|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  30  / 5 / 2015                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حينما ينحاز المثقف طائفيا !

تحسين المنذري

في خضم دموية الصراعات الطائفية في الوطن ، كان الامل معقودا على نخبة الثقافة الوطنية كرمز من رموز الوحدة الوطنية ، ومازال في الوقت فسحة كي يلعب المثقفون الدور التأريخي المناط بهم في تنوير الشعب، أو من يسمع منه، بثقافة متجددة تبتعد عن الانحياز الطائفي الاعمى وترسم مساراتٍ أخرى تكشف فيها نوايا الصراع المحتدم ورخص هدر الدماء الزكية على أساس إن الضحايا هم مواطنون يحملون هوية عراقية واحدة وليسوا شهداء طوائف .

يبدو إن إستمرار الصراع الطائفي وإحتدامه جعل البعض من مثقفينا الذين يُعوَّل عليهم لعب الدور التنويري ، قد إنحازوا علنا الى طائفتهم ، وهذا ماظهر بشكل جلي في حادثة إستشهاد المواطن العراقي البطل ( مصطفى) على ايدي ثلة مجرمة في مدينة الفلوجة ، فالبعض إتهم طائفة بأكملها بمسؤوليتها عن إستشهاده ، وآخر صب جام غضبه على سكان مدينة الفلوجة ، وثالث إعتبر إستشهاده النذر الاخير لوحدة الوطن ،وهكذا إنسحب بعض المثقفين الى خانة التخندق الطائفي ، لا أدري مرغمين أو مختارين . إن الشهيد (مصطفى) واحد من مئات بل ألوف فقدوا حياتهم من أجل أن يبقى وطن إسمه العراق وعلى مر الازمنة ، فهو حلقة من سلسلة ذهبية وهبت حياتها كي يعيش غيرها في وطن واحد موحد وفي ظل نظام يكفل الامن والاستقرار لكل أبنائه بدون أي تمييز على اسس غير إنسانية ، وهم بذلك و( الشهيد مصطفى) واحد منهم أرقى وأكبر وأعلى شأنا من كل الاعتبارات الطائفية الضيقة ، ووضع الشهيد (أي شهيد) في خانة الطائفة أو الأثنية أو حتى الدين ، إنما هو تقزيم للشهيد نفسه وللقيم التي ضحى من أجلها .

إن الصراع الدائر الان في العراق هو صراع بين منظومتي قيم ،تتصارعان من أجل إما أن يتمزق الوطن لكي سهل جره الى مواقع التخلف والشعوذة وإلغاء دور العلم والتنوير والثقافة وسيادة قيم الاستبداد والتسلط وإنهاء دور الفرد وحريته الشخصية، أو أن يبقى الوطن موحدا يتمتع أبناؤه بقدر معقول من الكرامة الانسانية والحرية الشخصية تستطيع الاجيال اللاحقة أن تتخذ من العلم سلاحا وثقافة التنوير غذاءا والتطلع لمستقبل أفضل يتساوى فيه مسار الوطن مع بقية دول العالم المتحضر ،إن هذا الصراع بكل تفرعاته الطبقية والسياسية والثقافية والعلمية وغيرها، يحاول البعض إختصاره الى صراع طائفي ، وهنا يبرز دور المثقف التنويري في فضح كل تلك الاساليب بجرأة وبإستنادٍ الى أسس علمية في المحاججة ووضع النقاط على الحروف كي يستطيع المواطن إختيار الطريق الاسلم له ولابنائه ، الوطن هنا لابد أن يكون هو محور الثقافة الاول ووحدته ومستقبله الهم الاكبر للمثقفين العلميين التنويرين كي يبقى للوطن رمز لتوحده .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter