| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 18/7/ 2011                                                                                                 

 

حسين فليح .... وداعا

خالد غني

حسين فليح معروف لجميع ابناء مدينة الناصرية ، وجه اجتماعي بارز وأحد رموز المدينة الجميلة ، مناضلا باسلا عرفته شوارع الناصرية ومعتقلاتها ، رياضيا مشهورا تشهد له الملاعب والساحات الكروية ، وكان من أفضل حمات الهدف في الناصرية .

من اليمين حسين فليح ، خالد غني ، طارق الخالدي في ساحة الثانوية 21/10/1967

الرياضة كانت سببا لعلاقتي مع أبي علي منذ أيام الصبا ، حيث كانت المنافسات الرياضية في أواسط الخمسينات بين المحلات السكنية تتجاوز لعبة كرة القدم لتشمل العاب الساحة والميدان مثل الركض ، القفز العالي ، الثلاثية ، الطفر الطويل وغيرها من الألعاب . تطورت علاقتنا أكثر وأكثر في مرحلة الشباب ، وتطورنا نحن رياضيا ، وصرنا نلعب سويا في فريق واحد سواء في منتخب الناصرية أو في فريق نادي الفتيان أو فريق المعارف أو فريق اتحاد الطلبة العام لكرة القدم ، ومعنا الكثير من اصدقائنا منهم اللاعب الاسطوري عباس هليل والفقيدين شريف نعاس ونعمان السيد محمد وآخرين . زرنا مدن عراقية عديدة ، وفي كل تلك الزيارات كان للفقيد ابا علي حضور جميل لمرحه ورحابة صدره . وكان بارعا في كرة الطاولة .

كونه عضوا في الحزب الشيوعي العراقي وعضوا في اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية ، لعب دورا بارزا بعد ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة ، ولتميز نشاطه ، لحق به الكثير من الأذى حيث امضى معظم سنوات شبابه بين المطاردة والتوقيف والسجن . القي القبض عليه اثناء نشاطه في حملة لجمع التواقيع من اجل انقاذ ابناء الموصل المحكومين بالاعدام زورا وبهتانا ، شارك بحملة الخط على جدران الابنية للمطالبة باحلال السلام في كردستان .
وبسبب نشاطه السياسي حكم عليه المجلس العرفي بالسجن لمدة سنتين أمضاها في سجن الرمادي وأكتسب احترام وتقدير رفاقه لوقوفه في وجه ادارة السجن سيئة الصيت التي ارادت اذلالهم ، حينها كان يكنى حسين ناصرية .

تجاوزت الثقة بشخصيته ، رفاقه واصدقائة لتصل الى الشرطة ، التي كان زبونها الدائم في المناسبات الوطنية . في بداية ستينات القرن الماضي اودع الفقيد ابا علي في مركز شرطة السديناوية في الناصرية لفترة تقارب الثلاثة اشهر ، حينها كان في الصف الثالث المتوسط ومطلوب منه انجاز الامتحانات الوزارية في تلك الفترة .
كان على شرطي واحد ايصال الفقيد الى مركزه الامتحاني في قاعة روضة الناصرية ، وايصال موقوف آخر من رفاق ابا علي الى مركز امتحاني آخر في قاعة دار المعلمين الابتدائية ، بفارق مسافة كيلو متر بين المركزين . الشرطي عنيطل المكلف بايصال الاثنين الى المراكز الامتحانية كان يثق بان الفقيد لايمكن ان يؤذي من يثق به ، كان يفتح اصفاد ابا علي ويدعه يصل الى المركز الامتحاني كأنه طليق ، ويوصل الموقوف الآخر الى مركزه الامتحاني . وفي العودة يجد الشرطي عنيطل الفقيد حسين فليح ينتظره في نفس المكان الذي غادره منه . كان محترما وموضع ثقة الجميع بما فيهم الشرطة ، انها احدى مآثر نبله وشجاعته واخلاقه السامية .

غادر الى المانيا في سبعينيات القرن الماضى وعاش هناك مايقارب اثني عشر عاما ، أمضى فيها حياة رتيبة ، اضطرته للعودة الى العراق تاركا ورائه كل المغريات ، ليرتوي من ماء دجلة والفرات الخالدين ، وليسير فيى شوارع مدينته الناصرية ، التي لاتضاهيها كل شوارع مدن العالم ، عاد لمدينة انتمائه وعشقه الاول ، حبيبته الناصرية ، ويزور اصدقائه في بغداد بين آونة واخرى .

في منفاه الآخر سوريا ، لم يصمد طويلا امام فقدان حريته في الحديث في كل الامور ، وبصوت مسموع ، بعيدا عن لغة الألغاز ، التي تسمى ( الحسجة ) وعاد الى مدينته ، الى معشر اصدقائه وتأريخ حياته ، حتى نال منه مرض السرطان .

جمعتني مع الفيد حسين فليح أماكن متعددة ومناسبات كثيرة ، عشناها بحلوها ومرها ، وبعد ان ابعدتنا المسافات ، صار الهاتف وسيلتنا للتواصل واسترجاع الذكريات المغروسة في اعماقنا . نتهافت اسبوعيا ، واحيانا بشكل يومي ، يخبرني بزهوه باسرته وصداقاته ، القديمة منها والجديدة . كان موضع فخر واعتزاز شمل كل محبيه ، رحيله كان خسارة كبيرة لعائلته ورفاقه واصدقائه ، وستبقى ذكراه عطرة معنا ، مادام فينا نفس ، وينبغي علينا الصبر .
 


تموز 2011
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات