|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  18 / 11 / 2014                             وردا البيلاتي                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

خروج المارد من القمقم

وردا البيلاتي

علي الاديب ، القيادي في حزب الدعوة، يُصرح أن : الديمقراطية هي مجرد "وسيلة توصلنا الى السلطة" .

كانت هذه الحقيقة معروفة منذ تسعينات القرن الماضي، ومتداولة في لقاءات خاصة وعامة للتيارات الإسلامية. وفي احد مؤتمرات المعارضة العراقية لبلورة صياغة عراق ما بعد صدام طُرحت أفكار وتوجهات بعيدة عن واقع المجتمع العراقي المتألف من كيانات كبيرة وصغيرة تستخدم لغات مختلفة، وتنتمي الى مختلف الأديان والطوائف والقوميات،ومن احزاب قومية وعلمانية واسلامية. وكان المؤتمر قد عقد في دولة عربية كان الهدف منه توحيد الكلمة والخروج بميثاق محكم يربط جميع الأطراف ببرنامج وطني عام الهدف المنشود منه هو اسقاط النظام الشمولي الدكتاتوري الذي أذاق الشعب الويلات جراء الحروب الداخلية والخارجية.

جرى في هذا المؤتمر مناقشة مسألة الأتفاق على خطوط عريضة لملامح مستقبل العراق ، وبناء مؤسسات ديمقراطية ونبذ كل اشكال الدكتاتورية، وكانت مصطلحات الديمقراطية والبرلمان تثير حساسية شديدة لدى الأحزاب الأسلامية داخل المؤتمر، فيستعيضون عن مصطلح الديمقراطية بمصطلح آخر هو دولة القانون، والبرلمان ببديل إصطلاحي آخر هو (الأستفتاء)، ولم نكن نعلم ما المقصود بدولة القانون ، هل هي ولاية الفقيه؟ وكذا الحال مع مفردة (الأستفتاء)، وما هو الغرض من الأستفتاء؟ كلنا يعلم أن الأستفتاء في اي دولة يجري على الدساتير، مثلما جرى على الدستور العراقي من قبل الشعب لأقراره، وهو لا يمكن ان يكون بديلاً عن البرلمان.

والشي الغريب فقد تأخر صدور البيان الختامي لاكثر من ساعتين.لأن بعض الأطراف أصرت على تتويجه بالبسملة، وقد عارض ذلك بعض الأحزاب العلمانية لعدم ضرورتها.

وللذكرى شجون، كما يُقال ، فقد علق بريمر بعد اجتماعه مع مجموعة السبعة في 6/ اذار 2003 وهم كل من احمد الجلبي، واياد علاوي، ومسعود البرزاني، وجلال الطالباني، ونصير الجادرجي، وابراهيم الجعفري، والحكيم لعدة ساعات كانت غير مثمرة حول من سيكون الناطق الرسمي باسم المجلس، وقد علق بريمر على ذلك بقوله : "كيف سيكون عليه الأمر عندما يجتمع خمسة وعشرون منهم في غرفة ويُطلب منهم البت في قضايا مهمة"

لقد حاول حزب الدعوة خلال ثماني سنوات من حكمه تطبيق إستراتيجيته عندما خاض الأنتخابات بقائمة تحمل اسم (دولة القانون)، وتم اغراء بعض الأحزاب والشخصيات بالإنضمام إليها في انتخابات 2010 ، ونجحوا فيها الى حدٍ ما. فالمشروع السياسي لدولة القانون ليس بجديد، كما اشرنا اعلاه، وما تمخض عن حكومة المالكي الذي سيطر على وزرات الدفاع والداخلية والأمن القومي والقضاء، والبنك المركزي، وفرض هيمنته على وسائل الأعلام ، وكانت كلها موجهة نحو خلق نظام شمولي دكتاتوري من خلال تسويق مفهوم حكومة الأغلبية عِبر الأنتخابات للوصول إلى السلطة. وكان من نتيجة تداعيات هذه السياسة الإقصائية ردة فعل من قبل الطائفة السنية التي شعرت بتهميشها، وعدم مشاركتها الفعلية في الحكومة، وقد أدى ذلك الى بروز تنظيمات مسلحة متطرفة، ونشوء حواضن لأستقبال عناصر ارهابية من القاعدة، وآخرها داعش، كما جرى التراشق بين المركز والأقليم حول تقدم قوات دجلة نحو اطراف كركوك، وكذلك مشكلة النفط ورواتب الموظفين في الاقليم.

وما نراه اليوم من عملية تهجير للمسيحيين للمرة الأولى في تاريخ العراق القديم والحديث من مدينتهم نينوى بقوة السيف والأرهاب من قبل داعش، وتوسع التهجير ليصل الى سهل نينوى ليشمل الأخوة من الأيزيديين والشبك والشيعة الذين نراهم اليوم نازحين في وطنهم كل ذلك كان نتيجة إتباع سياسات خاطئة وكارثية للحكومة السابقة التي وعدت ناخبيها بالجنة لكن لم يحصلوا منها سوى على الجحيم، وكما يقول المثل: (تمخض الجبل فولد فأرا)



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter