدمير" العدو. هل هناك تضحية أسمى من هذه من أجل السلام؟ إذن ما هذه الرائحة المنفرة المصاحبة لهذا "السلام"؟...هل أن سببها الفساد الذي أشتهر به "الرئيس" وحكومته؟ حسناً، سيقول البعض، لا نستطيع أن نطالب بالكمال. نحن في الدول العربية، ويكفي أن لدينا رئيس مسالم يسمح بالسخرية من شخصه "الكريم" في التلفزيون. الفساد ليس أسوأ ما في العالم (العربي على الأقل).

هناك قضية أخرى يجب طرحها لننتهي منها، وهي مسألة التهمة التي وجهت لـ "الرئيس" بأغتيال رفيق دربه والرمز الفلسطيني العتيق، أبو عمار. هل هي سبب الرائحة؟
لو صحت هذه التهمة، يكون الفتحاويون قد انتخبوا قاتلاً لرئاستهم! ليس قاتلاً إعتيادياً وإنما قاتل لرفيق نضاله وصديقه، والرمز الذي كانوا يوماً مستعدين لقتل من يمسه بكلمة سوء، فكيف مرروا الأمر بهدوء هكذا؟ هل يكون الوحي الذي أوحى ببرنامج السخرية من عباس هو أن عباس يريد أن يقول: "إضحكوا علي..إفعلوا ما تشاءون بصورتي...فقط أنسوا أنني قاتل صاحبي"؟
ويبدو أن هذه الستراتيجية العامة نجحت بشكل كبير، فلم يمرر قادة فتح تهمة القتل عن عباس وينسوها فقط، إنما انتخبوه لرئاستهم وليجلس مكان الرجل الذي اغتاله بنفسه....صحيح أنهم انتخبوه بالتصفيق فقط، لكن لماذا صفقوا لقاتل رمزهم؟ سؤال سيجيب الزمن عنه يوماً.
لنترك السياسة ونعود إلى البرنامج الجميل: في البرنامج قال "الرئيس" عباس "انا ما في عندي تكتكة، انا عندي مفاوضات ثم مفاوضات ثم مفاوضات، واللي بدو يتكتك عندي.. بتكتكو". (1)
يعني أن "الرئيس" لشدة كرهه للقتل، فأنه سيقتل من يفكر باستعمال السلاح! والله البرنامج كان مسلي بشكل! حتى أنت من كثرة الضحك تنسى أنك تقف قدام واحد قاتل صاحبه!

هذا ليس موضوعنا على أية حال. المهم أن شعباً عربياً آخر يبدو أنه رضي بقيادة قاتل – لقد نجح هذا القاتل، (أو المتهم إن شئتم الحديث بشكل رسمي) بجعل الجريمة تختفي من النقاش وحصر الحديث بتوزيع المناصب والمسؤوليات وخلافات من هنا وهناك...ألمهم أنه نجح في رفع تهمة القتل من طاولة النقاش. لقد نجح حتى أن أشد المعترضين عليه يطلبون الآن منه "نسيان الماضي" والتصالح.
الحرية مصبوغة بالدم كما يقولون، لكنه في العادة دم يسيل لأسباب مقلوبه. وعلى أية حال لم يسل الدم من عرفات، فقد اختار عباس السم. ويقال أن الرجال في بعض الحضارات القديمة كانوا يستحون من الإغتيال بالسم لأنهم يعتبرونه الطريقة التي تستعملها النساء للإغتيال. لنقل أنها الطريقة المفضلة للإغتيال لدى نساء الزمن الماضي، ورجال سلام هذا الزمن!

يقال أن "المجرم يعود إلى مكان الجريمة دائماً"، وربما كانت طريقة عباس في ذلك هي "العودة إلى عرفات" في الخطاب وبشكل مكثف غير طبيعي. فكما قال نبيل عمرو، المستشاراً الإعلامي المستقيل "للرئيس" الفلسطيني، قال "لم يُذكر عرفات في خطاب قدر ما ذُكر في خطاب أبو مازن في المؤتمر". (2)
هل يكون القتل هو السبب في ترددنا بتصديق احتضان "عباس" التصفيق للـ "ساتياجراها"؟ أم هو عدد الفلسطينيين الذي قضوا في سجونه من التعذيب؟ ليس من السهل أن تخيل غاندي وهو يعذب أحداً ..دع عنك رجل دين....يسلخه حتى الموت.... ! (3)

من الطبيعي أنه لو أن أسيراً إسرائيلياً قضى نحبه تحت التعذيب في سجون "الرئيس"، لما تجرأ أحد على وصف الرجل بأنه اتخذ السلام خياراً استراتيجياً...لكن عندما يفعل ذلك تجاه مواطنيه ورفاقه السابقين فأن ذلك لايفقده صفة "رجل السلام" على ما يبدو، بل ولا يستبعد أن يستلم الرجل جائزة نوبل للسلام....وبالمناسبة، فأن من المثير للإهتمام أن نحسب إن كانت نسبة المجرمين ضد الإنسانية بين من حصلوا على جائزة نوبل للسلام، أصغر أم أكبر من نسبتهم في الحياة! هناك أسباب لهذا الشك فقد رفض عدد من القادة الجائزة خوفاً على سمعته حين وجد أن من يشاركه فيها مجرم عتيد كما فعل الفيتنامي لي دوك ثو. لذا أجرؤ على القول أن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية (بالإتجاه المناسب فقط!) قد يزيد فرصة الحصول على جائزة نوبل للسلام. لقد خطى عباس الخطوة الأولى الكبرى، وكل ما عليه الآن أن يوقع سلاماً بأي شكل كان ليحصل على الجائزة، بل أقول لك يا عباس سراً: كلما كان السلام أسوأ وأكثر ظلماً، زاد احتمال حصولك على الجائزة. وهل كان بيغن أم كيسنجر أكثر "سلاماً" منك يا سيادة "الرئيس"؟ ليس حصولك على الجائزة أكيد طبعاً، لكن هل كان هناك أي احتمال لتحصل حتى على جائزة يانصيب ترضية، لو أنك لم تقتل رئيسك وتجلس مكانه؟

قبل فترة أكد "رئيس" التصفيق عباس خياره السلمي في لقاء مع مجموعة من الأمريكيين، وقال "أن السلطة الفلسطينية ستواصل تعاونها الأمني مع إسرائيل بغض النظر عن مستوى التقدم أو فقدانه في المفاوضات السياسية". إنه لا يضع أي شروط قد تعرقل السلام، وسيقدم المعونة بالمعلومات إلى الأمن الإسرائيلي بسخاء. و"الأمن الإسرائيلي" معروف طبعاً بالخيار السلمي والإمتناع عن قتل أو التسبب بالأذى لأي إنسان! لكن فريق عباس السلمي لم يعد يكتفي بتقديم المعلومات الأمنية لإسرائيل، بل أيضاً باغتيال من "يعارض السلام". (2) (3)

هاهو عباس يوافق على عقد لقاء مع نتانياهو واوباما، لإخراس الأصوات العالمية المنادية بأنه لايمكن بناء السلام بدون وقف الاستيطان، وهاهي مسيرة السلام والإستيطان يسيران معاً بسلام وألفة، بل أن نتانياهو "سرّع الإستيطان حسب قول عباس نفسه، ولم يستطع أن يمنع مسيرة السلام! لن يزعج أحد إسرائيل بعد ذلك، خاصة أنها في وضع دولي لا تحسد عليه فهي تتعرض لانتقادات شديدة من كل الفئات "غير المحبة للسلام" التي تنتقدها.
لاحظوا أن مطالب هذا المسالم الشديد ليس إعادة أراضي وهدم مستوطنات، بل "إيقاف الإستيطان": "ما نهبتموه من أراضينا حلال لكم، لكن توقفوا عن نهب المزيد عندما تريدون أن نصبح أصدقاء"، وكان رد إسرائيل اقتراح لوقف النهب لمدة ستة أشهر، على أن يتم معاودته بعد ذلك بالسرعة اللازمة للتعويض عن الزمن الضائع!

