| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

الخميس 3/12/ 2009

 

الفروق العشرة بين حذاءي منتظر وسيف

صائب خليل

شاهدت سيف الخياط يرد الصاع لمنتظر الزيدي ويرسل حذاءه نحوه، في حركة مشابهة تماماً، على الأقل من حيث الشكل، لما قام به الزيدي قبل سنة في وداع بوش. ويمكن القول أن أحباب بوش أرسلوا حذائهم الإنتقامي إلى محتقري بوش في محاولة لمكافئة الميزان. ويمكن اعتبار الحادثة من حوادث إنتقام الأقليات المندثرة من ظلم الأكثريات المسيطرة. فقد كانت شعبية بوش في بلاده في ذلك الوقت بحدود 20% ، أما في البلدان الأخرى (عدا إسرائيل، لتشابه الروحية والمبادئ) فيصعب رؤيتها بالعين المجردة. وكان رد الفعل بين الكتاب مشابها، وبالفعل سارع نزار جاف و عبد الخالق حسين (كلاهما أكد أنه يتحدث بلا شماته) إلى الكتابة، وكذلك فعل صائب خليل بعدهما بقليل.

لكن دعونا نغتنم الفرصة لبعض التسلية، وندير "صراع الحضارات" هذا بشلك لعبة. ومادامت الحادثتان متشابهتان إلى هذه الدرجة، تعالوا نلعب لعبة "إيجاد الفروق العشرة" بين الصورتين.
نحن نعرف قضية منتظر، فلنتعرف على الموضوع من وجهة نظر الخياط، في مقابلة له في الفيحاء،(1) والتي بدت سعيدة بالخبر "العيدية" كما وصفه صاحبه. قال سيف عن السبب في عمله:
"والله ...هو انتصار لشعبي المظلوم... والمحروم ..والذي يعاقب دون أي سبب من قبل بقايا النظام السافل والساقط والبائد...."
وتحدث بـ "ألم ظاهر" عن الصحفي الذي يكسر قلمه ويرفع حذاءه ...ما هو شكلنا ماهي صورتنا ماهي هويتنا أمام العالم..نحن هنا في باريس نتحدث عن متحف اللوفر وعن مسلة حمورابي.... أصبحت صورتنا عبارة عن ناس ترمي بالأحذية بصورة تخلفية وبصورة همجية....هذا ما حاولت أنا أن أكسره..أنا لا أقبل لنفسي ولا اسمح لنفسي وأنا منتمي إلى هذا البلد العظيم أن تكون صورتي بهذا الشكل فهو انتصار لشعبي، وهي هدية وهي عيدية أقدمها لشعبي أننا عاقبنا ورددنا هذا التصرف المشين والمعيب..
مذيع الفيحاء كان اكثر حماساً، وهجوماً على الإعلام العربي ووصف بوش بالضيف وأصر أن يضيف "معلومة" إلى الأستاذ سيف حول "نخوة العرب" ....

إذن لنبدأ اللعبة، ولنجعلها أصعب قليلاً، لن نكتفي بـ "الفروق العشرة" بل لنبحث أيضاً عن التشابهات العشرة في الصورة! وأدعوك يا قارئي أن تفكر في هاتين العشرتين، قبل ان تقرأ الحل، فذلك مفيد لزيادة قوة الملاحظة وتنشيط الدماغ، ولك أن تستعين بالروابط في أسفل المقال، التي اخترتها لك بلا تحيز (على قدر طاقتي)، وقبل ان تقرأ "الحل بالمقلوب" بعد هذا السطر مباشرة!

كم واحدة حزرت؟ حسناً لننظر أولاً إلى نقاط التشابه:
1- كلا الفاعلين صحفي
2- كلاهما من الشباب، بل هما يتشابهان بعض الشيء أيضاً.
3- كلاهما فعلها في مؤتمر صحفي
4- كلاهما فقد حذاءه من أجل "الإنتصار لشعبه المظلوم والمحروم" كما يقول.
5- مشجعي كلا الفريقين يعتبران "الحالتين مختلفتين من الناحية المبدأية"
6- كلا الفاعلين اعتبر عمله "هدية" ، وكلاهما رفض الإعتذار لضحيته عن تلك الهدية.
7- كلا الحادثين تم تسجيله بالفيديو ونقل على الإنترنت والفضائيات.
8- في الحالتين تمكنت الضحية التي وجه إليها الحذاء من تفاديه بسهولة، (وهو ما يهدد مستقبل هذا السلاح بالفشل.

9- كلا الضحيتان تمكنتا من تلافي الإحراج بدعابة ممتازة...بوش قال «كل ما أستطيع قوله إنهما (الحذاءان) كانا مقاس عشرة»، والزيدي قال أن ليس من حق سيف أن يأخذ منه سبقه الصحفي!
10- وجه كل من الفريقان اللوم إلى بطل الفريق الآخر بأنه كان يستطيع أن يستعمل الأساليب الحضارية في طرح الأسئلة بدلاً من اللجوء إلى الحذاء.

ثم نقاط الإختلاف:
1- الزيدي أرسل فردتي الحذاء، بينما لم يرسل الخياط سوى فردة واحدة.
2- خصوم الزيدي أتهموه بأنه استغل استغلالاً بشعاً الظروف التي وفرتها له مفاهيم الديمقراطية والحرية الغربية، بينما لم يتهم جماعة الزيدي الخياط بمثل تلك التهمة، مع أن الزيدي استلم ضرباً وتكسيراً، ثم تمتع بالتعذيب الكهربائي وغيره، في حين خرج الخياط ضاحكاً سعيداً. هذا يثير السؤال: من الذي استغل المفاهيم الغربية استغلالاً "بشعاً"؟
3- رؤية الجانبين وفريقيهما للأمر مختلفة: الخياط قال أن قذف الأحذية عملاً شائناً تأنفه الحضارة، بينما رأى الزيدي أن هناك حالات تبيح ذلك. في جانب "المشجعين" يسمي مشجعوا الخياط خصومهم بأنهم "جماعة ثقافة قذف الحذاء" وهؤلاء يسمون مشجعي الخياط، "جماعة تقبيل الحذاء".

4- القت "الحضارة" القبض علي الزيدي وحكم عليه القانون بالسجن، لكن يبدو أنه لم يكن في باريس "حضارة" تعاقب على هذه الأعمال "الشائنة" (أو الإجرامية، حسب حماس المتحدث) فقضى الخياط أيامه التالية ينتقل بين مقابلات الفضائيات.
5- منتظر كان يضرب شخصاً أتهمه بالمسؤولية المباشرة على ارتكاب مجازر بحق شعبه، بينما لم يتهم الخياط هدفه بالمسؤولية المباشرة عن "الظلم والحرمان" الذي عانى منه شعبه. ولم يقدم الخياط دليلاً على أن خصمه يتبع أجندة بعثية. بينما لا يحتاج منتظر أن يبرهن أن بوش يتبع "أجندة أمريكية" تعترف باحتلالها لبلاده.
6- حذاء منتظر إتجه من الأسفل إلى الأعلى في سلم القوة والسلطة، (لذا سبب الإحراج لشديدي الإحساس بالدونية، كما حاولت أن أبين في مقالة سابقة (2) فضرب منتظر جباراً كان يحتل بلاده ويحكم العالم بشكل أو بآخر بقوة جيشه الذي يساوي جيوش العالم مجتمعة، وبشكل بعيد عن القانون حسب الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي. بينما حذاء الخياط أتجه أفقياً، فالزيدي لم يكن أقوى من الخياط، كما أن منتظر لم يكن يحتل بلاد الخياط.
7- كلام منتظر بسيط ومحدد: ضربته لأني رأيت الأهوال التي سببها جيش بوش. لشعبي. بينما يشدد الخياط (وكذلك مشجعيه) في تبرير عمله على العبارات الأخلاقية والحضارية والقانونية، ويذكرنا دائماً بأنه إبن بلاد حمورابي، علماً بأن بوش معروف في بلاده والعالم بأنه أكثر رئيس للولايات المتحدة إحتقر القانون الدولي، وتعدى ذلك إلى احتقار دستور بلاده أيضاً. فلكثرة ما كان البعض في إدارته يذكره بأن مطالبه مخالفة للدستور الأمريكي، صرخ به مرة: "لا تقذف بالدستور دائماً في وجهي! إنه ليس سوى قطعة من الورق!" ويذكرنا هذا بقول صدام الذي يقول الخياط أن يكرهه كثيراً بأن "القانون ليس إلا جرة قلم"! لم يشرح لنا الخياط لماذا لم تزعج هذه المسألة "إبن بلاد أعرق الحضارات" و "الذي يتحدث في باريس باللوفر ومسلة حمورابي"، ومادام لدينا "صناعة وطنية" لنفس النوع من الناس فلماذا نفضل الغريب؟
8- منتظر برر استعمال حذاءه بدل طرح الأسئلة بأنه قد تم إبلاغ جميع الصحفيين بأنه لا يسمح بطرح أية أسئلة على بوش. الخياط لم نعرف لماذا "كسر قلمه الصحفي" (على حد وصفه لما فعله منتظر). وكما قال أحد المعلقين في الإنترنت أن سيف يريد أن يقنعنا بخطأ الضرب بالحذاء، عن طريق القيام بالضرب بالحذاء!
9- كان لمنتظر صدى عالمي إضافة إلى صداه العراقي والعربي، لأنه اختار ضحية تتمتع بكراهية وخوف لم يسبق لأحد أن حصل عليها منذ زمن طويل، بينما سوف يصعب على الخياط إقناع شعوب العالم بأنه أنتقم لها، وخير ما يأمله هو نجاح محلي محدود. (يلاحظ هنا أن فريق سيف يركز بشدة على تأييد العرب لمنتظر من أجل غمط تأييد العراقيين والعالم له).
10- من الصعب التكهن من خلال الإنترنت بنسبة المؤيدين لكل من الطرفين في العراق، لأنها سهلة التزوير وتسيطر عليها نفس الجهة التي تسيطر على الفضائيات، كما في مقدم برنامج الفيحاء أعلاه. لكن يمكننا أن نتوقع النسبة بطريقة غير مباشرة بالإعتماد على طرق أخرى. الخياط يريد صداقة أميركا، لكن المعاهدة وما جرى فيها برهن أن العراقيين ضد هذه الصداقة تماماً ويريدون الخلاص من الأمريكان بأسرع وقت، حتى أن القائمين بعملية فرض المعاهدة اضطروا إلى تغيير إسمها من "معاهدة صداقة طويلة الأمد" إلى "اتفاقية سحب القوات" بأسرع وقت! كذلك كانت هناك إحصائيات أمريكية تقول أن نسبة العراقيين الذين يريدون خروج القوات الأمريكية بلا تأخير كانت أكثر من ثمانين في المئة (وهو بالعكس تماماً من رأي الخياط الذي يرى أن الأمريكان يجب أن يبقوا "لحماية" العراق إلى أجل غير مسمى (3) . في هذه الحالة سيكون للزيدي تفوق 4 إلى 1، إن افترضنا بأن الباقي كله سيؤيد الخياط.

عندما كنت اشاهد حركة سيف على قناة الجزيرة، تذكرت فلم كارتون روسي قديم بالأسود والأبيض رأيته في بغداد أيام زمان. كان هذا الفلم يتكون من لقطات كاريكاتيرية قصيرة. في واحدة من تلك اللقطات يظهر نيوتن وهو يذهب ليجلس تحت الشجرة، فتسقط على رأسه تفاحة ، فينبثق من الرأس قانون الجاذبية!، فيحتفي الناس به. رأى ذلك مغفل، واعجبته سهولة الشغلة، فقرر أن يقلده ليحصل على نفس الشرف، فجلس تحت الشجرة وانتظر حتى سقطت تفاحة على رأسه، فلم ينبثق منه سوى "عنجرة"! (ورم).



(1) http://www.youtube.com/watch?v=7gLDomDcfLg
(2) http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/19sko.htm 
(3) http://iraqalaan.com/bm/Close-up/7676.shtml
جريدة الصباح - سيف الخياط: نهاية كل حلقة (قضية للنقاش) أضع الاستقالة في جيبي
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=26794
ماذا يريد سيف الخياط ؟؟؟ - مركز النور
http://www.alnoor.se/article.asp?id=32714
معلومات سرية:من هو سيف الخياط ضارب الحذاء تجاه منتظر الزيدي؟
http://www.iraq4allnews.dk/new/ShowNews.php?cat=6&id=31880
عميل ساقط اسمه سيف الخياط يريد الثأر لبوش من منتظر الزيدي
http://www.iraq-ina.com/showthis.php?type=1&tnid=44875
الصحفي سيف الخياط :من أصبح بطلا بالحذاء يسقط بالحذاء وضربتي عيدية للشعب العراقي - وكالة أنباء براثا
http://www.burathanews.com/news_article_81285.html
من هو الكاتب والصحفي المعارض سيف الخياط المقيم في فرنسا والذي اكرم منتظر بقندرته؟
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=03873b169aa4c2ea
الساحة العربية - صحفي عراقي يشنق نفسه في باريس امام الطالباني احتجاجا على حرية التعبير
http://alsaha2.fares.net/sahat/4/topics/267305
سيف الخياط صفع بالحذاء (بطل العرب) منتظر الزيدي
http://www.elaph.com/Web/AsdaElaph/2009/12/508818.htm


 

2 كانون الأول 2009




 

 

free web counter