| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 17/5/ 2012                                                                                                   

 

مجدا لشهداء الحزب الشيوعي العراقي في 17 و18 آيار 1978

بشرى علي رحيم

اربعة وثلاثون عاماً تمر هذه الأيام، على تلك الجريمة التي ارتكبت بحق 31 رفيقاً وصديقاً من الأبطال الذين منهم من صعدوا المشانق، ومنهم من تلقى الرصاص في الصدور وهم يرددون شعارات الوطن الحر والشعب السعيد، رافضين الخضوع لجلاديهم، مسطرين بدمائهم الطاهرة قصصا من البطولة والشهادة، ليلتي17 و18 آيار 1978، والتي لن ينساها الشيوعيون العراقيون  مهما مر من الزمان، حيث اصبحت تلك الجريمة البشعة للبعث الفاشي، لواحدة من اضاءات البطولة الشيوعية في تاريخ الحزب والعراق.

اما انا فاتذكرها وكأنها حدثت يوم امس،  كيف لا وابطال مثل عبد الرحمن علي رحيم ورفاقه بشار رشيد وسهيل شرهان وشاكر رحيم وناصر حسين وصباح وحامد وعبد الكريم وصبيح وغيرهم من الابطال، يتسابقون للموت رافضين مغريات الجلاد، ووعوده باطلاق سراحهم مقابل التنازل، عن الانتماء للحزب الشيوعي العراقي، نعم هذه هي الحقيقة ....التي يعرفها الكثيرون ، ويجب ان تذكر في تاريخ الحزب فهي اكيدة وليست مجرد عبارات عن بطولة شهداء.

هذه الحقيقة عشتها ولمستها من خلال احد هؤلاء الشهداء وهو اخي عبد الرحمن والذي صدر بحقه قرار الاعدام دون اي محاكمة، بعد اعتقاله في ربيع 1976 بتهمة الإنتماء للحزب الشيوعي، ومحاولة تنظيم احد العسكريين، وهو صديقه ورفيق زنزانته فيما بعد (الشهيد شاكر رحيم)  بوشاية من احد عملاء النظام المقبور،  حيث زج الاثنان في قسم الاحكام الثقيلة \ قاعة الاعدام \ سجن ابو غريب من نيسان 1976 ولغاية تنفيد المجزرة في آيار 1978.

 كنت ارافق عائلتي لزيارتهم  (عدة مرات في الشهر الواحد) وبذلك تعرفت على هؤلاء الابطال الذين صدرت بحقهم قرارات  الاعدام ، من قبل جلاوزة  قيادة حزب البعث الحاكمة انذاك.

وكانت طويلة هي الفترات التي قضاها ابطالنا هؤلاء في السجن، لكنهم كانوا متيقنين من ان الجريمة ستنفذ لا محال  وفي اي لحظة  ،ومع هذا فقد كانت شجاعتهم نادرة وفوق التصور، عبروا عنها من خلال رسائلهم الشفهية الى رفاقهم في الحزب الشيوعي العراقي،  وكان في محتواها استعدادهم لمواجهة الموت، وعدم الاستجابة للضغوطات الاجرامية لفاشيي البعث.

لمست هذا جيدا بعد ان تعرفت عليهم وتقربت منهم ومن عوائلهم، واصبحت عوائلنا وكأنها عائلة واحدة ،عائلة اخي عبد الرحمن  الشاب ذو الثلاثين عاماً، ذلك الهادي الوديع والمحب للناس، والمخلص للحزب الذي انتمى اليه منذ بداية السبعينات، حيث كان عاملاً في احدى المعامل الاهلية في مدينة جميلة، بعد ان لم يجد فرص عمل مناسبة، بسبب كونه الشيوعي الملتزم، ومع هذا كان سعيدا بعمله.   اذكر جيدا كيف كان ياتي كل يوم من العمل، محملا باكياس الفاكهة للعائلة، ومعه جريدته اليومية \طريق الشعب\ التي كان يتصفحها كل مساء، لم اكن اتصور ان ولعه بالشيوعية التي امن بها لدرجة ان يضحي بحياته، وهو الشاب المتحمس للحياة، الوسيم والانيق في ملبسه وهندامه، وصاحب روح صافية ونفسية جميلة ونقاء نادر، حتى بعد ان زج في زنازين ابي غريب.

في ايام الزيارات كنا وبقية الرفاق وعوائلهم نفترش الارض  التي بين ممرات الزنازين، نتناول ما نحمله من أكل ، ونتحدث في شتى المواضيع  محاولين التعرف اكثر على وجوه بعضنا البعض، ناثرين الامل وحب الحياة، رغم قوة الموت القادم، ذاك الذي حمله فاشيو العراق راية لهم.

رايت الصبر والتحمل في العيون المصرة على محاربة الظلم ، ولمست القناعة وعدم  التردد بالتضحية ونكران الذات، كنت اجد ذلك ليس في احاديث اخي فقط بل صدقا كان ذلك عند  الجميع،    صور  لوجوه شابة متحمسة لاتزال عالقة في ذهني كشموع اضاءت طريق الغير وستبقى مضيئة.  شهداء ساروا في طريق الحرية والخلاص من  نظام فاشي لم يعرف غير لغة الدم والقتل والغدر اسلوبا في التعامل مع الاخر.

عاش العراق، عاش الحزب الشيوعي العراقي،  الموت للفاشية .

هذه هي العبارات الاخيرة  التي رددها الشهداء وهم يتلقون الموت بقخر وشجاعة ، فتحية لذكراهم جميعا .ِ

 

free web counter

 

أرشيف المقالات