|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  26 / 10 / 2017                                                       صباح كنجي                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نحو حل انساني لمشكلة الأطفال الابرياء..

صباح كنجي
(موقع الناس)

لا يمكن النظر لنمو المنظمات الدينية المتطرفة.. التي توجت بنشوء واعلان دولة الخلافة الاسلامية ـ داعش في هذا العصر.. بالحدث العابر في سياقات ملتبسة من التاريخ .. كما لا يمكن الاستهانة بمسبباتها ونتائجها المدمرة التي نشأت وما خلفته من مشاكل وعقد يتطلب التوقف عندها والتفكير بإيجاد حلول لها..

وإن كنا ندرك ان التطرف الاسلامي الراهن بواجهاته المختلفة والمتنوعة.. ليس الاّ حلقة من حلقات الظاهرة الدينية المتطرفة تاريخياً .. التي تعكس تفسخ الدين وتحوله من افيون الى افة.. يجري استثمارها والاستفادة منها من قبل مؤسسات رأس المال المنتج للحروب والمستفيد من صفقات بيع السلاح الذي ساهم بدوره في تطوير وتوسيع مظاهر التطرف الراهنة ومدها بأجنحة اقليمية ودولية جعلها ظاهرة تاريخية لا يمكن تجاهل نتائجها وتأثيراتها اللاحقة بحكم ما ستخلفه من دمار وخراب وتأثير في النفوس وتترك بصماتها في اكثر من مجال وتجعلنا نواجه معضلات تفرز مشاكل تتطلب مواجهتها والبحث عن الحلول المناسبة لها ..

منها مشكلة الاطفال الذين خلفهم الدواعش بفعل الممارسات الاجرامية المرافقة للسبي والاغتصاب .. هذه المشكلة التي بدأت معالمها تتضح بوجود اكثر من 800 طفل فرنسي التبعية والجنسية بحكم قدوم الاباء من فرنسنا والحاملين لجنسيتها وهكذا الحال مع الشيشان والروس والالمان وغيرها من البلدان بأعداد مختلفة ..

بالإضافة الى الاعداد الاخرى في العراق وسوريا ممن يعودون بالنسب لأمهات من مختلف التكوينات بمن فيهن المسلمات العربيات والتركمان والشبكيات الذين جرى التعامل معهن بقسوة وخلفن بغير ارادتهن الاطفال من اباء دواعش قتلوا او هربوا او تخلوا عنهن وعن الاطفال.. ناهيك عن حجم المشكلة التي تسببت لغيرهن من الإيزيديات والمسيحيات بالرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة معلنة لحد الآن ..

سأتناول في هذه الاسطر معضلة الاطفال المولودين في ظل دولة الخلافة الاسلامية الاجرامية ـ داعش وما خلفته في المجتمعات غير الاسلامية من مشكلات معقدة تتطلب البحث عن حلول انسانية قبل كل شيء.. كما هو الحال بوجود العديد من الإيزيديات الناجيات من براثن داعش.. النساء والفتيات اللواتي خلفن الابناء والبنات في الأسر الذين تم تحريرهن ومعهن اطفال من اباء دواعش ..
ليس من السهل ان نضع انفسنا في هذا الموضع.. سواء اكنا رجالا أم نساء وفتيات .. لكنه واقع مفروض ونتيجة ينبغي التعامل معها .. وانْ كانت مشكلة المشاكل لا مفر من الهروب منها.. ابعادها وتداعياتها تمسنا جميعاً.. وتتخطى حدود العلاقة البيولوجية والمفاهيم التي ساهمت في انتاجها وقذفها في وجهنا شئنا أمْ ابينا ..

السؤال الملح للجميع كيف نتعامل مع هؤلاء الاطفال؟ .. هل نقبلهم ؟ .. أم نرفضهم ؟.. ماهي حدود الدين و الدولة في التصدي للمشكلة؟ ..

هل يتحمل هؤلاء الاطفال ذنباً فيما جرى؟..

ماهي الحلول الممكنة ؟.. وهل هناك ثمة حلول وسطية يمكنها معالجة الأمر؟..

هل تعجز المؤسسات الدولية والحكومات والاحزاب والمنظمات الانسانية من ايجاد حل لمشكلة الاطفال المولدون في ظل دولة الدواعش ؟!!

ماهي الخطوة أو الخطوات الأولى في هذا المجال.. إذا كنا نريد أن نحتفظ بجوهر انسانيتنا.. كي نجد لهؤلاء حل انساني مقبول اولاً وقبل كل شيء..

حل نابع من علاقة ام بطفلها تتشبث به.. لا ترفضه لانه قطعة منها ولا تريد التخلي عنه .. كما تتشبث بأشقائه وشقيقاته السابقين له .. سواء اقتل اباهم ام مازال عائشاً ويواجه معضلة قبول زوجته وابنائه العائدين من محنة العيش في ظل الدواعش.. يرافقهم رضيع او وليد لم يتجاوز السنتين ليس من السهل عليه تقبله والتعامل معه.. يسرح في دوامة من الحيرة والوجل والقلق الى حد العجز .. لا يستطيع استيعاب وتحمل ما فرض عليه ..

هكذا هو الحال مع الشقيق والاب والام الذين يستقبلون ذويهم ويواجهون نفس الموقف .. لا اضن ان موقف رجال الدين ..المير .. البابا شيخ هو اسهل .. لكن ما العمل؟!! ..

الاطفال لا ذنب لهم.. ولا يفقهون شيئاً عن ملابسات الاديان والصراعات الاجتماعية .. ولا يجوز زجهم في اتون هذه المحنة .. من العدل ان نفكر بهم ونخرجهم من اطار هذه اللعبة الدموية القذرة .. ومن العدل من نستوعبهم ونفكر بمستقبلهم ونبعدهم قبل كل شيء عن ما يلحقهم بداعش ونقطع الخيوط التي تسعى لجعلهم جزء من ديمومة المشكلة وتواصلها ..

الدولة مطلوب منها في مثل هذا الظرف الدقيق ..المعقد.. ان تترك الخيار الانساني للأمهات وذويهم وايقاف العمل في هذه الاوضاع الاستثنائية.. بنص المادة ( 45 ) من قانون رعاية الاحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983 المعدل.. والايعاز الى الجهات الرسمية بعدم تسجيل الاطفال في السجلات الرسمية في خانة الدين الاسلامي .. لان هذا يعقد المشكلة ويحولها لمشكلتين ولا يساعد على تقبل واحتضان الاطفال من قبل غير المسلمين ..

خاصة وان المجتمع الايزيدي قد اثبت بالفعل تقدماً انسانياً وتعاطفاً لا حدود له مع الضحايا من الاطفال والنساء واستوعبهم بوعي قل نظيره في التاريخ .. والخطوة الثانية في هذا المجال تتطلب ليس جرأة فقط بل نبلا انسانياً من الايزيديين كدين متسامح بإيجاد حل لمشكلة هؤلاء الاطفال ولا اظن انهم سيعجزون عن ايجاد حل لهم .. والانظار تتوجه لطيب المقام البابا شيخ والمير وشريحة القوالين وجمهرة المثقفين والسياسيين وبقية الوجهاء لحسم الأمر وقول كلمتهم بهذا الشأن ..

لتسهيل الامر نقترح البحث عن الحلول الممكنة التالية :
اعتبارهم إيزيديين واجراء مراسيم التعميد والقبول لهم.. سيسجل الايزيديون بهذا الاجراء موقفاً انسانياً تاريخياً متقدماً لهم.. في مواجهة التطرف الديني.. ويقطع دابر من يريد ان يلحقهم بنسب اسلامي ويعقد المشكلة ويمنح المسببين لها الذريعة لمواصلة نهج التطرف مستقبلاً ..

التفكير بتكوين مؤسسة لتبني الاطفال الذين يصعب تقبلهم او تتخلى عنهم امهاتهم لشتى الدوافع والمبررات والضغوط ووضعها تحت رعاية المؤهلين القادرين على التعامل مع هذه المشكلة برؤيا علمانية بعيدا عن اطر الدين قدر المستطاع .. ولأجل ضمان نجاح هذه المؤسسة البدء باتصالات مبرمجة و سريعة محلياً ودولياً لدعم المقترح وتوفير مستلزمات ديمومته كمشروع انساني بعيد المدى يضمن رعاية ومستقبل الاطفال الذين يواجهون هذه المشكلة ..

التفكير بحلول اخرى ممكنة من قبيل تدخل طرف ثالث.. سواء اكان مؤسسة دينية مسيحية او منابر مندائية وزردشتية .. او جهة علمانية في نطاق المجتمع الاوربي.. للمساهمة في تبنيهم ورعايتهم بمعايير انسانية تراعي صلة الرحم وتترك لهم خيار الانتماء عند البلوغ .. وهو حل ممكن ومقبول يمكن اللجوء اليه في حالة عجز المجتمع المحلي وبالأخص الايزيديون منهم من ايجاد حل مقبول لهم ..

وللمساهمين في ابداء الرأي والبحث عن حل انساني كل التقدير والاحترام.. مع التنويه الى ان منظمة الدفاع حقوق الانسان في العراق ـ المانيا قد اعلنت استعدادها لرعاية لقاء تحضيري للبحث عن حلول للمشكلة ..

نأمل ممن لديهم الاستعداد للمساهمة الاتصال على العنوان المرفق .. كما نأمل من الذين لديهم معلومات او احصائيات أو اية تفاصيل مهمة عن حجم المشكلة رفدنا بما ممكن منها ليتسنى لنا الاستفادة منها في الخطوات اللاحقة ..

ننتظر مقترحاتكم .. دعمكم .. ساهموا معنا في ايجاد حل لمشكلة هؤلاء الاطفال الابرياء ..

 

23/10/2017

ـ  للاتصال عبر الفيسبوك مباشرة او من خلال العنوان التالي
Kunji57@gmail.com


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter