| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 22 /12/ 2010

 

تعقيب على مقال الأستاذ الدكتور سيّار الجميل الموسوم "عبد الجبار عبد الله: علامة مندائية مضيئة"
 

ابراهيم ميزر الخميسي

تعقيب على مقال الأستاذ الدكتور سيّار الجميل الموسوم "عبد الجبار عبد الله: علامة مندائية مضيئة" المنشور في 22 ديسمبر الحالي في موقع "الناس" :

بودي أن أشكر الأستاذ الجميل على مقاله المهم والممتع بنفس الوقت عن العالم العراقي عبد الجبار عبد الله. وليس غريباً أن نقرأ مثل هذه الأعمال العلمية للمؤرخ والمفكر والكاتب اللامع الدكتور سيّار الجميل. الكثيرون، وكاتب هذه السطور من بينهم، يتابعون ما يكتبه بشغف وخاصة في التاريخ والثقافة والفكر والهم العراقي.

ويسعدني أن أقف إلى جانب مقترحاته في ضرورة تكريم عالمنا الكبير الدكتور عبد الجبار عبد الله، إذ أن ذلك يعني تكريماً للعلم و الأبداع في بلدنا.

كما أود أن أبين اني شعرت بأن مقال الدكتور الجميل حوى بعض الأقتباسات من مقالي المنشور في مجلة الثقافة الجديدة إلى جانب مقال ألاستاذين الأمريكيين و الدكتور عبد الكريم الخضيري (الثقافة الجديدة، العدد 261 ، عام 1995). وقد أشار الأستاذ الجميل إلى المقالين الأولين دون الأشارة إلى مقالي الذي جرت الأقتباسات النصية منه. وأعدت نشر المقال العام الماضي بعد إضافات جديدة وذلك في مواقع عدة منها "الناس"، "الحوار المتمدن"، "صوت العراق" وغيرها.

يستطيع من يريد الإطلاع على المقال أن يجده، على سبيل المثال، على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176345

وقد أوردت هنا بعض الفقرات من مقالي المذكور وهي باللون الأحمر، لسهولة الأطلاع عليها، والتي جرى اقتباسها في مقال الدكتور الجميل.

قد يكون حدث سهواً ما، أو قد يكون للأستاذ سيّار الجميل رأي آخر. إن هذا التعقيب هو للتنويه فقط، ولا يقلل أبداً من القيمة الكبيرة والمهمة لمقال الأستاذ الجميل!

شكري وتحياتي مرة أخرى للمفكر العراقي الكبير الأستاذ الدكتور سيّار الجميل!

جزء من مقالي المنشور في عدة مواقع (وذلك للمقارنة مع مقال أ. د. الجميل المنشور في "الناس" يوم أمس):

معظم أبحاثه كانت حول الأعاصير والرياح القوية والزوابع. درس أسباب وطرق تولّدها والعوامل التي تساعد على نموها وأخذها أشكالها النهائية. كان يصف ذلك بشكل مذهل حتى يخيل إليك أنه راكب مع تلك الموجات التي كان يبحث فيها، مندفع مع التيارات المتلاطمة والدوارة، سائر في طرقها الملتوية، الصاعدة منها والهابطة والحلزونية وغيرها. كان يبيّن بإمعان ووضوح طبقات الهواء المتباينة، الباردة، الأقلّ برودة، الدافئة والأكثر دفئاً، وكذلك علاقات تلك الطبقات مع بعضها البعض. كما بيّن درجات حرارتها، أسباب اختلافها عن بعضها و فرق الضغط بينها، إضافة إلى دراسته العوامل والمؤثرات التي كانت تلعب دوراً مهماً في حدوث ونمو وتكامل الزوابع والأعاصير. ولقد خصص قسماً من أبحاثه لدراسة قلب الأعصار الذي يدعى (عين الأعصار) [1].

الشيء المهم الذي تميزت به أعماله هو وصفه لما كان يحدث بمعادلات رياضية، يستطيع الباحث بواسطتها التنبؤ بحالات هبوب الأعصار. وعلى هذا الأساس يتم التهيؤ والأستعداد لمواجهة ذلك، حيث يتم إنقاذ السفن والبواخر التي تمخر عباب البحار والمحيطات، وأخذ الأحتياطات اللازمة في المدن.

باكورة أعماله العلمية كانت إطروحة الدكتوراه حيث (عالجت نظرية الأمواج الجوية وتزايد طاقة مثل هذه الأمواج بواسطة سرعة مجموعتها) [2].

من بين أعماله، على سبيل المثال، بحث لدراسة التأثير الميكانيكي لموجة الهواء البارد على حدوث الأعاصير الحلزونية المدارية [3]. وهو بحث نظري تناول التأثيرات والأضطرابات والتخلخلات الضغطية، والأختلافات في درجات الحرارة التي تحدث حينما تتحرك طبقات الهواء البارد إلى الأعلى، مخترقة جبهة الموجة التي تفصلها عن طبقات الهواء التي تقع فوقها والتي هي ادفأ منها. وهذا بدوره، دون الخوض في تفاصيل عديدة، يشكل الجانب الميكانيكي ألذي يؤدي إلى حدوث الزوابع. وأشاراثنان من العلماء الأمريكيين البارزين في علوم الأنواء الجوية هما هورتز و اوبراني [2] الى اهمية هذا العمل(لأنه يدل على التطبيق الأصيل لأسلوب الأعداد البيانية في اللوغاريتمات على قضايا الأنواء الجوية. وفي بضع سنوات فقط حذت أبحاث عديدة حذو ما توصل إليه د. عبد الجبار. وأُستخدمت هذه الأداة الجبارة في حل معادلات تفاضلية جزئياً غير خطية زائدية المقطع في معالجة القضايا الجوية).

وفي مقالة أخرى [4] درس د. عبد الجبار حدوث ونمو وتكامل عين الأعصار. والأعصار يبدأ كدوامة صغيرة، ثم تكبر وتنمو عين الأعصار، فتكون ضيقة، دافئة، واضحة و تحدّها ريح قوية وفرق بالضغط شديد الكثافة. وهذه الحالة غير مستقرة، مما يؤدي إلى تغيير شكل العين، فتأخذ بالتوسع، وقد تكون غير دافئة، غير واضحة وتقل كثافة فرق الضغط. وبإستخدام موديلات(نماذج) رياضية مبسطة عن طريق إهمال بعض العوامل مثل تأثيرات الأحتكاك ودوران الأرض على التحركات الجوية، استطاع د. عبد الجبار توضيح بعض الخصائص المهمة لهذا الأعصار وامكانية التنبؤ بحدوثه. وله دراسات اخرى حول عين الأعصار (انظر، على سبيل المثال، المراجع 11 و 12 في [2]).

وقد خصص بعض بحوثه[5-7] إلى دراسة خصائص خطوط العاصفة. كان يلاحظ أن تلك الخطوط، التي تشكل مقدمة الجبهة الباردة للعاصفة والتي تندفع بتعجيل معين،يجري نموّها طوليا. قام د. عبد الجبار بوضع محاولة [6] لتوضيح صفات خطوط العاصفة والتي تُدعى أيضاً خطوط قفز الضغط وكذلك لأستنتاج معادلة رياضية يُستطاع من خلالها التنبؤ بذلك النمو. لقد اعتمد في موديله(نموذجه) على عدة فرضيات منها: إن مستوى هبوب العاصفة افقيا وخاليا من أية ارتفاعات، وإن تعجيل الجبهة الباردة ثابتاً كما إن تلك الجبهة الباردة لا تحتوي على اية سرع جانبية إثناء جريانها. إعتماداً على هذه الفرضيات استطاع من اشتقاق معادلة رياضية يمكن بواسطتها دراسة كيفية تشكل ونمو خطوط العاصفة او الزوبعة وكذلك التكهن بوقوعها.

درس د.عبد الجبار في أعمال اخرى له الموجات الجوية المنفردة [8-9]. كان يُعرف بوجود موجة منفردة في المياه الضحلة، وهي عبارة عن ارتفاع منفرد على سطح الماء، يسير، دون أن يغير شكله، إلى مسافات بعيدة. بحث د. عبد الجبار في احتمالات وجود مثل هذه الموجات في الهواء الجوي. وأثبت وجود ذلك فعلاً، أي وجود ارتفاع منفرد في السطح العلوي لطبقة من الهواء، ينتقل لمسافة كبيرة على ذلك السطح. ويكون ذلك على شكل ارتفاع صغير يسير منتقلاً بالنسبة لمشاهد على الأرض. كما بين إمكانية حدوث مثل هذه الموجات في الهواء الجوي، وكيف إنها قد تؤدي إلى خلق نشاط انتقالي يسبب بدوره نشؤ إعصار قُمعي(على شكل قُمع). باتت دراسته بهذا الشأن(طليعة الحقل الخاص من العلوم الذي أصبح يُعرف ب
Mesometeorology والذي إزدهر، وغدا فرعاً مهماً من علم الأنواء الجوية) [2].”

يلجأ العلماء والباحثون في أحيان كثيرة إلى تبسيط المسألة التي يبحثون فيها وذلك بإهمال أو إغفال بعض العوامل التي تؤثر في المسألة موضوع البحث. فعند إدخال جميع العوامل قد يحصلون على معادلات غير قابلة للحل، أو تكاملات غير قياسية أو أشكال رياضية معقدة اخرى. وغالباً ما يتوقفون عن البحث الفيزيائي الذي بين أيديهم ليغرقوا في عمل رياضي قد يطول. لذلك يقوم الباحثون بترك بعض العوامل جانبا ليحصلوا على نتائج لأعمالهم في شكل تعبير رياضي مناسب يمكن الأستفادة منه في التطبيقات العملية. أما العوامل الأخرى فيجري تركها للمستقبل. فهي إما تؤخذ في أبحاث قادمة أو حين توفر إمكانيات جديدة في الرياضيات تسمح بحل ما يصادفهم من صعوبات.

وينبغي الأشارة هنا إلى أن التقريبات(أي اهمال او اغفال بعض العوامل)التي يقوم بها الباحثون تشمل عواملاً ثانوية وليست رئيسية أو بمعنى آخر تشمل عواملاً أقلّ تأثيراً من العامل أو العوامل الرئيسية التي يجري إدخالها في صلب البحث. ولذلك فإن التقريبات التي يلجأ اليها العلماء لا تؤثر على الشكل العام والمهم للنتائج، ويبقى دورها محصوراً في زيادة الدقة لنتائج البحوث.

كان د.عبد الجبار يعمل بتلك الطريقة أيضاً. وكان يورد بكل وضوح العوامل التي يتركها جانبا في البحث الذي بين يديه. ففي أحد أعماله [10] درس شكل الحزم الحلزونية للأعصار وكيفية تكونها. ومن التقريبات التي فرضها لتبسيط المسألة هي أن الأعصار يتكون من منطقتين متميزتين بشكل واضح وهما عين الأعصار وهي دائرية الشكل، والمنطقة الخارجية التي تكون متماثلة حول العين. كما أن الهواء داخل منطقة العين يدور حول محوره الهندسي كجسم صلد. أما سرعة الرياح في المنطقة الخارجية فهي تتناقص مع المسافة حسب قانون التناسب العكسي، إضافة الى ذلك فإن سرعة الرياح لا تعتمد على الأرتفاع
. إستناداً إلى كل ما تقدم إستطاع د.عبد الجبار توضيح شكل وسلوك الحزم الحلزونية في الأعصار سواء الحزم المنفردة منها أو المجتمعة. وبين أيضاً أن توضيح طبيعة الحزم الحلزونية يساعد على إعطاء معلومات مهمة عن طاقة الأعصار.

هنالك أعمال أخرى لعبد الجبار عبد الله، يمكن الأطلاع على قسم منها في [2]. إضافة الى ذلك ألف وترجم عدة كتب مهمة منها، على سبيل المثال، كتاب (الصوت) لطلبة الفيزياء في الجامعة، فكان خير مرجع لهم ولأساتذتهم. كما ترجم، مع زميل له، ترجمة رائعة كتاب (مقدمة في الفيزياء النووية والذرية) لمؤلفه هنري سيمات. أفادت تلك الترجمة أجيالاً من الفيزيائيين، طلبة وأساتذة. إضافة إلى أبحاثه العلمية قام بعمل تدريسي وتربوي كبير. فقد درّس في جامعة بغداد وفي كليات ومعاهد ومدارس اخرى. كما درّس في جامعات ومعاهد أمريكية مرموقة ، منها جامعة نيويورك وجامعة بوسطن ومعهد أبحاث الفضاء في ألبني (نيويورك) وفي كولورادو (بودلر).

عبّر عبد الجبار عبد الله في أكثر من مناسبة عن آراء وأفكار قيمة عن كيفية النهوض بالبحث العلمي وبمجمل العملية التعليمية والتربوية في العراق. آمل في امكانية التطرق إلى ذلك في وقت آخر.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات