| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 24/1/ 2009

 

أيها المتدينون .. انتخبوا العلمانيين لكي يُبقوكم على قيم دينكم

د. هاشم عبود الموسوي
 

خمس سنوات مضت كانت كفيلة لتثبت لجميع العراقيين صحة المقولة: "الدين لله، والوطن للجميع"، نعم الوطن للجميع، نقتسم فيه أحزانه، وخيراته.. ليس من العدالة، أنّ نتجرّع آلام جراحه عندما يحزن، ولا نذوق ثمار خيراته عندما يتعافى.. لم تبق إلا بضعة أيام على انتخابات المحافظات، وهذه الفرصة الأخيرة لكم كي يتعدّل المسار، وقد اختبرتم أيها العراقيون كلّ الوجوه، وجوه من سرقكم، ووجوه من يُريد أن يخدمكم، وشاهدتم بأمِّ أعينكم كيف أنَّ الفساد وانعدام الأخلاق والكذب، قد تفشّى في كثيرٍ من الأوساط التي انتخبتموها وفي أكثر مفاصل الدولة، والفساد كما عرّفه الأصفهاني، يعني خروج الشيء عن الاعتدال، قلَّ ذلك أو كَثُر والفساد عكس الصلاح. وقد وردت في القرآن الكريم خمسون كلمة عن الفساد في صيغ مختلفة، ويشمل الشرور والمعاصي المتعلّقة بحقوق الإنسان كالتخريب والسرقة وأكل حقوق الناس بالباطل والنصب والعدوان وعدم العدل وضياع الحقوق.

وتختلّ مقاييس الخير والشر لدى كثير من المفسدين فيزعمون أن إفسادهم إصلاح، في حين أن الصلاح والإصلاح من صفات المتقين، أما الفساد والإفساد فهما من صفات الفاسقين والمنافقين، وكثيراً ما يكون الفساد مقترناً بانعدام الأخلاق، ولذلك شرع الله تعالى حد الحرابة لمقاومته وحماية الناس من شره، وفي ذلك يقول عزّ وجلّ: {
إنما جزاء الذين يُحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم}.

وفي الحقيقة أنَّ انتشار الفساد وانعدام الأخلاق يُعدُّ ثمرة لفساد قلوب الناس وعقائدهم الدينية وسوء أعمالهم، لأنّ انتشاره يُشير إلى تقصير المواطن في المُطالبة بحقّه في حياة حرة كريمة لا سيما أنّنا نواجه الآن هجمة شرسة تهدد ثوابت المجتمع وأخلاقياته.. من خلال احتلال دام خمس سنوات، وقوى ظلامية تُريد ألا ترى على خارطة العالم بلداً اسمه العراق.

ومن ثمّ يجب ألا نترك من يلهون بمقدرات أخلاقنا ومُثلنا العليا يفعلون ما يشاؤون، فمنهم من يتفنّن في سرقة المال العام، وهؤلاء الذين يعبثون بالأعراف والتقاليد وهي القيم التي يُمارسها أصحاب القوة المادية من إرهاب الصوت العالي على أصحاب القيم الرفيعة والمعاني السامية. وبهذا افتقد الناس مُتعة الحديث إلى بعضهم البعض فسوء الأدب أو التجبّر على الآخر بعلو الصوت وملكة الجعجعة يحجب حق الآخرين في القول والدفاع عن أنفسهم اعتماداً على إرهاب الصوت وإطلاق اللسان أو ربما رفع الأيدي أو التهديد بقطع الأرزاق. ولعل أسوأ الخصال التي استشرت بين الناس في مجتمعنا العراقي هي آفة الكذب لأنها تنحرف بالإنسان عن فطرته التي فطره الله عليها، وتجعله يميل إلى النفاق والرياء. وهؤلاء الكذابون يُمارسون الكذب كحرفة، وفي الحقيقة أن الكذب هو أصل كل شر وفساد، وذلك لسوء عواقبه، وخبث نتائجه، لأنَّه يُنتج البغضاء، والبغضاء تؤدي إلى العداوة، وليس مع العداوة أمنٌ أو راحة نفسية، وقد أسهمت هذه الخصلة في تشتت المصالح والاستفراد بقوت الناس، وكأنَّ حال صاحبها يقول أنا ربّكم الأعلى.. والحقيقة التي لا تخفى على أحد أنَّ الموازين قد اضطربت، فالجار يؤذي جاره، والأمانة ضاعت بين الناس، والمراوغة راجت سوقها، والتعلّق بمتاع الدنيا فاق كل القيم عند كثير من البشر، فأصبحت أرصدة البنوك تُغنينا عن ترديد كلمات الحق.

لا يُعقل أن يستمرّ سكّان المدن الغنية بالبترول كالعمارة والبصرة، على العيش بحالة مُزرية، وخيرات آبار النفط التي تجري تحت أقدامهم، يتم سرقتها على قدمٍ وساق، وتحت أغطية مُختلفة ومنها مظلّة الدين.
لا يُريد العلمانيون منكم أن تتركوا دينكم، وإنما يريدون أن يكون الدين لله.. وأن تسود العدالة في حياتنا الأرضية، ولنتذكّر بأنَّ الحياة هي مزرعة الآخرة.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات