| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 7 / 5 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
ضرورة اسناد الشعب لممثليه النيابيين لصالح تأمين مصالح البلد
سعد السعيدي
(موقع الناس)مضت على الانتخابات الاخيرة 3 سنوات حيث تشابهت مع كل سابقاتها تقريبا من حيث سوء النتائج مما نراه في تركيبة مجلس النواب، ومعه الفشل في قيامه بعمله. إذ نرى حدوث تعطيل مستمر وتلاعب في جدول اعماله فضلا عن محاولات اخرى يقوم بها البعض لعرقلته. وهو ما يجري كلما يصل الامر لتشريع القوانين الضرورية المنظمة لعمل البلد ولعلاقة الناس بالسلطة وتلك الضامنة للديمقراطية. وهو وضع لا يمكن ان يستمر ويتكرر الى ما لا نهاية في كل دورة نيابية.
ولو اجريت مراجعة لما حصل عليه العراقيون من الانتخابات الاثنتين الاخيرتين اللتين جرتا مع مقاطعة شعبية هائلة، فستكون النتيجة صفرا. فهذا المجلس قد بقي او ابقي بعيدا عن عمله الاساسي الذي هو متابعة اوضاع البلد وايجاد الحلول للازمات التي تعصف به. والوحيدين المنتصرين في كل هذه الاوضاع هم اولئك الذي نظموا انفسهم فجمعوا القوة في المجلس مع قواعد شعبية خارجه ولو مستلبة غير واعية تمثل جزء صغير من الناخبين العراقيين.
إن اساس المشكلة في العراق تتلخص باننا ازاء خصم لا يهمه اقل من الاستحواذ على كل البلد حتى ولو بالتزوير والقتل مع تواطؤ للسلطات. وهذه الممارسات قد حصلت في كل الانتخابات منذ سقوط النظام السابق. مقابل هذا يوجد تشتت لغالبية الناخبين وعدم تنظيمهم مع مرشحين متفق عليهم، ثم لجوء تلك الغالبية الى مقاطعة الانتخابات. لذلك نقول انه لم يجب ترك الميدان الى هذا الخصم المتمثل بزمر ارهابية شبه فاشية والتي لا علاقة لها بالاسلام لتتلاعب ببلدنا.
إن ما يعرفه الجميع هو ان المقاطعة الشعبية الهائلة للانتخابات معناها وجود رفض شعبي عارم لها بسبب انعدام الثقة بها وبمن يديرها مما يجعلها هي ونتائجها غير شرعية. وتكون رسالة للجهة المقابلة التي امست اقلية ممن اصرت على اجراء الانتخابات بان ثمة ضرورة قصوى بوجوب تعديل الاوضاع والمسار. لكن ما لم ينتبه اليه المقاطعون هو ان اللجوء الى هذا السبيل على الرغم من كونه اسلوب ضغط شعبي كان يجب ان يكون من ضمن خطة تؤدي في النهاية الى النتيجة المتفق عليها والمخطط لها مقدما. ويمكن لهذه الاعادة ان تحصل لو كان ثمة بند من ضمن قانون الانتخابات يفيد بوجوب اللجوء اليها إن وصلت نسبة المشاركين فيها الى مستوى واطيء محدد لن يحقق نتيجة يعترف بها، او ان يكون هناك اتفاق بين الجميع على احترام رأي الشعب لدى لجوئه الى مقاطعة الانتخابات او اعلانه عن هذه النية مقدما. ولكي يحصل هذا الاتفاق يجب ان يكون احد طرفي العملية بمستوى من الوعي يعرف من خلاله اهدافه وكيفية تحقيقها، والا يكون هناك في المقابل طرفا من المؤمنين بالاستبداد واكل حقوق الآخرين باية طريقة وفرصة وذلك بمعية اذرع من زمر ارهابية شبه فاشية توالي جهة خارجية متلحفة بالدين لا تعترف بالرأي الآخر ولا تستحي من نفسها.
إن ما حصل بعد اعلان نتائج الانتخابات للمرتين الاخيرتين هو تمسك الاقلية التي اصرت على اجرائها بنتائجها حيث قلبتها لصالحها متحدية رأي الاغلبية المقاطعة وضاربة اياه عرض الحائط. إن تكرار مقاطعة الانتخابات مع نتائج لغير صالح التغيير المنشود يعني اننا ازاء سوء فهم للمقاطعة الانتخابية ناتج عن غياب الثقافة السياسية وانه يتوجب تعلم كيفية استخدام هذه المقاطعة او ايجاد طريقة عمل اخرى.
لذلك فإن ما نرى وجوب حصوله حاليا هو تقارب طرفا المعادلة وهما مقاطعي الانتخابات مع ممثليهم في مجلس النواب. وهؤلاء هم من سيقوم الاولين باصطفائهم بانفسهم حيث نجزم معرفتهم بهم وذلك لاجل تأمين قاعدة شعبية داعمة لهم ليقوموا بعملهم حسب ما سيتفق هذين الطرفين عليه. ولابد ان يكون الاتفاق هو تشريع القوانين التي عليها اجماع شعبي والتي تحقق مصالح البلد ومواطنيه مما يجهد البعض الآخر في المجلس لقطع الطريق امام تشريعها. لذلك فعلى المقاطعين السابقين تجاوز اعتراضاتهم، وعلى الممثلين النيابيين تجاوز مراهقاتهم السياسية للتوصل إلى هذا الاتفاق. فالانتخابات الاخيرة التي اجريت قد صارت من الماضي وها نحن امام نفس الوضع الذي كان قبلها من حيث شلل مجلس النواب.
إن ادارة البلد من الخارج بمعية هذه الاذرع بموجب انتخابات غير شرعية وغير معترف بها هو استبداد وتلاعب انتخابي لا ديمقراطية. فالديمقراطية تعني علوية رأي او صوت كل الشعب وليس اي جزء صغير منه متسلط منبوذ يتحكم بالكل بالقوة الغاشمة والتزوير الانتخابي. وإن كان هذا الشعب غير ممثل في مجلس النواب فسيكون المجلس باكمله غير شرعي. لهذا السبب يكون تقارب طرفا المعادلة وهما مقاطعي الانتخابات مع ممثليهم في مجلس النواب هو طريقة لإكمال شرعية هذا الجزء من المجلس وصولا الى توفير الدعم له. او ان يصار الى طريق آخر وهو سحب الشرعية من المجلس الحالي باكمله بواسطة المحكمة الاتحادية استنادا الى عدم تمثيله لكل الشعب. وهو ما يجب ان يكون هو ايضا جزء من خطة تحدد وجوب ما سيحدث بعده. وفي كل الاحوال نرى ضرورة اجراء نقاش وطني على مستوى البلد حول الانتخابات وكل النقاط التي اوردناها في هذه المقالة وما يجب عمله. إن من الواضح بان تصادف الانتخابات الماضية مع انتشار الوباء التاجي والعزلة الاجتماعية التي فرضها قد عرقل اقامة مثل هذا النقاش الضروري. ويجب الانتباه الى انه بعد ستة اشهر من الآن ستبدأ التحضيرات لاجراء الانتخابات القادمة. ولابد لهذا من اجراء مراجعة لما جرى سابقا وكسر القاعدة التي جرت بها الانتخابات الماضية.
لقد قلنا في مقالة سابقة بان التقاعس هو ما ادى بنا الى النتائج الحالية. وربما هو لاسباب اخرى مما ذكرناه اعلاه. لذلك فلابد من عكس العملية مما نقترحه آنفا. ونترك خيار العمل بهذه الافكار او اية خيارات اخرى بيد اصحاب المصلحة الحقيقيين.
رابط لمزيد من الاطلاع...
من يقف وراء أكبر سرقة مصرفية في تاريخ العراق؟.. 7 فصائل ...