| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الأحد 13/8/ 2006

 

أرشيف المقالات

 

رسالة إلى ضمير المحترم

 

ئاشتي طالباني

هي ليست رسالة تقليدية كباقي الرسائل، لكنها تتحدث عن مدينة تخيلتها قبل أن أصل إليها بعد فراق سنين ولسان حالي. يقول كما قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في قصيدته (العودة من المنفى) :

لما تحررت المدينة عدت من منفاي
أبحث في وجوه الناس عن صحبي
فلم اعثر على احد
وأدركني الكلال
فسألت عن أهلي، وعن دار لنا
فاستغرب الناس السؤال
وسألت عن شجر قديم
كان يكتنف الطريق إلى التلال
فاستغرب الناس السؤال
وبحثت عن نهر المدينة دون جدوى
وانتبهت إلى رماد نازل
من جمرة الشمس التي كانت تميل إلى الزوال
وفزعت حين رأيت أهل مدينتي
يتحدثون بلكنة عجماء متجهين نحوي
فابتعدت
وهم أمامي يتبعون تراجعي بخطى ثقال
حتى خرجت من المدينة مثقلا بحقائبي
وانهرت مثل عمود ملح
في الرمال

هكذا وجدت مدينتي التي يطبقون فيها المثل التالي(القانون لا يحمي الضعفاء) أي إن القانون لا يحمي الشعب من الأقوياء والسماسرة واللصوص والمستغلين الذين أصبحوا ويا للأسف هم الأغلبية.
فعبارات مثل ( الحمد لله جاء الماء ، أو إنشاء الله ستأتي الكهرباء ، أو الله كريم يمكن سنحصل على كم لتر بنزين) مع حمد الله وشكره على نعماته بعد أن يحصلوا على ما تمنوه اثر تعرضهم لمشقه وانتظار طويلين .هذه العبارات هي العبارات السائدة دائما والتي أول ما يسمعها الغريب القادم لمدينتي التي حلمت بها كثيرا !!!
كذالك فالمواطن المسكين يشعر بالمساواة ويحمد الله على عدالته لأنه يتساوى في شراء كافة ما يحتاجه من السوق من مواد غذائية ومعاشيه وحياتية هو المسكين الذي يقبض مرتبا شهريا بين 100 – 120 دولار وبين المواطن الأخر الذي يقبض شهريا ألاف الدولارات.
ومن الأمور المضحكة والمحزنة في نفس الوقت جدا إن شرطي المرور يسارع بإيقاف سائق التاكسي الذي يشقي للحصول على ما يسد رمقه ورمق عياله بعد ساعات من الانتظار للحصول على البنزين ، كون الشرطي يسير بسرعة  10- 20 كم وفي سوق مزدحم ، بينما يغض الطرف مع اخذ تحية لسواق الشبح الذين يسوقون بسرعة جنونية ،ولا يبالون بدهس حتى من ( يعرقل سرعتهم الفائقة ) تجنبا للمشاكل التي تأتي من ورائهم في حالة اعتراضه عليهم ، فهناك حالة شاذة جديدة هي وجود مواطن درجة أولا ومواطن درجة ثانية في كل شي .
وهناك فروق بين المواطنين حتى في مناطق سكناهم ومطاعمهم وأسواقهم وفي قاعات الاحتفالات ، وحتى في صالونات الحلاقة واخيرا في الزيارات والمناسبات ، والأخطر من ذالك في قضية الثواب والعقاب .
أما في توزيع الوظائف والدراسات والبعثات فتلك هي المأساة ولا يبقى لديك سوى أن تردد (الله يرحم أيام زمان ) لأنك لا تسأل عن مؤهلاتك ، أو أي من شهاداتك ،أو قبلياتك بل عن الواسطة والمعارف ، وما أدراك من المسئول عن تلك الخروق؟؟؟ ناهيك عن طريقة تقسيم الأراضي والتركات التابعة للمدينة فقد أصبح لكل من الأقوياء لون خاص به يميزه عن الأخر لكي لا تقع المشاكل بينهم في تقسيم الأراضي والعقارات ، لذالك أصيبوا جميعا بمرض عمى الألوان .
ونسمع أنهم يبنون الشقق والبيوت باسم الشهداء وضحيا الأنفال ، لكنها في الأخير تباع في سوق السمسرة وبأسعار خيالية لا يستطيع أي ممن ابتنيت تلك الشقق والبيوت باسمه أن يقتنيها ، وأصبح السائد حقا هو ( قانون الغاب ) فقد أصبح التجارة  حتى بأسماء الشهداء ......
كتبت هذه الرسالة ( الفاجعة ) عن لساني باسم كل مواطن بسيط وفقير ، ومظلوم ، ومغلوب على أمرة ، وهي ليست كل شي بل جزء صغير من المعاناة ، متمنية على من يهمه الأمر أن يتحرك اتجاه شعبة ، خاصة وأن شعبا أحنى له ظهره لكي يصل من يجلس ألان على الكراسي لمواقعهم ومناصبهم التي يتبوؤها ، ولا يسعني إلا أن أقول ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) .


فيينا - النمسا