|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  28 / 6 / 2020                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رسالة الى رئيس الوزراء

مسك العصا من الوسط وهمُ ساذج او انتهازية قذرة

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

سيادة الرئيس :

 بعد التحية و الاحترام الوافر

عندما قال ارسطو : خير الامور اوسطها - لم يقصد بها المساواة بين الخطأ و الصواب او بين الصالح و الطالح او بين العفن و العطر و انما اراد بها حل المعضلات باسلوب علمي بعيدا عن العوطف و التاثيرات المتصارعة .

وفي علم الفيزياء فان مسك العصا من وسطها يفقدها قيمتها ويجعل تأثيرها صفرا وتمكن الخصم من مسكها وردها على حاملها و بدون اي جهد.

اضطررت ان اسوق هذا المثل لمن يفكر - من الزعماء السياسيين الحسني النية بحل مشاكل الصراع الطبقي السياسية و الاقتصادية المعقدة بطريقة التراضي و التوبة السلمية .

نعم هناك من يعتبر نفسه داهية يستطيع استغفال المضطهدين و المقهورين لغرض امتصاص الحالة الثورية الرافضة للوضع القائم ومن ثم تصفيتها بعد ذلك . و التي تسمى (بعملية الترويض السياسي) والتي تمارسها القوى الرجعية و الاستبدادية عادة ضد الشعوب عندما تلتف حبال الشعوب الثائرة على اعناق رموز تلك النظم ,وهذه الممارسة لعبة قديمة ومكشوفة و التاريخ يخبرنا بان مصير ابطالها كان مزبلة التاريخ , وانا لا اريد ان اتهمك بهذه الوصفة الان فربما انت من النوع الاول اي الرومانسي و البريئ.

و اسمح لي ان اقول لك انك مهما عملت وخطبت في الفضائيات او كتبت بالصحف لن و لن تكون انظف و انبل و اكثر وطنية و شجاعة من عبد الكريم قاسم ذلك الملاك الطاهر في العفة و النزاهة  ، ولكن خطيئته التي لا تغتفر ابدا و الباقية الى يوم الدين هو انه (مسك العصا من الوسط) وساوى بين مطالب وهموم الجياع و المضطهدبن الذين خرجوا لدعمه بالملايين و بين مصاصي دماءهم من الرجعيين و الطفيليين وعملاء الاستعمار و الاقطاعيين .

وكانت النتيجة ان يضيع هو و يضيع الوطن و الشعب معه و الى هذا اليوم الذي نحن به .

تذكر يا سيدي ان هناك فرق شاسع بين الوسطية و الاعتدال . و بين المكر و الانتهازية .

انا مع الاعتدال و لكن الاعتدال علم اكاديمي راقي في المعالجة ويتم العمل به بعد تشخيص الفشل و تبيان اسبابة . واول خطوة في المعالجة هي قطع دابر مسببات ذلك الفشل و(خلع انياب مسببه) . وذلك باستنهاض قوى الشعب كي يقف خلف قائده و يحمي ظهره .

و ليس المزاوجة بين استمرار عوامل وجوده وافرازاته الخطرة . وبين ادوات علاجه . فهذه لعبة حقيرة مكشوفة وضحك على الذقون ستجعل الجماهير الثائرة تضع من يمارسها في حانة النوع الثاني (الانتهازي) او المشبوه .

ربما اكون مخطاُ في تحليلي وغير موضوعي معك ولكن كيف تفسر لي حادثة مسك تلك العصابة و ما تمتلكة من اسلحة و معمل لصنع الصواريخ و تكرار حالات ضرب مؤسسات الدولة و السفارات الاجنبية ومن ثم تطويق المنطفة الخضراء و القصر الجمهوري ومكتب رئيس الوزراء ومقر الحكومة الرسمي. ثم تطلق سراحهم او بشكل خجول وذليل تودعهم عند من ارسلهم لك (لغرض استكمال التحقيق)

هل اصدق عقلي انك لم تعي خطورة ما قمت به ؟
ام ان هذا هو هدف و ثمن من اعطاك سلٌم الصعود للسلطة و الذي هو تصفية الانتفاضة بعدما ضاقت بهم السبل للخلاص من المصير الاسود المحتوم ؟

اعتقد انك تمتلك معلومات اكثر مني عنهم لكونك كنت على راس جهاز المخابرات العراقية. فهم يسمون انفسهم مجاهدين ضد الامريكان و الغرب الكافر عموما و ضجيجهم يطاول عنان السماء .

اذن دعني اسالك : هل قرأت مذكرات بريمر بقوله : (هم عبارة عن بعض الحثالات التي جمعناها من شوارع دول الجوار و اللجوء و سلمناهم السلطة)

وهل تريد شهادة حية مني على مواقفهم (الوطنية و الجهادية جدا) دعني اذكر لك واحدة من تلك القصص الوطنية التي عندهم وكان ذلك قبل احتلال العراق بأشهر عندما حضرت ندوة اقامها هؤلاء (المجاهدون) وحضرها نائب وزير خارجية تلك الدولة والذي يتكلم العربية وكان موضوعها (قانون تحرير العراق) السيئ الصيت , فانبرى كبيرهم يخاطب ذلك المسؤول قائلا: (تعالوا الى العراق مرحبا بكم نفرش لكم الارض وردا الخ) فما كان من احد العراقيين الحاضرين وهو من التيار اليساري يقف امام ذلك المسؤول و يقول له : (هذا الصوت لا يمثل الشعب العراقي. كلا ثم كلا . لا نريدكم . انتم من دمر العراق و انتم من جاء بصدام . سنقاتلكم بما نملك من اسلحة واذا نضبت سنقاتلكم بالحجارة) فما كان من ذلك المسؤول الا ان يرفع يده بالتحية الى ذلك المناضل.

هؤلاء يا سيدي حثالة المجتمع وخونة الوطن وحتى الطائفة التي يتباهون بتمثيلها ولعل انتفاضة المنطقة الوسطى و الجنوبية خير دليل على ذلك وحاشى ان نطلق عليهم كلمة مجاهدين .

الصراع الدائر الان يا سيدي لا يحتاج الى تفسير ولا الى فلسفة لانه باختصار يجري بين حفنة من الخونة و العملاء و الجهلة و الفاسدين و السراق ,و بين الملايين من شعب العراق الجائع و المنهوبة ثرواته . فهل ما زلت تعتقد ان مسك العصا من الوسط سيقنع اللصوص و الفاسدين بان يكفوا عن السرقة و الفساد و العمالة للاجنبي وهل حدث ذلك يوما بالتاريخ ؟
 

 28/ 6/ 2020
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter