|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  4  / 12 / 2020                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

طغمة مجلس النواب هي اساس الخراب في العراق

سعد السعيدي
(موقع الناس)

في قانون الاقتراض الاخير قانون تمويل العجز المالي لعام 2020 المنشور على موقع مجلس النواب فرض الاخير فيه على حكومة الكاظمي جملة من البنود اللازمة التطبيق مقابل الاقتراض. تشمل هذه البنود اجراءات تعظيم ايرادات الدولة منها تفعيل تحصيل الضرائب والرسوم وتوحيدها الكترونيا.

لا بد ان اسئلة قد تبادرت الى ذهن الكثيرين من خلال الاطلاع على هذه البنود ربما ليس من دون شيء من سخرية مثل إن كان مجلس النواب جاد فعلا في امر هذه البنود حيث يريد من الحكومة الالتزام بتعظيم الايرادات ؟ فهو من اهمل الامر تماما منذ 17 عاما بحيث ادى بنا وبالبلد الى هذه الاوضاع. وقد تغاضت اللجنة المالية عن ذكر فرض متابعتها للتطبيق الحكومي في القانون كما خلا الاخير من الاجراءات النيابية في حال تقاعس الحكومة. لذلك فبكلام آخر نقول بانه مع سماح مجلس النواب للحكومة بالاقتراض لن يقوم بمتابعة تطبيق اي من البنود الملزمة في القانون. لننظر كيف...

لقد ادرج في القانون بند يلزم الحكومة على اعتماد البصمات البايومترية المتعددة خلال تنفيذ الحركات المالية للمستفيدين من الرواتب والمنح المالية. وهذه الطريقة تهدف كما ذكر في نفس الفقرة الى تدقيق اعداد الموظفين الحقيقية. نقول باننا نشك كثيرا في قيام المالية النيابية بمتابعة تطبيق هذا البند. إذ قد رأى الجميع اشكال الاعتراضات التي ظهرت ضد قرار الحكومة بشأن رواتب رفحا قبل شهور. منها ما خرج من داخل نفس مجلس النواب من زملاء اعضاء اللجنة المالية من بينهم رؤوس في حزب الدعوة. لذلك لسنا متأكدين من قبول زملاء هذه المتضررين من ذلك القرار باجراءات اضافية ضد امتيازاتهم.

كذلك قد ادرج في القانون مطالبة المجلس للحكومة باتمتة النظام الضريبي والكمركي لتوحيد جباية الرسوم للبضائع المستوردة في المنافذ الحدودية. والهدف هو تعظيم الايرادات عن طريق القضاء على الفساد في تحصيل الرسوم. نقول بان المالية النيابية التي دبجت هذا الكلام لن تتابع تنفيذه لان المتضررين منه هم ايضا زملاؤهم في نفس هذا المجلس. وقد رأى الجميع كيف تراجعت الحكومة عن حملة مسك الحدود في تموز الماضي لتعود فيها جرائم التهريب مرة اخرى حيث تحول الامر الى مادة للتندر.

ايضا قد ادرج في القانون وجوب تفعيل جباية اجور الكهرباء الحكومية من ضمن الخدمات الاخرى. هنا ايضا لن تجرى متابعة تطبيق اي من هذا لكون المستفيدين من استمرار ازمة الكهرباء هم مرة اخرى زملاء هذه اللجنة في نفس المجلس. فهؤلاء يملكون مولدات اهلية وشركات خاصة لتحصيل اجور الكهرباء الحكومية بالاتفاق مع الفاسدين من وزراء الكهرباء. فقد اتفق هؤلاء الزملاء فيما بينهم للابقاء على خراب منظومة الكهرباء لإجبار المواطنين الى اللجوء إما الى تلك المولدات الاهلية او الى شركاتهم الخاصة المفروضة عليهم. ثم ليكتمل حصار المواطنين بكلتا الطريقتين لتنزل الارباح بجيوب اعضاء مجلس النواب واصدقائهم. نذكّر بان النواب الصدريين كانوا صامتين تماما خلال التظاهرات القائمة قبل سنوات ضد اسعار شركات الكهرباء الخاصة. وهو ما يشير الى علاقتهم الوطيدة بملف الكهرباء ونتائجها السلبية. ومثل اعضاء مجلس النواب فلدى اعضاء مجالس المحافظات المنحلة وايضا لمسؤولين ووزراء في الدولة شركات وهمية لتحصيل اجور الكهرباء غض هذا المجلس الرقابي عنها النظر. وقد جرى ذكر هذه الامور بضعة مرات في الاعلام المرتزق في السنوات الماضية دون متابعة. بذلك يكون زملاء هؤلاء النواب آخر من له مصلحة في اصلاح منظومة الكهرباء الحكومية.

في ما يتعلق بالنفقات الاستثمارية الحكومية المذكورة في قانون الاقتراض جرى الكشف في الاعلام مؤخرا عن وجود مكاتب اقتصادية في كل الوزارات لزملاء اللجنة المالية من نواب الاحزاب. تؤمن هذه المكاتب للاخيرين حصتهم من نفقات كل مشروع حكومي. بهذا الكشف يكون اي كلام عن رقابة اللجنة المالية على الحكومة مدعاة للسخرية. ومع غموض تفاصيل النفقات الاستثمارية الحكومية ثمة غموض في تفاصيل ما يسمى ببرنامج تنمية الاقاليم. فنتائجها كلها هي الصفر على الارض. وهذا يضاف الى رواتبهم العالية وامتيازاتهم الاخرى التي خصصوها لانفسهم في قانون مجلس النواب قبل سنتين والذي كتبنا عنه ايضا. مصدر اموال الاقتراض الداخلي في القانون هو البنوك الحكومية الممولة من المال العام.

ولن نتكلم عن حيازة زملاء اللجنة المالية وقطعا ايضا اعضاؤها انفسهم على المصارف الخاصة. فقد نشره الاعلام هذا ايضا عدة مرات في السابق. لن يسمح هؤلاء بالقضاء على الفساد في مزاد العملة وتقييده بالضرائب لكونهم بكل بساطة لصوص مال عام. إذ تأتي اموال مصارفهم ومواردها من هذا المزاد. وتستخدم هذه المصارف في غسيل الاموال والتهريب الذي يصاحبه. بهذا لا تكون اللجنة وزملاؤها هؤلاء إلا قاتل اقتصادي.

ولن يختلف الامر بشأن تحصيل ديون شركات الهاتف النقال. إذ لا يوجد في المجلس ولا خارجه من يهتم بتحصيلها على الرغم من كل الادعاءات النيابية حولها. صحيح ان دعوى قضائية قد اقيمت وربحت ضد هذه الشركات العائدة لاحزاب زملاء نواب اللجنة المالية. لكنها لم تقم الا بسبب الضغوط الشعبية التي اججتها انتفاضة تشرين. كذلك فالزمالة النيابية لا تعني توقف الصراع على المال والنفوذ. فهي استمرار لنفس الصراع الذي تفاقم العام 2017 والذي انتهى باستعادة كركوك. لكن مجلس النواب لن يذهب الى تشريع قانون انشاء الشركة الوطنية للنقال حتى لو تظاهر بالزام الحكومة بتقديم قانونها. فقد كان يستطيع المبادرة بنشر مقترحه هو للقانون الذي سيرسله اليها في الاعلام ، لكنه لم يفعل. إذ فضل ترك الامر للحكومة التي هي ايضا آخر من يريد رؤية ظهور هذه الشركة. فلو انشئت فعلا لحرمت زملاء اللجنة وحلفاء الحكومة من مالكي تلك الشركات ذوي الدعم الدولي ، من المردود المالي والنفوذ ولهددت التحالف السياسي القائم معهم ، حتى ولو قضت معها على رافعة الابتزاز هؤلاء.

كان يجب ادراج هذه البنود قبل شهور في قانون الاقتراض الاول او حتى في تشريع نيابي بعده ، لا لاحقا. والمالية النيابية تعرف هذه الامور تمام المعرفة لكنها تتصرف وكأنها غير معنية بالامر. وكان يجب فرض مدد زمنية ملزمة في هذا القانون لرؤية نتائج اجراءات مكافحة الفساد هذه في اقرب وقت كيلا نجد انفسنا في ذات الموقف مرة اخرى مستقبلا. لكن هل يعود الامر الينا في تذكير هذه اللجنة العامرة بالخبراء ذوي الدورات النيابية المتعددة بهذه الامور ؟ لذلك نقول باننا لن نرى من تحقيق بنود القانون شيئا يذكر مع المدد الزمنية الغائبة حيث سيجري دفع الموضوع كله معها الى خانة النسيان.

ان اعضاء مجلس النواب يشكلون طغمة لا مصلحة لها باصلاح البلد رغم ادعاءاتهم. والمجلس غير جاد في امر الإلزامات التي وضعها على الحكومة في القانون وهو الذي لم يتابعها في اي وقت من الاوقات سابقا. فهو يسمح بالاقتراض دون اية جدية في متابعة امر تعويض ما سيتم إثقال الخزينة به من ديون. وهو لا يكون بهذا إلا مجلسا كاذبا مخادعا. بالنتيجة يكون منح المجلس الحكومة حق الاقتراض مع بنود ملزمة لها مخصص في الحقيقة فقط لضرورات الخداع والتضليل. وحيث اننا نرى انه حتى قد قام بتعطيل الوصول الى موقعه على الشبكة لمنع ايا كان من معرفة تفاصيل القوانين الصادرة فيه.

ومع تحويل هذه الطغمة مجلس النواب الى مركز للسلطة والامتيازات لنفسها بدلا من ان يكون سلطة رقابية يكون اي كلام عن الذمة المالية مجرد مزاح واستغفال للآخرين. انهم طبقة طفيلية غير منتجة لا تهمهم إلا مصلحتهم فقط. لذلك يتوجب العمل في الانتخابات القادمة إن جرت على ازاحة هذه الطغمة من مكانها هذا واستبدالها بمن يسهر على خدمة البلد.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter