| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

 

الأثنين 2 /1/ 2006

 

 

 

ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة



المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

ان ترويج الطائفية هي ذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد ... وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق ..هكذا يعيش الشعب العراقي في جحيم حرب طاحنة، بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة، وقتل وخطف الأبرياء واغتيال المثقفين، في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو، وبين الانقسامات التي استشرت في أعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته. ارتدى عدد كبير جلباب الإسلام، وعلت الأصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد ، منادين ومتوعدين باسم الإسلام، محتضنين الموت بدل الحياة، محاولين إعادة عجلة التاريخ إلى العصر البدائي، والضائع هو المواطن العراقي الذي اختلطت عليه الأوراق والمسميات. ان الطائفية هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة " الغاية تبرر الوسيلة" لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب..
تؤلف الدساتير العراقية ، نقلة جذرية ومهمة في تاريخ المجتمع العراقي . فقد نقلت جميع الخصومات السياسية والمصالح المتضاربة، واختلاف العقائد، ومن الحروب والغزو والثورات والانقلابات العسكرية، الى قاعة البرلمان، وذلك من خلال صناديق الاقتراع، حيث تتم هناك تسوية المصالح، من خلال الجدل والحوار الذي يتحقق في قاعة المجلس. مع شديد الاسف لم تتحقق هذه النقلة، وانما كبت رجال الحكومة الحوار بتعطيل الاحزاب والصحف وارهاب المعارضة. وتغيرت الامور فمن هدف الدولة البرلمانية نقيم الدولة الاستبدادية التي حكمت العراق قروناً في الماضي .في 8/8 / 2005 اصدر مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة ،... اعقب ذلك قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر مع القرار المرقم 8750 بل لاحت تباشيرها في قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) .. مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. هم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي" اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا بها النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !
كان برلمان الطاغية السابق يدعى بمجلس المصفقين واصبح برلماننا اليوم يدعى بمجلس المصفقين والمبسملين والمحولقين ! ازيح البعث بفكره الشمولي عن مقاليد السلطة في العراق وهو الذي كان يعيب الى جانب نظام الملالي في طهران على المعسكر الاشتراكي شموليته ... الذي نلمسه اليوم في عراقنا شمولية بعثية – ملالية فارسية .. هجينية .. شمولية في الخوف .. شمولية في الارهاب والإرهاب السياسي .. شمولية في القمع... شمولية في الارهاب الأنتخابي والترويع السياسي .. الارهاب الجمعي .. شمولية في ديمقراطية" البلطجة ".. أساليب الغضب تحيل العالم الإنساني إلى رماد ..ومع الاحتلال وحرية المحاصصات المقيتة يعيش شعبنا تحت خط الفقر !
لم يشهد تاريخ العراق الحديث مثيلا لما يشهده اليوم من تطرف وتشدد غلوائي وعصبية دينية اصولية على يد قوى الاسلام السياسي لمقاومة المشاريع الوطنية الديمقراطية التي ترفض الدولة الدينية والنظام الاسلامي للشورى وولاية الفقيه والتي تحترم الدين الاسلامي وبراءته من الممارسات الاسلاموية – المختزلة للاسلام في مجموعة من التيارات الاسلامية المذلة للكرامة الانسانية ! ان اضفاء الصفة الدينية على الدولة تمنح الحاكم واوامره القداسة الدينية التي تقود الى الاستبداد والطائفية والتطرف والدكتاتورية والعنف وتكفير الآخر وتسييس الدين وتدين السياسة !ويتمسك اصحاب المنهج التكفيري بحرفية النصوص اي التطبيق الاعمى للنصوص على الواقع الراهن برؤية توتاليتارية ، واخضاع الحاضر لمرجعية نصية الحق المطلق !... اي تحويل الدين الى دين الدولة والتمسك الشديد بالنصوص وانحسار العقلانية واغلاق باب الاجتهاد والركون الى الخطاب الاستسلامي الاهوج والفقر والجهل !
وتمارس التشكيلات السياسية الشيعية ذات الاخطاء التي مارستها الحكومات السابقة بحكم تمتعها بالامكانيات المالية الكبيرة والدعم اللوجستي الايراني واستغلال المرجعية الدينية لتحقيق الانتصارات الانتخابية والخروقات الحقوقية كفرض الحجاب والعدوان على النساء السافرات وعلي المسيحيين والصابئة المندائيين وحرق محلات بيع المشروبات الكحولية ومحلات الحلاقة وصالات العرض السينمائي ومدارس الموسيقى والباليه ومعارض الفن التشكيلي ومنع الزفة في الاعراس ومنع الأطباء من علاج النساء وحملات الاغتيال في البصرة والجنوب! ان مناظر الاطفال في المناسبات الشيعية وهم يجبرون على حمل الخناجر ويجرحون رؤوسهم بالامواس لتسيل منها الدماء وتلك المناظر السادية التي تفرض على طفولتهم المنتهكة وصفهم بطوابير طويلة وهم يؤدون الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها ارضاءا لآيات الله العظمى والصغرى هي وصمة عار على جبين البشرية . لقد ظهرت التشكيلات السياسية الشيعية على خلفية تنامي الشعور بالحيف جراء احتكار السلطات ، وتزايد الشعور بخطأ موقف المرجعية الشيعية التقليدية بالزهد عن السلطة والسياسة ، وكثافة تواجد مراقد الأئمة الشيعية في النجف وكربلاء ،والاحياء المبالغ لتقاليد عاشوراء السنوية ، وخصوصية مبدأ التقليد لدى الشيعة والتنفيذ الملزم لفتاوي المرجعية ،وتوفر الدعم المالي والمادي الهائل ... الى جانب الظهور المبكر لتنظيمات الاخوان المسلمين وحزب الدعوة الشيعي ، واتساع طائفية السلطات السنية ابان حكم العارفين ، والقمع الوحشي الذي تعرض له الشيعة في العراق وحملات التصفية التي طالت حزب الدعوة الشيعي ابان الدكتاتورية الصدامية ،ونجاح الثورة الاسلامية في ايران ، واشتداد المقاومة الاسلامية في افغانستان ، والحرب العراقية – الايرانية ، وحملة صدام حسين الايمانية في العقد الثامن ، وتدني مستوى الوعي بشكل عام لدى العمال والفلاحين بسبب الحصار والامية والتجهيل ، ...وتشجيع الادارة الاميركية على تقسيم العراق وفق التوصيف الاثني الشيعي بالأخص بعد غزو صدام للكويت وتنامي دور ونفوذ الامبراطورية المكارثية اثر التغيرات الدراماتيكية في الاتحاد السوفييتي السابق !
ادى ذلك الى اضعاف الشعور بالمواطنة وتعدد الولاءات الرجعية ، وتفضيل المصالح الاقليمية والاجنبية على المصلحة العراقية ، والتخندق الطائفي والعنف الطائفي والمهاترات الطائفية !ووضع الديمقراطية الحقة على الرف .. رغم ان الديمقراطية ليست برلمانا فحسب ، والحديث عن ديمقراطية تنسجم مع خصوصيتنا يعني ارجاءها الى اجل غير معروف ! فدروس الواقع ابلغ من اوهام الاستئثار لأنه ليس بوسع حكام التنعم بارتداء الحرير تحسس معاناة المحرومين ... ولمصلحة من تهاجم وتحرق مقرات الحزب الشيوعي العراقي مثلا ولمصلحة من قيام مجموعات من " الاشباح " بشن حملات سيارة ومداهمات طالت بغداد وبقية المحافظات ، تطالب الناس بضرورة انتخاب قائمة بعينها، وبعكسه سيكون عقاب اهالي تلك المناطق عسيرا على حد تعبير هؤلاء !؟. وقد بلغ السيل زباه عندما ارتقى " نضال " هؤلاء الاشباح الى حد التهديد بالاغتيال أو حتى اغتيال مرشحي بعض القوائم المنافسة وانصارهم بدم بارد ومن دون ان يرف لهم جفن... كما حصل لرفاقنا الذين اغتيلوا بخسة في مدينة الثورة – الصدر !؟.. بالطبع انها لمصلحة المخصيين من الحثالات السياسية المعادية للعراق والثقافة والفكر الحر والاخلاق الرفيعة والنزاهة والتحرر الوطني والديمقراطية ولمصلحة عصابات السياسة القذرة في طهران . من هم البرابرة المجرمون الذين احتلوا وأحرقوا مقر الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية؟ وإذ شجبت الكثير من القوى السياسية العراقية هذه الأفعال الإجرامية الخسيسة، سكتت قوى أخرى عن ذلك، وأيدته جماعات أخرى بحجة أن ما جرى يعبر عن كون الشعب لا يريد هؤلاء الناس في هذه المدينة، كما ورد في جريدة الحوزة التي تصدرها جماعة مقتدى الصدر.نعرف أن هناك مذكرة اعتقال قضائية ضد الصدر منذ أكثر من عامين ونصف ولكن بلا أية متابعة بل على العكس كافأته بوزارات و30 مقعدا في الجمعية الوطنية!
لقد أثار قرار وزارة الجعفري بفصل الجنسين في كافة المعاهد والجامعات العراقية وفرض الحجاب على جميع الطالبات عاصفة عنيفة من الأحتجاج والشجب من قبل القوى الديمقراطية والوطنية والعلمانية التي رأت فيه الى جانب الغاء كافة النقابات العمالية والفلاحية ومصادرة أموالها المنقولة وغير المنقولة ومنع توظيف أي أمرأة غير محجبة في دوائر مجلس الوزراء والوزارات الطائفية الشيعية ، جزءا من هجمة ظلامية ودينية رجعية وهمجية تعبد الطريق للفرض الشامل لدكتاتورية الملالي المستندة على الشريعة الأسلامية وأنتهاك وقح وفظ لأبسط حقوق النساء العراقيات عامة والمسيحيات على وجه التحديد والذي يبرهن على النفاق والتمييز والسعي لخلق الفتن بأجلى صوره وكأن البطش والأرهاب والأكراه صار تقليداً ثابتاً لا يتراجع مهما تغيرت الأنظمة في العراق ، انه بمثابة أشارة خضراء للقوى الغارقة بالظلام والعاشقة لمنظر الدماء لأختلاق المزيد من الأعداء ولضرب القوميات الصغرى ذات الجذر العراقي الأصيل والتي ستدافع عن نفسها ووجودها بكافة الطرق والوسائل الممكنة.الى ذلك لازالت جميع الملفات الاجتمااقتصادية مغلقة، ولا يسمح بفتحها للشعب ليستطيع قراءتها وتحديد مواقع الخلل الحقيقي، ويستمر الائتلاف الموحد بالتكتم على صلب الموضوع، وهو حل جميع المليشيات والقضاء على المقاومة اللقيطة وإعادة جميع الأموال المنهوبة من المتنفذين في السلطة حاليا والذين هم خارجها، والقضاء على رؤوس الفساد والتهريب في العراق، وحل مشكلة تهريب النفط والمشتقات . إن الذريعة التي تتذرع بها الحكومة بأن شروط البنك الدولي لشطب الديون هو رفع الدعم عن المشتقات، ما هو الا قراءة منقوصة للآية الكريمة أن "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، لذا كان على الحكومة أن تصارح الشعب بالحقيقة كاملة وليس بعض الحقيقة متسترة بذلك على المليشيات والعصابات المسلحة ومن يدعمهم في المنطقة الخضراء.
مع انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، قدمت إيران ذات التاريخ الفارسي والإسلامي، نموذجها الإسلامي الجديد والشيعي حصرا (ولاية الفقيه)، فعملت من خلاله على إرساء أنماط سلوكية جديدة(رفض ربطة العنق، الزي الموحد للنساء) واستبدلت المصطلحات السياسية السائدة(إمبريالية، استعمار) بمصطلحات أخرى دينية بالتأكيد (الشيطان الأكبر) و( لا شرقية ... لا غربية )، وفرضت الكثير من الممنوعات الاجتماعية (موسيقى ، رياضة...)وجهدت لتصدير الثورة الإسلامية التي فتحت شهية البعض من كل المذاهب(الدولة الإسلامية، الخلافة الإسلامية، الكونفدرالية الخ)، معتبرة نفسها المدافع الفعلي عن الإسلام والمسلمين، الأمر الذي أصاب البلدان ذات الغالبية الإسلامية السنية بالذهول، فأثار بذلك ريبتهم و"غيرتهم" على السواء. ولم يقتصر تأثير النموذج الشيعي على الداخل في إيران بل تعداه إلى التشكيلات السياسية الشيعية العراقية والجماعات الشيعية في البلدان الإسلامية الاخرى، فعملت تلك الجماعات على تكريس هذا النموذج سلوكيا واجتماعيا وسياسيا واستفاضت في نبش الماضي وأعادت إحياءه، بعد أن تبنت في مواقفها السياسية مفاهيم الثورة الدائمة ضد "الاستكبار العالمي"، معتبرة أن المغالاة في التدين والتركيز الهوسي على الخصوصيات الجماعية والتهويل بالآخرة هي شروط أساسية للنجاح والنصر. وأثار نجاح النموذج الشيعي "غيرة" وحماسة بقية المذاهب والفرق الإسلامية الاخرى؛ اذ لا شيء يمنعها من تقديم نموذجها الديني والسياسي أيضا، بعد أن راوح النموذج الوهابي في مكانه وغرق في تقاليده الصارمة طوال عشرات السنين. ففي الأطراف البعيدة، وعلى سبيل المثال، قدمت حركة طالبان نموذجها الخاص بها، ووصلت في دفاعها عن الإسلام والمسلمين إلى ممارسات أثارت النقد والسخط والخجل حتى في أوساط المسلمين أنفسهم . في هذه الأجواء المشحونة بالتفاخر الذاتي والانفعال الوجداني واللاعقلانية الإيمانية، نشط رجال الدين من كل المذاهب وتضاعفت أعدادهم أضعافا مضاعفة وكثرت مناسباتهم التي تدعو إلى ترك الدنيا والتحضر للآخرة، يحدوهم الشعار الشهير "العلماء ورثة الأنبياء" فألحقوا الخطاب الديني بالموقف السياسي لمذهبهم وجعلوه أسيرا له. واستبدلوا سلطة القانون بسلطة الالتزام الشرعي، وحولوا دور العبادة إلى منتديات سياسية فأكثروا من انغلاقهم وزادوا من أزمة انتمائهم، بعد أن رُسمت الحدود بين المسلمين، حتى بين أبناء الطائفة الواحدة في البلد ذاته، ولونت بدقة فكرية وأمنية مخابراتية بالغة.
هكذا تعرضت وتتعرض الماركسية الى التشويه في الموقف من الظواهر الاجتماعية وبالاخص الظاهرة الدينية نتيجة النظرة السطحية التبسيطية في التعامل مع المقولات من جهة وحملات التشويه المقصودة من قبل القوى المعادية للماركسية من جهة أخرى .. الامر الذي يؤدي الى تشويه الطابع المعرفي لمقولات ماركس وتحليلاته للظواهر الاجتماعية ... ويخلق الهوة بين جمهرة التدين وحملة الفكر الاشتراكي العلمي في مسعى مفضوح لتجنب مخاطر الفهم الديالكتيكي المتجدد لمقولات ماركس بشكل عام على المصالح الطبقية والسياسية !... وتتحرك قوى الاسلام السياسي في بلادنا على جمهرة التدين فتعتبرهم ملكا خاصا بها بل وتجعل معيار التدين في مدى دعم مشاريعها السياسية والطائفية المقيتة !.. الامر الذي ادى الى تكريس حالة الاغتراب السياسي والاجتماعي واعاقة عمل قوى التغيير الجذري لمنع قيام البدائل الديمقراطية ، واختزال حقوق الانسان الى حقوق للتجمعات الاثنية – الطائفية ، وتحويل التناقضات الطبقية الى صراعات طائفية ، وتنامي ميول العنف والحروب الاهلية ، وشرذمة الوعي الوطني عبر تحويله الى الولاءات دون الوطنية . تبقى الحكمة بديلا عن لغة التهديد والدم! الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة تخرصات الفكر الرجعي والارهاب في العراق ... ولأن إنتظرالشعب طويلا بعناد منقطع النظير في سبيل إنشاء مجتمع متآخ قوميا ً و ٍمتسامح ٍدينيا ً فلسوف لا يسمح باستنساخ نماذج لا تجلب إلا الويل والثبور ومنها تحديدا ً الديمقراطية الطائفية .... او عفوا الدكتاتورية الطائفية ... تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق ! وتبا لصعاليكه ! هذه أخلاقنا ... فهل من منازل؟ ان المكر السيء سيحيق بأهله...
لقد عمم الحكم المنهار ثقافة العنف والاستبداد والتمييز المذهبي والعرقي والتجهيل السياسي والثقافي اللاعقلاني ، واسس لتشويهات خطيرة في الهوية الوطنية وقيمة المواطنة العراقية ولم يؤد الى خلط الاوراق وتشويه مدمر في الوعي السياسي والاجتماعي للمواطن العراقي فحسب، بل وحتى طال التشويه النخب السياسية ووسط من المثقفين العراقيين الذين راحوا يتسابقون بشكل محموم للتشبث بهذه المعايير المشوهة والمتاجرة بها او التعكز عليها لكي يتم اسقاط حوادث تاريخية لقرون مضت على الوضع العراقي بتعقيداته الخطيرة الراهنة. ونتيجة لذلك تفشت في بلادنا اليوم ظاهرة الميليشيات المسلحة المذهبية التي تتجاذب زمام الصراع لحرف النشاط السياسي عن لغة الحوار العقلاني والبرامج الاجتماعية الاقتصادية. وتحولت الميليشيات الى مؤسسات ذات مصالح مافيوية لا تمت بصلة الى مصلحة المواطن لانها تمول بالاساس من قبل قوى لا تريد الاستقرار لهذا البلد. يقوم ذوي " القمصان السود " بإبتكار اساليب فاقت اساليب البعث فاشية وتعسفا ، فلقد اصبح قتل صاحب الرأي المخالف لهم علنا ، ويمر دون أي حساب ودون الخضوع لأي قانون ، فالشوارع اصبح من يتحكم فيها الميليشيات ، كما يقول المفكر الأسلامي أياد جمال الدين ، وهو شخصيا تعرض الى محاولتي إغتيال لأنتقاده الممارسات البعثية الفاشية الجديدة . ان " حراس الفكر الواحد المقبور ودعاة الفكر الواحد الجدد ، كلاهما ارهابيان وكلاهما يقتلان النفس البشرية البريئة الآمنة بدون حق وكلاهما يدخلان مزبلة التاريخ ان عاجلاُ أم آجلاُ " .
تسعى القوى الدينية بشقيها الشيعي والسني إلى تأطير المجتمع العراقي دينياً عن طريق فرض منطقها الشكلي على الناس بإتباع شتى الطرق:تأليب المشاعر الطائفية والتركيز على القطاع الواسع من الشباب غير المتعلم الذي نشأ زمن حروب صدام والحصار من خلال تحويل المساجد من دور عبادة إلى دور تحريض سياسي مخطط له يصب في مصالح هذا التيار الديني أو ذاك بالمزايدة في إظهار الحرص والغيرة على الدين.السيطرة على وسائل الأعلام من فضائيات وصحافة لبث مثل هذه الثقافة لكن بلهجة مختلفة عما يجري في الشارع. فعند الحديث عن القوات الأجنبية تكون اللهجة هنا في الأعلام مخففة، لكن في الجامع والشارع يجري اتهام كل من له توجه ديمقراطي يتعارض ويقف بوجه تأطير المجتمع دينيا كونه عميل للأمريكان ( يتناسى هؤلاء أن ظهورهم لم يكن بمجهودهم الذاتي بل بفضل القوات الأمريكية التي يرفض قادتهم خروجها المبكر)، ولما تعجز هذه الوسيلة في إسقاط ذلك الصوت يجري استخدام القوة عن طريق الميلشيات المسلحة السائبة مثل ـ منظمة بدر ـ التي تتحرك عند الضرورة، أو الميلشيات المتحركة كـ ـ جيش المهدي ـ ! ليجري تكميم أفواه كل من عارض أو يعارض مشروع دولتهم الدينية من خلال تشويه سمعة المثقف باتهامه بشتى التهم من السقوط الأخلاقي إلى الكفر إلى العمالة للأمريكان... وإذا لم تنجح هذه الوسائل، فالتهديد أو الضرب بالشارع أو محاولة إلصاق التهم بالرشوة والفساد لمن لا يستطيعون تكميم فمه يساعدهم في ذلك سيطرتهم على أجهزة القضاء والشرطة والأمن.
التيار الصدري (جيش المهدي) والمجلس الاسلامي الاعلى ( قوات بدر) ظلت تماطل في تنفيذ قرار حل المليشيات ودمجها بالمجتمع المدني الذي أمتثلت له قوى عديدة ( المؤتمر ، الحزب الشيوعي العراقي ، الحزب الاسلامي ، حزب الدعوة ، الوفاق ) وألتفت عليه ولازالت تحتفظ بأسلحتها لتستخدم ضد الخصوم السياسين في وضح النهار أو تحت جنح الظلام . وما ظاهرة العناصر المسلحة التي تتوشح في السواد من أخمص القدمين حتى الرأس الا جزء من هذه الظاهرة ولن تكون بعيدة عنها حتى لو تخفت تحت ستار معين أو عناوين أخرى . وقد أقدمت هذه العناصر على أغتيال حراس مقر محلية الثورة للحزب الشيوعي العراقي مع بدأ العملية الانتخابية ،وقامت بأغتيال أحد ناشطي القائمة العراقية في مدينة البصرة ،وأحرقت مقر الوفاق في مدينة السماوة بمحتوياته من الملصقات الانتخابية وأعتدت على حراسه ، وقامت في تنفيذ عملية الاعتداء على السيد علاوي في مرقد الامام علي (عليه السلام) ومحاولة أغتياله في النجف الاشرف ، وكذلك ماجرى في مدينة الحرية من محاولة تشويه سمعة القوائم الانتخابية بواسطة أستخدام قوة مكونة من 25 سيارة من هذه المليشيات المسلحة والتي قامت بتمزيق اعلانات القوى الاخرى الانتخابية ... والباب مفتوح على مصراعيه للمزيد من الممارسات والاغتيالات التى تشكل المحك الحقيقي لهذه القوى ومدى صدقيتها وأيمانها في التنافس الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وحقيقة أيمانها في حقوق الانسان والمواثيق الدولية الخاصة بذلك وأحترامها صناديق الانتخابات والعملية السلمية الديمقراطية بمجملها .كان الاعتداء على الدكتور علاوى وعدم احترام عتباتنا المقدسة هو ذروة اليأس والافلاس السياسى لبعض الاحزاب الطائفية. انتهاكات في الانتخابات بلغت حد القتل. إن البداية الحقيقية لإنهاء الارهاب في العراق تتمثل في حل ميليشيات بدر ـ صدر الخارجة على القانون وبسط سيادة القانون في مدن (الجعفري الآمنة !!).. فميليشيا بدر ــ صدر لا تقلّ خطراً عن عصابات البعث والزرقاوي.
واللوحة الآن كما يلي:
ـ سجون سرية تمارس فيها التعذيب. والحكيم يعارض نشر التقرير الخاص بقبو الجادرية
خوفا من الفضيحة.
ـ قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي أو إلصاق التهم .
ـ حملة اغتيالات كما جرى لمقر الحزب الشيوعي في مدينة الثورة يقوم بها ملثمون مجهولون عادة.
ـ محاولة تأطير المجتمع دينيا هذه طبقت بشكل يكاد يكون تاما في مدن الجنوب والوسط العراقي، وفي بعض مناطق بغداد، ومحاولتهم في الموصل حيث جرى فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي، ومحاولتهم الفصل بين طلبة الجامعة التي لاقت مقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية. أما غرب العراق (الرمادي) فهي مؤطرة أصلا من زمن صدام.
ـ فرض الحجاب على النساء.
ـ إشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي.
ـ هجوم مكثف في وسائل الإعلام على كل توجه ديمقراطي، أو علماني. حتى كتب أحدهم ساخرا من شهداء الحزب الشيوعي كونهم كفرة.... ولا يدري أن الحزب الشيوعي رغم كونه حزبا آيديولوجيا فضله الكبير في تاريخ العراق هو عدم تسلمه السلطة وبالتالي عدم ممارسته قمع الخصوم وممارسة التعذيب كما تفعل القوى الدينية السنية والشيعية. أما مسألة الشهادة فذلك المعنى معنوي وأكثر سمواَ فالشيوعي لما يستشهد تحت التعذيب يكون قد وقف وحده كإنسان دون قوى علوية تسنده من السماء ودون طمعٍ في جنة. وفي الظرف الحالي يكاد يكون الحزب الشيوعي هو الحزب العراقي الجامع للبيت العراقي في ظل أحزاب الطوائف والملل وأكثر الأحزاب عراقةُ.
يجري بمدينة الثورة إرهاب حقيقي، يأخذ بالرقاب، وإذلال بهيمنة الغوغاء، يتزامن مع دوي التفجيرات، والأجساد المفخخة ببغداد والحلة وكركوك. جماعات تختطف وتحرر ضحاياها لتسجل بطولة كاذبة لها، وتشترك تارة مع الشرطة في عمليات المداهمات، وتارة ضدها، ليس لها من صفة رسمية غير أنها من أتباع الصدر.استقبلت مدينة الثورة الدعاية الانتخابية باقتحام ذوي الثياب السُود الملثمين مقر الحزب الشيوعي العراقي، فقتلت عبد العزيز جاسم وياسين خضير، وهما يجلسان الى طاولة الاستعلامات، وحصل الحادث أمام أنظار المارة.لكن مَنْ يجرأ على الاعتراض أو المدافعة، فهناك كتائب من الملثمين، بعد أن سحبت الدولة يدها عن مدينة كاملة وسلمتها لهم اسماً وإدارة. وبطبيعة الحال يتوهم المنتظرون من تلك الجماعات خيراً، فهؤلاء يعيشون عقدة الجريمة، كلما تورطوا بدماء حاولوا التطهر منها بدماء أُخر، هذا والحكومة لا كلمة لها ولا موقف؟ عاد أصحاب الثياب السُود تسليحهم، بعد أن سلموا أسلحتهم بتصميم من الحكومة السابقة أمام أنظار العالم. عموماً، هناك منافسة ليست بالخفية لكسب جماعات إرهاب ذوي الثياب السُود وكتائب عزرائيل ، والغرض استخدامهم في التهديد والإقلاق، فهم جماعات متهورة تعرض قوة عملها عبر الإرهاب المبرر بالمقاومة.
على الاحزاب المذهبية الطائفية بكل الوانها التخلي عن هذا النهج الخطير في تأطير المجتمع دينياً لأنه يعادل ويطابق تبعيث المجتمع زمن الدكتاتورية ،والكف عن ادلجة السياسة ، ومخاطبة المواطن العراقي بمحتويات برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس عبر واجهاتها المذهبية... وعلى رجال الدين التخلي عن تحويل الجوامع والمساجد الى مراكز للتجنيد وتشكيل السرايا والجيوش والفيالق والاثارة وخزن المفرقعات في دور العبادة. وان يعود هؤلاء الى اداء مهامهم الروحية في بيوت الله في التخفيف عن المأزق الوجداني والروحي للمواطن العراقي الذي يمر في مرحلة النقاهة بعد الطاعون الذي طغا عليه في العهد السابق، وان يخففوا من غلوائه ودعوته الى الحكمة والتبصر وبناء البلد والكف عن اثارة الكراهية والعداوة بين ابناء الشعب الواحد، والا فسيفلت الزمام من الجميع ويتم الاطاحة برؤوس الجميع ويستتب الامر لرموز التطرف والغلو والقهر. ان الشعب العراقي لا يتحمل احداث الصراع الدامي المذهبي الماضي ومحنه وآلامه ويكفيه ما شهد من قبور جماعية وحرق بالسلاح الكيمياوي وتصفيات بالجملة على يد النظام المنهار. ان التحريض على العدوان اوالمشاركة فيه ليس الا احد اشكال الارهاب والعنف المرفوضة من قبل سائر ابناء الشعب ويتعارض مع مباديء جميع القوى والفصائل السياسية المعلنة، ان صحت النوايا، كما ولا يستقيم مع مباديء الشريعة الاسلامية السمحاء، ويستدعي الادانة والشجب من الجميع..! .
إن المعركة التي يريد أن تفرضها التشكيلات السياسية الشيعية والأحزاب السياسية الإسلامية حالياً على القوى الديمقراطية والليبرالية والعلمانية تلزم جميع قوى المجتمع المدني العراقي أن تنتبه إلى ثلاثة مظاهر لهذه المعركة التي ستواجهها القوى المدنية، وهي غير متكافئة ، وأعني بها:
1. استخدام الدين على أوسع نطاق ممكن للتأليب على قوى المجتمع المدني والإساءة لهم ونشر الأكاذيب عنهم، واستخدام منابر الجوامع والمساجد والمدارس الدينية والحوزة العلمية الشيعية لهذا الغرض والتأليب ضد قوائم المجتمع المدني والشخصيات الوطنية العلمانية العراقية.
2. التحري عن لغة المساومة المؤقتة مع قوى الإسلام السياسي السنية التي بدأت في القاهرة عبر الاجتماعات الخاصة بين بعض الحاضرتين من ممثلي الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية.
3. ممارسة التهديد والوعيد والقتل الفعلي لمن تصل له أيديهم للتخلص منهم باعتبار ذلك ضمن فتوى السيد محسن الحكيم القديمة ضد الشيوعيين والعلمانيين، وضد من يتصدى لهم باعتبارها يقيمون حكم الله على الأرض وإمام العصر وممثله على الأرض.
ننتقل اليوم من دكتاتورية صدام حسين الى دكتاتورية جديدة لكنها دينية مريرة أجهضت أحلامنا ، وفاقت رداءتها كل تصوراتنا !! ينبغي الانتباه إلى عواقبها منذ الآن ... وسيبدأ الناس يترحمون على الدكتاتور الصلف صدام حسين، كما ترحموا على روح المجرم نوري السعيد في فترة صدام حسين.
تعني حكومة الوحدة الوطنية اشراك قوى التغيير في تحمّل المسؤولية وعدم التفريط بها . . ان زجّ الطاقات الوطنية المخلصة للتغيير ولتجذيره، يضيف طاقات خلاّقة لمسيرة الحكم، بدل اهمالها او الضغط عليها وتهديدها، الأمر الذي لن يؤدي الاّ الى تتالي الأزمات السياسية الدستورية، والى ضعف وشلل الحكومة الجديدة او لجوئها الى اساليب قد تؤدي الى انهيارها بتأثير عجزها وفضائح اساليبها. ان حصول الحكومة الجديدة على الأجماع الوطني وفق ميثاق وبرنامج عمل وطني ، يؤدي الى تغطية حاجاتها الماسة الى الخبرات الفنية المتنوعة والى زيادة فرص الأستثمار والدعم. هذه المهمات تتطلب تعاون كل القوى السياسية بإخلاص ونزاهة، بعيداً عن المحاصصة البغيضة والاستقطاب القومي والطائفي، الذي ما زال يعم ساحة العمل السياسي العراقي، مع الأسف الشديد... الاستقطاب الذي تسعى القوى الديمقراطية والليبرالية والقومية العربية والكردستانية العلمانية الى تخفيفه في الدورة الانتخابية الحالية تمهيداً لوضع حد نهائي له في دورات قادمة، ضماناً لتحقيق الهدف الذي نص عليه الدستور، وهو بناء عراق ديموقراطي إتحادي موحد. هذه المهمات تتطلب مساندة القوى الديمقراطية التي تعمل بكل إخلاص في تكوين نواة ديمقراطية في العراق معرضين حياتهم للخطر اليومي المحدق بهم، حيث يواجهون يومياً من قبل الفئات التي تطمح إلى حكم ثيوقراطي استبدادي، محاولين العمل من خلال الكلمة والحوار للتصدي لهذا التيار الجارف و الموجة الأصولية المدعومة من قبل أعوان النظام السابق!
ان مبدأ الديمقراطية هو تخويل السلطة القيام بادارة المجتمع نيابة عن الشعب الذي خولها، واذا افسدت يتم ازالتها بالرضا او بالقوة... اي ان المبادئ الديمقراطية لا تلغي الثورة.. وكما يؤكد كامل الجادرجي احد اعمدة الديمقراطية في العراق " الديمقراطية ترى من حقها بل من واجبها عدم التقيد باساليبها المعتادة حينما ترى في البلاد حكما مطبقاً غاشماً ولا يسمح بحرية الرأي، ولا بحرية النشر ولا بحرية الاجتماع، لا بتأليف الاحزاب. وحينما تستولي على البلاد دكتاتورية غاشمة تخنق انفاس الديمقراطية، ولا تدع لها مجالاً لاي عمل حر. وحينئذ تسلك الديمقراطية طريق الثورة، ولو كانت بقوة السلاح. وهذا حق من حقوق الديمقراطية لا يختلف فيه اثنان ." اما حكومة الوحدة الوطنية فهي تجسيد لأهمية وضرورة دحر قوى الإرهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار وانجاز أهداف العملية السياسية وإنهاء الوجود الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور والمضي في طريق إعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية والموقف الشفاف الشجاع الموحد إزاء الإرهاب ايا كان مصدره .. الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي ... ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية ، ولطوطمها القابع في قم معا ...بما في ذلك ارهاب خفافيش الظلام التي خرجت من الاكواخ وبنت العمارات ولا تتعامل الا بالذهب والدولارات.... ارهاب اولاد صبحة الذين ينهبون العراق واولاد فضيلة الذين ينهبون البصرة ! وارهاب شرور حكام التطرف الديني في ايران ! ... ارهاب الصناعات السياسية الإيرانية لتدمير العراق ... ارهاب مشروعية الاستباحة الايرانية المكثفة والرمزية والسرية للهوية العراقية إلى درجة التدخل في تعيين الموظفين ومراقبة الخصوم السياسيين، والصرف على الأحزاب والجماعات الطائفية... ارهاب السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة ...فإما الطائفية ومعها الدمار الشامل أو الوطنية لتحقيق النجاح الكامل .
الموضوعية تترنح تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية .إن التطرف الديني الذي يفرض قوة إلغائية ترهب الآخر هو خطر داهم يهدد سلامة المجتمعات ولا يمكن معالجته بالقوة العمياء وحدها لانه فكر ولا يقارعه إلا فكر وحجة قوية. لا يحق لأي بشر أن يحتكر الحقيقة ويدعيها، ويعتبر نفسه بسبب موقع ديني أو سياسي وصل إليه إنه يقرر عن الآخرين أسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم. الاستبداد في أبسط تعريفاته هو تفرد بالرأي في شؤون تخص الجماعة وبالتالي فهو احتكار أو اغتصاب لحق الجماعة في إبداء رأيها، وفي النهاية فهو طغيان واعتداء على الآخر. الأمن، الخبز، السلم، الحريات وحقوق الإنسان... أفكار في استحقاقات لا يأتي بها إلا "الديموقراطيون". ان تحذيرنا من عواقب الاستقطاب والتعصب الطائفي المتزايد واستغلاله لاغراض سياسية وحزبية ضيقة، لا يعني تجاهلنا لممارسات النظام الدكتاتوري المقبور من حيث الاضطهاد الشوفيني والتمييز الطائفي بهدف تكريس سلطته باقذر الوسائل وتعمده اثارة الغرائز والمشاعر البدائية. فالتصدي الى الطائفية وأستقطاباتها ينطلق من القناعة باهمية اعلاء شان المواطنة بإعتبارها من أهم ضمانات وحدة وطنية قائمة على اسس العدالة والديمقراطية الحقة. فبدون ذلك لا يمكن السير نحوالبناء واعادة اعمار الوطن واستكمال السيادة بانهاء الوجود العسكري الاجنبي. كل ذلك يتطلب أشاعة روح التسامح والحوار والإصرار على سيادة القانون بعيدا عن نزعات الثأر والإنتقام. فالمطلوب أن يتولى القضاء العادل معاقبة من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين على اختلاف إنتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والقومية والدينية والمذهبية. ومن الضروري اعتماد الكفاءة والنزاهة اساسا في اسناد المسؤوليات واشغال الوظائف العامة. فأي تمييز بين المواطنين على اسس طائفية او سياسية يراكم الحساسيات ويمهد للخصام والعنف، كما تدل تجارب شعوب اخرى.
 


اعتمد الكاتب في دراسته على الانترنيت