|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  17  / 9 / 2018                                 د. صباح قدوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نحو الإنتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق ، من أجل التغيير والإصلاح

د. صباح قدوري
(موقع الناس)

أنطلقت يوم 10 من الشهر الجاري حملة الدعاية للإنتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق. وهي الخامسة منذ أول إنتخابات في عام 1992 . وقد أبدت بعض الأحزاب الكردية، ومنها حركة التغيير والاحزاب الإسلامية رغبتها بالتأجيل، إلا ان الموافقة تمت على إجرائها في الموعد المقرر 30 ايلول/ سبتمر الحالي.
يقدر عدد المرشحين ب (673) مرشحا ينتمون الى (29) كينا سياسيا لشغل (111) مقعدا، منها (11) مقعدا مخصصا للأقليات القومية والأثنية في الإقليم. ويعتبر إقليم كردستان العراق دائرة إنتخابية واحدة. وتقرر إعتماد نظام العد والفرز اليدوي في إحتساب نتائج الإنتخابات. هذا ولن يشارك الاكراد في المهجر في هذه الإنتخابات، لاسباب مالية وإدارية وتقنية.

1. تعتبر هذه الإنتخابات مصيرية وحاسمة بالنسبة للشعب الكردستاني، في الوقت الذي يمر فيه الإقليم بحالة من عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي وحتى الإمني.
ففي الحالة السياسية (ومن دون الدخول في التفاصل)، نجد:
ـ هناك تباينات وخلافات في الخطاب السياسي الكردي بخصوص مسألة تطوير الفيدرالية وآفاقها المستقبلية؛
ـ عدم إكمال دستور إقليم كردستان العراق وطرحه للإستفتاء الشعبي، وكذلك تحديد صيغة النظام الحكم في الإقليم هل هي على اساس رئاسي أم برلماني؛
ـ العلاقة مع الحكومة الإتحادية في كثير من الملفات المهمة والساخنة غير محلولة، منها: صيغة المشاركة في الحكومة الإتحادية، حصة الإقليم من الموازنة العامة الإتحادية، تفعيل وتطبيق مادة (140) من الدستور الدائم حول المناطق المتنازع عليها، مشكلة العقود والإنتاج والتسويق الخاصة بالنفط في الإقليم، ومسألة البيشمركة وعلاقتها بوازرة الدفاع الإتحادية؛
ـ ضعف العلاقة والتنسيق والعمل المشترك مع الأحزاب الكردية في حركة التحرر الكردية للاجزاء الأخرى من كردستان الكبرى؛
ـ التدخلات الإقليمية السافرة والمباشرة من تركيا وايران وبعض الدول الخليجية كقطر والسعودية في الشؤون السياسية الداخلية للإقليم؛

2 . يمر الإقليم اليوم بحالة إقتصادية صعبة للغاية . وهي متراكمة لفترات طويلة من دون المعالجة. ويعيش الشعب الكردي ظروفاً معيشية صعبة وعدم توزيع رواتب موظفين بشكل منتظم وتخفيضها بشكل كبير، وذلك لبعض الإسباب، نختصرها، كالآتي :
ـ عدم وضوح فلسفة النظام السياسي، كي يتبنى رؤية شفافة وإستراتيجية واضحة ومعللة لعملية التنمية الشاملة والمستدامة ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية؛
ـ الإعتماد على الإقتصاد الريعي من إيرادات الإقليم لحصته في الموارنة الإتحادية. وبيع النفط الذي تنقصه الشفافية ويستشري فيه الفساد المالي والإداري وسوء ترشيد سياسته؛
ـ هيمنة الصفة الإستهلاكية على الإقتصاد، بدلا من التوجه نحو تنويعه عبر تأهيل وتفعيل الإقتصاد الإنتاجي الذي يخلق القيمة المضافة للإقتصاد الوطتي؛
ـ قطعت الحكومة الإتحادية ميزانية إقليم كردستان العراق منذ عام 2014، مع إنخفاض اسعار النفط الى اكثر من (50%) في تلك الفترة وما بعدها، وكذلك سوء استخدام المال العام، مما تسبب في شحة الموارد المالية؛
ـ تصل ديون إقليم كردستان الى حدود (105) مليار دولار، منها (51) مليار للحكومة الإتحادية، والباقي لبنوك داخلية وخارجية، بحسب حديث رئيس الوزراء لشؤون الطاقة السابق حسين الشهرستاني للسومرية نيوز/ بغداد، تشرين الثاني/ نوفمبر2017؛
ـ ضعف آداء هيئة الرقابة المالية لمهامها، ورفع تقاريرها الدورية الى البرلمان لدراستها وإتخاذ الإجراءات اللازمة بصددها؛
ـ الفساد المالي والإداري يمتد في كل المفاصل الإدارية والحزبية والقطاعات الإقتصادية ذات الطبيعة الخدمية والإستهلاكية؛
ـ إعتماد مفرط على إستيراد السلع الأجنبية ذات الطبيعة الإستهلاكية والكمالية، وإغراق الأسواق المحلية بها على حساب تطوير وتنمية الإنتاج الوطني؛

3. أما في المجال الإجتماعي، فنلاحظ ما يلي :

ـ تفاقم البطالة التي تصل الى (25 ـ 30)% من قوة العمل، ونسبة فيئات السكان تحت خط الفقر(13) من عدد السكان البالغ اكثر من (5) مليون نسمة؛
ـ تزايد حدة الإستقطاب الإجتماعي، مما عزز من التفاوت القائم في المجتمع، وظهور فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء؛
ـ ضعف شديد في القوى البشرية العاملة لمواكبة التكنلوجيا الحديثة، بهدف رفع الإنتاج والإنتاجية وجودتهما؛
ـ تراجع كبير ورداءة في مجانية خدمات الصحة لجميع المواطنين؛
ـ تراجع ورداءة خدمات التعليم المجاني بجميع مراحل الدراسة لكافة أبناء الشعب؛
ـ تدني الوعي العام والمستوى الثقافي والحضاري للمجتمع. وضعف دور المجتمع المدني والمنظمات المعنية في ممارسة الديمقراطية والتعويد على الحوار البناء، والمشاركة الفعالة في صنع القرار، وممارسة الرقابة الشعبية؛
ـ ضعف المسؤولية الإجتماعية تجاه البيئة وحمايتها من التلوث؛
ـ عدم الإعتناء بجودة الإنتاج الذي يعتبر احد عناصر الانتاج المهمة، ورداءة تقديم الخدمات التسويقية وفق المعايير القياسية لصالح المستهلك وحمايته؛
ـ التراجع في تأمين نظام الضمان الإجتماعي لمساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل، وذلك لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية؛
ـ لا يزال الخطر الأمني قائماً على الإقليم من بقايا (داعش) والتنظيمات الإرهابية المرتبطة به، والسلم الإهلي معرض للتهديد ايضا، وخاصة في المناطق المتنازع عليها؛

وفق المعطيات المقدمة في اعلاه، نناشد وننادي الناخب الكردستاني بأن يشارك في هذه الإنتخابات وبروحية وطنية عالية تكون في مستوى المسؤولية والواجب الوطني، لمواجهة التحديات والمهمات الكبيرة التي يمر بها الإقليم. والمساهمة بشكل فعال من أجل التغيير والاصلاح على الأصعدة السياسية والاقتصادية والإجتماعية، التغيير الذي ينتظره الشعب الكردستاني بفارغ الصبر. ومن اجل التصويت للوجوه الشابة المخلصة والنزيهة والمتعلمة وذات الخبرة والكفاءة والمعايير المهنية والمعرفية في الأداء، من الذين تهمهم مصلحة الوطن والمواطن الكردستاني وضمان مستقبله والأجيال القادمة.

المساهمة الجادة من إجل إنتخابات شفافة ونزيهة والخروج بنتائج جيدة وإيجابية بعيدا عن المحاصصة الفئوية والحزبية الضيقة والتوافقات السياسية المصلحية الداعمة للفساد المالي والإداري. المساهمة الجادة التي ستساعد على إنبثاق إدارة جديدة تكون في مستوى المسؤولية وتنطلق من تشخيص الوضع الراهن، وخاصة في المسارات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية المذكورة في اعلاه، وتقديم حلول عاجلة وبناءة لها، وذلك لأن الإدارات السابقة في الحكم لم تكن قادرة على بناء مبدأ المواطنة التي تشكل روح الإدارة القانونية والمؤسساتية، التي تساوي بين المواطنين وتجمع بينهم وتوحدهم في إطار واحد يتجاوز الولاءات الجزئية العقائدية والحزبية والعشائرية والمحسوبية، والتي إنشغلت بالتنافس من أجل الهيمنة على السلطة والمال والنفوذ.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter