| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 15/7/ 2009

 

عودة اللاجئين العراقيين.. متى ولماذا؟ّ

محمد طالب الأديب
Aladeeb.m@gmail.com

من الضروري جداً أن تفكر الحكومة العراقية بعودة اللاجئين والمهاجرين العراقيين المنتشرين في شتى بقاع العالم حيث ستشكل عودتهم الى الوطن قوة تغيير وتأهيل وتحديث الإنسان والمؤسسات اللذان تعرضا للقمع والتخريب والتدمير على مدى عقود طويلة مظلمة، وهو مطلب وطني وإنساني وإصلاحي في غاية الأهمية اليوم حيث مازلنا في مرحلة تأسيس عراق حر وديمقراطي، ففي الوقت الذي منع المقبور صدام عن العراقيين كل ما يصلهم بالعالم المتقدم، كان اللاجئون العراقيون يتواصلون مع شعوب حرة ودول متقدمة وحضارات زاهرة، وقد حصل عشرات الآلاف من أولئك اللاجئين على شهادات عالية وخبرات مهمة كما أن هناك من استوعب "ثقافة الحياة" التي غابت أو غيبت في وعي الفرد العراقي وذاكرته المتخمة بمشاهد الخوف والموت والتوجس والألم والخديعة والفشل وعقد نفسية ضاغطة مركبة من فوات الأوان وتعويض الخسارات ومعتقدات تصلح للذي يقف ما بين الحياة والموت. والذي ساعد آلاف العراقيين اللاجئين في تحقيق إنجازاتهم ونجاحاتهم ما وفرته دول حرة ومتقدمة تحترم حرية الإنسان وحقوقه، وتحفظ هويته وكرامته، وتحرص على تأهيله وتحقيق أحلامه، فضلاً عن إيجابيات مخالطة اللاجئين العراقيين لشعوب تلك الدول التي ترسخت فيها أخلاقيات حب الحياة واحترام النظام والقانون والحريات الفردية والمال العام الى غير ذلك من تجارب اجتماعية ناجحة تجسدت بوضوح على واقع تلك الدول المتقدمة عبر صور إنسانية في غاية الروعة والجمال.. وإن الصورة السيئة التي قدمها كثير من المسؤولين الذين قضوا أكثر من ربع قرن في دول الحرية والرفاه هؤلاء الفاسدون فـ"مثلهم كمثل الحمار تحمل عليه أسفارا".

من الحكمة أن تسعى الحكومة العراقية لعودة اللاجئين العراقيين الذين قد يصل عددهم الى أكثر من المليونين توزعوا على دول الجوار ودول اللجوء والمهجر الأخرى، فعودتهم – وخصوصاً الناجحين منهم – سيشكلون مع خبرات وكفاءات (داخل الوطن) فريقاً للنهوض بواقع العراق وعلى كافة الصعد لاسيما صعيد النهوض الثقافي والحياتي الذي يحرك الإنسان باتجاه تحقيق حرية كاملة وحياة كريمة ودولة قانون ومؤسسات.. ولأجل عودة اللاجئين العراقيين: هل وفرت الحكومة العراقية ما يشجعهم على العودة الى (الوطن الأعز)..! ودون الإنزلاق الى المبالغة في وصف الأزمات التي يعاني منها العراقيون اليوم، فإنه من الواقع الإشارة الى أن هناك نقصاً حاداً وأليماً في أقل ما يحتاجه الإنسان من كهرباء وماء.. يرافقه إهمال كبير في الخدمات الحياتية الضرورية الأخرى، وهناك نقص في أماكن الترفيه ووسائل التعليم والصحة.. كما أن العراق يعاني من أزمات اجتماعية معقدة (لم تشهد بداية حقيقية لحلها) عبر تواجد أعداد كبيرة من الأيتام والأرامل والعاطلين عن العمل، وأيضاً هناك "غوغاء" كسائر دول العالم المتخلف، وإن هناك "محاصصة لئيمة" استقطبت جهلة ومفسدين وأقصت علماء وخبراء وأكاديميين ومفكرين ومثقفين، وإن هناك داء "الديمقراطية التوافقية" التي وضعت الوطن في جيب أحزاب وتحالفات وجبهات مصابة بنزعة تسلطية وقحة وانتهازية عنفية أعاقت – وما زالت – تقديم الحلول الناجعة لـ "كم كبير" من الأزمات التي قوضت على العراقيين سبل الحياة الكريمة.. لست هنا لأنكر التحسن الأمني الكبير "غير المكتمل بعد"، كما إنني أفاخر بالانتصار البطولي للعراقيين على قوى الإرهاب والجريمة والظلام.. وإنني لا أتغافل عن تقدم العملية السياسية والمصالحة الوطنية وتظافر الجهود الحكومية في تقديم خدمات ومكافحة فساد التي "ما زالت في النصف الأول من الطريق".. فكل ذلك واقع يمكن مشاهدة نتائجه الإيجابية.. لكنها تبقى خدمات لم يتحقق منها إلا ما يقارب نسبة 20% مما يحتاجه المواطن في بلد آخر من دول العالم الثالث..! ولست هنا لأتحدث عن أسباب تلك الأزمات، وهل هي من نتائج الهجمات الوحشية التي تعرض لها العراق من قبل قطعان الإرهابيين والخارجين على القانون التي راكمت أزمات على أزمات مريعة تركها النظام البائد..! وهل كان من الممكن للحكومة العراقية أن تنجح في خلق ظروف حياتية وخدمية أفضل؟! ولست هنا لأن أرسم صورة قاتمة تدعو الى اليأس والبؤس وإنما أحاول أن أصف الواقع كما هو من أجل أن تكون الصورة أكثر وضوحاً والحسابات أعلى دقة عندها تكون قرارات الجميع أكثر صوابـاً.

ما يتمناه اللاجئون العراقيون ليتكمنوا من العودة الى الوطن العزيز هو مايتمناه العراقيون في الداخل، وإن مايعزز الأمل بقرب عودة اللاجئين العراقيين هو خلق ثقة "مفقـودة" بسياسيين وصناع قرار لا يتوانون باللجوء الى العنف في حالة الاختلاف مع الآخر، والأتعس أن بعضهم يصرح بتلك النزعة غير الأخلاقية كما شاهدت في الاسبوع الماضي على شاشة إحدى القنوات برلمانياً في مؤتمر صحفي بعد أن شهدت مدينته عمليات إرهابية طالت العشرات من المدنيين الأبرياء، يقول: "نحن قلنا واليوم نؤكد أن محافظة (....) إذا لم تكن حكومتها المحلية توافقية وتمثل جميع مكوناتها فلن تكون آمنة".. ومثل هذا النائب "المبرر للعنف" عشرات وربما أكثر...!

ما يشجع اللاجئين والمهاجرين العراقيين على العودة الى الوطن الغالي هو برلمان يحرص على تشريع القوانين الأكثر حساسية إنسانية كقانون (التقاعد + الشهداء + السجناء السياسيين) التي تعزز التفاؤل في نفوس ضحايا الطاغية صدام بالعراق الجديد وعدالته، فضلاً عن مساعدة المهجرين داخل العراق وتعويض ضحايا عمليات الإرهاب التي جرت بعد إسقاط الطاغية صدام، كا من أقل الوطنية لمجلس النواب العراقي تشريع قوانين أكثر أهمية تبني الوطن والمؤسسات وتنتشل العراقيين من قاع الأزمات والهموم الى قمة التقدم والرفاه كقانون (الأحزاب + الوزارات + النفط والغاز) فضلاً عن التحسين المنتظر لقانون الاستثمار الذي طال أمده.. يتمنى العراقيون في الداخل والخارج برلماناً عراقياً يفكر بعض نوابه بمصلحة العراق لا فقط بمصلحة دولة تموله أو دولة يتعاطف معها سياسياً أو طائفياً.. كان مؤلماً ويبعث الأسى أن سعى مجلس النواب (مقاتلاً) على تخفيض موازنة 2009 وخاصة فيما يتعلق بالمبلغ المخصص للكهرباء حتى وافق عليه قبل أيام قليلة ولكن بعد أن أنهينا نصف شهر تموز اللاهب.. ولايخفى القصد من ذلك المنع أو التأخير.. وبالتأكيد هو ليس كما قيل بسبب انخفاض عائدات النفط!!! ولا داعي للتذكير بقبح ممارسات برلمانية غير نبيلة مع وزارة النفط في جولة التراخيص الأولى التي تنم إما عن رغبة استعراض أو جهل بالأمور أو إصرار على الخطأ..! اليوم، يتمنى العراقيون كل العراقيين "مجلس نواب شعب" يكون أميناً على مراقبة أداء الوزارات كي يتمكنوا من اقتحام عقبة الانتماء القومي والحزبي والمذهبي الضيق.. ليتفاءل العراقيون من جديد بأن عملية التغيير والإصلاح قد بدأ.. فعلاً.. فمجلس النواب العراقي أصبح "مجلس نواب الشعب" وليس "مجلس نواب أحزاب"..!

ما يشجع اللاجئين والمهاجرين العراقيين على العودة الى الوطن الحبيب هو إجراءات عراقية ودولية رادعة تمنع تدخلات إقليمية معادية أشار إليها رئيس الوزراء السيد المالكي مؤخراً قائلاً أنها "تدخلات بدأت تدخل علينا من كل صوب".. وهي تدخلات غادرة لا تكتفي بالقتل وإثارة الفوضى بل هي تدخلات لئيمة عملت – وما زالت – على تأخير تشريع القوانين وعرقلة توافد شركات الاستثمار وغير ذلك كتجميد مشروع ميناء البصرة الكبير الذي يوفر نصف مليون فرصة عمل ويدر على العراق أرباحاً بمليارات الدولارات سنوياً، وكما حصل قبل أيام، محاولة اغتيال غادرة وفاشلة في مدينة الناصرية أثناء زيارة السفير الأميركي في العراق كريستوفر هيل والدكتورة آنا براوس رئيسة فريق إعمار ذي قار الـPRT التي أشارت بكل إصرار في مؤتمر صحفي الى "إن حادث الانفجار لا يدفع ثمنه غير الشعب العراقي والمنطقة، فالأشخاص الذين قاموا بهذا العمل هم ضد العراق ويريدون أن يفعلوا الأشياء التي هي غير جيدة، وهذا الحادث لم يغير رأي السفير في عزمه على مساعدة العراق والمنطقة"، مضيفة أنه لم ترى خلال فترة وجودها في العراق أي سفير يهتم بـ ذي قار مثل السيد كريستوفر هيل، حيث كان يرغب اللقاء بالناس والتلاميذ والاستماع لمشاكلهم ومعاناتهم. وأضافت "إن فريقها سيتولى تمويل عدد من المشاريع التي توقفت في المحافظة بسبب تقليص الميزانية الفدرالية وعددها 74 مشروعاً، وستحتل مشاريع الكهرباء الأولوية في التمويل"، وأكدت الدكتورة براوس "إن هذه المشاريع سيتم تنفيذها من قبل الشركات العراقية".. إذن هناك تدخلات إقليمية متوحشة وهناك أيضاً من ارتضى أن يكون أداة لتلك التدخلات من مرتزقة الجاه والمال.. وغوغاء مذاهب وأديان وزعامات..!

ما يشجع اللاجئين والمهاجرين العراقيين على العودة الى الوطن هو تنامي "علاقات استراتيجية بعيدة المدى" مع دول العالم المتقدم، ودخول شركات الاستثمار العالمية الكبرى، وتحول اقتصاد العراق الى اقتصاد السوق ودخوله منظومات اقتصادية متقدمة.. التي بها العراق سيحكم قبضته الأمنية ويضمن الازدهار السريع وتوفير فرص العمل حيث إن 2009 خالية من تعيين أي موظف، وإن 2010 يبدو أنها ستكون كذلك في ظل استمرار الأزمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط.

ما يشجع اللاجئين والمهاجرين العراقيين على العودة الى الوطن الحبيب هو وجود سفارات يدرك موظفوها أن "عراق اليوم" هو "عراق جديد" تُحترم فيه حقوق الإنسان، وأن القانون فيه فوق الجميع، وأن اعتداء أو تجاوز أي مسؤول على أي مواطن سيعرض المسؤول للمساءلة والمحاسبة..!! فكم من لاجئ عراقي ألغى زيارته الى العراق.. وكم من لاجئ عراقي أجل عودته الى الوطن بسبب تصرفات سمجة وحمقاء ومستفزة من قبل موظف هذه السفارة أو تلك..!! في الوقت الذي تمثل السفارة للاجئ أول شبر من أرض الوطن.. ومنها يستقي أول معلومة حقيقية من واقع يسمع عنه ولا يتحسس آثاره..! وفوق تلك المرارة مرارة قراءة السيد وزير الهجرة والمهجرين لواقع العراقيين في دول الجوار في لقاء على شاشة فضائية عربية حيث قال: "هؤلاء ليس عندهم مشاكل في العراق وإنما هم ينتظرون موافقة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على طلب اللجوء في إحدى الدول"... أهكذا تكون قراءة وزير الهجرة والمهجرين..! هل واقع اللاجئين العراقيين فعلاً هو بهذا الاختزال وبهذه البساطة التي تحدث عنها السيد الوزير..! والسؤال المهم هنا هو: هل تقتصر حاجة الإنسان العاقل على استتباب الأمن وعدم وجود مشاكل؟! هل يمكن النظر الى الإنسان العراقي وكأنه كائن عليه أن يستديم تأقلمه مع أتعس ظروف الحياة وأكثرها بؤساً؟! هل يا ترى فقد العراقي إحساسه بالطبيعة والجمال؟! وهل ضيع العراقي مشاعره العبقة بأجمل قصص الحب وقصائد العشق التي عرف بها منذ حضارات الإنسان الأولى؟! هل من المعقول أن هناك من يظن أن العراقي قد أهمل حبه للحياة وبحثه عن الخلود الذي قامت عليه أروع الملاحم الإنسانية "كلكامش"؟!! ثم أين هي وزارة الهجرة والمهجرين من فساد مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فيما توزعه من مواد غذائية ودوائية وما تفتحه من دورات تعليم اللغة الانكليزية والكومبيوتر؟! هل حثت وزارة الهجرة والمهجرين المنظمات الدولية على وقف هدر وتضييع ملايين الدولارات تخصص من قبل الدول المانحة للاجئين العراقيين ولا يصلهم منها إلا ما يقارب الـ 30% فقط وفقط؟! ثم أين وزارة الهجرة والمهجرين من معاناة معيشية مريرة لبعض العراقيين في دول جوار؟! وهل سعت وزارة الهجرة والمهجرين الى دول جارة من أجل تذليل صعوبات الحصول على الإقامـة والنظر الى اللاجئين العراقيين "نظرة استثنائية" حيث عاشوا أربعة عقود استثنائية في كل شيء.. استثنائية في قتلها وموتها وعذاباتها ومراراتها وجوعها وخوفها وغربتها؟!!

ربما يثار سؤال: هل لللاجئ أن يشترط لعودته الى أرض وطنه؟! وأين مسؤولياته الوطنية؟!
نعم، إن من حق اللاجئ والمهاجر العراقي – وجميع العراقيين – أن يطالبوا حكومتهم بتحقيق الظروف المناسبة لعودتهم، وإن من أقل حقوق المواطن على حكومته هو الأمان والاستقرار والخدمات الحياتية والحريات الكاملة وتوطيد سلطة القانون التي يخضع لها الجميع.. وهو ما عاشه اللاجئون العراقيون في دول المهجر فكيف له أن يتردد في مطالبته بتحقيقها في وطنه..!

أما المسؤولية الوطنية للوطن على اللاجئ فهي حق لا ينكره أحد.. لكن ماذا سيفعل الأستاذ والباحث الأكاديمي (المستقل) إذا ما عاد الى العراق ولم يجد فرصة عمل يعيش منها ولم يجد ما يمكنه من مواصلة بحثه؟! وماذا يفعل في عراق اليوم طلبة منخرطون في جامعات الأكثر تطوراً؟! وهل سيجدون نصف ما وجدوه في تلك الجامعات؟! وماذا ستفعل الفتاة التي اعتادت على نمط من الحياة أكثر حرية وخصوصية وانفتاحاً.. ماذا ستفعل في بعض أوساط مجتمعنا العراقي المحكومة بعادات لم يشرعها ديـن ولم يقرها قانون وإنما هي تقاليد بالية يفرضها "تطبع جمعي" – غالباً – ما يفرضه غالبية الناس "سـراً".. وماذا ستفعل المرأة التي ترى نفسها إنساناً لها حقها كالرجل في أوساط مجتمعية في العراق أسيرة ضوابط أملتها حالة أمنية استثنائية شكلت "نمطية اجتماعية ضاغطة ومتشددة"؟! وماذا سيفعل اللاجئ العراقي إذا كان من العلماء البارزين وقرر تحمل المشقات الأمنية والحياتية والعودة خدمة للعراق والعراقيين.. هل سيسمح له بالعمل والتفكير كما يمليه عليه علمه أم القرار سيكون بيد مَنْ وضعه حزبه أو حركته أو جبهته في مكان لا يستحقه؟! وماذا سيفعل ذلك العالم المستبسل في حبه لبلده مع أولاده وبناته الذين ولدوا وسط حدائق غناء كأنها الجنان وعاشوا برعاية ورفاه وأمان وحرية ورخاء.. كيف سيقنعهم بترك كل ذلك ليعيش في بلد أزمات؟!!.

من الحكمة أن تسعى الحكومة العراقية لعودة اللاجئين العراقيين الذين قد يصل عددهم الى أكثر من المليونين.. لكن هل فكرت الحكومة العراقية كم سيكلفها عودة هؤلاء اللاجئين.. فعلى سبيل الفرض: لو قرر مليون عراقي فقط العودة الى العراق فإنه قرار سيكلف "أرقام تقريبية" الدولة ما يلي:
1- أكثر من 800 ميكاواط فيما يعاني العراق من نقص في الطاقة الكهربائية يصل الى أكثر من ثمانية آلاف ميكـاواط.
2- أكثر من مليون مترمكعب من الماء الصالح للشرب والاستهلاك بينما يعاني العراق من نقص يتجاوز الـ (13 مليون مترمكعب).
3- المئات من كيلومترات شبكات الصرف الصحي.. والعراق يعاني من نقص آلاف الكيلومترات من هذه الشبكات.
3- أكثر من 300 ألف وحدة سكنية فيما عاني العراق من نقص بالوحدات السكنية يصل الى 2,5 الى 3 مليون وحدة سكنية.
4- المئات من الوحدات الصحية وأماكن الترفيه.. والنقص واضح في العديد من محافظات العراق في هذه الاحتياجات المهمة.
5- البطاقة التموينية التي تكلف الحكومة ملايين الدولارات شهرياً.

إن عملية عودة اللاجئين العراقيين بهذا العدد الكبير بالتأكيد لا تتحمله لوحدها وزارة الهجرة والمهجرين التي لا يبدو عليها أنها تملك مقومات النجاح في مثل هذه العملية الإنسانية والوطنية المهمة.. بل هي مسؤولية وطنية وأخلاقية ينبغي أن تتحملها وزارات ومؤسسات المجتمع المدني العراقية والدولية.. فلو فكرت الحكومة العراقية بنقل مليون "سجين" وليس "مواطن حر" لاستلزم أربعة آلاف رحلة جوية لكل مليون شخص وأكثر من 160 ألف قاعة.. كل قاعة تستوعب 25 سجيناً.. إنها عملية باهضة التكاليف وتحتاج الى استعدادات كبيرة، وحتى (المليون دينار عراقي = 800 دولار) الذي خصصته الحكومة العراقية للأسرة العائدة من بعض دول الجوار فإنها منحة لا تسد رمق أسرة متعففة لأكثر من نصف شهر، إن عودة اللاجئين والمهاجرين العراقيين حاجة وطنية لكنها مهمة ليست يسيرة.. وما قامت به وزارة الهجرة والمهجرين والحكومة العراقية لا يعد رقماً يحسب.

أخيراً.. يؤكد مفكرون أن العملية التنافسية وغير المخططة هي بالذات التي تنتج النمو الاقتصادي وغيره، وإن النظام الطبيعي ليس هو فقط السوق فالقانون واللغة والعادات والنقود تعتبر مؤسسات تطورت دون توجيه مركزي، ويقول المفكر الاسكتلندي آدم فيرغسون إن "القانون واللغة والعادات والنقود كانت نتيجة لعمل بشري لكنها لم تكن نتيجة لأي تخطيط بشري، والأكثر من هذا ما أشار إليه فريدريك هايك في تأملاته بـ "النظام المنمى أو التلقائي" حيث يقول: "إن النظام لا يقوم على الأمر والطاعة".. لذلك فإن عودة اللاجئين العراقيين مهمة وطنية ومسؤولية إنسانية تقع على عاتق الحكومة، وإن عودة اللاجئين العراقيين لن تكون من خلال ضغوط تمارس على دول اللجوء التي تحدث عنها أمس رئيس لجنـــة المرحلين والمهجرين والمغتربين في مجلس النواب العراقي عبد الخالق زنكنة لـ"باب نيوز" قائلاً: "إن عدد العائلات المهجرة التي عادت الى منازلها حوالي 5000 عائلة منهم 4800 عائلة فقط عادت من الخارج على الرغم من تحسن الأوضاع الأمنية مؤخراً"، وأضاف "إن هذا العدد يعتبر قليل جداً مقارنة بعدد المهجرين داخل وخارج البلاد والذين يقدر عددهم بالملايين لكن عملية تهئية الأجواء المناسبة لإعادتهم لا تزال مستمرة".. وعن محاولة الحكومة الضغط على بعض الدول الأوربية لإعادة اللاجئين العراقيين فيها قال زنكنة "إننا مطلعون على هذه الضغوطات أو طلبات إعادة اللاجئين وإننا نرفض وبشدة إعادة أي لاجئ أو مرحل بصورة قسرية لا تمثل إرادتهم الحقيقة" لافتاً الى إن أوضاع اللاجئين العراقين لا تزال غير جيدة وهم بحاجة الى الدعم الحكومي والرعاية الدولية وليس إعادتهم بالإجبار".. وكلام النائب زنكنة واضح لكنه يحتاج الى أجوبة واضحة من الحكومة العراقية ومجلس النواب أولاً.. وإن من الضروري بوضع الحلول أن تكون الحلول ممكنة وإلا فإن ممارسة الضغوط ربما تأتي بنتائج عكسية تماماً فاللاجئ العراقي كأي إنسان يبحث عن مصلحته ورفاهه ونجاحه.. ولأن للعراقي خصوصية في تعلقه بوطنه فلو وجد اللاجئ أو المهاجر أو المغترب العراقي 75% من مستلزمات الحياة الضرورية في العراق لما تردد في العودة الى مسقط رأسه وموطن صباه وعشقه وذكرياته.. إنه حديث وقائع وأرقام.. فزمن الشعارات قد ولى.. وقد قُبِرَ مع المقبور صدام.

 

15/7/2009

 

free web counter

 

أرشيف المقالات