| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 28/8/ 2010

     

المتســـولـــة

سعديــة ألعـبــود

نفذت رائحة الشواء إلى خياشيم الصبي ذو الستة أعوام نظر في أرجاء الهيكل الذي اتخذته العائلة مؤخرا مسكناً لها بعد أن وضعت بعض الأحجار الموجودة في العرصة لغلق المنافذ والإبقاء على منفذ واحد علقت فيه ستارة باليه متخذة منه بوابة الدخول والخروج .
لم يجد على النار ما يدل على الرائحة , سأل أمه : ماما أريد من هذا الذي كان والدي يجلبه لنا ، صمتت المرأة البائسة ولم تجب . ظن الصبي بأنها لم تسمعه عاد يكرر الطلب ,كانت قطرات من الدمع تنساب على وجنتيها معبرة بها عن حجم الأسى الذي تعيشه .

رفعت رأسها إلى السماء وناجت ربها بعين شاكيه باكية اليوم هو الخميس وفي الأسبوع الأول من شهر رمضان وليلة الخميس تعد من الليالي ذات القدسية لدى المسلمين ,وقد حث رسولك الأمين أمته أن يطعموا الفقراء والمساكين , ويحننوا على الأيتام , وأن يتصدق عند الإفطار ويفطر الصائمين ولو بعدد من النمور , ومن اطعم مؤمنا لقمة في شهر رمضان كتب الله له أجر من اعتق ثلاثين رقبة مؤمنه , الهي أرى أواني الطعام تتبادل بين الناس وكأنما هي مباراة للمباهاة وأطفالي هنا يتضرعون جوعا , كنت احسب أن بسكني في هذا الحي الراقي يجعلني متخمة بفضلات موائدهم , ولكن لم يجلب لي احد أي شئ . اللهم فأجعل قلوب الناس تحن على أطفالي وأنت اعرف بحالي .أنت تعرف أنني عزيزة النفس ولم اطلب حاجة من احد وقد كنت امني نفسي بأن يدعوني لأقدم خدمة لهؤلاء الناس واحصل على ما يقابلها ما يقيم بها أودي , ولكن الكل يتخوف من دخولي إلى ديارهم ,لأنهم يجهلون من أنا .الهي أنت تعرف أنني لم اكذب عندما قلت بأن زوجي قتل في حادث إرهابي وكنت آمل أن يتعاطف معي الناس ولكنهم أنكروني , لم يتحمل مسؤوليتهم احد وهؤلاء أربعة أطفال إلى أين اتجه بهم ؟ دور الأيتام ؟,الرعاية ألاجتماعيه ؟,مؤسسات المجتمع المدني ؟.لقد حاولت طرق هذه الأبواب ولكنها شبه موصدة لان المعاملات تحتاج إلى مراجعات ومصاريف وعلاقات , وأنا غير قادرة عليها .

هاهم الأطفال يلتصقون بها وينتظرون أن تتحرك لعمل شئ , امتدت يدها إلى أصغرهم, وبدأت تربت على رأسه , وتطلب منهم أن يستكينوا كي يتمكن من النوم , وأملتهم ا بأنها ستذهب لشراء طعام لهم بعد أن ينام .

اتخذت من ظلمة الليل ستارا لها ووضعت برقعا على وجهها وغيرت من مشيتها وبدأت تطرق الأبواب تطلب منهم بقايا طعام الإفطار لعلها تستطيع أن تطعمهم في تلك الليلة ولا تريد أن تخيب ظنهم والله كفيل بالليالي القادمة.

هذه ألقصه حقيقية وقد تحدثت عنها في تعليق مع الانسه زينب بابان .هذه السيدة وغيرها هن ضحايا دولة لا يوجد فيها قانون يحميها ويستر عليها ويحقق لها الحد الأدنى من المعيشة .

في الأسبوع الماضي صدر تعميم للحد من ظاهرة التسول والمتخلفين عقليا في محافظتي بغداد وكربلاء ومن ثم بقية المحافظات منعا لاستخدامهم لأعمال إرهابية .يبقى سؤال هل منعهم من التسول معالجه ؟ماهي الفرص البديلة للنساء والأطفال ؟هل تمت معالجة البطالة ؟وهل بيع المناديل الورقية وقطع الأقمشة القديمة أمام طوابير السيارات هو عمل إنتاجي يقوم به شباب المفروض يعملون في أعمال إنتاجيه.وهل المقترحات التي عرضت في التعميم ناجعة .هناك الكثير من الأطروحات بالإمكان تقديمها وهي :
1-على منظمات المجتمع المدني وخاصة النسويه إعلان أرقام هواتفهم وجعلها في متناول النساء المتضررات كما أن هذه الحالة تقوي الثقة بينهما ,وتساهم في تقديم العون بأقل جهد .
2 - تقديم العون لانجاز معاملاتهم مع راتب شهري بسيط لحين أكمال معاملات التقاعد أو الحماية الاجتماعية مع وضع سقف زمني للمؤسسات ذات العلاقة كي لا تتعرض المرأة إلى أي نوع من الضغوط .
3- تخير بين أن تودع أبناءها في دور الرعاية الاجتماعية أو تقيم معهم ويتم توفير عمل لها داخل الدار براتب رمزي يضمن كرامتها
4- عدم وضع شروط مشددة لدور المسنين واستقبال ذوي الحاجة .وتقديم الرعاية الصحية لهم
5- منع تشغيل الأحداث تحت أي حجه . ومطالبة والديه بالعمل أو تحديد راتب معين في حالة عدم أمكانية ذويه من العمل .
6- منع التسرب من المدارس وجعل شهادة الابتدائية شرط وإلزام المتسربين بالدوام ومحاسبة أولياء الأمور قضائيا في حالة تسربهم .
7- التحقق من صحة مشاكلهم وإيجاد حلول لهم .
8- محاسبة الذين يتاجرون بالأطفال لأي غرض كان
9- أعادة احتواء المتسربين وذلك عن طريق فتح مدارس مسائية
10- فتح دورات تأهيله لغرض منحهم فرص عمل
11- منع استيراد العمالة الأجنبية وتأهيلهم للإحلال محلهم .
علما بأن ما ورد ليس جديدا او مستحيلا فقد ورد في قانون حقوق الانسان في المواد(39,38,34,33)
 

free web counter

 

أرشيف المقالات