|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  12  / 10 / 2016                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

السلطان العثماني المتعجرف يهين الوالي الصفوي

زكي رضا
(موقع الناس) 

بإسلوب القوي العنجهي والمستهتر في مواجهة الضعيف طلب الرئيس التركي "أوردغان" وعلى خلفية تواجد قواته العسكرية في معسكر بعشيقة وبعد طلب الحكومة العراقية خروج القوات التركية من البلاد. طلب من رئيس الوزراء "حيدر العبادي" بأن "يعرف حدوده". وقد تجاوز "أوردغان" حدود اللياقة الدبلوماسية حينما وجّه كلامه الى العبادي بإستخفاف قائلا "إنه يسيئ إلي، وأقول له أنت لست ندّي ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدّك أولا"، وفق ما نقلته عنه وكالة أنباء الأناضول .

أمران مهمّان غابا عن بال حكومة المحاصصة في الخضراء وهي تريد أن تحرر الأراضي والمدن التي أحتلتها داعش الإرهابية نتيجة فشلها " الحكومة" منذ الإحتلال لليوم بترتيب البيت الداخلي العراقي. هذان الأمران لو عرف الإسلاميون قراءة التاريخ بشكل محايد لعرفوا ما هما، حتّى قبل أن يتطرق اليهما السلطان العثماني في معرض ردّه المتشنج والعصبي والمستهتر على الوالي الصفوي "العبادي". فأوردغان اليوم هو وريث السلطنة العثمانية وقرأ تاريخها جيدا وعرف من أن العراق هو البستان الذي يتقاتل بلده مع جاره الصفوي من أجله منذ قرون، واللذان دخلا بسبب هذه الحديقة في حروب طويلة وقاسية كان وقودها دوما أبناء العراق.

قال أوردغان في إجتماع إسلامي بأسطنبول أمور عدّة حول تواجد قواته في بعشيقة ودورها العسكري وترتيبات ما بعد تحرير الموصل وغيرها، الا ان الأمر الأهم والذي يعود اضافة الى عمق تاريخي وطويل في علاقات العراق بتركيا وقبلها بالدولة العثمانية ودور تركيا اليوم في رسم خارطة المنطقة ، والذي لا تريد سلطات بغداد معرفتها أو أنها تحاول تجاهلها. هو الدور الإيراني بالعراق والذي يتم بموافقة الحكومة العراقية وخصوصا "الشيعة" وتدخلها "ايران" بالشأن العراقي بشكل واضح وعلني، وهذا ما يقلق تركيا وحلفائها الإقليميين وبيادقها في الداخل.

دعونا نعود الى ما قاله السلطان العثماني في كلمته بأسطنبول ونقارنها بتبريرات الشاه الصفوي "خامنئي" حول سبب تدخلهم بالشأن العراقي، ليس لاننا لا نعرفها بل كون العبادي وحكومته وتحالفه الشيعي متعجبين من سلاطة لسان السلطان وعدم أحترامه لحكومة بغداد ممثلة بالسيد رئيس الوزراء ورفضه الأنسحاب من الأراضي العراقية.

أن أحد أهم أسباب تدخل الشاه الصفوي في الشأن السياسي العراقي عن طريق ولاته من التحالف الشيعي وهي عديدة هو، حماية الأراضي الايرانية من هجمات الارهابيين وضربهم في العمق العراقي وسلامة وأمن المسلمين ، والمسلمين هنا هم الشيعة!. ولو راجعنا حديث السلطان لرأيناه لا يخرج قيد أنملة عمّا يقوله الشاه، فالسلطان قال وبالحرف الواحد أن بلاده "ليست لديها مطامع ولو في شبر واحد من أراضي وسيادة غيرها ولا نملك هدفا غير حماية أراضينا وسلامة المسلمين في المنطقة". وترجمة حديث اوردغان هو ضرب الارهابيين حسب وصفه (والإرهابيين هنا هم ليسوا الدواعش الذين أحتلوا أراضينا بمعرفتهم بعد تمويلهم وتدريبهم في معسكرات تركية بل هم مقاتلي حزب العمال الكوردستاني) في العمق العراقي وحماية المسلمين، والمسلمين هنا هم السنّة!. فما الفرق بين تبريرات الطرفين للتدخل بالشأن العراقي!!؟؟

إنّ الطرفان لا يهمّهما رد الفعل العراقي الرسمي كونهم يعرفون جيدا أنهم ليسوا أندادا لا للسلطان في أنقرة ولا للشاه في طهران، بل ويعرفون جيدا أنّ جميع الساسة العراقيين من التحالفين الشيعي والسنّي ومعهم الساسة الكورد ليسوا سوى بيادق شطرنج لا تتحرك الا بأوامر صادرة من العاصمتين، ويعملون على حماية مصالح العاصمتين على الضد من مصلحة "شعبهم ووطنهم"

ليس هناك أدنى شك بعدم لياقة السلطان العثماني من الناحية الدبلوماسية وتجاوزه الفظ على زعيم دولة جارة له، كما وليس هناك أدنى شك بضعف رئيس وزرائنا ومعه كامل الدولة العراقية في مواجهة أي رد فعل إقليمي على المستويين العسكري والسياسي. الا ان الأمر الوحيد الذي يجب على السلطات العراقية القيام به للرد على إستهتار السلطان هو تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي حول إنتهاك البساطيل التركية لحرمة أراضينا وتدنسيها، دون الخوض في مسألة التدخل بالشأن الداخلي لبلادنا لأن تركيا حينها ستتعذر بالتدخل الإيراني بالعراق والذي لا يحتاج الى إثبات أصلا.

نقول الأمر الوحيد لأن الأمر الآخر وهو إعادة ترتيب البيت الداخلي العراقي وإنهاء نظام المحاصصة وبناء دولة المؤسسات والقانون هو خارج قدرات حكومة الخضراء، التي لا تستطيع العيش الا في ظل "نظام سياسي" كما المعمول به اليوم. وهذا يعني أنّ سلسلة إهانات السلطان العلنية والشاه الضمنية لبلدنا وشعبنا ستستمر.

أن السلطان العثماني لا يستطيع أن يتحدث الى الشاه الصفوي بهذه اللغة المتعجرفة ولكنه يستطيع أن يتحدث بها الى والي الشاه وهذا ما فعله أوردغان تحديدا. فهل يعي العبادي وغيره من الإسلاميين ثقل هذه الإهانة ويعيدوا التفكير بمصير "بلدهم وشعبهم" قبل فوات الأوان؟

أنّ ساسة يضعون كامل بيض شعبهم في سلّة أنقرة كونهم سنّة أو في سلّة طهران كونهم شيعة ليسوا سوى عملاء

 

الدنمارك
12/10/2016







 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter