|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  5  / 12 / 2024                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أثر الغوغائية في تقويض المسار..!

يونس عاشور *
(موقع الناس)

لا تُلْقِني في اليمِّ مكتُوفا، إن أنقذتني من عُقدةٍ مركّبةٍ فأنتَ قد صنعتَ معروفا، قد يقودكَ هذا المعروف إلى إيجاد بر أمانكَ المفقود، ولا تصحّرني في صحراءٍ جرداء وتجعل منّي إشارةً وعلامةً ونياشينَ حتّى تُرهِبَ بها أولئكَ الذين لا يسلّمونَ لك أو لا يستمعون إليك..
دعني وشأني .. !
فأنا لستُ المعني بشؤونك وشؤون ما تسطرّه على الأوراق ما دمتُ في إطار قاعدة " لا ضرر ولا ضرار".

كم لي وأنا بينَ متاهاتٍ زمنيــة بل لربما قد تكـون أبديــة إنْ وافقني التعبير حيث لا يُعرف منتهاها بسبب وجود التخبّط الفكري العالق على أعتاب المفاهيم اللاشيئية الفارغة محتوىً ومضموناً بحيث تنساق هذه الاصطوانات المكرورة في أتونِ حلقاتٍ مفرغة ليسَ لها معنى أو محتوى ثقافي أو فكري أو معرفي لا ينسجم مع الأطر والمبادئ والقوانين والأعراف والغايات العليا التي تتســم بإيلاء الإنســان قيمــة مركزيــة وقيمية لموضوعيـة الموضوعات التي تقف مع مبادئ حق الانســان ومكانته المركزية والاجتماعية من حيث أنه إنسان لـه كرامته وسمعته الشخصية والاعتبارية التي تؤطّر المفاهيم وتقنّن القوانين لصالح الانسان لتجعلهُ يحيى بكل معنىً من معاني الإنسانية النبيلة لتحافظ على كيانه واحترام عنوانه الخاص الذي يكفل له العيش الرغيد والهناء السعيد..

مرةً أخرى أغمرني بمفازةٍ من الحياة، فإنك إن فعلتَ ذلك نلتَ السمو الإنساني الصاعد نحو بلورة الذات ومعرفة حقها وكينونتها ومركزيتها وفاعليتها في عملية استقطاب ود الآخرين من البشر عبر إعمالٍ منطق العقل والأخلاق ومن ثمةَ توظيفهما لصالح خدمة الإنسان لتتخطى حدودَ الأنا وتتجاوز كل المديات الذاتية التي عادةً ما تتجه نحو حبَّ السّيطرة والتملك والتفرد بالقرار الذاتي لأنّ ذلك يعني عدم إتاحة فرصةً ما للطرف الآخر للمشاركة والمساهمة في تنفيذ جملةً من القرارات النهائية والمصيرية..!

التصرف اللاسليم (الغوغائي) خلق موجات من العنف تتجلى لنا آثاره حيناً بعد حين خاصة فيما يتعلق بموضوع التفرد وحب الأنا الذي لا يساعد على خلق مساحات من النظم العقلانية السليمة التي من شأنها مساعدة الآخر على المشاركة الفعالة في صنع القرارات وتقديم الاقتراحات الصائبة لتكوين بنى ومؤسسات ثقافية وفكرية تعمل على ازالة الترسبات القديمة التي لا تؤتي ثمارها على المدى الزمني البعيد لتطال مفهوم التغيير الايجابي والعقلاني.

إن العقل الغوغائي هو الذي يُساهم في لخبطةِ الأمور ويجعلها في الشتات التام بحيث لا يتسنّى للإنسان السيرعلى خطوط متوازنة ومستقيمة، فينساق في أتون المتاهات والعود الأبدى الذي ليس له منتهى في خدمة عمليات وسيرورات التأثير البنيوي على تشتيت معالم الذات وجعلها في منأى عن تحقيق هدفها الغائي من العلة الرئيسة لوجودها وأهدافها الانسانية.

المقترح لحل هذه المشكلة هو المحاولة في إيجاد واستبدال هذا المفهوم بمفهوم " الغائية" الذي له غاية أو نهاية وظيفية تقوم بعملية علائقية بين العمل والجوهر فيتحقق من خلال ذلك العلة الكامنة وراء أنواع التغيرات الخاضعة للتأثير الغائي مما ينعكس على سلوك العقل بطريقة واعية وعاقلة وفاعلة في مجال العمل الظاهري والطبيعي والذي محله وجود الأسباب الغائية.

 

* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter