| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الأحد 27/1/ 2008

 

ربيع بغداد

الروائي والصحفي الفنلندي ياني ساكسيل *
ترجمة : يوسف أبو الفوز

سَنَة 2008 سَتَكُونُ حرجة في في عدّة أشكالِ بالنسبة إلى العراق. يقول الشيوعي العراقي جاسم محمد مع احتفاظه بالامل وسط كل الدمار .
نظام صدام حسين العسكري، انتهى في التاسع من ابريل عم 2003، وبعد اربعة ايام وصل جاسم محمد (مواليد 1955) الى بغداد . كان جاسم قد امضى جزء من حياته في المنفى كناشط سياسي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، اجبر على مغادرة وطنه بعد سيطرة صدام حسين على مقاليد الامور. لفترة عمل خارج العراق معلما وشارك في النشاطات المختلفة من اجل حقوق الانسان،وشارك لفترة في قوات الانصار للحزب الشيوعي العراقي في كوردستان العراق.
ـ في ربيع 2003 كان هناك اندفاع هائل من الحرية في الاجواء العراقية. كثير من الأقرباء والأصدقاء رَأوا بعضهم البعض للمرّة الأولى من بعد سَنَواتِ مِنْ الانفصال. المجموعات السياسية والدينية المختلفة، التي عَملتْ بشكل اساس بشكل سري ، بَدأَت بالظُهُور للعمل العلني . في أثناء فترة نظامِ صدام ، الإسلاميون كَانَ عِنْدَهُمْ بَعْض الفرصِ للعَمَل في المساجدِ بشكل سري، لكن كُلّ النشاطات ذات الطابع اليساري قُمِعتْ تماما .
انهار هرم القوة لنظام صدام حسين وحزب البعث. خدمات الطاقة الكهربائية وأغلب الخدماتِ الاخرى كَانتْ سيئة جدا ، لم يكن هناك اي شرطي لحفظ الامن في الشوارعِ . القائد المؤقت ، بول بريمر ، القائد المعين من قبل قوات الاحتلال ، اصدر قرارا لاجتثاث حزب البعث . وبالرغم من أنَّ آلاف الشيوعيين إضطهدوا بشكل سافر وقُتِلوا في سَنَواتِ حكم صدام حسين ، عارضَ الحزب الشيوعي العراقي صيغة قانون اجتثاث البعث .
ـ أردنَا محاكماتَ قانونية عادلةَ للجميع ، لَيسَ حملاتَ تطهير عاجلةَ. في حزب البعثِ كان هناك ربما مليون عضو. لَرُبَّمَا 80 بالمائة منهم انظم الى حزب البعثَ بسبب الخوفِ والظلمِ، ولَيسَ لاسباب أيديولوجيةِ. صدام حسين كَانَ عِنْدَهُ شعار: "كُلّ مواطن عراقي بعثي وان لم ينتمي " !
في ربيع 2003 كان هناك تفاؤل كبير، وبعد خمس سَنَواتِ مِنْ الإحتلالِ، سيادة الاعمال الإرهابية والفوضى الإقتصادية، ما زال السيد جاسم محمد َ يُؤمنُ بإمكانيةِ التغييرِ الإيجابيِ ، رغم عرضه لمشاكلَ واسعةَ يعاني منها العراق .
ـ في السَنَةِ 2008 في العراق سيكون هناك ثلاثة إنتخاباتِ رئيسيةِ : مجالس المحافظات، النقابات العمالية وإتحاد الفلاحين . ايضا ان إنتداب مجلس الأمن التابع للامم المتحدةَ لوجود القوَّاتِ الأجنبيةِ سَيَنتهي من المحتمل في نهاية تموزِ. بعد هذه الفترة الطويلة مِنْ وجود الإحتلالِ سيكون الَتفاوضُ مباشرة بين الحكوماتِ العراقيةِ والأمريكيةِ. عندما يتحقق إنهاء الإحتلالِ، سيكون هناك مزيد من العمل من اجل الوحدةِ والمصالحةِ الوطنيةِ العراقيةِ .
المفاوضات حول انسحاب القوات الأمريكيةِ وقانون النفط والغاز لَنْ تَكُونَ سهلةَ. القوى الدولية تريد عقود مشاركة في مجال استثمار النفط ، البرلمان العراقي ومعظم القوى العراقية تريد العلاقة على اساس عقود الخدمة ، لان الثروة النفطية ملك كل الشعب .
السيد جاسم محمد يعتقد ان هناك بعض التحسن في الحالة الاقتصادية في العراق :
ـ هذه السنة ، وضعت الدولة العراقية ، ميزانية 48 مليار دولار. بهذا الرقم يمكن عمل الكثير. العراق الان يصدر 2,2 مليون برميل ويمكن رفع القدرة الى 8 ملايين برميل .
بشكل واضح ، وفي سنة 2007 ، يمكن ملاحظة انخفاض الاعمال الارهابية وعمليات التفجير الإنتحاريةُ ، وخصوصاً في العاصمة بغداد . ويتطلب القول ان الجيشَ العراقيَ لَمْ يَعُدْ عاجزا كلياً عن معالجة الأمنِ الداخليِ . ولكن ليس هناك ضمانات لاستمرار هذا التطورِ الإيجابيِ، فالأحزاب السياسية والمجموعات الدينية ما زالت تتصارع مع بعضها البعض ضمن اجواء عدم ثقة .
في مختلف بلدان العالم ، هناك الكثيرين يتحدثون عن تقسيم العراق . والتوقعات الاكثر تشاؤما تتحدث عن تقسيم العراق الى ثلاث اقاليم ، شيعية وسنية وللاكراد . المتشائمون يتوقعون ايضا حرب اهلية والتي يعتقدون انها قد تستمر طويلا .
ـ لا يوجد لدينا في العراق تقاليد للنزاع الديني الطائفي ، هذه الصراع الحالي له تشجيع خارجي . ولا يمكن اعتبار الاحتقان الطائفي حربا اهلية .
السيد جاسم محمد ، يرى ان نشاط القاعدةوالمخابرات الايرانية ، في بلاده ذو طابع سلبي جدا . هذا اضافة الى دعم جماعات الاسلام السياسي من قبل اطراف في سوريا والعربية السعودية .
ـ ايران تعتبر الديمقراطية سلعة غربية ، ولذا يجب معارضتها . ومن مصلحة ايران ان تواجه امريكا هزيمة عسكرية في العراق . الجماعات المسلحة العراقية تدعي بأنها ضد الاحتلال ، لكن في واقع الامر هم اطالوا من عمر الاحتلال . العمليات الارهابية انزلت خسائر بين المواطنين الابرياء اكثر بكثير مما اوقعته في صفوف قوات التحالف .
يعتقد السيد جاسم محمد بأن الولايات المتحدة الامريكية، لم تكن مهتمة جديا ببناء وتطوير الجيش العراقي ،وها نحن نرى النتائج الان. ولملئ الفراغ الامني تم الاستعانة بالوكالات الامنية الخاصة ، مثل وكالة البلاك وتر ، التي تحولت الى مليشيات جشعة وتنفذ اعمال تتطلب الادانة .
ـ ان الشركات الامنية الاجنبية، العاملة في العراق،ليس تحت السلطة القضائية العراقية. هم اشتركوا في اعمال عنف وتعذيب. نسعى لانهاء هذه الحالة عبر تشريعات من خلال البرلمان العراقي .
السيد جاسم محمد يعتقد ان المعركة الحقيقية ضد الاحتلال لم تبدا بعد . ستبدأ على مائدة المفاوضات السلمي المدني ، ووسائل اخرى ان تطلب الامر.
السيد جاسم محمد ، هو الان متفرغ للعمل الحزبي ، كعضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي .
الحزب الشيوعي العراقي ، له ثلاث مقاعد في البرلمان ، من 275 مقعد ، لكنه يعمل بحزم وبشكل مؤثر من خلال ذلك . وا لحزب الشيوعي ينشط من خلال وجود رفاقه في نقابات العمال، ومن عموم المحافظات العراقية الحزب الشيوعي له ممثلين في المجالس البلدية في 14 محافظة.
السيد جاسم محمد ، الذي يعمل في عدة لجان حزبية ، على اطلاع على نشاط الحزب الشيوعي الجماهيري . ويعتبر الشباب والنساء هم الاكثر تضررا في السنوات الاخيرة :
ـ حياة نسائنا اليومية ، صارت استلام جثث موتى اعزائهم والندب عليها . اولا كانت الحرب مع ايران ثم الكويت والان الاحتلال والارهاب، الذي اخذ حياة مئات الاف من الناس . خلال السنوات الاخيرة من حكم صدام حسين سمح بجرائم الشرف تحت ستار غسل العار. في الوقت الحالي هناك جماعات تسمي نفسها (الامربالمعروف) تمارس جرائم خطيرة ضد المرأة العراقية. العراق والمرأة العراقية بحاجة الى التضامن والدعم من منظمات المجتمع المدني الاوربية .
حوالي ستة ملايين عراقي هربوا من البلاد ، نصفهم بعد سقوط نظام صدام حسين . استنزاف العقول العلمية من العراق مستمر . البلاد بحاجة لعودة الناس المتعلمين لاعادة بناء الحياة العلمية والثقافية في العراق .
ـ البلاد بحاجة الى اماكن للراحة وممارسة الهوايات . الان هناك نقاش جاري حول نوعية المناهج التعليمية . الكثير من العراقيين يريدون مناهج تعليمية علمانية . لكن القوى السياسية الاسلامية تريد ان تفرض العقائد الاسلامية في المناهج .
بعد الثورةِ الإسلاميةِ في ايران 1979 ِ ، زادَ تأثيرُ الدينِ كثيراً في الشرق الأوسطِ. في العراق في مناطق الانبار ، ديالى والموصل حاولت جماعات اسلامية اعلان جمهورية اسلامية في العراق . والسيد جاسم محمد يعتقد ان النشاط الاسلامي في العراق يواجه الفشل .
ـ الاغلبية الصامتة في العراق لا تؤيد استخدام المشاعر الدينية كاداة سياسية .
ان من الصعب التكهن بمستقبل منطقة الشرق الاوسط . ان التطور والمزيد من الحريات في مجال حقوق الانسان والتطور المدني ، هو احد السبل الممكنة للتطور في المنطقة . ان النشاطات العسكريةالامريكية والاسرائلية يمكن ان تؤخر تطور المنطقة . ان تطور وسائل الاتصال ، عبر شبكات الانترنيت ، وانتشارالاخبار عبر الفضائيات التلفزيونية تساهم في متابعة المعلومات وبالتالي يقظة المجتمعات لما يجري . ان حل القضية الفلسطينية بشكل عادل احد العوامل لتطور المنطقة .
ـ لست بحاجة للمبالغة في الحديث ، لكن بناء الديمقراطية في العراق عملية ممكنة. كان عندنا في العراق دورتان للانتخابات البرلمانية ، رافق ذلك عمليات تزوير وعنف غير مبرر، ولكننا نتقدم.
السيد جاسم محمد ، في نهاية المؤتمر الصحفي تمنى زيارة فنلندا ثانية ، ولكنه تمنى ان يكون هناك لقاء مع الصحافة الفنلندية في بغداد ، عاصمةالعراق المسالم الديمقراطي الفيدرالي .


*
ياني ساكسيل : مواليد هلسنكي 1972 ، روائي وصحفي فنلندي ، عرف بنشاطاته في صفوف اتحاد طلبة اتحاد اليسار الفنلندي ، وحائز على جائزة الدولة عن اول اصدار روائي للعام 2000 ، وحاليا عضو الهيئة الادارية لمنظمة كيلا الثقافية اليسارية . وعرف بتضامنه مع نضالات الشعب العراقي وقواه الوطنية ضد النظام الديكتاتوري المقبور .
 

عن "اخبار الشعب " جريدة اتحاد اليسار الفنلندي ، الصادرة في تاريخ 23 / 1 / 2008

 

Counters

 

أرشيف المقالات