| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 26/7/ 2012                                                                                                   

 

تناقضات الخطاب الاسلاموي.. الكفر والايمان..!

موفق الرفاعي

من منا لا يتذكر الاجماع الاسلاموي على اختلاف توجهاته المذهبية، في وصف (حزب البعث العربي الاشتراكي) بانه حزب كافر، وان مؤسسه ميشيل عفلق، هو الاخر كافر لانه نصراني؟

لم يشفع للبعث تركيزه في ادبياته على عروبة الاسلام، كما لم يشفع لمؤسسه تسمية ابنه البكر بـ محمد، كما لم يشفع له ما اشاعته السلطة السابقة عن قصة اسلامه التي اخفاها حين صُليٍّ على جثمانه ودفن حسب الطريقة الاسلامية، من ان يُنبَش قبره بعد ذلك وتستخرج جثته لتحرق.

كان هذا قبل الاعداد لغزو العراق.

اما بعد الغزو الامريكي للعراق، فقد تجاهل الاسلامويون السنة هذه التسمية، بل وتحالف بعضهم مع البعث، لكن نظراءهم الشيعة ابقوا عليها حتى غدت صفة (الكافر) مقرونة باسم البعث بدلا من (العربي الاشتراكي)، الى ان تحرك الشعب السوري ضد نظامه البعثي، لتختفي تلك التسمية من خطابهم تماما وتحالفوا معه.

العراق الذي تدير دفة الحكم فيه احزاب اسلاموية شيعية تقف اليوم الى جانب نظام البعث الكافر في سوريا والذي تأسس على اراضيها وكان مؤسسه احد مواطنيها.

المفارقة في هذا الامر، ان البعث في سوريا، كان متهما ولسنوات طويلة مضت من قبل حكومات العراق الشيعية، بانه الراعي للارهاب فيه وانه المسؤول عن قتل الاف الشيعة العراقيين بتحالفه مع القاعدة، وهو ما اكده مؤخرا السفير السوري المنشق في بغداد.

في العراق اتهم نظام البعث بانحيازه الى الطائفة السنية وتهميشه للشيعة بمجرد انَّ رأس النظام وثلة من المقربين اليه ينحدرون من اسر سنية، وكانت هذه التهمة هي احدى مسغوات قبول الاحزاب الشيعية التعاون مع المحتل والاشتراك في حكومة انشأها.

اليوم تتهم الاحزاب الاسلاموية السنية نظام البعث في سوريا، بانحيازه الى الطائفة العلوية وتهميشه للسنة ويسوغون قبولهم الدعم من (الغرب الكافر) من اجل اسقاطه.

في السياسة، لا علاقة للكفر والايمان في الموقف من هذا الحزب او ذاك ولا من هذا النظام وغيره، فالعلاقة تحكمها المصالح واحيانا الاهواء، ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

والانظمة الساسية اليدكتاتورية لا دين لها ولا مذهب، وما يهمها هو مبدا "الولاء والبراء".. الولاء المطلق لها والبراء من معارضيها. فلا يكفيها ان يكون الناس موالين لها، انما عليهم ايضا اعلان برائتهم من معارضيها، بل لا تكتفي في كثير من الاحيان بالحياد بينها وبينهم، فـ (من لم يكن معنا فهو ضدنا) والامثلة على هذا كثيرة.

يكشف هذا التناقض الفاضح حقيقة الاحزاب الاسلاموية كونها احزابا ذات ايديولوجيا تسعى الى فرضها على المجتمع بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة، حالها في ذلك حال الاحزاب القومية التي حكمت عقودا بعض البلدان العربية ومنها حزب البعث. انها تختفي خلف شعارات الهدف منها تعبئة الناس من اجل الوصول الى السلطة او استمراريتها فيها وليس من اجل تحقيق الاهداف الوطنية كما تزعم.

لقد حصل هذا اواخر القرن الماضي حين احتل الاتحاد السوفييتي السابق افغانستان فالتقت المصلحة الغربية في محاربة الشيوعية انذاك مع مصلحة الجماعات الاسلامية في محاربته ما اضطر الاخيرون الى التعامل مع الغربيين على انهم (اهل كتاب) وكانوا في السابق كفارا في مواجهة الدولة (الملحدة). وما ان حقق الطرفان اهدافهما حتى عادت الجماعات الاسلامية الى الوصف السابق – الغرب الكافر- وتوج ذلك العداء بين الكفر والايمان في احداث 11 سبتمبر الشهيرة.

لقد عارضت الاحزاب الاسلاموية انظمة الحكم في جميع البلدان العربية تقريبا وحاربتها وتآمرت عليها متحالفة مع قوى دولية ذات مصلحة في (بناء) عدم الاستقرار والابقاء على التخلف في تلك البلدان وطرحت شعارها الشهير (الاسلام هو الحل) باعتباره بديلا للشعارات القومية ووجدت فرصتها في رفعه على اسنة الرماح عشية هزيمة حزيران من العام 1967.

الا اننا لم نلمس اي تغيير في اسلوب تعاطيها مع الناس ولا في اليات ادارة الحكم بل نجدها تستعير ذات الاساليب البوليسية من الانظمة التي ورثتها كما يجري في العراق اليوم.

لا نعيب على الاسلاميين براغماتيتهم هذه، فالسياسة هي السياسة مهما تغير الزمن لانها (فن الممكن) تتبدل على ضوء معطياتها ومعطيات الواقع، المواقف. وما يعنينا هنا هو الكشف عن ذلك امام عامة الناس الذين يصدقون تلك الطروحات وينساقون وراءها فيكونون اول ضحاياها والمتضررين من نتائجها. كما حصل حين خطفت ابصار العراقيين شعارات الاسلام السياسي سنيه وشيعيه، ليختاروا من ندموا اليوم على اختيارهم من جلادين ولصوص ومرتشين وفاسدين. 






 

free web counter

 

أرشيف المقالات