| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                       السبت 12/3/ 2011

 

أوراق من ذاكرة أنتفاضة عينكاوا قبل عشرين عاماً !

كفاح بيتون (ابو جيفارا)

في  يوم الاحد ، العاشر من اذار 1991 ، وبعد المغيب تم اعلان منع  التجوال على اهالي عنكاوا،  من قبل ازلام السلطة البعثية ،عبر مكبرات الصوت المحمولة على سيارات المنظمة الحزبية في عنكاوا . بدأوا بالتجوال بين الازقة لبث الرعب في نفوس الاهالي ، مهددين باطلاق الرصاص على كل من يتجاوز قرار منع التجول  ، ولكن التهديدات لم تثني من عزيمتي في التسلل من خلف منزلي الذي يقع بمحاذاة مطارعنكاوا وبعيداً عن اعين الجلاوزة
الى موقع تجمع  الانصار الذين كانوا على موعد ومعرفة مسبقة بالانتفاضة ؟ مكان التجمع كان في محلة (دنكة العم بله) .

كان بحوزة الانصار (مقاتلي الحزب الشيوعي العراقي) بعض الاسلحة الخفيفة التي حصلوا عليها من بعض المقربين في الجيش اللاشعبي ؟ ولم تكن الاسلحه منتشرة حين ذاك .
بعد حلول الظلام بدأ فلول البعث بالتسرب والهروب خارج المدينة ، بسياراتهم واحداً تلو الاخر، في هذه الاثناء كان صوت المدفعية يدوي، وكان القصف مكثفاً حتى الفجر  باتجاه البشمركه القادمين الى اربيل من جهة شقلاوه ،
وفي صبيحة اليوم التالي كان يوماً مشهوداً، على المنظمة الحزبية البعثفاشية ، لقد اصيبوا بالهلع عندما سمعوا اصوات المنتفضين تقترب ، فترك غالبية ازلام النظام مقراتهم  واوكارهم وفروا كالجرذان هاربين ليختبئوا مثل سيدهم ، خوفاً من قصاص الشعب الذي حاصرهم بعد ان أنسحب الجيش عنهم بسبب الانهيار الذي اصيب به! بعد ساعة من المقاومة من قبل بعض المختبئين في بناية المنظمة الحزبية ، أستسلم الجميع رفعوا ملابسهم الداخلية البيضاء ! وألقوا بسلاحهم ، عدا جرذ واحد يدعى "عباس نون" الذي اعد مذبحة لأهلنا ؟ دفاعاً عن سيده الطاغية ،وهو المعروف بعدائه للغالبية الساحقة لأهالي عنكاوا . لكونهم من أشد معادي حزبه ودكتاتورية سيده الطاغية . 
لقد قام هذا المجرم باعدام بعض اعضاء منظمته رميا بالرصاص بعد ان رفظوا مقاومة المنتفضين !

كنت مندفعاً بمسدسي القديم ذو الرصاصات المحلية الصنع (أشداده) امام صيحات البشمركه الذين وصلوا ومعهم الأنصار ، وبدأ التراشق ، سيل ناري يخرج من احد الاسلحة الرشاش ، دوشكه ، كأنها الهلاهل تبشر بفجر جديد ؟ ومن مناورات مبنى المنظمة الحزبية المحصنة برجال الزيتوني . وخيط رفيع من دخان و ضياء ينير عينكاوا من نيران اسلحة الشباب المنتفضين الذين انتشروا باتجاهات شتى لملاحقه جلاوزة الامن ، الذين حاولوا الهرب من خلال الشوارع الخلفية المحيطة بالمنظمة ، والمقاومة لا زالت مستمرة ، وفي الوقت نفسه كانت  طائرة عمودية تحلق فوق مبنى المنظمة بارتفاع عالي . اصيب احد البشمركه بقدمه نتيجة طلقة من مبنى المنظمة ، حاولت مساعدته لكنه رفض وقال ان اصابته خفيفة ؟ وسطحية رغم نزف دمائه الكثيف .  

كان الى جانبي في هذه الاثناء احد البشمركه وعلى كتفه سلاح "ار بي جي" مع قذيفتين ؟ قلت له : " كاكا قذيفتان لا تكفي؟ " فأردف قائلاً : لا تهتم سأعالج الموقف ، فصوب قاذفته باتجاه المروحية واجبرها على الفرار بالرغم من انفجار القذيفة على بعد منها. بعدها بدأ يركض باتجاه حائط المنظمة الحزبية بكل قامته ، فتبعته وانا اصرخ ، احذر، احذر ، لان وابل من الرصاص العشوائي  كان يندفع  ويتطاير فوق روؤسنا من رشاش ثاني من مبنى المنظمة الحزبية . وفي برهة خاطفة ، صوب قذيفتة الثانية والاخيرة باتجاه الرشاش واسكته في الحال وسكت معه ،الجلواز (عباس نون).

بعدها تم الأستيلاء على دائرة الامن والمنظمة الحزبية ومركز الشرطة ، وقبل حلول الساعة الحادية عشر من صباح ذلك اليوم ، كنت قد حصلت على مسدس حديث الصنع واحسن انواع الكلاشنكوف من مشجب المنظمة الحزبية . ففي ساعات محدوده كانت (عنكاوا) قد تحررت من براثن البعث الفاشي . فكان هذا اليوم تاريخ من سفر نضال شبيبة ونساء ورجال عينكاوا ، من اذار 1991 . كان يوماً تاريخياً . اجمل حرية ، وهواءً نقياً ، بعيداً عن حقد الطاغية الدكتاتور وأزلامه الأوباش! لأهلنا في عنكاوا البطلة .

وتم فتح مقر للانصار الشيوعيين في موقع مركز شباب عنكاوا رغم افتقارنا الى القياديين لتوجيه الشبيبة المتحمسة.
ولكن لم نكتفي بالتوقف في عنكاوا، فشكلنا مفرزة من الانصار وتوجهنا الى كركوك التي لم تتحرر بعض من مناطقها والمعارك طاحنة ومتواصلة بين (مجاهدي خلق والحرس الجمهوري) من جهة ، وقوات البشمركه من جهة ثانية . وبالتحديد في معسكر خالد السيء الصيت ! الذي سقط فيه عشرات الشهداء ومئات الجرحى من الشيوعيين والاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني ووطنيين اكراد مستقلين . كان احد المشرفين على هذه المعركة آنذاك "كوسرت رسول" وكان يتخذ من بناية محافظة كركوك مقرا له قيادياً ولوجستياً .  لتوزيع  العتاد وبعض الأغذية ؟ على المقاتلين الذين يدخلون ساحة المعركة ، هنا لا اريد ان اخوض في الستراتيجية والتكتيكات التي اتخذت !؟
  لقد توّج ثوار انتفاضة اذار 1991 مأثرهم بالأستبسال وبأستشادهم البطولي من اجل تحرير العراق من النظام الشمولي الدكتاتوري .
أحد شهداء انتفاضة عنكاوا ومن ابطالها الاماجد كان (الشهيد الشيوعي البطل ملازم كرزان - ديدار بيا صليوه) الذي اصبح المسوؤل الاول لشباب انتفاضة عنكاوه بعد اصابة مسؤولها البطل (فاروق) بجروح اثناء المداهمة البطولية ، لقد لعب الملازم "كارزان" دوراً بارزاً في تحرير عنكاوا ، كان متوقد الحماس دائماً ، وجريئاً جداً ، عرفته عندما التحقت بصفوف انصار الحزب الشيوعي في نهاية عام 1981 ، لقد خبرته وتعرفت على شجاعته ، حينما كان المسؤول العسكري ، لمفرزتنا في قاطع (خوشناوتي) و(دشت حرير) ، حقاً كان بطلاً شيوعياً بكل معنى الكلمة ، لقد كان محل اعجاب جميع رفاقه .

اغتيل الرفيق كارزان في يوم 22/12/1991 بأيدي مجرمة في عنكاوا ،انتقاماً لدوره البطولي ومشاركته الشجاعة في انتفاضة عنكاوا .

لك ولكل شهداء الوطن والناس ، المجد ايها الشهيد ابن الشهيد البطل .

الخزي والعار للمجرمين القتلة


ملبورن / استراليا /11/3/2011
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات