| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 17/1/ 2011

     

 ثورة تونس وخطر الالتفاف

كامل الجباري

لاشك في إن ثورة الشعب التونسي هي ثورة فريدة من نوعها . شعب أعزل يواجه دكتاتورية راسخة وبشعة ، وطبقة سياسية اقتصادية فاسدة محمية من نظام الهيمنة العالمي وتوابعه من أنظمة القمع الإقليمية ، استطاع باستخدام التظاهر ووسائل الاحتجاج السلمي ، في زمن قياسي ، إجبار رأس النظام على الهروب .

الشيء المهم الأخر في نجاح هذه الثورة ، الذي لمسته كمراقب ، هو عدم بروز الحساسيات الحزبية والفئوية الضيقة في الشارع المنتفض . كانت شعاراته واضحة وحاسمة ، الخبز ، حق العمل ، الحرية بكافة أشكالها والكرامة الإنسانية ، رحيل الدكتاتورية ، وهذه الملامح تجعلنا نصنف هذه الثورة حقاً كونها ثورة اجتماعية سياسية شاملة ، أي أنها مثلت وتمثل نقيضاً شاملاً لا بديلا لدكتاتورية الحزب الدستوري منذ عهد الراحل بورقيبة إلى عهد سلفه الهارب بن علي .

يخطأ من يظن أن كل شيء قد انتهى برحيل الطاغية ، إلا من كان ساذجاً أو متساذجاً من الناحية السياسية ، فنظام بن علي ليس شخصاً وإنما هو منظومة متكاملة ، اقتصاديا وسياسياً وإداريا وإيديولوجيا تمثل طبقات وشرائح طفيلية تابعة مندرجة في بنية نظام الهيمنة السائد عالميا .

ومن هذا التحليل لطبيعة الثورة التونسية وطبيعة النظام الذي رحل ممثله ، وبقي هو وإن تصدع وتلقى الصدمة . ليس هنالك من حل وسط ، فأما أن تبني الثورة نظامها ومؤسساتها وفق تطلعات وأهداف الجماهير المنتفضة ، وأما أن تكون الثورة المغدورة حيث يعاد أنتاج النظام السابق بوجوه مختلطة أو حتى جديدة تعيد الكرة مرة أخرى في قمع ونهب الشعب . الحل ليس في تبدل الأشخاص والأحزاب والإيديولوجيات التي تنتمي بنيوياً إلى المنظومة الاقتصادية – الاجتماعية وإن بدت متعارضة سياسياً ، وإنما في إيجاد بنية جديدة تلبي متطلبات واحتياجات ومزاج الشعب في المرحلة الراهنة .

إن الدعوات الحالية لرموز النظام التي ما زالت في سدة الحكم بحجة احترام الدستور والشرعية وعدم الفراغ الدستوري إنما هي السلاح الخطير الذي تخطط له وستستخدمه أنظمة الهيمنة الخارجية المتنفذة لإنقاذ بنية النظام الفاسد بالتوافق مع الطبقة السياسية المندرجة في البنية التحتية للنظام .

إن الشرعية الحقيقية للشعب الذي أعطاها في ثورته بتصويته ، بكل وضوح ، على عدم شرعية النظام القائم ، وأن لا شرعية لدستوره ، والشعب مصدر السلطات والدستور ، وكذلك لقوانينه وممثليه السياسيين الذين ما زالوا يتربعون على هرم السلطة .

أن الشرعية الوحيدة هي لمجلس تأسيسي منتخب بحرية يقوم بكتابة دستور وقوانين تناسب المرحلة لتجري بعدها انتخابات ديمقراطية حقيقية ، وما عدا ذلك ، سيؤدي حتماً إلى إعادة إنتاج نظام قهر جديد .

free web counter

 

أرشيف المقالات