|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت   6  / 7 / 2024                                صائب خليل                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من هو مسعود بزشكيان والى اين يتجه بإيران؟

صائب خليل
(موقع الناس)

1- موجز تاريخه:
مسعود بزشكيان طبيب وسياسي "إصلاحي" مواليد 1954، وزير الصحة بحكومة "الإصلاحي" خاتمي، وترك منصبه بعد مساءلته من قبل البرلمان.
في عام 2013 وقبل إعلان أسماء المؤهلين، انسحب لصالح آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني،
في عام 2021 لم يحصل على موافقة مجلس صيانة الدستور لترشيحه للرئاسة لعدم توفر اهليته لذلك، وترشح الآن كممثل لـ "الإصلاحيين".
(تنبيه: عبارة "الإصلاحيين" اضعها بين اقواس لأني اراها عبارة مضللة تطلق على دعاة الرأسمالية الأمريكية وحرية السوق، وكأن كل ما عدا ذلك "خطأ" يجب "إصلاحه" بإطلاق حرية الأثرياء لاستغلال الناس، وهي شائعة للأسف)
جاهر بانتقاده لموقف السلطات بشأن وفاة مهسا أميني في 2022.
قاد حملته الانتخابية في الأيام الأخيرة برفقة "محمد جواد ظريف" المعروف باتجاهه الأمريكي.
قال في 2016، إنه "ممتن لأن الله جعله تركيًّا، ولا يحق لأحد أن يسخر من لغة الأتراك وثقافتهم.

2- مواقفه (وتعليقي عليها بين اقواس):
يعتبر ان من الضروري لإيران الانضمام الى "FATF" (مجموعة العمل المالي الدولية) لتسهيل التجارة مع الدول الأخرى، ويضع أعلى سلم أولويات حكومته إحياء الاتفاق النووي الذي يراه من مصلحة ايران بدليل انسحاب ترامب منه!
(هذا كلام فارغ فلا يكفي انسحاب أميركا من اتفاق ليعتبر بالضرورة في صالح البلد، رغم انه مؤشر. فأميركا ستنسحب متى وجدت الظروف تسمح بتحقيق مكاسب اكثر مما يعطيها الاتفاق حتى لو كان الاتفاق ظالما للجهة المقابلة. والاتفاق نفسه هو جزء مما انتج تلك الظروف التي اتاحت لها توسيع طموحها بالظلم. إضافة الى ذلك فأن هذا المنطق يقول بنفسه أن أميركا ستنسحب من أي اتفاق في صالح ايران! أي ان أي اتفاق يريد بزشكيان ابرامه مع اميركا أما سيكون في غير صالح ايران أو أن اميركا ستنسحب منه لاحقا!
ونلاحظ ان جليلي، المفاوض في الملف النووي بين عامي 2007 و2013، كان معارضاً بشدّة للاتفاق الذي أُبرم بين إيران والقوى الكبرى، وقال أنّ طهران لا تحتاج لكي تتقدّم أن تعيد إحياء الاتّفاق النووي الذي فرض قيوداً مشددة على نشاطها النووي مقابل تخفيف العقوبات وأن الاتفاق «انتهك الخطوط الحُمر لطهران» من خلال القبول بـ«عمليات تفتيش غير عادية للمواقع النووية الإيرانية».)
دخل الانتخابات الرئاسية بشعار "من أجل إيران" (إنها الشعارات الشعبوية المعتادة للجهات التي تعمل عادة بتوجيه امريكي وتسعى لسحب دولها من محور المقاومة او الرفض، وتصوير الامر وكأن التقارب مع المحور هو ضد مصلحة بلدها وأن من يريد بقاء البلد مع ذلك المحور انما يفضل مصلحة الدول الأخرى على مصلحة بلده. إنه النسخة الإيرانية من شعارات "العراق أولا" و "لبنان أولا" و "مصر أولا" والتي تبناها عملاء اميركا في هذه الدول دائما.

يرى بزشكيان بأنه لا يمكن حل المشاكل الداخلية في إيران دون حل المشاكل مع العالم الخارجي، وإدارة البلاد من خلال التعامل البناء مع العالم على أساس الحوار والتفاوض مع مختلف الدول، وتحسين العلاقات بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها امريكا على اسس "العزة والحكمة والمصلحة".

(عندما يقول بزشكيان أنه لا يمكن حل مشاكل البلد دون حل المشاكل مع العالم الخارجي، فإنه يوحي مباشرة ان المشكلة ليست من أميركا وجريمتها في الحصار على الشعب الإيراني مثل العديد من الشعوب، إنما يلقي اللوم بدلا من ذلك على الساسة الذين رفضوا الشروط الامريكية! والحقيقة انه قد ذكر ذلك صراحة أيضا في احدى لقاءاته وكأنه بوق دعاية للجانب الأمريكي!

كذلك فعندما تقول أن أمرنا معلق برضا "العالم الخارجي" علينا، وان لا حل لمشاكلنا سوى ذلك، فأنت تسلم مصيرك بيد الجانب المقابل. فعندما تعول على "مفاوضات" مع جانب آخر، فالنتيجة متعلقة برغبة الجانب الآخر وليس بـ "براعتك" في المفاوضات. وعندما تقول ان تلك "المفاوضات" مصيرية بالنسبة لشعبك، فهي لا تعود "مفاوضات"، لأن المقابل سيدرك أنه يملك ورقة لإجبارك على تلبية كل مطالبه، وبالتالي فما يقوله بزشكيان هو أن على المفاوض الإيراني أن يقبل ما يفرضه هذا "العالم" (أميركا) والا ستبقى "المشاكل".

إنه "تخيير" الشعب الإيراني بين رضا أمريكا و"بقاء المشاكل"! وطبيعي ان ما تطالب به اميركا وإسرائيل هو خروج إيران من محور المقاومة وحرمان المحور من دعمها، بل والتعاون معها في ملفات اليمن ولبنان والعراق وفلسطين، ولا يوجد شيء آخر يرضي اميركا وإسرائيل غير ذلك.

إضافة الى كل ما تقدم، وحتى لو كان بزشكيان يعتقد في داخله بأن رضا اميركا هو الحل الوحيد لمشاكل ايران، وانه يريد ذلك لصالح ايران، فلن يعلن ذلك! لأنك عندما تتهيأ لأية مفاوضات، يفترض ان توحي للمقابل بالعكس، بأن تلك المفاوضات لا تهمك كثيرا وان لديك بدائل كثيرة "لحل مشاكل البلاد"، وهكذا قد تستدرجه لتحصل منه على فوائد اكثر مقابل اتفاقه معك. أما حين تعلن أنه لا حل سوى المفاوضات، فأنك تسلم نفسك بيده، تماما كما يفعل ساسة العراق كل مرة قبل "مفاوضاتهم" الاستسلامية مع مسعود، ويقدمون له كل شيء بلا مقابل.

كذلك قدم بزشكيان ورقة قوة عظيمة أخرى لأميركا وإسرائيل بموقفه هذا، حيث صار نجاحه السياسي المستقبلي كله مرتبط بنجاح "مفاوضاته" القادمة مع أمريكا، ولن يستطيع أن يتراجع عن اية شروط امريكية لـ "إنجاح المفاوضات" حتى إذا اعتقد انها مؤذية او مهينة لبلاده أكثر مما كان ينتظر، لأنه قد احرق سفن تراجعه، وسلم كل الأوراق بيد أميركا!
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter