| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 10/7/ 2009



ذكريات الامس تلح على الخاطر

نعيم الزهيري

بالامس عادت بي الذكرى الى تموز /1963 ، بعد فشل انتفاضة الرشيد الباسلة ، او قل، ثورة الجندي العراقي كما اسماها الرفيق المناضل ابو رغيد ، اطال الله بعمره ... فبعد ان اجتزت الامتحان القاسي ، وقد زكيت وبشرف الشيوعي عضويتي امام المحقق الفاشستي في مقر اللجنة العليا التي شكلت لهذا الغرض ، في قصر العبدي ، نقلونا الى السجن العسكري رقم واحد واودعوني مع اخرين من ثوار الانتفاضة في المجموعة الثانية ، في الغرفة رقم (2) كان ذلك في الحادي والثلاثين من تموز ، اي يوم اعدام الكوكبة الاولى من ثوار الانتفاضة .

كانت المجموعة الثانية مثل المجموعتين ، المجموعة الاولى والمجموعة الثالثة ، تتكون من سبع زنزانات وحمام وتواليت ، ولكل زنزانة باب حديدي فيه فتحة صغيرة ولكل غرفة شباك ايضا ً ، ويفصل الزنازين عن الباب الرئيسي ممر بعرض مترين تقريبا ... يدخل الحراس في الصباح الباكر لاخراجنا لقضاء الحاجة تحت السياط والشتائم والكلمات النابية ويأخذ احدنا (تنكة البول) لافراغها في المرافق الصحية وغسلها بالماء واعادتها الى الزنزانة . وتكرر هذه العملية في المساء ايضا .

كان جندي الحراسة المدعو ( علي خليفة ) الذي ينتمي الى عائلة من اقطاعيي البو محمد المعروفة بقسوتها وجرائمها بحق الفلاحين .. كان علي مجرما حقا وهو الذي قتل الجندي المكلف زين الدين سيد امين ، عامل البناء ، من السليمانية ، ضربا بالحذاء على رأسه حتى خرج مخه من اذنيه ومات شهيدا ثم لفوه ببطانية سوداء ، وقد كتب الطبيب العسكري تقريره .. ان سبب الوفاة هي طبيعية ...!؟

في نوبة حراسة المجرم علي وعندما يفتح باب زنزانتنا ، يبدأ بالشتائم والصياح ، ركز عليَّ انا بالذات ( لا اعرف السبب ) ويأمرني ان امدَّ يدي في تنكة البول ، ويقول : نظفها جيدا من اعقاب السكَائر ، نظف التنكة بشكل جيّد ...!! كنت ارفض بشكل قاطع ذلك الامر ؛ نعم احمل التنكة وافرغ محتوياتها ، لكن امد يدي فيها لا يصح ! فكنت اتحمل الضرب المبرح . ولما علم انني صابئي تركزت قسوته اكثر ، هذه المرة يطالبني ان اصير مسلما ً !! انه طلب المستحيل الثاني ، نعم اني من ابوين صابئيين مندائيين وانا صابئي مندائي بالوراثة وهذا قدري ! ، علما انني غير متدين وحتى غير مؤمن لكنني احترم اديان الناس وعقائدهم وهذا ما تربيت عليه . (( انك اخي ان آمنت بالله أم آمنت بالحجري )) .. وكان عندما يتعب من تعذيبي يقسم ان يطوعني على تغيير ديني ، طبعا ً لا يريد النقاش لانه ساذج ولا يفهمه ...

أثارت فيّ َ هذه الذكرى شجون وشجون ، وأنا اتصفح مطبوع شهداء حزبنا فبالامس مناسبة مرور اربعين عاما على استشهاد رفيقنا البطل ستار خضير الحيدر برصاص الفاشست الاوباش ، ولم اتمكن من حضور الحفل الاستذكاري بسبب مرضي وكتبت كلمة رثاء ووجدتها غير صالحة لانها منفعلة جدا فلم ارسلها او انشرها ...
جاء في كلمة اللجنة المركزية في صدر المطبوع : " ومنذ انتقال حزبنا الى معارضة النظام الدكتاتوري في عام 1979 وخوضه الكفاح المسلح ، ضحى المئات من مناضليه بارواحهم - عربا وكردا وتركمانا واشوريين وكلدانا ..." اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي .

يا لخيبة الامل ! هل نسي حزبنا ان في صفوف حركة الانصار شهداء من الصابئة المندائيين ؟ ألم يكن الشهيد ابو فكرت ــ رحيم كوكو صابئي مندائي ، ألم تكن الشهيدة احلام ــ عميدة عذبي صابئية ..وغيرهم ( طبعا نسي الرفيق كاتب كلمة الحزب في المطبوع المذكور ذكر الارمن ايضا ).

دعونا ايها الرفاق نفتح صفحة التعريف كان ابناء الصابئة المندائيين سباقين في الانضمام الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي . وقد قدموا ، مثل غيرهم التضحيات بارواحهم وفناء زهرة شبابهم في المعتقلات والسجون ، لكن الذي يميزهم عن غيرهم ان ما قدموه من تضحية يفوق كل الاعراق والاديان الاخرى بالنسبة لعددهم ؛ بدءا ً من اول شهيد عبد الجبار عسلاوي الزهيري ومرورا بشنور عودة ( قائد المسيرة الكبرى 1000 عامل من عمال النفط في ( كي ثري ) والشهيد ستار خضير الحيدر ...الخ ان ما موثّق لدينا من ضحايا النضال في صفوف حزبنا الشيوعي يبلغ لحد الان ( 82 رفيقة ورفيق ) هذا ما نعرفه .. لنا يا رفاق شرف مواكبة النضال والاستمرار فيه ِ تحت راية حزبنا الشيوعي ، ولكن لنا ان نتساءل :
هل ان عدم ذكر اسمنا جاء سهوا ً أم اهمالا ً طبقا ً لما عوّدتنا عليه الحكومات والدساتير في العراق ، أم ان حزبنا قد وصلته عدوى القومية والطائفية واصيب بهذا الفيروس الكريه !؟ سيما وان الكلمة موقعة باسم اللجنة المركزية ؟
فلو اتت الجملة عامة دون ذكر التسميات من ضحايا النضال في صفوف حزبنا لكانت افضل ، واما ان تأتي بالتفصيلات فينبغي ذكر المكونات ، كما ارى ..

لقد عوّدنا حزبنا الدفاع عن كل مكونات الشعب العراقي ، فهو حزب كل اطياف الشعب العراقي ، فكيف نفسر هذه الهفوة ، وماذا نقول للاخرين ؟


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات