|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  25  / 5 / 2022                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عن زيارة بايدن الى كوريا الجنوبية واليابان
أو : كيفية خلق بؤرة توتر جديدة

تحسين المنذري
(موقع الناس)

خمسة أيام قضاها الرئيس بايدن بين كوريا الجنوبية واليابان في هدف اُعلن قبل بدء الرحلة بأنه ينوي التحريض لمزيد من العقوبات على روسيا، لكنه ما أن حطت طائرته على الاراضي الكورية حتى غمرته مخاوف الحليف الكوري من نشاطات صاروخية تقوم بها كوريا الشمالية بالاضافة الى غضب رئيسها من إنتشار وباء كورونا في بلده، فلم يتوان بايدن عن تأكيد تضامنه المطلق مع الحليف الكوري الجنوبي ضد ما أسماه بالخطر الكوري الشمالي.. إلا إنه لم يترك فرصة إثارة المخاوف من النشاط الصيني وتحركاتها لأجل إعادة تايوان الى الحضيرة الصينية، تلك القضية المتفق عليها بين الصين والولايات المتحدة مسبقا، إلا إن بايدن أشار الى ألا تتم الاعادة عبر عمل عسكري حيث إن دولته ستتدخل عسكريا أيضا إذا ما أقدمت الصين على ضم تايوان بقوة السلاح!! كما لم ينس بايدن أن يؤكد على ضرورة ما أسماه تعزيز العلاقات بين الدول الديمقراطية والمجتمعات التي تحترم حقوق الانسان، في إشارة واضحة الى محاولة عزل الصين عن محيطها الاقليمي أمنيا وإقتصادية على حسب تقييمه بأن الصين ليست ديمقراطية ولا تحترم حقوق الانسان. وهذا ما أكده سفير واشنطن لدى طوكيو حيث أشار الى إن جوله رئيسه تمثل( تحذيرا للصين بأن الوجود الاميركي في المحيط الهادئ قوي)، وذلك أيضا ما أراد بايدن تأكيده بدعوته رؤوساء وزارات منتدى " كواد" للاجتماع في طوكيو، حيث يتكون المنتدى من دول أستراليا والهند واليابان إضافة الى الولايات المتحدة والذي نشأ على إثر التسونامي الذي حدث عام 2004 لمساعدة المتضررين لكنه تطور الى لقاءات رسمية دورية ذات صبغة تعاون أمني دائم، وقد تمكن بايدن هذه المرة من إضافة كوريا الجنوبية الى الاجتماع الذي عقده في طوكيو خلال زيارته هذه والذي خرج عنه بيان يؤكد ـ من بين تأكيداته ـ على ضرورة التصدي للصين في محاولاتها ضم تايوان وأيضا للحد من نشاطاتها البحرية في المحيطين الهندي والهادي، الامنية والاقتصادية المتمثلة بتوسع عمليات صيد الاسماك وهي قضية لا يعتقد اي من المراقبين إنها تستحق تحالفا دوليا ضدها، بل يمكن تجاوزها بمفاوضات وقتية بين الدول المتشاطئة أو توقيع إتفاقات دائمية، لكنها هذه هي سياسة أميركا التي تبتغي خلق بؤر توتر جديدة في العالم لأجل أهداف شتى منها تنشيط إقتصادها الوطني بزيادة مبيعات الاسلحة وبقية إحتياجات الدول المتحاربة.

إلا إن أكثر ما يخيف الولايات المتحدة الاميركية في آسيا هو التطور الهائل للاقتصاد الصيني وتوسع حجم التبادل التجاري بين الصين ودول المحيط الاقليمي الاسيوي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وكل من كوريا الجنوبية واليابان أكثر من (300) مليار دولار سنويا لكل دولة من هاتين الدولتين، كذلك فإن الصين وكوريا الجنوبية إتفقتا على إنشاء منطقة تبادل تجاري حر بين الدولتين، لكن أكثر ما يشكل خطورة على الاقتصاد الاميركي هو إتفاق الصين واليابان على إعتماد العملتين الوطنيتين " اليوان والين" في التبادل التجاري بين البلدين، أي إستبعاد الدولار من تعاملاتهما التجارية، وهذا ما يؤثر سلبا على الاقتصاد الامريكي وقوة عملتها عالميا.

إن أزمة النظام الرأسمالي المستديمة هي التي تدفع أميركا الى إحداث بؤر توتر دائمة لأجل التخفيف من تأثيرات أزمتها الاجتماعية ـ الاقتصادية الدائمة وأيضا لغرض تكريس زعامتها كقطب أوحد عالميا.. إلا إن ما يجدر الاشارة اليه هو وقت زيارة بايدن لآسيا حيث كما يبدو يأس الادارة الاميركية من تحقيق إنتصار مبين على روسيا في حربها الدائرة على الاراضي الاوكرانية، فبعد ثلاثة أشهر من الخسائروالتراجعات الفادحة عسكريا وإقتصاديا وظهور دعوات لوقف الحرب بادرت بها إيطاليا عبر طرحها بشكل رسمي لمشروع من أربع نقاط ووجود أصوات داخل المجتمع السياسي الاميركي يؤيد تلك الدعوات مما دفع بايدن الى محاولة خلق أو في الاقل وضع أسس خلق بؤرة توتر عالمية جديدة.

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter