| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 17/9/ 2009



الشيوعي الافتراضي وصالح المطلك والحزب الشيوعي العراقي

سلام محمد جعفر

لم اكترث لتصريحات صالح المطلك، ولم أعر لها ادني اهتمام، فهو مكلف بالدفاع عن العفالقة وخطابه موجه لهم, لكن استوقفني توقيت تصريحاته الى قناة الحرة عراق يوم 14/9، في فترة التحضير للانتخابات، والتشاور لإقامة التحالفات، فأي رسالة مشؤومة وجهها، وما الهدف؟

لقد أكد بذلك لسادته بأنه ماضي بتنفيذ خطتهم، بدون أدنى شك، هؤلاء الذين يجمعهم التآمر، وتوحدهم الانقلابات، حتى وان جاءت بقطار أميركيي، كما وصفهم الشاعر المبدع الكبير سعدي يوسف، في ملحمته التي سماها الغزاة (جاء أولاد العمومة، محملين من الأقاليم البعيدة، وفي الحقائب ترتفع الليرات أعناقا...... وجدتهم في دار اسطيفان يرتشفون خمرا، والبنادق تحت أثواب العواهر).

لم ولن تفارق البداوة تاريخهم، فـ ( نيرانهم الروث وضيوفهم أهل الدبابات). والبداوة هنا لسيت إساءة لإخواننا البدو، إنما هي تذكير بنظرية بن خلدون في العمران، لذا كانت حملة مشعان الجبوري الانتخابية، و(كليبات) صالح المطلك الدعائية، غجريات ترقص على أنغام الربابات، يذكر الإعلامي إبراهيم الزبيدي في كتابه ( دولة الإذاعة) كان البكر يتصل به بين فترة وأخرى، طالبا منه بث أغنيات حمدية صالح وبناتها على شاشة التلفزيون الحكومي، هي الوحيدة التي تطربه. اي ثقافة يفتخر الحرس القومي بها؟.

لا يعني المطلك في دعوته من لم تتلطخ أياديه بدماء الشعب العراقي، فالمواطن الذي اجبر على الانتماء لحزب عفلق، سواء بالترهيب او بالترغيب، إنما مارس حياته الاعتيادية منذ اليوم الأول للتغيير، وعاد الى وظيفته بشكل طبيعي دون مسائلة، او طلب اعتذار، المطلك لا يعنيه أمر هؤلاء، إنما ذهب تصريحاته، عفوا تنفيذه لأحدى صفحات الخطة البديلة، كقيادي بعثي بديل، هذه الخطة التي رسمت له دورا آخر غير دوره في البرلمان الذي احتل كأقرانه البعثيين مقعدا فيه، فأيتام عفلق، لا تعني لهم عضوية البرلمان شيئا، فثقافة ( في سبيل البعث) لا تتضمن الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمواطنة، فالعودة التي يحلم بها (حزب العودة)، لم تكن في حيثياتها مفهوم التبادل السلمي للسلطة، انما عودة لا تختلف بشيء عن سابقاتها، عودة عبر الانقلابات التي لم يلبث (الأبيض) منها ان يتلطخ بدماء الأبرياء.

ستبقى انقلاباتهم مكلله بالسواد مثل تاريخهم، الذي فشلوا في إعادة كتابته، فالعار والشنار يلاحق حاضرهم، وسيبقى يؤرق مستقبلهم، فالجرائم المشينة التي يشهدها العراق اليوم هي استمرار لتلك الجرائم الشنيعة ذاتها التي تذكر العراقيين بانتهاكات الحرس القومي، وعصابات الجيش الشعبي، وسرسرية فدائي صدام، (لقد أضفى الباحث الرائع الراحل هادي العلوي، كلمة السرسري على الدكتاتور صدام حسين كصفة لائقة به، ولا علم لي بأصل هذه الكلمة) فرق الإعدام، وجرائم وشم الجبين، وصلم صيوان الأذان، لكل رافض لحروبهم التي لم تخض باسمنا (ليس هناك من فرق يذكر في قاموسهم بين الرافض لهم والرافضي، وكذلك الفرق بين الشروكي والشيوعي). حروبهم التي لا معنى لها و التي خلفت ضحايا ( لا أسماء لها ولا ذكريات ... انها أرقام ... مجرد أرقام في الحروب المنسية) كما قال احد كبار شعراء جنوب افريقيا في وصفه لضحايا الحروب الهمجية.

لا استغرب من المطلك ان يساوي بين الضحية والجلاد، فهو باطل لم يعرف الحق ولا التاريخ، كما انه لا يفقه سوى بـ ( مداجن) ومزارع ساجدة التي لازالت الحكومة العتيدة، لم تطالبه بها، كي تعيد توزيعها، كما فعل الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، إبان نجاح ثورة الشعب.

في مقالتي الأولى وصفت صاحب المدجنة التي عمل فيها والدي وآوته من المطاردة، بالرجل بالطيب، كي استثنيه من (.... ) المطلك واقرأنه، حتى وان تعطروا بالعطور التي يصنعها (غرينوي) بطل رواية الروائي (باتريك زوسكنت)، كونها تصنع من جثث الضحايا. يا للتعاسة، لا استطيع التحرر من الاستطرادات، لا باس فذكر شيء من تاريخ العفالقة الشفهي الذي لم ينكب عليه لحد هذه اللحظة باحث جاد او مؤرخ موضوعي لكتابته، فهناك صفحة من تاريخ المطلك المجهول، وعن ساديته، يتذكرها كل من عرفه، ومنهم عمال مزارعة الواسعة، ويتناقلون ما فعله يوما بشيخ وعجوزه، دفعهم سؤ الطالع الى بيع نشارة الخشب لإحدى مداجنه، لغرض فرشها على أرضية المدجنة، في وقت كان المطلك سكرانا ( درنكة).

وما ان رأى زيهم الجنوبي، حتى بدأ الاستهزاء بهم بكلمات بذيئة، تخرج من فمه مع دخان سكارته التي لا تفارقه، وشتائم نابية على (الشروكية الذين أستوردهم القائد محمد القاسم من الهند مع الجاموس). وكانا يستنجدان بشاربه، ولم يعلما ان سليلي عفلق قد فقدوا الرجولة في اليوم الذي انهار فيه رجال الحرس القومي، وهربوا في ملابس النساء.

اي إنسان هذا الذي هزأ ذات يوم بعجوزين، يعيلان أطفال أبنائهما الثلاث الذين زج بهم في الحرب دون ان يتركوا لهم معيل، واضطرا الى جمع نشارة الخشب من معامل النجارة في الصالحية، التي ملكها او دارها أشقائنا المصريين، بعد ان دفع رفاق الملطك، بأصحابها الى أتون الحرب الهمجية، ربما وجدت العذر في هذا الاستطراد، كوني دونت شيئا عن التاريخ المشين لنائب الشعب.

العفلقيون تأسسوا دون ذاكرة: لذلك هم لا يتعظون، فما نفع ان تكتب لهم الفرق بين سلام عادل وناظم كزار، وبين اغنية ( صدام يا صدام كل العرب) وبين

(ذوله احنا الي سرجنا الدم على صهيل الشكر يسعود
خلينا ظهر لنجوم من جدح الحوافر سود)

يكفي ان اميل حبيبي خلد عارهم في احد روياته:

دم ددم دم واحدة ذات رسالة خالدة
قتل تلل نل واحدة ذات رسالة خالدة

سؤالي الم يكن في توقيت هجومهم على الشيوعيين معنى وهدف محدد؟ فان كان الحزب الشيوعي العراقي ضعيفا، وغير مبادر، ولا أفق له، كما يحلو لبعض الأحبة الديمقراطيين الكلام حين يطيب لهم نقده؟ اذا ما لسر في هجوم الصداميين على الحزب دائما، وتكريس هجومهم عليه وتشديده في الوقت الحاضر؟

أرى ان السر ما في ذلك هو لان الحزب صاحب المشروع البديل، لذا فمراقبة نشاطه وتوسعه هو هاجسهم الأول، فالحزب يحضى بتأييد نوعي، من وطنيين ديمقراطيين، التفوا حوله، أعضاء وأصدقاء عن قناعة الاشتراك في بناء البديل، والصداميون يعلمون ما ان تستتب الأحوال، حتى تصبح المشاركة النوعية تأييدا نوعيا وعدديا له، هكذا يحدثنا تاريخ العراق المعاصر.

الصداميون لم ينسوا خطتهم في تصفية الحزب، وملفات السجناء السياسيين، التي اطلعت عليها، تؤكد سعيهم للنفاذ في مختلف الأحزاب القومية والطائفية واختراقها. نجحوا بذلك بعض الشيء، ووجدوا لهم في بعضها مرتعا، لكن يبدو انهم لم يجدوا منفذا للتسلل في الحزب الشيوعي العراقي واختراقه، فلم يبق لمطلكهم سوى تصريحات لا تهدف الى الإساءة والتشويه والافتراء، هي اقرب للنعيق، كما استهزأ بريخت من شراذم الصراخ العالي لأعداء التقدم بـ ( نقيق الضفادع أصاب مني مقتلا)

ملاحظات:

1- بقيت لحد هذه اللحظة شيوعي افتراضي، ولم أقدم ورقة الانتماء كوني لم أفارق الكومبيوتر، لمكاتبه أصدقاء جدد،غير افتراضيين، هذه المرة، حول مقالتي الأولى.

2- كتبت هذه المقالة، لا برهن على ما ذكرته في مقالتي الأولى، من الخطة التي رسمت لمعاداة الشيوعيين، وحذرت من فخ الوقوع فيها دون قصد.

3- استجبت لملاحظات عدد من الأصدقاء في عدم الإطالة.

4- قرأ احد الأصدقاء هذه المقالة قبل نشرها، ونصح بعدم ذكر اسمي، خوفا علي من حقد الصداميين، وذكرني بما قاله شمران الياسري في رباعيته (تره هذا طك فشك مو شيل...) فقلت له (المن تريد الحيل يا أبو سكينه!).

5- أخوتي الشيوعيين، لا تضيعوا وقتكم بالرد على المطلك، فتصريحاته لا تساوي ( ضرطة عنز) انما عليكم واجب توضيح سياسة حزبكم والدفاع عنها، والعمل على حشد القوى الديمقراطية والتبشير بمشروعها.

6- اخي الديمقراطي، ان رغبت بصناعة تاريخ آخر للعراق، اقترب من الشيوعيين، وتعاون معهم قدر ما تستطيع دون تحسس، ليس هناك شرط ان تصبح عضوا في حزبهم، ساهم في الترويج للقيم الخيرة، اعمل بما تستطع من اجل استنهاض القوى الديمقراطية وتوحيدها وفق برنامجها الواعد، لنقطع الطريق أمام اي تهديد لذوق العراقيين من اي قوة غاشمة. من اجل كل ذلك:

(أناديكم
واشد على أياديكم
وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم)


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات