| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 16/7/ 2010

     

ثورة 14 تموزالوطنية الوجه المشرق لعراق القرن العشرين

همام عبد الغني

مهما تراكم غبار السنين العجاف , ومهما عوت واستكلبت ذئاب التآمر والخيانة , ومهما احلولكت ظلمة التردي التي يحاول اعداء العراق فرضها بأشكال ومسميات مختلفة , فإن وجه ثورة 14 يموز 1958 , يطل علينا في كل عام مشرقاً نظيفاً جميلاً , فيعيد الينا ذلك الأشراق الرائع , لوجه الثورة الناصع البياض, وجه الطفولة الرائع الذي لا يشيخ . فيعيد للعراقيين ذكراها العطرة , واهدافها الكبيرة , وانجازاتها التي مازالت حيةً واضحة المعالم , مهما حاول اعداء الشعب العراقي تشويهها . وإذ اصف وجهها بوجه الطفولة , لأن الثورة الوليدة اغتيلت ووئدت قبل ان تكمل السنة الخامسة من عمرها . ومعروف في كل الأديان , ان الأطفال حين ينتقلون الى العالم الآخر , عالم الأنوار ,فهم لا يكبرون ولا يشيخون . فبالرغم من مرور سبعة ٍ واربعين عاماً على اغتيالها , فإن اهدافها وما رسمته لمستقبل العراق وشعبه ما زالت قائمة وواجبة التنفيذ , بل انها طريق النور المفضي الى السعادة والتقدم والسلم الأجتماعي .

فبعد اسقاط الملكية واعلان النظام الجمهوري , حققت الثورة خلال اقل من خمسة اعوام , ما عجزت عن تحقيقه كل الأنظمة التي حكمت العراق طوال اكثر من تسعين عاماً من عمر العراق الحديث . فقد اخرجت العراق من حلف بغداد المشؤوم , رغم المخاطر التي كانت تترتب على هذه الخطوة الجريئة , اذ كان محاطاً بالأعداء من كل حدوده , ايران الشاه , وتركيا مندريس وارتباطاتها المعوفة , والأتحاد الهاشمي ومن خلفه بريطانيا واميريكا واسرائيل , والسعودية , الى جانب اطماع الدكتاتور جمال عبد الناصر . بيد ان الثورة وقيادتها احتمت بالشعب الثائر وقواه الوطنية المخلصة , فكان لها خير حامٍ وخير معين . وحررت الأقتصاد العراقي بفك ارتباط الدينار العراقي من منطقة الأسترليني, واصدرت قانون الأصلاح الزراعي الذي انهى النظام شبه الأقطاعي في الريف , وانصف ملايين الفلاحين الفقراء, والغى قانون دعاوى العشائر , الذي كان يتحكم بمصير ملايين العراقيين داخل المدن وخارجها , وقسم الشعب العراقي قانونياً واجتماعياً .

واصدرت قانون الأحوال الشخصية , الذي يعتبر , وحتى اليوم من ارقى الأنظمة الأجتماعية التي تحفظ كرامة المرأة العراقية من اضطهاد قرون الظلام والتخلف , وبالتالي حماية العائلة العراقية . وتأسست مئات المنظمات الديمقراطية والأتحادات والنقابات العمالية والمهنية , وصدرت الصحافة الحرة , وأطلقت سراح السجناء والمعتقلين السياسيين , واعادت الأعتبار لشهداء الشعب العراقي , قادة الحزب الشيوعي العراقي وشهداء حركة مايس1941.
وقد توجت الثورة مسيرتها الوطنية , باصدار القانون رقم80 لسنة 1961, الذي انتزع99.5% من الأراضي العراقية من ايدي الشركات النفطية الأحتكارية , وبدأت باعداد قانون شركة النفط الوطنية , الذي قيل ان الشهيد عبد الكريم قاسم وقعه وهو يقاوم الأنقلابيين يوم 8 شباط 1963 الأسود .
لقد كان القانون رقم 80 قمة التحدي الذي مارسته الثورة الفتية ضد الأحتكارات النفطية والأنظمة الأستعمارية التي تقف وراءها . والمؤسف ان صدور هذا القانون الذي يشكل احدى قمم وطنية الثورة , وركائزها الأساسية , جاء في وقت بدأت فيه قيادة الشهيد عبد الكريم قاسم, بالتراجع امام ضغط القوى الرجعية والقومية المتآمرة , وفي وقت حدوث الشرخ الكبير الذي حصل بين قيادة الثورة والحركة القومية الكردية , وفي وقت مارست فيه الأجهزة الأمنية ذات التاريخ الأسود في معاداة الديمقراطية والشيوعية حملاتها الشعواء ضد القوى التقدمية , حيث امتلأت السجون بعشرات الآلاف من المناضلين الشيوعيين والديمقراطيين, وهم يناضلون لأخماد نيران المواجهة في كردستان , تحت شعار ( السلم في كردستان ) مما تسبب في اضعاف شعبية قاسم , مع حملة موازية في الجيش لأفراغ الوحدات العسكرية من الضباط التقدميين وتسليمها للضباط القوميين والرجعيين , الذين صاروا الركائز الأساسية والبؤر التآمرية ضد الثورة وقيادتها .

وبموازاة هذه الأنجازات الكبرى , تجلت الهوية الوطنية العراقية بأروع صورها , فلم تجد الطائفية او القومية الشوفينية , او محاولات تسييس الدين , اية ارضية خصبة لوضع بيوضها الشريرة في الشارع العراقي , وقد ظهر ذلك جلياً في الهبة الجماهيرية العارمة للدفاع عن الثورة ومنجزاتها وقيادتها يوم تمكن الأنقلابيون الخونة وبدعم تام من الدول الأمبريالية وشركاتها النفطية والنظام الدكتاتوري المصري , من تنفيذ مؤامرتهم الدموية القذرة يوم 8 شباط1963 , مستغلين الثغرات والأخطاء التي ارتكبتها قيادة الثورة , وتفكك وحدة القوى الوطنية وتناحرها.

ان ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز1958 الوطنية ودروسها الأيجابية والسلبية, تلقي على عاتق القوى السياسية في عراق اليوم , مسؤولية استنباط الدروس والعبر ,وقيادة العملية السياسية بعيداً عن المحاصصة الطائفية والمكاسب الحزبية والشخصية الضيقة , والتوجه المخلص لمعالجة معاناة الشعب العراقي الذي اتعبته الصراعات اللامبدأية وحب التسلط والزعامة والفساد المالي والأداري . ان المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة , مهما كبرت لن تحقق لأصحابها حب وتأييد الشعب العراقي الواعي والأصيل , وامامنا مثلان واضحان ومتناقضان , حب وايمان الشعب العراقي لشخصية الشهيد عبد الكريم قاسم , ونبذ وتخلي هذا الشعب الأصيل وجيشه الباسل عن الدكتاتور الدموي صدام حسين , وتركه يواجه مصيره الأسود المحتوم الى مزبلة التاريخ .

المجد لثورة الرابع عشر من تموز 1958 الوطنية التحررية
المجد والخلود لقادتها الشهداء الأبطال , ولكل شهداء شعبنا العراقي وقواه الوطنية المخلصة

 

free web counter

 

أرشيف المقالات