| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الجمعة 23/3/ 2007

 

أرشيف المقالات

 

انتهت المقاومة ولبست نوشه الحجاب


حكمت الخياط

نوشه عبد الدايم ، فتاة جميلة كالكثيرات من بنات البصرة ، طالبة في المرحلة النهائية لتكون اول مهندسة في عائلتي والدها ووالدتها . وقصتها هنا انها انهت مقاومتها ولم يعد لديها ماتقاوم به فلبست الحجاب تحت ضغوط كثيرة من كل الجهات ، اخوانها في البيت والظلاميون الجد في حرم الجامعة والمجتمع .

ولدت نوشة ايام الحرب مع ايران وفي سنواتها الاولى عاشت في بيت خالها لظروف عمل والديها ولذلك يسمونه بابا علوان ، وفي صباها كانت تستمتع كالاخريات بالظفيرتين مع الشريط الابيض في كل صباح نحو المدرسة حين بدا صدام المقبور حملته الايمانية وبدات بعض النسوة بارتداء الحجاب تحت هذا الضغط من جهة وتحت ضغط تردي الحالة الاقتصادية للعائلة العراقية بسبب الحصار الدولي الذي اريد منه معاقبة النظام فاذا به يكون عقابا جماعيا للشعب حيث اصبحت مصاريف ترتيب الشعر وتكاليف الملابس تشكل عبئا كبيرا ينبغي التخلص منه فلجأن الى ارتداء الحجاب والجبة الاسلامية كاحسن الحلول كما اكدت لي الكثيرات من اقاربي ومعارفي دونما قناعة بان ما يقمن به هو ايمان بحملة الرئيس او حتى تعبير عن التزام ديني .

الشلامجة ، مدينة كانت هادئة وادعة عندما كانت الحدود مغلقة ، وفجأة اصبحت مدينة مكتظة باولئك العائدين الى وطنهم بعد سنين التهجير والغربة ، فرحين بسقوط الدكتاتورية واستقبلهم وطنهم باذرع مفتوحة مملؤة بالود الحب . ولكن ومن هناك ايضا عبرت قوافل ومجاميع من الظلاميين ، يحملون حقدهم الاعمى على العراق وحضارته وشعبه واتشح وسط وجنوب العراق بالحزن والكآبة وفقدت البسمة طريقها لشفاه الصبايا البصريات حل الوجوم بين اروقة العلم وخيم الظلام

يعتقد الظلاميون انهم يملكون الحق الالهي في فرض آرائهم ومعتقداتهم على الناس جميعا حتى لو كانوا من ديانات اخرى ، ومن اجل ذلك فهم يقتلون ويحرقون ويدمرون . الموسيقى حرام ، هكذا يقولون ولذلك فقد اغلقوا كل مكلتب تأجير الفرق الموسيقية لحفلات الزواج او الختان او غير ذلك من المناسبات الاجتماعية حتى ان عبد الحسن ابن خال نوشة لم يجد قاعة او فرقة موسيقية لحفلة زواجه فاختصرها بسفرة الى كردستان ويتذكر البصريون اعتداء اولئك الظلاميون على طلبة كلية الهندسة اثناء احتفالهم بتخرجهم في حدائق الاندلس حيث هاجموهم واعتدوا عليهم دون ان يقوم اولئك الطلبة بما يخالف القانون . وفي العام الماضي افشلوا حفل تخرج في جامعة الناصرية وكسروا مكبرات الصوت لا لشئ سوى انهم اعتقدوا ان وجود مكبرات الصوت معناه حفل موسيقي ، وفي كلا الحالتين لم تفعل هيئات الجامعة ولاسلطات المحافظة ما يحمي الطلبة من تلك الاعتداءات ولم تقف بوجه المعتدين او تقدمهم للقضاء والسبب معروف للجميع .

يعتقد الظلاميون ايضا ان واجبهم الشرعي يملي عليهم فرض الحجاب على جميع النساء وهم مستعدين لتحقيق ذلك بكل الطرق الممكنة ، في اواخر عام 2003 عندما كانت نوشه تتسوق برفقة بنات خالتها وكانت الوحيدة غير المحجبة جاءها صبي يقول لها ان ذاك الرجل بعث به اليها ليقول لها ان عليها ان ترتدي الحجاب ، نظرت اليه ، لم تكن تعرفه وهو لم يكن يعرفها وعادت حزينة الى البيت . اخوانها يطالبونها بلبس الحجاب بشكل مستمر مرة بهدوء واخرى بالشجار لانهما وكما يقولان يخافون على حياتها من اعتداء او حتى من رصاصة تنطلق من سيارة بدون لوحة ارقام بعد ان يصرخ حامل المسدس بجملة الله اكبر ، وفي يوم استدعاها احد الاساتذة وبعد اخذ ورد حول مستواها الدراسي وعندما لم يجد ما يوبخها عليه طالبها بصلافة الجاهل ان ترتدي الحجاب .

نوشة كالاخريات يذهبن الى الجامعة بسيارة مستأجرة وفي احد ايام الصيف الماضي عندما كانت هي وزميلاتها ينتظرن تلك السيارة امام باب الجامعة جلسن على مدرجات جدارية كانت سابقا للقائد المقبور وهي الان تحمل صورة السيد الصدر يتفيئن في ظلها عندما جاءهم من يطلب منهن عدم الجلوس في هذا المكان الظليل لانهن يعطين ظهورهن لصورة السيد الصدر وهذا حرام ، فاضطرت نوشه وصديقاتها لترك الجدارية والوقوف تحت الشمس بإنتظار عودتهن لبيوتهن ، وبالتأكيد فقد ارتاح ذالك الطالب لانه استطاع ازاحة ظهور الطالبات عن صورة السيد الصدر وربما اعتقد انه حصل على حسنات عدة تنفعه يوم القيامة .

خلال السنتين الماضيتين اشتدت حملة الضغط على النساء لارتداء الحجاب ولبسنه صاغرات حتى الصابيئات والمسيحيات ممن لم يتمكن من مغادرة العراق لحد الان وتضيق فسحة الحرية وتتسع دائرة الظلام المغلف بالدين ولم تعد البصرة مدينة فرحة وفقد كورنيشها ألقه القديم وفقدت بساتينها دفء المحبة وظل السياب شاخصا يبكي بصرته بصمت ، وتبكي جامعة البصرة ايام عزها منبرا للعلم وتفتح ابوابها كل صباح بحزن ، فقد انتهت المقاومة وارتدت نوشه الحجاب .