| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الثلاثاء 12/6/ 2007

 

أرشيف المقالات

 


محنتنا ..و موقف المثقفين والاعلاميين العرب منها
 

عزيز عبد الحسين راضي

سواء أقر المثقفون والاعلاميين العرب بتقصيرهم او لم يفعلوا ، ازاء محنة شعب عانى عقودا طويلة من طغمة حاكمة أذاقته شتى انواع العذاب طوال فترة تسلطها حتى سقوطها ،امام صمت الاغلبية ومداهنة وتملق الاقلية منهم مقابل كوبونات النفط وسيولة الدولار ،كيف يستدرج ضمير المثقفين والكتاب العرب ليصورا طبيعة المأزق العراقي الحالي ولاسيما الادباء منهم ،حيث الفنتازيا ووحدة الدراما وتلوينات الخيال والمتناقضات التي تخيلوها في كتاباتهم ،تجد من يصافحها في ارض الواقع العراقي الراهن فما هو ضرب من الادب لدى البعض ،حياة معاشة لدى الاخرين  .
واذا كان الخطاب العربي حزين النزعة ، في الاعوام السابقة لقضية العراق ، ظل يطوف حول القضية الفلسطينية ، فانه اليوم يتجه حثيثا الى العراق ..انعاشا لدماء الحزن وأصداء دوي الحرب في العراق يسمعها جل مثقفي العالم و مواقفهم منها صريحة ومكشوفة للجميع . غير أن الكلمة تعجز عن وصف المواقف المتباينة للكثير من نظرائهم العرب باختلاف مشاربهم المعرفية، بحيث فتحوا بمقاييسهم الغريبة ،جبهة اخرى ليست أقل هوادة عما يجري على ارض المعركة .واذا صح أن أهل مكة، فيما مضى ، كانوا أدرى بشعأبها، فان شعاب العراق اليوم يغلفها غمام أسود و عتمة تحجب رؤية الآهل وتزداد كثافة يوما عن أخر .ولكن ، من أين لنا بحرب بلا غبار ووطيس .فوق ذلك ، فان السامع لما يقوله الكثير من المثقفين العرب ،توافقا مع حالة تفتقر الى الارتكاز المعرفي الذي يفترض أن تتمتع به النخب المثقفة ،تزداد عليه قتامة المشهد ويخرج من جولاتهم بمواويل وجدانية كان في غنى عن سماعها . وهناك اخرين ،وهم الوجه الثاني لحالة الخلل ،ممن أمنوا للصمت حيال مأساة أنطقت الحجر .
ولآبد أن الآغلبية منهم تشعر بفداحة ما يحدث وتشارك في المأتم الكبير بدرجات متفاوته في الاخلاص ، ولكن ماذا يعني عندما يرتفع صوت أحدهم ليعلو على الآخر أو ليجهز عليه حتى لا يبقى من الكلام سوى وتر الصراخ ،كل ذلك ليثبت أنه الآجدر بالآلم ،حتى لو سمعته ثكلى عراقية ،ستشك في انها أوفت فقيدها حقه من الحزن كما يفعل هذا الرجل ؟.
ماذا عندما تكال التهم بمرجعية مذهبية او طائفية او حزبية وأن تفتح ملفات قديمة للتباهي ببطولات غابرة اجترحها هذا الحزب دون سواه ، من يفيد من ذلك مادام الخراب ماثلا على مرمى البصر ؟.
كيف يمكن الحديث عن سمعة حزب أو الاستحلاب من عاطفة مذهبية أمام هذا الموت ؟ وهل يبقى البعض ظاهرة صوتية يغار على ألفاظه حيال بلد ينهار ؟
شيخ عراقي وقف يتحدث أمام كاميرا التلفزيون . مكان احدى عينيه فغر خرم عميق وقد نبتت لحيته ابر بيضاء صغيرة .في البداية تحدث بهدوء واصفا الدمار حوله ، غير أن وجهه سرعان ما تغضن وأخذ صوته يرتعش :" لقد أحرقوا البيوت . قتلوا الاولاد .ستذهب الارض .كفوا عن الكلام ، انهم يقتلونا، و أنتم تقتلونا أيضا " ...فمن كان يقصد بأنتم ؟؟.

موسكو
10-6-2007