| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الخميس 15/3/ 2012

 

عراق الانقلابات - أعراس الدم

زكي فرحان

أقتيد عبد الكريم قاسم و رفاقه الاربعة الى احدى غرف الاذاعة، أستديو تسجيل الاغاني الموسيقية الشرقية، ووقف امامهم قادة الانقلاب الاسود،/ وهم كل من على صالح السعدي أمين سر حزب البعث العربي وحازم جواد وطالب شبيب وعبد الستار عبد اللطيف واحمد حسن البكر وعبد السلام عارف وعبد الستار الدوري وصالح مهدي عماش.

يقول طالب شبيب وزير خارجية الانقلابين في (مراجعات في ذاكرة طالب شبيب للدكتور علي كريم سعيد، عراق 8 شباط 1963 من حوار المفاهيم الى حوار الدم) ما يلي :

دار بيننا حديث غير منظم، وسادته حالة من الفوضى والهوس الكل مرتبك ومتوتر والكل يتحدث، ولم يكن هناك أي شئ يمكن تسميته بمحاكمة عبد الكريم قاسم ورفاقه، وكل كلام قيل أو يقال عن أنشاء هيئة حاكمتهم، أو أستمعت الى أقوالهم بالرغم من مطالبة عبد الكريم قاسم بتسفيره الى الخارج ورفاقه، أو أجراء محاكمة عادلة لهم بعد الاستسلام، كما أوعدناهم بذلك نحن (المجلس الوطني لقيادة الثورة) عن طريق الوسيط الصحفي يونس الطائي، وكل الذين كتبوا مذكراتهم من اننا أجرينا لهم محاكمة، إنما هو نوع من التسقيط والتخيل (الخيال)!! ومن الممكن ان يكون قد تدخل علينا رجال يحثون على موقف معين مثل العقيد خالد مكي الهاشمي آمر الدروع، وكلهم يحثون على الاعدام أو الاسراع به، لكننا لم نستمع الى أي من هؤلاء، ولم يكن لديهم علينا حق التقرير أو الاقتراح، بل الطاعة والتنفيذ، إذا لم تنسجم توتراتهم ومطالباتهم مع ما كنا قد قررناه نحن القادة أصلاً، أو مع ما سنقرره، وفي تلك المواجهة الخطيرة المصيرية والحرجة كان كل ما يريده عبد السلام عارف هو أستغلال ظرف قاسم للحصول منه على أعتراف في دوره في ثورة 14تموز عام 1958 أذ أخرج من جيبه مصحفاً صغيراً وظل يلح طول هذا الوقت الحرج المشحون بالانتقام، محلفاً عبد الكريم قاسم ليعترف بأن عارف وليس قاسم هو كاتب البيان الاول لثورة 14تموز، وهو واضع خطة الثورة ومنفذها، كان عبد السلام يتوقع ان يفوز بأعتراف ولو كان هذا الاعتراف هامشياً أوضبابياً يصدر من عبد الكريم قاسم في لحظة ضعف أخيرة من حياته، ليوظفه له فيما بعد تاريخياً، ولكنه لم يحصل على شيء وظل قاسم صامتاً ويطالب بمحاكمة كالتي أجراها لعبد السلام وغيره، وما ان اضطر عبد السلام للسكوت حتى أنهالت على قاسم أسئلة كثيرة مثل، لماذا أعلنت ضم الكويت للعراق دون تنفيذ الأمر أو الاستعداد العملي له؟ ولماذا لم تستعد القوات وتتحرك فعلياً لاحتلالها واكتفيت فقط بالإنذار، في حين امرت القوات ان تأخذ مواقع دفاعية فقط؟ ولماذا لم يطلع وزير الخارجية (هاشم جواد) على الامر، وتركته يفاجأ بسماع الخبر من الاذاعة؟ وراح الرئيس الاول عبد الستار عبد اللطيف يعير قاسم و يستخف به حين قال له، أنك مسيطر والشعب معك، دبابة واحدة أسقطتك، ان السخرية من قاسم بسبب شعبيته تعبر عن حب الشعب العراقي له ويتمتع باحترام وتقدير واسع من ابناء الشعب، -
انتهى قول طالب شبيب - .

وهنا عزيزي القارئ الكريم لابد ان نشير الى ظاهرة تستحق الذكر والمتابعة وهي ، ان الجمهور العراقي العريض ظل منذ استشهاد عبد الكريم قاسم ولحد هذه اللحظة الراهنة حذر من تأييد الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق، وظلت ذكرى سمعة عبد الكريم قاسم الوطنية مثيرة للاهتمام والمتابعة والاحترام أكثر من غيرها في أذهان الشعب العراقي وتاريخه السياسي الوطني، بل ظل عبد الكريم قاسم خالداً بسبب وطنيته ونزاهته وحبه لشعبه ، يضيق الخناق على الحكام العملاء اللاحقين الذين أتوا من بعده، حيث ان الشعب راح يقارن بينهم وبين نزاهة وو طنية عبد الكريم قاسم ، وبعد عبد الكريم قاسم لم تأت سلطة تمتلك نفس الشعبية والبساطة والنزاهة، بل عاشت السلطات الاحقة عزلة حقيقية خصوصاً بين أبناء الاحياء الفقيرة وفي أوساط الطبقة المثقفة والمدنية في بغداد والمحافظات وبين الطبقة العاملة والفلاحين وحواضر وأرياف العراق الاخرى، وبعد أعدام عبد الكريم قاسم سلكت الحكومات المتعاقبة اللجوء لوسائل قهرية تعسفية قاسية لتنظيم الشعب في حزب البعث العربي وزج الشباب عنوةً في مؤسساتها الحزبية البوليسية والمخابراتية، والاختفاء والتثعلب المتربص وراء شعاري الوحدة العربية والقضية الفلسطينية، وكأنها تسعى لكسب الثقة و التأييد لها من قبل الشعب العراقي، أو لتثبيت مرتكزات دعائية لتبييض صورة وجهها الاسود المشوه المريب، والتشدق برؤية وطنية عروبية وحدوية، والمراهنة على برمجة هذين الشعارين بين أوساط الفئات الاجتماعية وليكونا هدفاً ستراتيجياً أولياً لا يمكن القفز عليهما مهما كلف الامر .

وسنرى عزيزي القارئ الكريم في المقالات القادمة من سلسلة (عراق الانقلابات)، كيف مزق هؤلاء البعثيون والقوميون المتشدقون في العروبة شعار الوحدة العربية و قضية فلسطين ورموها في الوحل ؟!! وفي خضم المقاومة المستمرة الشرسة للجماهير التي يقودها الحزب الشيوعي ضد هذا الانقلاب الاسود في بغداد والمحافظات، وبسبب شعبية عبد الكريم قاسم الواسعة، وحب الشعب له واحترامه، وبعد أرتكاب جريمة أعدامه ورفاقه بدون محاكمة، عرضت جثته على شاشة التلفاز، لكي تتيح لكل مواطن ان يتحقق من وفاته، ولكي تتوقف المقاومة ، واما الذين اطلقلوا الرصاص عليهم و نفذ حكم الاعدام بعبد الكريم قاسم وجماعته ،هم كل من النقيب المظلي منعم حميد والملازم نعمة فارس المحياوي و العقيد عبد الغني الراوي .

وأذاع الانقلابيون يوم 9 شباط 1963 البيان التالي المخالف للحقيقه كما بينا اعلاه وكرروه عشرات المرات على شاشة التلفاز و الذي جاء فيه :

(لقد تم القاء القبض على عدو الشعب عبد الكريم قاسم ومعه فاضل عباس المهداوي وطه الشيخ احمد وكنعان خليل حداد من قبل القوات المسلحة وقد تشكل مجلس عرفي عسكري لمحاكمتهم، وقد أصدر المجلس العرفي العسكري الحكم عليهم بالأعدام رمياً بالرصاص، وقد نفذ فيهم الحكم رميا بالرصاص في الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم 9/2/1963،،، التوقيع رشيد مصلح التكريتي، الحاكم العسكري العام،،)

(ويذكر ان رشيد مصلح التكريتي تم تنفذ حكم الاعدام به بعد أقل من عشرين عاماً من قبل حكومة البعث وذات الزمره الفاسده من اصحابه كل من - احمد حسن البكر - صدام حسين، وصالح مهدي عماش باعتباره جاسوساً امريكياً صهيونياً)،،،

يقول الشاعر أبن الصيفي :

ملكنا فكان العفو منا سجية     فلما ملكتم سال بالدم أبطحيتبع
 

 

المصادر :
1- الدكتور سعيد علي ، مراجعات ص 102
2- حنا بطاطو، العراق، ص ،296


 

free web counter

 

أرشيف المقالات