| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الثلاثاء 9/11/ 2010

 

اليوم السيرك ومدينة الالعاب والحفلات الموسيقية والغنائية..ماذا يخبئ المستقبل؟!

سلام  كبة

اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك (مونت كارلو) الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي"يقول محمد المطوري مدير الوقف الشيعي في البصرة: (ان الارض التي اقام سيرك مونت كارلو فعالياته عليها هي وقف حسيني،ولا يجوز استخدامها بطريقة مخالفة للشريعة!)"،وقبل ذلك اقفلت مدينة الالعاب بنفس الذريعة!كما جرى احتلال بعض الملاعب الشعبية لكرة القدم!وفي الحلة،الغى مجلس محافظة بابل قبل اسابيع قلائل،الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!

وكان محافظ البصرة شلتاغ مياح قد اصدر تعليماته اواسط 2009،منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!كما تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!هذه العقلية التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!

دكتاتورية صدام حسين شجعت المطربين واغدقت عليهم بالمال والتسهيلات من اجل الغناء العاطفي والسياسي والتجاري،بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.اما دور العرض السينمائي في بغداد فقد اقفلت ابوابها،وتحولت الى ورشات لصناعة الاثاث ومخازن حبوب بعد ان تهالكت وتقادمت!وقد طرد منتسبي دائرة السينما والمسرح في مدينة البصرة قبل اشهر معدودة،وتم حجرهم في غرفتين بائستين،في امعان بسياسة التهميش والمصادرة ومزيد من اشاعة ظلمة التخلف!

هذه التعليمات والقرارت الخطيرة نابعة من بنية القوى والاحزاب السياسية والعصابات – الميليشيات الدينية التي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور،هذه هي طبيعتها بغض النظر عن مدى قوتها.وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديموقراطية في بلادنا وشيوع افكار التوزيع العادل للثروة والروح الجماعية،والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر التقاليد الدينية والطائفية وتاثيرها على الفكر السياسي!قوى،مهما حاولت تمييز نفسها عن النموذج الايراني او السعودي فانها لن تختلف عنهما ابدا،لانها نسخ طبق الاصل لأي منهما،عدا بعض الرتوش.

من اين تأتي الديمقراطية بين احزاب وقوى وعصابات لم تمارسها حتى في حياتها الداخلية؟كيف يجري اطلاق الوعود لبناء الجسور حيث لا توجد انهار؟هل تأتي الديمقراطية من العدم او تهبط من السماء على طريقة مياح والمطوري ام ان هنالك تطور تأريخي اقتصادي واجتماعي لابد ان يأخذ مجراه الطبيعي؟احزابنا وحكامنا،لا تجربة ولا تراكم معرفي ولا اعتراف بالجدل والمعرفة العلمية،انها قبائل وطوائف اكثر منها احزابا،وهم مشايخ اكثر منهم سياسيين وقادة.نعم،تغير السجان ونوع التهديد،لكن السجن باق وما زال السجناء يهربون،فما الفرق بان تقتلك الدكتاتورية ام يقتلك قاطع طريق او ميليشيا تعيش على غياب اي نظام،او تموت اعداما نهشا بكلاب الشارع،وهل تكترث الشاة لشكل السكين اذا حضر الذبح؟!

ان الخلاص الحقيقي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي،ومبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي،ورفض التمييز العنصري والديني والطائفي والفكري وازاء المرأة بمختلف اشكاله ومظاهره،ولا يمكن ان يحصل ذلك الا تحت ادارة واشراف الاحزاب المدنية الديمقراطية ذات الوجهة العلمانية التي تحترم كل الاديان والمذاهب وتسمح لها بممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية وتمنع عنها الاساءة والتمييز!

 

بغداد

9/11/2010

 

free web counter