|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  11 / 9 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

حرائق الرماد وشبيبة حتمية التغيير!

آراز عباس

الفن وسيلة للتعبير ومرآة لعكس واقع المجتمع من خلال أعماله المختلفة من فن تشكيلي او مسرحي، أو عبر برامج ومسلسلات تسلط الضوء على المشاكل التي يواجهها المجتمع. واعتبر الفن وسيلة لتعليم الدروس من أخطاء المجتمع، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، لذلك أجد في الفن جسرا واعدا لبناء المستقبل. فللفن دور كبير في ترسيخ الوعي العام والتركيز على هموم الناس وهو برأيي وسيلة متميزة لنشر الوعي الاجتماعي والسياسي، بالرغم من سلبيات المجتمع التي يعكسها الفن، فللفن دور إصلاحي وتغييري ويساهم في إعادة بناء المجتمع، وعكس تلك الإشكالات أمام الناس بشكل مؤثر من أجل الإصلاح والتغيير ونهضة المستقبل الإنسانية وكيف يجب أن تكون عملية التغيير والإصلاح.

تابعت عن طريق الانترنت جميع حلقات مسلسل حرائق الرماد العراقي، والذي عكس لي تفاصيل إضافية للواقع العراقي المزري والمضطرب جداً، وعكس تشابك الإشكاليات والمشاكل الاجتماعية وانعكاسات الواقع السياسي العراقي بشكل عكسي. وهنا لست بصدد تقييم أداء الفنانين الذين شاركوا في المسلسل لأنه ليس من اختصاصي، بقدر ما شاهدته من تفاصيل كمشاهد أتناولها في هذا المقال.

سلط هذا المسلسل الضوء على قضايا المجتمع المرتبطة بحياته الخاصة والعامة، وتناوله لواقع المجتمع من حيث المعيشة وطبيعة العمل. كيفية تعايش أبناء المجتمع العراقي سوية والإشكاليات التي نتجت عن الواقع السياسي الطائفي، التي أدت للأسف لتغير الأخلاق الإنسانية بين العائلة الواحدة بحد ذاتها، وعكس روحية الثأر المتخلفة لدى بعض أفراد المجتمع التي أصبحت أسلوب تعامل يومي مع أبسط الأشياء، وعمق رؤيتي لقضايا المجتمع بتفاصيل جديدة تؤلم في كثير من الأحيان، لكن هناك أيضاً إيجابيات يمكن البناء عليها واتخاذ خطى عملية من أجل عملية التغيير. هناك تراكم أخلاقي حضاري إنساني للجيل الكبير في المسلسل الذي يحاول احتضان الشبيبة، التي بدت غريبة في أفكارها وتصرفاتها، ويحاول إصلاحها من أجل أن تأخذ زمام الأمور في الحاضر والمستقبل، لكن هذا الجيل الكبير يواجه تحديا شرسا من جهات ومنظمات تستخدم وتغري الشباب من أجل أعمال غير إنسانية ويواجه الجيل الكبير عدم قدرة لفهم الواقع الشبابي وكيفية التعامل معه ومواكبة قيم العصر واحتياجات الشبيبة الروحية والمادية والمعنوية.

سأركز في بقية المقال على جانب مماشاهدته في هذا المسلسل، وهو دور الشباب الحالي في المجتمع. بالرغم من دور الجيل الكبير لكن المسلسل عكس أيضاً الدور الديناميكي للشباب داخل المجتمع، وهنا لا أقصد فقط بالإيجاب، لكن أيضاً الدور السلبي. وجدت أن المرأة الشابة بشكل خاص ضحية الأوضاع المزرية، والتي عكستها إحصائيات منشورة سابقة، وهذا تحدي بحد ذاته مستقبلاً. وبسبب عدم وجود آلية للدولة في استيعاب الشبيبة المتخرجة وإيجاد فرص عمل للعاطلين، يستقطب الكثير من هؤلاء الشبيبة للجريمة المنظمة ولأعمال ووظائف غير أخلاقية وغير مشروعة وغير وطنية من أجل المادة و من أجل المعيشة، بالتالي يتورطون بدماء أهلهم ويصبحون عالة على المجتمع يصعب احتضانها. لذلك نجد هناك ارتباطا مباشرا بين الظروف الاقتصادية المعيشية وسلوك وأخلاق البشر. أما الجانب التنموي من قبل الدولة، فالحكومة الحالية كسابق الحكومات السابقة تهمله بسبب أولوياتهم في اقتسام الغنائم والمحاصصة الطائفية العنصرية في العملية السياسية والتي وجدت طريقها الى النسيج العراقي الاجتماعي. بالإضافة الى أن القوى الحاكمة الحالية ليس لديها مؤهلات في إدارة الدولة وشؤون المواطنين.

لكن بالرغم من التفاصيل المؤلمة في هذا المسلسل هناك جانب إيجابي، هناك عزم على إنهاء الحالة الحالية وهناك وعي بدأ ينمو عند شريحة الشبيبة لتحدي الظلم الموجود الذي مارسه أزلام الحكم والمحاصصة الطائفية في محاولة استغباء الشعب، لكن الشعب فيه غريزة إنسانية، وهي النضال من أجل الأفضل وشق طريق التغيير من أجل البقاء ومواجهة الظلم وتحسين الأوضاع.

لدى الشبيبة العراقية قدرة يمكن الاعتماد عليها وبدأ وعيها ينمو بعد صقل أفكارهم من خلال خوضها للصراع الفكري في ساحات الاحتجاجات والتظاهر من أجل حياة حرة كريمة ومستقبل أفضل. الشبيبة العراقية هي العنصر الديناميكي الذي يمكن الاعتماد عليه في التغيير وإنهاء المحاصصة الطائفية والفساد، إنها جسر مستقبل واعد إذا أحسنا توحيد صفوفها، لأنها تمتلك طاقات لا يمتلكها سياسيو الصدفة وصقور الإسلام السياسي الطائفي الذين توجوا ويلات صدام حسين المقبور بويلات الطائفية والفساد الإداري والاحتراب الطائفي.

التعامل مع الشبيبة لا يجب أن يكون على أساس الأبوية بقدر ما يكون على أساس التفاعل الإيجابي مع الأفكار والآليات الجديدة للمضي لبناء مستقبل يتفاعل معه جميع بنات وأبناء من كل الفئات العمرية في المجتمع لترسيخ قيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، بالرغم من صعوبة الواقع وتحدياته. شبيبة العراق سوف ترسخ حتمية التغيير في نفوس العراقيين وسوف تستقطب المجتمع العراقي للمشاركة في سفر عملية التغيير، تغيير الواقع العراقي الى واقع المواطنة والمساواة والحرية والتضامن الإنساني.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter