| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الأحد 25/3/ 2012

 

عراق الانقلابات - فاقد الشيئ لا يعطيه -
( وعود الشرف )

زكي فرحان

ذكرنا في المواضيع السابقة بشاعة الجرائم التي ارتكبها حزب البعث العربي الاشتراكي وزمرة من الضباط القوميين والاسلاميين في انقلابهم يوم 8 شباط الاسود،، واستسلام عبد الكريم قاسم ورفاقه الزعيم طه الشيخ احمد والزعيم فاضل عباس المهداوي والمقدم قاسم الجنابي والملازم كنعان خليل حداد،الى الانقلابين المتواجدين في دار الاذاعة في الصالحية بعد وعود الشرف التي قطعوها على أنفسهم الى الوسيط (يونس الطائي) والى الزعيم عبد الكريم ورفاقه ، من ان يقوموا بتسفيرهم الى تركيا، أو أجراء لهم محاكمة عادلة بعد الاستسلام، كان عبد الكريم قاسم رابط الجأش شامخا متماسكاً لم يفقد اعصابه وهو يواجه الموت، وتكلم بثقة جريئة وظل محافظاً على هدوئه حتى آخر لحظة من حياته واعدامه ورفاقه، بدون محاكمة تذكر وذلك في يوم السبت 9 شباط الاسود 1963،

يقول عبد الستار الدوري من قادة البعث الموتورين - عندما دخل عبد الكريم قاسم تطلع في وجوه الحاضرين فرداً فرداً فشحن الجو في هستريا عاطفية، وهنا تكلم عبد الكريم قاسم وقال – أنني خدمت الشعب وبنيت لهم دورا وساعدت الفقراء واخرجت العراق من حلف بغداد - الاتحاد الهاشمي - وحررت الدينار العراقي من تبعية الباون الاسترليني وصنعت البلد وزيدت حصة العراق من النفط واسست الجيش الفلسطيني وساعدت الجزائر لتحرير بلادها من الفرنسيين وحفرت قناة الجيش ووزعت دوراً الى ضباط الجيش والى موظفي الدولة، وشكلت محاكم دستورية قانونية حاكمت الجماعة، ثم احتدم جدل بينه وبين الضباط الانقلابين استمر 45 دقيقة، وبعدئذ تناول الحديث عبد السلام عارف فخاطب الزعيم عبد الكريم قائلا – كريم من الذي كتب البيان الاول لثورة 14/ تموز فقال عبد الكريم( نحن كتبناه) ثم سأله ألم أعطيك هذا المسدس وقلت لك غداً ستنجح الثورة ؟ ثم أنسحب اعضاء زمرة الانقلاب بعد ذلك الجدل الهستيري، واجتمعوا في الغرفة المجاورة وعادوا بعد خمسة دقائق، فنطق بقرارهم المشين العقيد عبد الغني الراوي، وقال" قرر المجلس الوطني لقيادة الثورة تنفيذ حكم الاعدام بعبد الكريم قاسم وفاضل عباس المهداوي وطه الشيخ احمد وكنعان خليل حداد وقاسم الجنابي" وقبل لحظات من تنفيذ حكم الاعدام تقدم المقدم حردان التكريتي وسحب قاسم الجنابي من بينهم قائلا لماذا يعدم هذا وليس له دخل في أي شيئ ؟، فأجلسوا الباقين على كراسي الموسقيين، آنذاك تأزم الوضع داخل الصالة وتوترت النفوس وكان الحقد و الثأر والموت ينبضان في عروق الانقلابيين البعثيين المهوسيين الفاشست، بعد ان دخلت زمرة التنفيذ وارتفع صوت ينادي بأخلاء القاعة، ونفذ بهم حكم الاعدام ، بعد ان رفضوا ربط أعينهم ، ( الى هنا انتهى القول المنسوب الى عيد الستار الدوري )

وهكذا نكث البعثيون القتلة وعودهم التي قطعوها لهم عن طريق المفاوض الوسيط يونس الطائي، بعدم المساس بهم والاعتداء عليهم، وتسفيرهم الى تركيا، او اجراء محاكمة عادلة علنية لهم مقابل الاستسلام، وقام باطلاق الرصاص عليهم كل من الرئيس المظلي منعم حميد والملازم نعمة فارس المحياوي والعقيد عبد الغني الراوي، ومع انهمار ذخيرة رصاص الموت انطلق صوت الزعيم قاسم هاتفاً بحياة الشعب ! وفاحت في اجواء الصالة السوداء نفح من التشفي و الغدر والخيانة حتى ملأها الدم الطاهر المتشظي المتطاير من تصاخب أبخرة البارود والموت والثورة،،

لقد تحدث عسكريون كثيرون وكتب باحثون عراقيون وعرب وأجانب وخاضوا في تفاصيل شتى مختلفة حول طريقة استسلام عبد الكريم واستجوابه، ومشهد محاكمتة ورفاقه وسيرة حكمه خلال السنوات الاربعة والنصف ، وتطرقوا الى تفاصيل ليس لها وجود، وأضاف بعضهم مشاهد درامية لاستكمال التشويق و شد القارئ، لعلمهم انهم يتحدثون عن شخصيات سياسية وطنية مثيرة غيرت مفاهيم كثيرة وحازت على رضا مجموع الشعب العراقي بالوطنية الصادقة والنزاهة المفرطة، سيتوارث الناس ذكراها بدون نسيان مطلقا، لتلك السنين الخمسة من ذلك الزمن التي عاشها الشعب العراقي بأمان وأستقرار وحرية ، ولعبت الثورة دوراً هاماً في تغيير نمط الحياة العراقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودخلت موسوعة تاريخ العراق السياسي الحديث، وقد تأكد بأن معظم الذين كتبوا وتحدثواعن مشهد محاكمة الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه لم يكونوا حاضرين بل نقل احدهم من الاخر، دون تدقيق متقن وبحث علمي موثق، ، لكن التاريخ له صورة و حركة و لسان، دار دورته وبانت حيثيات الوقائع التأريخيه ، وبدأ البحث الموثق والتنقيب المحايد وكان هو الاصح والاصدق في ذكر الحقائق،،،

وهذا شاهد آخر من اهلها طالب شبيب عضو قيادة قطرية في حزب البعث إذ يقول ،،اقتيد عبد الكريم الى احدى غرف الاذاعة وهي غرفة الموسيقى الشرقية حيث وقف قاسم وجماعته والاربعة، ووقفنا نحن بمواجهتهم انا طالب شبيب وعلي صالح السعدي وعبد الستار عبد اللطيف واحمد حسن البكر وعبد السلام عارف وصالح مهدي عماش وعبد الستار الدوري،، دار بيننا حديث غير منظم سادته حالة من التطير والتوتر، كنا جميعاً نتكلم في آن واحد وبحالة عصبية، وتختلط الأسئلة مع بعضها ومع همهمات وإجابات أسرانا، ولم يرد قاسم إلا بأنني اريد محاكمة !! ولم يكن هناك أي شيئ تسميته بمحاكمة، وكل كلام قيل او يقال عن إنشاء هيئة تحقيقية حاكمته أنما هو نوع من الخيال و الرياء والأفتراء، اما ان العقيد عبد الغني الراوي ترأس المحكمة المزعومة فهو أمر غير دقيق، لأن المحكمة التي رئيسها الراوي لم تكن موجودة عندما اعدم عبد الكريم قاسم، بل تشكلت على الورق لاحقاً فقط لإخراج أمر الاعدام قانوناً، وأصدر الحاكم العسكري رشيد مصلح، بياناً يذكر فيه الحكم على قاسم ورفاقه بالاعدام رمياً بالرصاص ونفذ بهم الحكم ،ولم تكن تلك المحاكمة المزعومة غير الحوار الذي أجرته قيادة البعث لبضع دقائق معهم، ونسب الى عبد الغني الراوي برئاسة محكمة وهمية، لم تنعقد ولم تحاكم الرجال الذين تشكلت من اجلهم، ( الى هنا انتهت شهادة طالب شبيب ) ..

ويقول حسن الحاج وداي العطية وهو من رواد زمر حزب البعث، مساء نفس يوم اعدام عبد الكريم قاسم ذهبت الى الاذاعة فوجدت احمد حسن البكر ومعه عبدالستار عبد اللطيف، قال لي عبد الستار تعال اريك أين قتلنا عبد الكريم قاسم، فصاح به البكر – ألا تتحمل ؟ فرد عليه ستار لا، لا أتحمل ..! ، فدخلنا الى غرفة تقع مباشرة بعد مدخل الاذاعة على اليسار وكانت صغيرة، فرأينا آثار دماء عبد الكريم قاسم في الزاوية وعلى الحائط، قال ، هنا قتلنا قاسم وكنا نريد محاكمته، ونأخذ منه اعترافات ونذيعها على الشعب، لكن علي صالح السعدي أمين حزب البعث جاء وقطع علينا رغبتنا، وقال لعبد الكريم قاسم- انا كنت اعمل تحت السرداب، ولكني الآن نصف دولة، وتابع عبد الستار عبد اللطيف معلقاً على كلام السعدي بأنفعال وكأنه يؤسس للخلاف الذي عصف واسقط حكومة حزب البعث بسرعة فيما بعد، وقال بأنفعال – لعد إحنا اللي طلعناهم من السجن ، يقصد السعدي وزمرته، وسويناهم نصف دولة، (أحنا شنو كرخنجية ... ؟ ! )،، ( الى هنا انتهى الكلام المنسوب الى البعثي حسن الحاج وداي العطيه )

تصور ايها القارئ الكريم الى اي مستوى ثقافي هابط كانت عليه شخوص الزمرة الانقلابيه ولا حتى شيئ من الألتزام بكلمة الشرف والعهود التي قطعوها على انفسهم المريضه .

وهذه هي اخلاقيات قادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حكم العراق بغفلة من الزمن ،،


يقول أنطون تشيخوف 1860 - 1904
(الكلب يكره المعلم، وقد حذروا عليه استقباله بالنباح، فصار الكلب يتأمله ولا ينبح، بل يبكي حقداً)

يتبع
 

المصادر :
1- د الناصري اليوم الاخير، ص 459
2- العارف اسرار 14تموز، ص 420
3- د علي حوار الدم ص 105


 

free web counter

 

أرشيف المقالات