الصديق وقت الضيق، وعباس عبر عن تلك الصداقة السامية حين وافق على اللقاء في الوقت الذي كان حتى اليهودي من بقايا الناجين من معسكرات الإعتقال النازية، يرأس لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة، التابعة للأمم المتحدة، ويصدر تقريراً ضايق إسرائيل كثيراً. قال التقرير أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب خطيرة وقد تكون ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، ودعا إلى إتخاذ إجراءات ضدها وقال: "يجب إنهاء الإفلات من العقاب" وأن مزاعم إسرائيل باختباء مسلحين وإخفاء سلاح في مسجد قصفته أثناء الصلاة ومنشآت مدنية أخرى، مزاعم غير صحيحة، وأن استخدام إسرائيل مدنيين دروعاً بشرية يشكل جريمة حرب وأن منع الفلسطينيين من الحصول على لقمة العيش ومن حرية الحركة جريمة ضد الإنسانية....". (4)
وقال غولدستون، صاحب التقرير: "لحسن الحظ اننا نعيش في زمن فيه إلحاح على تحقيق العدالة، ولا أحد يستطيع تجاهل جرائم الحرب". ويبدو أنه لم يسمع بعد بالتسامي الروحي الذي وصل إليه عباس، وقدرته على تجاهل كل جرائم الحرب....من أجل السلام طبعاً! لقد حمى عباس إسرائيل من كل هذا الإزعاج وأثبت أن "السلام" أهم حتى من الإنسانية نفسها!

ومثلما خالف عباس رجل السلام بقية العالم، وبرهن أن السلام يمكن أن يسير جنباً إلى جنب مع الإستيطان، بل ويسرعه، فأنه يخالف اليهودي "المعادي للسامية" غولدستون، الذي يدعو إلى "إنهاء الإفلات من العقاب"، ويتبنى نظرية أن السلام و "الإفلات من العقاب" يسيران جنباً إلى جنب كصديقين حميمين. لقد سبق لعباس أن أثار استغراب خصومه قبل أصدقائه حين "رفض التعاطي مع نداءات المنظمات الحقوقية" لرفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيلين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في حق الشعب الفلسطيني. ولأن "الرئيس" هو "المخول الأول" برفع أي قضية من هذا النوع حسب لوائح المحكمة الجنائية الدولية "، فيمكن لإسرائيل أن تطمئن بأن المحكمة لن تنظر في القضية دون موافقته" ومن غير المعقول أن يتصرف عباس ضد "مبادئه" ويوافق على شيء من مثل ذلك! (5)

هذا "التعاون" والحب الجميل "غير المشروط" للسلام يذكرنا بحب الوالدات لأولادهن، ويذكرنا برجل آخر إختار السلام إستراتيجية ثابتة, واستبدل الحرب مع عدوه بـ "التعاون"، حتى في محاصرة بعض المشاغبين من أبناء قومه وقصفهم بالقنابل العنقودية والفوسفورية لأنهم ارتكبوا جريمة إزعاج الأعداء الذين كانوا يخنقونهم بدلاً من ان يديروا لهم الخد الأيسر...وكان وزير خارجيته يؤكد على ضرورة إحكام الحصار، والرئيس أكد أنه يجب عدم ترك المحاصرين ينتصرون بأي ثمن، وقامت حكومته بالتحقيق مع الجرحى من المحاصرين.... لو كان غاندي حياً لما صدق عيناه من المستوى الذي وصل العرب إليه في تطبيق مبادئ السلام ، وربما أغمي عليه... من الفرح طبعاً!

ليس "السلام" جديداً على عباس وفريقه، فكلنا يذكر حين أراد الأعداء الأحبة، بناء سور يحاصر أهل عباس ويسلبهم بعض أرضهم، ولم يجدوا السمنت الكافي، قام نفر من فريق عباس من"محبي السلام" بتجهيزهم بالسمنت اللازم لذلك! فهل هناك غيرية وغيرة أعلى من هذا المثال التاريخي؟
وخلال اجتماعات اتحاد البرلمانيين الدوليين في أثيوبيا في نيسان الماضي ضرب الجماعة مثلاً آخر على مواقفها المسالمة ورفض التوتر، حين بقي وفد السلطة الفلسطينية يستمع إلى كلمة ممثل إسرائيل ورفض الإنظمام الى الوفود العربية التي انسحبت من قاعة الإجتماعات ورفعت صوراً لأطفال قتلتهم إسرائيل في غزة! بل عبر الوفد أيضاً عن حبه الأشد للسلام، حين رفض التصويت لمشروع قرار يدعو لنزع السلاح النووي الإسرائيلي! فعلى العكس مما يتصوره البعض، فأن السلاح النووي الإسرائيلي من مقومات السلام!

نتيجة هذا الوله العباسي غير المشروط للسلام، تمددت إسرائيل في بناء المستوطنات حتى زاد حجمها عشرة أضعاف عن عام 2000 وأحاطت القدس بذراع من المستوطنات كانت خير تعبير عن اعتناقها للسلام. لقد فهمت إسرائيل أن "السلام" يعني إهداء ما تم استيطانه هدية لإسرائيل، فزادت سرعة استيطانها. هذه الأراضي "هدية السلام" من عباس، ولا يرد الكريم إلا اللئيم!

لكن مطرب الحي لا يطرب، فلم ينتخب الشعب الجاحد عباس ليصبح رئيساً شرعياً، وبقي رئيساً خارجاً عن القانون، حتى أتيح له أن يفوز ثانية بطريقة التصفيق التي ابتكرها، أو نصحه "البعض" بها. إنما بالمقابل فأن"أعداءه" أعترفوا به وأحبوه وهم يقدمون له المال والدعم و....كل شيء ..حتى السلاح!
لكن مهلاً ....لماذا يحتاج رجل بهذا الإصرار الذي لا يتزعزع على "خيار" السلام، إلى السلاح؟
سؤال معقول، ربما يجب أن يوجهه أحد ما إلى عباس وهو يقدم محاضراته الأخلاقية الرفيعة عن "خياره" المبدئي الذي لا حياد عنه. وربما أمكن بالمناسبة أن يسأله أحد إن كان مما يتمشى مع "خيار السلام" القيام بعمليات قتل مسلح من مثل عملية أغتيال قامت بها قوات سلطته "الوطنية"، بعد محاصرة ثلاثة من القادة الفلسطينين المطلوبين من قبل إسرائيل في منزل في قلقيلية، وقتلهم لحسابها! (6) (7)
وليسأله أحد، لماذا يسلم رجل السلام أجهزة السلطة المسالمة لأجهزة الأمن المعروفة بشراستها وفسادها في دولته؟ وكيف نتصور غاندي وهو يستولي على السلطات وحوله عصابة تنهال بالضرب والإرهاب على كل من قد يعترض في مؤتمر فتح الأخير؟ أم إنها إشاعات مغرضة تهدف إلى النيل من السلام؟؟؟؟

ومادمنا سنوجه بعض الأسئلة فلدي سؤال بقي يحيرني من أيام غزة، حين قال عباس أن صواريخ حماس العاب أطفال وصواريخ كرتونية. وحيرتي هي ليست فقط لماذا انزعجت إسرائيل من مداعبتها بصواريخ كارتونية، لكن أهم من ذلك السؤال هل أن عباس كان يقصد أنه لو كانت صواريخ حماس أقوى وأشد تدميراً لرضي عنها؟
إسألوا الرجل هذه الأسئلة، فقد يكون لديه أجوبة مقنعة فننتهي من الشكوك السيئة التي تكسبنا الآثام.

ومن الأمور المحيرة في "غاندي فلسطين" هذا أنه على العكس من بقية رجال السلام في التاريخ، فأنه يعطي انطباعاً بأنه يحب السلطة بشكل جنوني. يا سيادة "الرئيس"، أنا أعلم أنك لم تكن ترغب في أية سلطة، وأنك طالما انتقدت في الماضي المرحوم عرفات على جمعه صلاحيات كبيرة وكثيرة في شخصه، لكن "الرفاق" الحوا عليك كثيراً كثيراً، وصيروك غصباً عنك: رئيسا لحركة فتح، و رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، و رئيسا للدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية, ورئيسا إجباريا على الشعب الفلسطيني وسلطة الحكم الذاتي ورئيسا فعلياً للصندوق القومي الفلسطيني، كما شرح الدكتور عدنان بكرية في مقال له .
الله لا يجازي "الرفاق"...كيف ستقنع الناس بطيبة مقاصدك النبيلة التضحوية وقد وضعك الرفاق في صورة دكتاتور يسيطر على كل مقاليد الأمور، بدلاً من صورة محب للسلام الذي لا يتورع عن التنازل عن ارض شعبه بلا شروط وقتل قادته بالسم وإرهاب رفاقه بجيش حماية واغتيال من يزعج اعدائه، وكلها من أجل حبك للسلام؟

عباس يا "رئيس"، أكاد أراك وأنت تستلم جائزة نوبل والتصفيق حولك يذكرك بطريقة انتخابك، بل وأراك توضع ضمن قائمة "أكثر مئة رجل مؤثر في التاريخ" لمجلة نيوزويك...فلا تنزعج من أسئلتي، وليكن قلبك الذي وسع كل هذا السلام، متسعاً لها. وإن جاء في مقالتي بعض ما قد يزعجك، فاطمئن. من سيقرأها سيضحك قليلاً ويرفه عن نفسه وينسى، تماماً كمشاهدي برنامجك الساخر. الناس بحاجة للكثير من الترفيه لتنسى الحقائق الصعبة. ليس من السهل عليها أن تقبل أن يقودها لتحرير أرضها، رئيس عصابة أغتيالات تعمل لحساب الإحتلال(8) وقاتل لصديقه ورمز كفاحهم، بالسم!

ومن ناحية أخرى لا تنس أنني دافعت عنك هنا ضد من اتهمك زوراً وبهتاناً بأنك تحولت إلى سياسي مسالم وتخليت عن الكفاح المسلح ونزعت السلاح، وهم يرون بأم أعينهم أنك أكثر عنفاً من أي وقت مضى, وأنك مسلح حتى العظم وأكثر من أي وقت مضى. هذا ما يراه الجميع ولا يريدون رؤيته....فأكثر من برامجك المسلية أرجوك لكي تساعدهم أن ينظروا بعيداً عن الحقائق المؤذية للنظر، وشجع كل نقاش "منفتح" حتى لمنتقديك وفي كل الأمور..عدا قضية عرفات، فالناس يجب أن تنسى، وهي تريد أن تنسى، فلا تبخل عليهم بالمساعدة يا...سيادة "الرئيس".
وأنتم يا سادة...هل ما زال احد منكم مصرّاً على اتهام عباس بأنه تخلى عن الكفاح المسلح؟ لا تكونوا ظلاماً، فكل ما فعله أبو مازن أنه تأمل ما يناسب ظرف "الكفاح" الجديد، فأدار سلاحه إلى الإتجاه المعاكس!

 


(1) http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-141328.html
(2) http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-141317.html
(3) http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2D3A511D-5348-4CF7-BF57-0B7B601C368C #
(4) http://international.daralhayat.com/internationalarticle/57135
(5) http://www.edleb.net/modules.php?name=Forums&file=viewtopic&p=114623
(6) http://arabic.cnn.com/2009/middle_east/5/31/Westbank.clashes/index.html
(7) http://arabic.cnn.com/2009/middle_east/5/31/hamas.cairo/index.html
(8) العمل في فرقة اغتيالات إسرائيلية
http://www.yanabeealiraq.com/articles/s-khalil120609.htm
(9) تقرير لجنة تحقيق غزة التابعة للأمم المتحدة:
http://www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/thefourth1.doc 
http://www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/reportfullFINAL.doc 



24 أيلول 2009
 

 

free web counter