| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 1 / 8 / 2013

 

شهيد لا تعترف به الحكومة العراقية‏
لمحات من حياة الدكتور صفاء الحافظ

فريال أحمد سعيد *

ولد صفاء الحافظ في شهر آب سنة ١٩٢٣في مدينة هيت حيث كان والده يعمل في محكمة هيت. توفي والده عندما كان عمره 4 سنوات وأخوه الوحيد عدنان كان بعمر سنة واحدة. تكفل عمهما أحمد الحافظ رعايتهما وانتقلا للعيش في مدينة الحلة حيث كان عمهم يعمل معلماً في أحدى المدارس في الحلة. درس في مدارس الحلة وتخرج منها وكان تسلسله في الإعدادية الأول على محافظة بابل.

بعدها انتقل للعيش في بيت خالته فخريه وبعدها في بيت ابنة خاله زكية خيري حيث عاش حياة قاسية في مدينة بغداد ليكمل دراسته الجامعية في كلية الحقوق جامعة بغداد حيث اكمل دراسته الجامعية سنة ١٩٤٦، وبسبب كون ترتيبه الثاني على الدفعة حصل على بعثه الى فرنسا على حساب الدولة. سافر الى باريس ودرس في جامعة السوربون وحصل على شاهدتي ماجستير الاولى في الإقتصاد والثانية في القانون ، ولم يتوقف الى هذا الحد يالتحصيل الدراسي فقد حصل على شهادة الدكتوراه بالقانون الدولي وبوقت قياسي وبترتيب الأول على دفعته بالنسية للفرنسيين والأجانب. وبسبب كفاءته عرضت عليه احدى المؤسسات الحكومية الفرنسية في حينها العمل بباريس وبراتب مغري جداً ولكنه رفض واصر على العودة للعراق وخدمة الوطن.

عاد الى العراق في سنة ١٩٥٣ وقام بتدريس مادة القانون الدولي في كلية الحقوق في بغداد. رشح نفسه لانتخابات مجلس النواب كنائب عن منطقة باب الشيخ ولكنه أودع التوقيف في حينها من قبل السلطات الملكية لأنه كان من المعارضة لسياسة الحكومة، ومن ثم اسقطت عنه الجنسية العراقية هو ومجموعة من المثقفين آنذاك. ترك العراق وعاش متنقلا (بطرق غير شرعيه) بين فرنسا وسوريا ولبنان، ولكنه لم يتمكن من الحصول على عمل في هذه البلدان لأنه لا يملك اي اوراق ثبوتيه الى ان حصل على عمل في إحدى الصحف السورية وبدوام ليلي يبدأ من الساعة الثانية عشر ليلاً وينتهي في الساعة السادسة صباحاُ.

بعد ثورة تموز عام ١٩٥٨ عاد الى العراق واعيدت له الجنسية العراقية وعاد للتدريس في كلية الحقوق وكمحاضر في كلية التجارة لحين انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣، حيث أصبح مطارداً من قبل الحرس القومي والحكومة ولكنه تمكن من الإفلات منهم وأختفى لمدة خمس سنوات عن انظار أهله وذويه والعالم وهو في بغداد حيث أختفى في بيت ليلى البياتي لفترة ومن ثم انتقل الى شقة مجاورة غير مسكونه في منطقة الكرادة خارج. وبعدها نقل الى منطقة الصرائف مدينة القاهرة في الأعظمية. وبمساعدة عمه احمد الحافظ بقي هناك لمدة ما يقارب السنة بعدها انتقل الى دار في منطقة الشيخ عمر بمساعدة زوجته وأخوه عدنان الذي كان دوما سنداً له معنوياً ومادياً. وبقى هناك لمدة سنة ايضاً ومن ثم انتقل للعيش في بيت أهل زوجته حيث كانت هي هناك وبقى مختفياً هناك الى سنة ١٩٦٨. بعدها أعيد الى الوظيفة وأصبح يعيش في العلن وسكن في حينها في منطقة الداوودي في المنصور هو وزوجته وأولاده، وبقى استاذ في الجامعة كلية الحقوق الى سنة ١٩٧١.

نقل بعدها الى وزارة العدل كمدون قانوني ومستشار في مجلس شورى الدولة وعنصر مهم في دائرة الإصلاح القانوني. ومن أهم القوانين التي انجزها في حينه هو قانون الرعاية الإجتماعية والمعمول به لحد الآن والذي يخدم شريحة كبيرة من الشعب خصوصا الاشخاص عديمي الدخل. 

حصل على شهادة دكتوراه هابيل من جامعة لايبزك في المانيا وهي أعلى شهادة دكتوراه في العالم ليصبح لقبه بروفيسور. وفي فترة مكوثه في المانيا اتصلت به الحكومة العراقية طالبة منه الرجوع الى بغداد وتعيينه وزيراً للعدل ولكنه رفض وبقى في المانيا هو وعائلته لحين انتهاء الاجازة الدراسية وعاد الى العراق سنة ١٩٧٤. حيث كان العراق في حينها يعيش في أجواء الجبهة الوطنية وصحف العلنيه لجميع الأحزاب حتى سنة ١٩٧٩ حيث استلم صدام حسين السلطة بعد احمد حسن البكر وبدأت الإغتيالات والإعتقالات للعناصر المعروفة بنشاطها الوطني وكان نصيبه منها كثير إذ أحيل على التقاعد في حينها ومن ثم اعتقل في الأمن لمدة 35 يوماً أو بالأحرى اختطف من الشارع حينها تم اطلاق سراحه بسبب تدخل رئيس مجلس السلم العالمي (روميش جاندرا).

عاد الى عمله الحزبي وعمل في حينها على إعادة هيكلة الحزب الشيوعي ثانية خاصة بعد الهجمة الشرسة على جميع كوادر الحزب المهمة وإدخالهم السجون او بالاحرى غيبوا في السجون حيث لا يعرف عنهم اي شئ ، في اي سجن ، حوكموا ام لا ، احياء ام اموات.

بتاريخ ٤ شباط ١٩٨٠ القي القبض عليه بطريقه اشبه بالاختطاف حيث اختطف من الشارع وهو يقوم بتوصيل زوجته الى مقر عملها في شارع الرشيد، ولم يعد بعدها والى حد الان لا يعرف اي معلومة عن مصيره هل اعدم ام توفى ، كيف ومتى توفي ، ولا يعرف له قبر مثل جميع البشر، مما ألحق خسارة كبيرة لعائلته أولاً ولمحبيه الكثيرين ولوطنه ثانياً .

أنه مناضل شيوعي وطني الى حد النخاع عانى كثيرا في حياته من أجل الدفاع عن الأفكار التي كان يؤمن بها حتى قدم في النهاية حياته وهي أغلى شئ ممكن ان يقدمه الانسان من أجل الحفاظ على وحدة وسلامة الحزب الشيوعي العراقي من جهه، وخدمة وطنه العراق من جهة أخرى وبكل صدق وأمانة.

كان عضو في الكثير مع المنظمات الوطنية سواء في الداخل او الخارج فهو عضو في مجلس السلم العالمي وعضو بارز وفعال في مجلس السلم العراقي وكذلك في نقابة الحقوقيين بأعتباره حقوقي وفي نقابة المحامين بأعتباره محامي وفي نقابة الإقتصاديين بأعتباره اقتصادي وفي نقابة المعلمين باعتباره من الهيئة التدريسية في كلية الحقوق وانتخب في حينها سكرتيراً لنقابة المعلمين وفي نقابة الصحفيين بأعتباره صحفي نشط يكتب المقالات دائما في جريدة اتحاد الشعب ومن ثم جريدة طريق الشعب وهي لسان الحزب الشيوعي العراقي وكان من مؤسسي مجلة الثقافة الجديدة والتي هي ايضاً تمثل لسان الحزب واصبح سكرتير المجلة ولفترة طويلة، وعمل في فترة اختفائه الطويلة والتي دامت خمس سنوات في اذاعة صوت الشعب العراقي والتي كان مقرها في حينه في صوفيا عاصمة بلغاريا وكان يمدها بالاخبار والمواضيع الكثيرة التي تمس الشعب العراقي وهو في بغداد.

من كل ذلك اصبح معروفاً في جميع هذه المجالات وله علاقات كثيرة جداً مع الآخرين حتى مع البعثيين بأعتباره كان دائما ممثلاً للحزب الشيوعي العراقي ومفاوضاً معهم وكان على علاقة قوية مع الحزب الوطني الديمقراطي برئاسة كامل الجادرجي وكان يزوره دائما ويتباحثان في القضايا السياسية التي تمس البلد وكثير من الناس كانوا يشكون بأنه عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي لقربه منهم في كثير من المواضيع المطروحه.

كان انسانا ذكي دمث الاخلاق محبوب من الجميع حتى من قبل خصومه السياسيين ، دبلوماسي بكل معنى الكلمة لا يعرف الحدية في الأمور مفاوض جيد كما وانه يتميز بصفة قليل ما يتميز بها الآخرين انه بسيط بالتعامل مع الآخرين يجالس ابسط الناس من الفلاح الى العامل ويدخل معهم في حوارات كأنه واحد منهم وبجانب ذلك يجالس أعلى المستويات من المثقفين والمتنفذين في الدولة وكأنه واحد منهم وهذا دليل على الثقافة العالية التي كان يتمتع بها ، هادئاً قليل العصبية حتى انه حينما يغضب يكتم ذلك في داخله ولا يظهره للآخرين ابداً.

يجيد ثلاث لغات إجاده تامة هي الفرنسية والأنجليزية والألمانية بالاضافة الى لغة الأم وهي العربية طبعا، وهذه الميزات جميعاً جعلته يكون ممثلاً للحكومة والحزب في المحافل الدولية، يحب بلده العراق كثيراً ولم يخرج منه مع الذين خرجوا في حينها لأن الحكومة في حينها اتخذت قرارا هو تسهيل سفر الشيوعيين الى الخارج لكي تخلص من معارضتهم في الداخل ورحل الكثيرين ولم يبقى الا القليل منهم وكان هو احدهم أراد ان يخدم العراق ورفض السفر الى الخارج وكانت النتيجة انه قدم حياته قرباناً للعراق وهذا ما كان يتمناه دائما في الوقت الذي لديه من الإمكانيات الثقافية والشهادة واللغات من العيش في بلدان عديدة ولكنه رفض ذلك وبقي في الوطن حتى كانت نهايته فيه.

كان زوجاً مثالياً وأباً رائعاً بكل معنى الكلمة. رزق بعمار الابن البكر وريم وثلاثة توائم نوار وعلي ورند.


* (أم عمار) قرينة الشهيد

 

صفاء الحافظ في طفولته في عام 1927


في لقاء لوفد من نقابة المعلمين مع الزعيم عبد الكريم قاسم
 



صفاء الحافظ مع عدنان الحافظ
 



مع الأولاد
 



صفاء الحافظ مع اسماعيل الشيخلي في باريس
 



من اليمين بريسا زوجة محمود صبري والدكتور الشهيد صفاء الحافظ والدكتور فاروق برتو والفقيد رافد صبحي أديب
والفقيد محمود صبري والدكتور حمدي التكمجي
 



مع عمار الابن البكر
 



في بحيرة الحبانية
 



صفاء الحافظ مستشار قانوني في وزارة العدل العراقية
 

أثناء الاختفاء عن أعين أجهزة الأمن                       وأثناء عمله في التدريس
 



في وفد حركة السلم العراقية
 

                            أثناء مرحلة التخرج والعمل                                   اثناء مرحلة التلمذة   
                           في مؤسسات الدولة العراقية

 



في باريس اثناء الدراسة
 



العائلة
 



نداء الحزب الشيوعي العراقي لاطلاق سراح الدكتور صفاء الحافظ
والدكتور صباح الدره بعد اختطافهما من قبل أجهزة الأمن البعثية


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات