|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  3 / 2 / 2016                                 صائب خليل                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عبد المهدي وسلفه السعودي - مهمة استنزاف بلد حتى الموت

صائب خليل
(موقع الناس)

إحزروا من كان وراء الـ 17%؟ قبل ان ندخل في حاضر وتاريخ عبد المهدي وأسلاف نوعه، دعوني أفتح شهيتكم للقراءة، باكتشاف قد لا يعرفه الجميع، عن المسؤول الأول عن ابتزاز الـ 17%، والذي بدأ سلسلة الابتزازات والكوارث في علاقة كردستان بالعرب: إنه "عادل عبد المهدي"!(1)

فقد تحدث القاضي وائل عبداللطيف قبل فترة وجيزة للتلفزيون عن تاريخ تلك الجريمة فقال: ”ان نسبة الاكراد المعتمدة لدى الامم المتحدة منذ العام 1991 ولغاية العام 2003 كانت 12.3% (رغم ان الإحصاءات كلها تشير إلى أنهم أقل من 11%) ، ولكن حين شرع الحاكم المدني بول بريمر بكتابة قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية،...عملنا على اقناع بريمر بتحديد عدد المحافظات التي يمكن لها ان تكوّن اقليماً بثلاث محافظات فقط حرصاً منا على كركوك وعدم السماح بضمها الى اقليم كردستان مستقبلاً، ... ولضمان موافقة الاكراد على القانون عمدنا الى منحهم زيادة في حصتهم بالموازنة بمقدار 0.7% لتصبح حصة اقليم كردستان 13%..

وأضاف عبد اللطيف: بعد استيزار عادل عبد المهدي لوزارة المالية في حكومة اياد علاوي عمد الى رفع نسبة اقليم كردستان الى 17%!

كم حصل عبد المهدي مقابل الـ 4% الإضافية التي سلبت من جياع الشعب بشيعته قبل سنته؟ هذا ما لا نعرفه، لكن هذه الحقيقة توضح لنا حقيقة لماذا كان عبد المهدي على وزارة النفط من شروط كردستان، فقد كان لديها المزيد من الخطط، وما تزال. إن المرتشين من أمثال عادل عبد المهدي، الذي نعده نحن كائنا بشعاً في انحطاطه، يتمتعون بقيمة عالية جداً لأطراف أخرى، وهذا لا يقتصر على الحاضر ولا على العراق. دعونا نلقي نظرة على تاريخ النفط في المنطقة.

الشيخ يماني السني، سلف عبد المهدي "الشيعي"

صحيح ان السعودية كانت دائما هراوة لضرب أي بلد عربي يتجرأ على التنفس تحت القبضة الأمريكية، لكنها لم تكن على طول التاريخ تستخدم نفطها في حرب استنزاف اقتصادية ضد نفسها. لقد احتاج هذا الدور الوضيع إلى سنوات من البناء والتغيير لإتمامه، واهمها تنصيب سلسلة عملاء ميزتهم انعدام الضمير وانعدام الحياء التام على رأس ثروة النفط. تلك السلسلة التي بدأت باستبدال عبد الله الطريقي بالشيخ زكي يماني. من كتاب "الدولار..." للأستاذ فؤاد الأمير:

"في 9 آب 1960 قررت شركة ستاندرد اويل اوف نيوجرسي (اكسون) تخفيض الأسعار المعلنة والتي كانت دولارين للبرميل، بمبلغ 14 سنت، ودون أي إنذار، وتبعتها بقية الشركات... وفي غضون ساعات عقد وزير النفط السعودي عبد الله الطريقي المعروف بعدائه للشركات الأجنبية، ووزيري النفط الفنزويلي والعراقي لاتخاذ إجراء موحد. وبعد شهر اذعنت الشركات بزيادة جزئية، لكن بعد فوات الأوان فقد اجتمع في بغداد ممثلو السعودية والكويت وفنزويلا وإيران والعراق وقطر لإعلان تشكيل منظمة أوبك، بهدف منع الشركات من التلاعب بالأسعار!"

وفي 1973 أصر شاه إيران على رفع النفط إلى 11,65 دولار للبرميل، لكن السعودية التي كانوا قد بدلوا وزير نفطها وجاءوا بالعميل المعروف الشيخ زكي يماني بدلا من الطريقي، وقفت بوجهها، بل أعلن الشاه انه باع النفط بالفعل بأكثر من 17 دولار! فكتب نيكسون رسالة شديدة اللهجة يطالبه فيها بخفض السعر. فأجابه الشاه بأنه يعي "أن النفط محصول نبيل" وأنه قد "ينتهي خلال ثلاثون عاما" (حسب التقديرات حينها). ولشفط مردودات النفط الجديدة، وقع نيكسون مع السعودية اتفاق تدوير البترو- دولار وصفقات صارت بموجبها 70% من أموال السعودية في البنك المركزي الأميركي، حيث لن يراها السعوديون ثانية!

استمرت ضغوط السعودية لخفض الأسعار، حتى اضطرت أوبك أن تحدد سعرين للنفط! أحدهما منخفض للسعودية والإمارات والآخر أعلى للباقين. استمرت السعودية بلعب دور الحاجز الذي يمنع الثروة عن دول النفط وعن نفسها، ووصف اليماني من قبل زملائه بأنه "يعمل خدمة الإمبريالية والصهيونية" وأنه “العوبة الأوساط الرأسمالية" و"خائن لبلده وللعرب والعالم الثالث"... انتهى اقتباسنا للمعلومات من كتاب الأمير.

وطبيعي فأن شكل المنطقة والتاريخ قد تغير بصرف مئات المليارات هذه بهذا الشكل، ويمكننا ان نتخيل أنه لو أن أميركا لم تجد لهذا المنصب منحطا أخلاقيا بالدرجة التي كان اليماني فيها، لما كان لأميركا وإسرائيل هذه السطوة عليها اليوم! فدخول صدام الكويت كان من نتائج هذه الحروب الأمريكية بالدولارات السعودية، وحتى سقوط الاتحاد السوفيتي يعزى بدرجة ما إلى حرب السعودية الاقتصادية. ومن هنا علينا ألا نكتفي بالغضب. علينا أن ننظر وندرك أهمية المنحطين اخلاقياً في تشكيل التاريخ ودورهم فيه. لصالح من هم، ومن يدعمهم. إن الأمريكان يدركون ذلك خير منا، ويبذلون الجهد لتأمينهم أكثر مما تبذل الشعوب الجهد لمنعهم.

التآمر على العراق ونفطه ...مستمر

ولا يتفوق الأمريكان علينا في قدرتهم على تعيين من يناسبهم على رأس القرار في بلداننا فقط، وإنما في سعة خيالهم للتدمير الممكن. ففي الوقت الذي يحد الإنسان قدرته على تخيل الشر الممكن، فإن الوحش معفى من تلك الحدود. وفي كل مرة يتصور الإنسان ان مأساته تنتهي عند الحد الكارثي الذي وصلت إليه، ليكتشف أن لدى المقابل أفكاراً أخرى وأنه مازال يراه ضحية يمكن امتصاص المزيد منها.

النتيجة الطبيعية لهذا، هي تحقق الخطط الأمريكية بشكل "مدهش" من جهة، والسير إلى الكارثة بالنسبة للبلد وشعبه من الجهة الأخرى وهذا بالضبط ما نراه أمامنا.

فمثلا، عندما كنا نفتح فيه فمنا دهشة لتمكن الأمريكان من إنزال كل هذا الظلم في توزيع ثروة النفط ضدنا ولصالح كردستان منذ أيام المالكي وقبلها، وتكدس عشرات المليارات الرسمية كـ "ديون" لن يتم إعادتها ونسب مئوية ما انزل الله بها من سلطان، وخطوط على مد البصر من شاحنات تهريب النفط عبر نقطة إبراهيم الخليل وسط صمت تام لحكومات مأبونة (2)

وحين كنا نأمل بعودة العدل بقدرة قادر، أو تخفيف الظلم الشديد، فإنهم لم يكتفوا بذلك بل قاموا باستبدال الحكومة المنبطحة السابقة بأخرى أبطح منها لتوقع لكردستان أبشع اتفاق وأكثرها ضرراً وإهانة ووقاحة في تاريخ العراق! ليس هذا فقط، بل يبدو ان التحطيم النفسي جزء من الظلم، فيصف الوزير، ذلك الاتفاق الذي حطم العرب وأمعن في الظلم والمهانة بهم، بأنه "من الأهمية التي ستوفر للمركز وتحقق العدالة في توزيع الثروات على كافة ابناء الشعب"، وكأن المركز ازدادت حصته أو أن كردستان هي التي كانت مظلومة قبلها!(3)

ولم يكن هذا الوزير إلا "عادل عبد المهدي" وما أدراك ما عادل عبد المهدي، وكل من هو حول عادل عبد المهدي!
لا تقتصر صلافة عملاء أميركا في العراق على الكلام، والابتزاز لصالح كردستان، بل تمتد لتضخ زملائهم في الأردن بنفط العراق مخفضاً. ورغم الأزمة فليس هناك خطة لوقف هذا الابتزاز أو خفضه، بل نكتشف، كما هو الحال بالنسبة لابتزاز كردستان، أن التخطيط لزيادته وتثبيته! فالدعم النفطي للأردن ليس مساعدة، بل "خاوة" إجبارية فرضتها أميركا واشترطت على كل من يحكم العراق دفعها والعمل على زيادتها باستمرار، مقابل بقائه في السلطة، منذ خيمة صفوان قبل ربع قرن وحتى اليوم، ومهما كان الظرف الذي يمر به البلد وأهله، حتى لو كان مقاتلوه يموتون بردا وجوعا على السواتر!(4)

المخطط اليوم هو لضخ نفط البصرة إلى ميناء العقبة. وتهدف الخطة الصريحة إلى تصدير مليون برميل يوميا من الخام العراقي إلى الأردن منها 150 ألف برميل لتشغيل مصفاة الزرقاء. وهكذا لن يكون النهب محدوداً بقدرة نقل الشاحنات، ولن يقتصر التصدير (أو الضخ المجاني ربما) لإسرائيل على كردستان وحدها.(5)

المهمة الأخرى التي كلف بها عبد المهدي هي امتصاص بقية الثروة بتحطيم ما تحقق في الماضي للعراقيين أيضاً. فلم يكتف الحرس القومي، وكان عبد المهدي واحداً منهم، بقتل عبد الكريم قاسم بأوامر أسياده في الشركات النفطية، بل عاد اليوم بشخص عادل، ليكمل مهمته وليهاجم بصراحة مدهشة كل ما تحقق من قوانين قاسم وغيره ويعد العدة لتكرار مذبحة 8 شباط بحق الشعب العراقي، ولكن على المستوى الاقتصادي. فهاجم "التغييرات التي حصلت في بنية الدولة العراقية منذ أواخر الخمسينات وبدايات الستينات (وأكد أنها) خربت الكثير من البناءات التي حصلت سابقاً".(6) وتحدث عن إيجاد آلية لمنح المصافي المحلية للاستثمارات العالمية.(7)

كما تجري اليوم حملة مسعورة لتشويه عقود التراخيص (8) ومراجعة العقود بحجج مختلفة (9) منها "جلب الاستثمارات"(10) لكنها ليست في الحقيقة سوى محاولة من الشركات لتوقيع عقود أخرى أسوأ بكثير.(11)

وكانت الحملة ناجحة جدا جعلت من عقود الترخيص وحشا وموقعيها عملاءاً، اما الحقيقة فيمكن قراءتها في مقالة الأستاذ حمزة الجواهري (12) حيث توضح "أن ما تستلمه الشركات يعتبر أقل بكثير مما تستلمه الشركات العاملة في كوردستان، أو في أي مكان آخر من الكرة الأرضية، وتحقق ثوابت وطنية لم تضمنها أية نماذج أخرى للعقود، هذا فضلا عن أنها تعتبر، من الناحية الاقتصادية والفنية، قفزة تاريخية بعقود النفط أطلقت رصاصة الرحمة على جميع أنواع العقود القديمة التي دأبت الشركات التعامل بها لنهب الشعوب"

وهذا بالذات هو السبب في توجيه عادل عبد المهدي ورئيس لجنة الطاقة ومن كان معهم في ذات المهمة إلى تحطيم تلك العقود، فالمطلوب هو ان يحطم البلد تماماً وليس وفقا لخيالنا المحدود لمعنى "التحطيم"، بل وفق خيال الوحوش الرحب وبسيناريوهات جديدة. وإن كان نفط السعودية قد تم صرفه لتحطيم أعداء الأمريكان بحروب الأسعار، فأن نفط العراق يجب أن يصرف لتحطيم العراق نفسه وبقسوة أكبر، ولذا كانت الحاجة لمثل عبد المهدي! وقد شاهدنا عبد المهدي في بداية انطلاق هذه المذبحة على أسعار نفطنا، يعلن بكل وقاحة أنه يؤيد الخطط السعودية لإغراق الأسواق بحجة أكذوبة إخراج شركات النفط الصخري من السوق! وهي اكذوبة من لا يجد ما يستر به فضيحة موقفه الشديد الوضوح بتدمير بلاده، فهناك ألف تفنيد لهذه الأكذوبة ومنها أن النفط هبط أكثر بكثير من كلفة استخراج النفط الأحفور، ومنها أن قوانين حرية التجارة تمنع صراحة مثل هذه السياسة وغيرها من الأسباب. وقد كتب الأستاذ فؤاد الأمير مفنداً تلك الأكذوبة.

وقد نشر المهندس فؤاد قاسم الأمير دراسته المفصلة "النفط الصخري واسعار النفط والموازنة العراقية العامة"(13) وتوصلت الدراسة إلى "أن قيام السعودية بإغراق السوق النفطية لم يكن لإيقاف إنتاج النفط الصخري لمنافسته النفط السعودي ونفوط الدول المصدرة الأخرى، وإنما لسبب سياسي، معيدة بذلك ما قامت به في أواخر ثمانينيات القرن الماضي عندما أوصلت أسعار النفط إلى أقل من (15) دولاراً للبرميل من أجل زعزعة الاقتصادين العراقي والسوفيتي. وما تقوم به اليوم هو لتقويض اقتصاديات العراق وإيران وروسيا."
وركزت الدراسة على دور حكومة الإقليم في التقويض المستمر للعلاقة مع الحكومة الاتحادية، واستمرارها بما يسمى "التصدير المستقل" وهو عملية تهريب للثروة العراقية أدت –وتؤدي– إلى ضرر كبير ومستمر للشعب العراقي وبضمنه الكورد.

وحسب الأمير فقد "خسرت السعودية مبالغ طائلة تزيد عن (200) مليار دولار، وأحدثت ضرراً بالغاً في اقتصاديات روسيا وإيران والعراق وفنزويلا وآخرين، في الوقت الذي تقوم فيه الدول الثلاث الأولى بمحاربة داعش والتصدي للإرهاب العالمي، كما تقف الأخيرة، أي فنزويلا، إلى جوار الدول المحاربة للإرهاب وتقوم الولايات المتحدة بشتى الوسائل لإسقاط حكومتها الاشتراكية." ودون ان يتم إخراج شركات النفط الصخري من السوق!

ويرى الأمير أن تحطيم هذه البلدان مقصود لخبرة السعودية في ذلك "إذ اتخذت الأسلوب نفسه في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، ونجحت مع الولايات المتحدة في إضعاف الاقتصادين العراقي والسوفيتي في حينه. أما الآن فهي تعرف أن المتضرر الأول سيكون العراق، وهي تسعى لإسقاط نظامه وإنعاش الإرهاب وبث الفوضى فيه. كما تسعى لإضعاف الاقتصادين الروسي والإيراني، وهما الدولتان اللتان تقفان ضد السياسة الأميركية - السعودية في سوريا والعراق."

وقدر الخسائر التي تكبدتها الدول المصدرة للنفط مجتمعة خلال 2014 بحوالي ترليون دولار، وإن خسائر 2015 ستكون أضعاف ذلك.

لكن الغريب اننا، وبعد كل هذا الإغراق على طريقة سلفه اليماني والتحطيم لأسعار النفط عن قصد، والإمعان في ذلك حتى بعد التراجع السعودي (14) وبعد كل المباهاة بجنون الضخ وباقتراب "الإنتاج" من 4 ملايين برميل في اليوم! (15) وباستمرار مفاتحة الشركات لزيادة الإنتاج رغم انهيار الأسعار(16) يأتي الوزير فجأة، ليتحدث عن "تخفيض الإنتاج"(17) ويثني على الكويت والسعودية لمرونتهما حوله، ويتحدث عن "مواجهة تدني الأسعار" الذي يفترض أنه هدفه الواعي وفق أكذوبة إخراج شركات النفط الصخري من السوق!! (18)، ورغم ان "محدودية الإنتاج" هي النقطة التي هاجم فيها عبد المهدي وعصابته جولات التراخيص وقالوا إنها لم تصل بالإنتاج إلى أقصاه وعدوا الفرق كأنه "خسارة" للعراق بقيمة عشرات المليارات!

فما السر؟ و "متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل؟"

تعالوا نعود إلى عام 2008 حين كتبت مقالتي بذات العنوان أعلاه (19)، إثر حيرة مشابهة لتراجع مفاجئ وغير مفهوم لعادل عبد المهدي عن موقفه من قانون المحافظات، والذي كان أصر عليه رغم توسلات كل الكتل السياسية والحكومية، به. السر كشفه النائب محمود عثمان، فجاء في خبر: "وحول سبب تراجع هيئة الرئاسة عن اعتراضاتها على قانون المحافظات قال عثمان لـ “الزمان" ان نائب الرئيس عادل عبد المهدي قد أكد ان أحد اهداف زيارة تشيني هو الاقناع بقانون المحافظات. واكد عثمان ان عبد المهدي قد تراجع عن اعتراضاته على القانون مما ساعد على تمريره."

فهذه إذن هي مصادر قرارات عبد المهدي: ديك تشيني، ومن يحل محل ديك تشيني، في "سلسة المراجع" الأمريكية، وأنه مهما عجز رفاق عادل عن إقناعه، فأن زيارة تشيني كفيلة بتغيير ذلك فوراً! الأجمل من هذا كله، هو أنه لا يرى في الأمر ما يخجل، فيذكر ذلك لعثمان دون تردد!

من هو عادل؟

مما لا شك فيه أن عادل هو أحد أوراق المشروع الأمريكي الإسرائيلي في العراق، لكني تساءلت كثيرا إن كان قد تم إغراؤه بعد وصول حزبه إلى السلطة أم أنه كان من الاختراقات القديمة للمجلس الأعلى؟ أنا أميل للثاني نظرا لسيرة حياة عبد المهدي الذي كان حرسا قوميا ثم اخترق الشيوعيين ثم الإسلاميين. وكذلك للتبعية التامة التي تميز الاختراقات القديمة والاستعداد الأكبر لتنفيذ أوامر صعبة في فضائحها وتدميرها. واعتقادي أن عبد المهدي يشترك مع حيدر العبادي في انهما من أدوات الاختراق القديمة.

ولا تقتصر مهمات عبد المهدي على توجيه ثروة صناعة النفط إلى إسرائيل وعملائها، فهو معني بالمشاريع الأمريكية الإسرائيلية الأخرى التي لا يبدو أن له أية علاقة بها بأي شكل، مثل مشروع "الحرس الوطني" الهادف لضرب الحشد وتمزيق المحافظات. (20)

عادل عبد المهدي ليس سوى "آخر العنقود" في سلالة الألغام الأمريكية على الثروات العربية، والتي بدأت بالشيخ يماني. ولكي نفهم ما سيكون من جهود عادل عبد المهدي على العراق ونفطه، يمكننا ان ننظر ما آلت اليه ثروة المملكة العربية السعودية. فبعد عقود من ضخ مهول لهذه الثروة، كان كافيا لتعمير الكرة الأرضية كلها، فإننا لا نرى أثراً إيجابيا دائما لها على الإطلاق حتى في السعودية نفسها، التي مازالت تحت حكم حثالاتها، اشد بلدان العالم خنقا لشعبها وتثبيتا لتخلفه! وهاهي علامات نهاية الرواية المأساوية تظهر، وتعلن السعودية بيع شركة أرامكو! (21) ويكتب البعض مسترجعاً: "كيف تضيّع مملكة"؟(22) ونفهم تلك المملكة ستفرض الضرائب على الناس لأول مرة (23) بعد ان أضاع الشيخ يماني ومن خلفه، ثروة لا يصلها الخيال، لخدمة الأجندات الأمريكية التدميرية. 

وهذا هو بالضبط ما كلف به عبد المهدي للعراق، فالخطة الأمريكية للبلدين لا تختلفان، إن لم تكن تلك التي للعراق أكثر بشاعة ودموية، فالعراق في نظر الأمريكان واسيادهم الإسرائيليين، خطر أكبر من السعودية بكثير، ولذا تكون خطط تمزيقهم أكثر شراسة. ومن اجل هذه الخطط أراد الأمريكان شخصاً فاقد للضمير مستعد لبيع أبيه، فكان عادل عبد المهدي، ومن يعرف عادل عبد المهدي ويقبل بتنصيبه في هذا المكان، فيجب ان يكون مستعداً أن يبيع امه وابيه، فوجدوا حيدر العبادي!

صحيح ان أميركا وإسرائيل تبقيان رأسي الأفعى التي تدير كل الشر وتنظمه، لكن حيدر العبادي وعادل عبد المهدي يمثلان الأنياب السامة لها. إنهما مسالة حياة أو موت بالنسبة لشباب العراق واجياله القادمة مثلما كان الشيخ يماني لمستقبل أجيال السعودية، فكل من هؤلاء مكلف بالقضاء على مستقبل بلده واجياله، والتساهل معهما تساهل بمستقبل أجيال العراق وقبول بالخطط الإسرائيلية لهم والتي لن تكون أقل من تخييرهم بين الموت جوعا والعبودية لأبناء إسرائيل. هذه هي الحقيقة ومن يتصور أن فيها مبالغة أو شطط، فليضع اللوم على خياله المحدود عن الشر، وستدفع اجياله الثمن الأقسى.


2 شباط 2016


(1) - القاضي وائل عبد اللطيف يؤكد: عادل عبد المهدي وهب ثروات العراق للأكراد
 http://www.thirdpower.org/index.php?page=read&artid=141625
(2) - حدود براهيم الخليل معبر زاخو يسرق نفط العراق
https://www.facebook.com/StopKRAbuseIraq/posts/1672604222982853
(3) - وزير النفط: الاتفاق النفطي وصل إلى مراحل جيدة ويجب إن نجلس لحل جميع المسائل العالقة -
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/184662.html
(4) - صائب خليل - أوقفوا الدعم النفطي للأردن واعطوه للحشد!
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/938890642834672
(5) - العراق: خطة لتصدير مليون برميل نفط خام يوميا إلى الأردن
http://www.jo24.net/article-152682.html
(6) - صائب خليل - عادل عبد المهدي يهاجم الزعيم قاسم ويعّد لـ 8 شباط
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/879017382155332?fref=nf
(7) - وزير النفط: القوانين الجائرة حولت الاقتصاد العراقي الى ريعي
http://almadapress.com/ar/news/47400/1
(8) - وزير النفط: العراق خسر 14 مليار دولار دفعها كتعويضات للشركات النفطية لسوء التخطيط
http://www.akhbaar.org/home/2015/3/187975.html
(9) - العراق يراجع عقود إنتاج النفط مع الشركات الدولية بسبب هبوط الأسعار
http://www.non14.net/59237  /
(10) - النفط النيابية: اللجنة بصدد الاجتماع بشركات النفط العاملة في العراق لجلب الاستثمار
http://alghadpress.com/ar/NewsDetails.aspx?NewsID=28382
(11) - دعوة إلى إعادة النظر في جولة تراخيص الشركات النفطية
http://www.almashriqnews.com/inp/view.asp?ID=81809
(12) - حمزة الجواهري: أخطاء قاتلة وقع بها منتقدو عقود جولات التراخيص -
 http://www.sotaliraq.com/newsitem.php?id=312815#axzz3yuTzFfK6
(13) المهندس فؤاد قاسم الأمير: النفط الصخري واسعار النفط والموازنة العراقية العامة
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2015/12/Fouad-Al-Ameer-Shell-oil-oil-prices-and-the-Iraqi-budget-4.pdf
(14) - العراق ستعارض خطط السعودية لخفض إنتاج النفط في أوبيك
http://arabi21.com/story/876917 /
(15) - عبد المهدي: العراق ينتج 3.8 مليون برميل يوميا من النفط | شفق نيوز
http://www.ara.shafaaq.com/15453 
(16) - العراق يفاتح بتروجاينا واكسون موبيل لزيادة انتاجه النفطي في حقول الجنوب
http://www.sotaliraq.com/newsitem.php?id=312636#axzz3vtRzHF7e
(17) - وزير النفط: العراق مستعد للتعاون مع أي قرار لخفض الإنتاج
http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/38710-2016-01-30-14-24-02
(18) - عبد المهدي من الكويت: السعودية أبدت مرونة لتخفيض الإنتاج النفطي لمواجهة تدني الأسعار
http://www.sotaliraq.com/newsitem.php?id=316617#axzz3yuTzFfK6
(19) - صائب خليل - متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل؟
http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/20usa.htm
(20) - عادل عبد المهدي: الحرس الوطني يمنع تكوين "المليشيات"
http://www.khabaar.net/index.php/permalink/46183.html
(21) - السعودية تدرس بيع أسهم في شركة أرامكو النفطية العملاقة
 http://www.bbc.com/arabic/business/2016/01/160108_business_aramco_sale
(22)
- كيف تضيّع مملكة
 http://www.al-akhbar.com/node/249565
(23) - قائد «ثورة ثاتشرية» سعودية
 http://www.al-akhbar.com/node/249474

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter