| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                    الأثنين 15/4/ 2013

 

عذرا للعنوان.. من الطهارة .. الى المنارة....

عامل الخوري
alkhouri@tmn.nu

هكذا وصف من كان صاحبنا ذات يوم , الفرق بين واقع ما عشناه قبل مجيئنا للمملكة السويدية وبعد أستقرارنا هنا وأصبحنا بأسم حرية الانسان مواطنين نحمل الجنسية السويدية...وردد الكثير منا هذه ( الجلجلوتيه!!) لفترة ومنهم من يكررها حتى يومنا هذا.

ذهذه الفكرة جاءت بعد أن تذوقنا معنى حرية الحركة والرأي والملبس والمشرب, لا سلطة تراقب ولا جار معني بما تلبس أو تشرب ولا مرجعية دينية تمتلك سلطة السيًاف على الرقبة ولا دكتاتورية تفرض عليك أنتماء أو أيديولوجية تقف أصلا ضدها.. ناهيك عن نظام التضامن الاجتماعي المتمثل بالمساعدة النقدية الشهرية التي يكفلها القانون لحين أكمالك تعلم اللغة وثم أيجاد العمل الذي يناسبك جسديا ومؤهلك العلمي ..الخ. الاكل والشرب والراحة والايجار مدفوع ما دمت ملتزم بأرشادات دائرة البلدية التي تقيم فيها.. الكثير من (النحن) أسترخى لهذا الوضع ومدد ساقيه وما زال كذلك حتى بعد مدة طالت ووصلت للبعض أكثر من عشرين عاما مستغلا حجج العطالة عن العمل وهي في أزدياد مستمر , أو التحجج بالمرض والتقاتل للحصول على تقارير مرضية تؤكد العجز عن العمل حتى يصل العجز الى حقيقة تامة لا تقتنع بها الجهات المختصة بل صاحب الشأن ذاته.. ويستشعر هذا المرء بأنه يعيش هناك في الاعالي في قمة المنارة وهناك في الاسفل , في الطهارة, يقبع الوطن وحاله...

الشأن الآخر الذي أود الحديث عنه ويصب في جانب آخر غير جانب العمل والمساعدة الاجتماعية , ولكن تقريبا في نفس مصب المنارة والطهارة .. هو الجنًة الرأسمالية؟؟؟؟ التي نعيشها وكيف كنا (ذات يوم) نريد القضاء عليها!!أليس الواقع الرأسمالي الذي نعيشه يشير الى الجنان... رواتب جيدة, أما اذا كنت تعيش مع (الآخر) زوج أو زوجة فهذا النعيم أكبر.. تشتري ما تريد وما تشتهي .. تمتلك بيتا دائميا أو بيتا صيفيا أو كلاهما... تقضي عطلك (قد يكون أكثر من مرة في السنة) في سفرات سياحية في بقاع العالم ربما لم يحلم الكثير منًا بزيارتها.. واحيانا تبذخ في الصرف .. والعديد والعديد من وسائل الراحة المتوفرة ناهيك عن الامان شبه المطلق.. ولكن السؤال هل العالم الرأسمالي هو الجنة حقا وقد كنًا مخطئين في النظرة والنضال ضده خلال أجمل سنوات عمرنا ؟؟؟

أنا أنقل تجربتي (ولم تكن متواضعة أبدا) كأحد العمال الفنيين وقد حصلت على التأهيل المهني الفني في السويد وكان عمري أكثر من أربعين عاما.. لحاجة سوق العمل آنذاك ليد فنية عاملة ولكي أخرج من نظام المساعدة الاجتماعية وليس من اجل سواد العين كما يقال رغم أن النتيجة تصب في هذا الجانب الراقي من معنى الانسانية... العمل... أقول أول ما تعلمته بشكل ملموس وليس نظري كالسابق.. أنني كعامل أعامل كبضاعة وليس كبشر في سوق العمل.. قال لي أول معلم مهني ألتقيته .. اذا كنت تريد الحصول على عمل عليك أن تبيع نفسك؟؟ يا للهول ماذا تقول ؟؟؟ نعم قال لي ذاك المعلم.. اذا كان رب العمل لا يرى فيك بضاعة جيدة يربح منها فلن يشتريها أي لن أحصل على عمل.. أنت في السوق للتبضع تريد أفضل بضاعة بأرخص الاسعار وهذا ما يريده أرباب العمل في البحث عن اليد العاملة.. جيدة وسعرها يحدده العرض والطلب .. كلما كانت مؤشرات العطالة عن العمل عالية كلما كان الحصول عليها أسهل وأرخص.. لذا عليك أن تقاتل لتثبت أنك الافضل وتقنعه (بشرائك!!!) .

مررت في حياة العمل هنا مرتين كعاطل عن العمل والسبب في كلا الحالتين هو نقل الانتاج الى دول أخرى لرخص اليد العاملة هناك.. ثم أعود وأحصل على عمل بعد أن تحرق الاعصاب وتداس المبادئ التي آمنت بها... فأنا هنا غريب وعليً’ اولا وأخيرا أن أحصل على عمل لأدبّر شؤون عائلتي .. ومن أجل الالتفاف على النقابات وأنجازاتها أقر قانونا منذ عدة سنوات وهو قانون أنشاء مكاتب (تأجير!!) العمال للمؤسسات التي تحتاج يد عاملة مؤقتة.. فصلية على سبيل المثال أو عامل بديل لمريض أو مجاز أو غير ذالك.. وهذا يعني من عمل قد يكون ليوم واحد او يمتد لسنوات !!! ولكنه ليس عملا ثابتا وبأمكان رب العمل الاستغناء عنك في أية لحظة وبدون انذار.. ويستغل العديد من أصحاب المعامل هذه (الثغرة؟؟) القانونية ويلجأون لتأجير العمالة بدلا من تعيينها للتهرب من الالتزام بقوانين العمل وحرية الفصل الفوري... وأكثرية من يعيش هذه الوضعية المزرية هم العمال.. فهل هذا النظام الحلم الذي كان خطأ النضال ضده ؟؟

هذا غيث من فيض... ربما هناك من يريد المقارنة بين هذا الوضع وبين وضع عمالنا في العراق على سبيل المثال ؟؟ قد تكون الصورة الظاهرة كما يريد ذلك البعض ولكن بالنسبة لي أقول أن كلا الوضعين هما الطهارة بعينها... هناك طهارة قذرة وفاحت جيفتها.. وهنا طهارة تملأها العطور والاكسسوارات الظاهرة.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات