|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  24 / 5 / 2014                                                       صباح كنجي                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الحرب تبدأ بأغنية وتنتهي بمهزلة !!

صباح كنجي

أتابع كغيري من البطرانين قناة العراقية شبه الرسمية العائدة لشبكة الأخبار حينما أودُ الاطلاع على ما يجري في بلدي من تطورات سياسية وعسكرية لمعرفة مواقف وتحليلات الحكومة واتجاهات الرأي العام ..

لا اخفي عليكم سذاجتي .. أصارحكم القول.. إني ما زلتُ شغوفاً بالوطن المذبوح من الوريد إلى الوريد.. وما زالت فيَّ بقايا أمل من أنّ المستقبل الذي نحلمُ به قد يتحقق .. أو على الأقل سيتحقق جزء منه.. هذا ما دفعني للمساهمة في التصويت والمشاركة في الانتخابات التي جرت قبل أيام، عسى ولعلها تأتي بنتيجة تمكنُ من اختراق كوة اللصوص و الحرامية بعدد مِنْ مَنْ يكافح في قائمة البديل الديمقراطي للتغيير تكون فاتحة أمل تشحذ همم من يسعى لوضع حد للفساد المستشري ومهزلة الانحطاط السياسي المرافق للعهد الديمقراطي بعد أن ولى الدكتاتور وزبانيته..

اشحذ بقايا الأمل.. أسيرُ متفائلاً ابشرُ بمستقبل أفضل تشرق فيه الشمس.. لكني أتوقف .. بالأحرى توقفني قناة العراقية .. توقفني عنوة برامجها.. اجثوا على ركبتي اصطدمُ.. الأصح يصدمني الصوت النابح منها.. اسمع عواء الذئاب تتعاضد وتتجمع لتحاصر فريستها.. يكاد الصوت يخنقني.. شبح الموت يطاردني.. أتساءل... إنْ كان أبا عداي ما زال حياً؟!!.. أو عاد في غفلة مع غفوة مني ليحكم بغداد من جديد وأنا لا أدري..

السم .. الدم .. التابوت.. مفردات ينفثُ بها فاشي إرهابي متخفي في ثنايا أغنية تمجدُ الجيش والعسكر المارق بـ "قوس النصر".. قوس النصر ذاته مُكبراً ليدٍ شاهرة السيف المشكل لقوس علقت في سلاسله خوذ جنود من سبايا الحرب العراقية الإيرانية.. هي يدُ المقبور صدام نفسه.. الصورة ذاتها من عهد الدكتاتور تتكرر .. هو ذات الصوت.. هي تلك الملابس .. ذات الأجساد .. البنادق نفسها .. صوت الرصاص يلعلع .. المشهد ذاته يتكرر.. رئيس الوزراء المالكي .. كأنه شبح صدام يعلن تصفية الحساب بشعار أصبح عنواناً ثابتاً في القناة:..

ـ سنسحق كل من يخالف القانون.. انتبهوا معي لهذه المفردة .. سنسحق.. زعيم دولة القانون سيسحقُ سحقاً من يخالف القانون.. أتساءل مع قناعتي بجهل المالكي بالقانون واللغة العربية.. أن كان هذا التصريح ( تصريح المالكي ذاته) مخالفاً للقانون أم لا؟!.. هل كل من يخالف القانون يُسحق؟.. من قال هذا؟.. في أية مادة للقانون قرأت يا رئيس الوزراء.. من يخالف القانون يسحق.. هل السحق مصطلح ومفهوم قانوني؟.. أم مفردة فتكٍ متوارثة من قحل الصحراء وقسوتها في زمن البداوة وحرب داحس والغبراء على الناقة أو أن شئت الناكه!..

استفيقُ من الصدمة مستعيداً مطلع قصيدة الشاعر البصري.. عمو ناصر الاستفهامية.. التهكمية.. الساخرة.. الناقدة.. قبل سنوات وهو يرصدُ حالات ما بعد السقوط .. (طاح.. لو ما طاح الصنم؟!).. لأتساءل من جديد .. هل ما زال الدكتاتور حياً.. أم انه رحل وولى ؟!..

الأغنية تقول :

احنه السم .. نشرب دم .. و ألما يرضى عنا بتابوت الْبيت أهله ندزه !!!!

وفي مقاطع أخرى ..

كل إرهابي يمر منا أيطيح بنابي واعلچ بي .. الحاقد ساسا أنشيله.. كلمن يجرحنه أنكتله.. الخ

من أيام وقناة العراقية تبثُ في برامجها إن جاز تسميتها أغنية لمحمد عبد الجبار بعنوان.. (موت احمر) تتغنى بالجيش العراقي والفرقة الذهبية تحديداً .. تنقل عبر الصوت والصورة ما سمي بصولاتهم ومطاردتهم للإرهابيين.. القذائف توجه بدقة نحو أهدافها.. الأجساد تتمزق.. تتطاير الأشلاء.. تحترق .. أعمدة الدخان تتصاعد.. الغبار يكسو الجو .. النيران تكبر .. رقعتها تتوسع .. دمارها يشتد.. سعيرها يتمدد .. الأغنية تتكررُ.. تتكرر كأننا نواجه الإرهاب بالأغاني والقصائد.. كأننا لا نملك غير هذا الإستراتيج الثقافي / الفني .. غير هذا الصوت الفج ..غير هذا المغني القاتل الذي يغني للسم والموت والتابوت ويمجدُ القسوة..

يا للهول هل عاد المقبور صدام من رحلة الموت متقمصاً شبح حكام بغداد في العهد الديمقراطي في حربهم مع الدواعش وعصابات القاعدة.. أم انه شبح ابن عمه الكيماوي في صحراء الرمادي متوهماً أنها المحافظة التاسعة عشر؟.. أم.. هو مشعانٌ يرعدُ .. يتوعدُ الكُرد بأنفال جديدة ..

هل تحولت قناة العراقية إلى بوق للإرهاب؟!..

لا تنسوا أن الحرب تبدأ بأغنية.. وتنتهي بمهزلة..

آسف يا وطني أصبح كل ما يترشح منك في هذا الزمن الأغبر مهزلة .. الخوف .. كل الخوف .. قل هو الخوف الأكبر.. أن يصبح الموت الأحمر عنواناً يفتت أشلاءك الممزقة في الزمن القادم.. مع بقاء هذا الرهط من ساسة الدين والدجل والفن الفاشي المبتذل يقررون مصيرك.



23/5/2014

ـ الأغنية من أداء محمد عبد الجبار .. كلمات ضياء الميالي .. تلحين علي بدر.. إخراج رواء جواد

- قوس النصر في بغداد.. نصب من تصميم خالد الرحال وتنفيذ شركتي (موريس سنغر) البريطانية و(متال فروم) الألمانية في زمن الحرب العراقية/ الإيرانية مستوحى من تكبير يد الطاغية الرافعة للسيف تتقابل من الطرفين لتصبح قوساً أصبح رمزاً لهمجية صدام يستعرض قوته وجيشه بالمرور بها.. ما زال باقياً بعد أن رفعت الشبكة التي وضعت فيها خوذ لجنود إيرانيين أصيبوا وقتلوا في الحرب فقط منه.

- رابط الأغنية لمن يرغب في سماعها
http://www.youtube.com/watch?v=stHFXe2jrn0 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter