| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 20/1/ 2011

     

شر البلية ما يضحك

عبد الجبار الجبوري
abduljabar1932@gmail.com

هدم النظام الديكتاتوري كل نواحي الحياة في البلد :

مصادرة الحريات العامة لعامة الشعب ، قمع معارضيه وإبادتهم فرديا وجماعيا دون رحمة ، مسخ الاقتصاد الوطني وتهديم البني التحتية للبلد نتيجة زجه بحروب عبثية أتت على الأخضر واليابس وأدت إلى عزلة العراق ومحاصرته دوليا، تجويع الشعب واحتكار واردات العراق له ولعائلته وعشيرته وجلاوزته فقط.

وأخطر من كل هذا ترك العراق مجتمعا متداعيا تشوبه الريبة والخوف والقلق وعدم الثقة وتنتشر بين صفوفه حالات الغش والاحتيال والتزوير والرشوة والسرقة والسقوط في مهاوي الرذيلة نتيجة الحرمان .

وبعد التغيير عيّن الاحتلال بريمر حاكما عاما للعراق فزاد الطين بلة ، فبدلا من معالجة الأمور بحكمة كما فعل دوكلاس مكارثر في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية عندما قال لحكومته " أعطوني خبزا أو رصاصا" وحصل على الخبز وقاد اليابان إلى بر الأمان والديمقراطية والتطور الاقتصادي، فأن بريمر لم يطلب لا خبزا ولا رصاصا وإنما استعمل معاولا لتهديم الدولة العراقية برمتها من جيش وشرطة وأجهزة ومؤسسات فأصبح العراق (عدا كردستان) أرضا وبشرا فقط لا حاكما ولا حكيم وحلت فترة الفلتان اذ كانت عصابات القتل والنهب والسرقة وتصفية الدولة وحرق مؤسساتها ونهب محتوياتها تجوب الشوارع دون رادع وأصبح الشعب في ذهول لما يجري ، ثم جاء بمجلس الحكم مكرسا للطائفية والعرقية وبدت تظهر بوادر الإرهاب المنظم ، ثم انتهت مهام مجلس الحكم وجاء مسلسل الحكومات الوقتية والانتقالية وأخيرا الدائمية ، وغادر بريمر وجرت عدة انتخابات أثبت الشعب العراقي خلالها بأنه شعب أصيل مارس حقه الانتخابي بجدارة رغم كا ما يحيطه من إحباط وإرهاب وترهيب .

ووقف البلد على رجليه مترنحا ينوء بحمل ثقيل تركه صدام وأضاف عليه بريمر الكثير مصحوبا بحملة شعواء من الإرهاب والتشويه والتدخل الأجنبي وبالأخص دول الجوار الذين كانوا يضخون ألاف الإرهابيين مزودين بالأسلحة الفتاكة والأموال ومدربين خصيصا لقتل الشعب وتفتيت وحدته وإفشال مشروعه الديمقراطي الذي هز عروشهم.

وأخيرا جاء رعاة الديمقراطية وعلى عاتقهم ثلاث مهام وهي : محاربة الإرهاب وتطبيق الديمقراطية واعمار العراق.

وفي محاربة الإرهاب حققت الحكومة المنتخبة نجاحات هامة بفضل أجهزتها الأمنية وجهود الصحوات (رغم السلبيات الكثيرة) أهمها قبر شبح الاقتتال الطائفي الذي كان أعداء العراق يعولون عليه الكثير من أمانيهم.

أما الديمقراطية فقد طبقت وفق أيدلوجية القوى الحاكمة ، ففي المجال السياسي ظهر مفهوم المحاصصة بين الكبار مع محاصرة وإبعاد الفكر الأخر وسن الأنظمة التي تمكن القوائم الكبيرة من ابتلاع أصوات القوائم الصغيرة لتكريس الفكر الحاكم وإبعاد الفكر المضاد، وفي المجال الاجتماعي قيدت الممارسات الفعلية حرية الآخرين وخصوصياتهم ونمط حياتهم الشخصية التي ضمنها لهم الدستور وضمن ما نصت عليه المواثيق الدولية ومحاولة فرض نمط معين من الحياة على جميع شرائح المجتمع .

أما اعمار العراق وهذا هو بيت القصيد أو (مربط الفرس) كما يقول المثل العامي فهو موضوع شائك ومتشعب منها : اعمار البني التحتية كالماء والكهرباء والزراعة والري والصناعة والإسكان وغيرها ، إضافة لاعمار البنى الخدمية والأكاديمية كالصحة والتعليم والثقافة والفن والرياضة ومعالجة البطالة وغيرها ، وأخطرها هو اعمار أخلاق المجتمع وممارساته التي خلفتها عهود الدكتاتورية والاحتلال ، والعامل المشترك لانجاز مهام الاعمار أعلاه هو الفساد المالي والإداري المتجذر في نفوس الكثيرين، وبدون القضاء على هذا الإخطبوط الخطير لا يمكن التفكير بأي اعمار والذي يروم انجاز الاعمار بإشكاله الثلاثة يجب ان يكون مسلحا ضد هذا الإخطبوط الخطير.

وبغض النظر عما وصلت إليه سمعة العراق من التردي في مجال الفساد المالي والإداري على النطاقين الداخلي والدولي، وبما في ذلك التشريع الذي يجعل الرواتب العليا تعادل مئات الإضعاف لرواتب الموظف الصغير مما أثار تندر الشارع العراقي لهذه الظاهرة الفريدة ، إضافة إلى المكاسب الأخرى واستغلال المناصب مما خلق طبقة ارستقراطية جديدة فاقت ارستقراطية النظام السابق .

ومما أثار انتباهنا في هذا الصدد ندوة في فضائية الحرة عراق عنوانها عفوا عاما عن أصحاب الشهادات المزورة ممن تقلدوا بموجبها مناصب في الدولة بعضها هاما.

وهذا يذكرني بقرارات العفو الارتجالية في زمن النظام السابق وكان يخرج بموجبها المزورون واللصوص ليمارسوا نفس عملهم ويعودون للسجن من جديد انتظارا لعفو جديد.

هل هذه يا ترى طريقة محاربة الفساد المالي والإداري الذي ينخر في جسم البلد ؟ .

ألا يمكن إن يسلك هؤلاء نفس السلوك أعلاه ؟! وما تأثير هذه الخطوة على الآخرين الذين لديهم الاستعداد للتزوير والرشوة ناهيك عما يشعر به عامة الشعب، ألا يمكن أن يفسر هذا التصرف لحماية ورد الاعتبار لبعض الرموز الكبيرة المتهمة بنفس التهمة تماشيا مع سياسة الإرضاء والمحاصصة، أيمكن بمثل هذه القرارات ان نقضي على ثقافة الفساد وبمختلف أشكاله ونخلق جيلا جديدا يبني العراق على أسس قويمة وينهض بالاعمار الحقيقي.

ونعتقد بان الفرد العراقي يتمتع بوعي سياسي واسع وإذا فكر السياسيون أن بإمكانهم تسيير الجماهير وفق مشيئتهم إلى أمد بعيد يقعون في خطأ جسيم .

 

free web counter

 

أرشيف المقالات