| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 28/10/ 2009

 

المجتمع المدني ونجاح الانتخابات

خضير الاندلسي

اقترب موعد الانتخابات البرلمانية وبالرغم من عدم أقرار قانون الانتخابات لهذه اللحظة الأ أننا نرى الكتل السياسية والأحزاب بدأت تعمل وتعلن عن قوائمها كي تضمن في جعبتها أكثر أصوات ممكنة وهنا مغزى اللعبة الانتخابية في العالم السياسي .

الكثير يتسأل عن الاختلاف الذي يميز الانتخابات القادمة عن سابقاتها .
في الحقيقة لاشي يميز الانتخابات القادمة عن سابقاتها سوى الوعي الانتخابي لأفراد المجتمع العراقي ,ويمكن القول ان الوعي الانتخابي ازداد لدى أبناء المجتمع العراقي لأنهم اجبروا القادة السياسيين الحاليين من الذين تلبسوا باللباس الطائفي يوما ما الى اتخاذ الوطن علاوة على الطائفة, وهذا الشيئ مفرح لأنه برهن على أن الشعب العراقي هو متلاحم وطنيا ولا يعير أهمية للمسائل الطائفية ولا القومية (بالرغم من مروجيها الكثر) وبهذا فهو افشل مخططات الحاقدين عليه من الذين راهنوا على حرب أهلية.

وانطلاقا مما ذكر أعلاه ,يطرح السؤال التالي هل يوجد مجتمع يسعى الى التمدن في العراق, اذا كان يملك هكذا وعي سياسي النابذ للطائفة والعرق والداعي الى الوطنية ؟
المجتمع المدني في العراق لم ينشأ على غرار المجتمعات الغربية فالأخيرة استغرقت قرونا في نشأتها (أكثر من ثلاث قرون) على خلاف مجتمعنا العراقي الذي نشأت فيه المدنية مع بداية استقلال الدولة العراقية المعاصرة عام 1932, هذا يعني غياب المدنية في العراق ايام الحكم العثماني والانتداب البريطاني (فضلا عن عدم وضوح معالمها في وقتنا الحالي.)و ان بناء مجتمع مدني يتوقف بالدرجة الأساسية على عاملين مهمين ,الأول هو اقتصاد الدولة والثاني هو وجود المؤسسات الغير حكومة (مؤسسات المجتمع المدني) ولعل غياب المدنية في العراق قبل استقلال الدولة يعود لفقدان هذين العاملين ,ولان الاقتصاد العراقي الحالي ضعيف أضافة لضعف دور المؤسسات المدنية فأدى بالتالي الى انعدام وجود رؤية حقيقة لواقع المدنية العراقية.

ان المجتمعات الغربية حين اتخذت من المدنية حكما لها ,استغرقت بذلك قرونا عدة ومن ثم أخذت تطبقها بصورة تدريجية لان حتمية التاريخ تفرض على اي مجتمع من المجتمعات أن يتعامل بعقلانية مع الوقت ,فنحن لا نستطيع أن نعبر مرحلة تاريخية من دون المرور عليها ,وحسب أقوال المفكرين والعلماء البعض فان الحربان العالميتان الأولى والثانية ساهمت وبشكل كبير في التطور الذي وصلت اليه المجتمعات الغربية اليوم!!!ومن أكثر الشعوب الامنة حاليا تلك التي شهدت صراعات وحروب دموية في السابق ( الدول التي شهدت اراضيها الحربين العالميتين مثالا)لأنها أخذت العبر من الماضي.

ان من أهم المدارس السياسية التي بلورت الأفكار المدنية هي المدرسة الفرنسية التي تعتقد أن المجتمع المدني هو مجتمع مؤسساتي يعتمد على رابطة العقد الاجتماعي الذي يضمن لكل فرد حقه في العيش وتمثيله بصورة واقعية في حكومته ,أما المدرسة الانكليزية فترى أن المجتمعات المدنية هي مجتمعات تجارية يكون فيها المجال الاقتصادي مجالا رئيسيا ومستقلا عن السياسة.

لذلك وارتباطا بما سبق فأن أخفاق أو نجاح الانتخابات القادمة يعتمد على الوعي المدني لدى أفراد المجتمع العراقي وان القوى السياسية تطرح ما عندها من برامج ويبقى المواطن صاحب القرار الأول والأخير في الاختيار ,أي أن أخفاق قوى سياسية ونجاح أخرى لا يعتمد بالدرجة الاساس على النشاط الروتيني الذي تؤديه تلك القوى قبل الانتخابات و أنما على الوعي الانتخابي للعامة.

ان التسريع في بناء مجتمع مدني يتطلب من التجمعات الوطنية والديمقراطية وجماهير الشعب العراقي الوقوف صفا واحد للمطالبة ببناء مؤسسات مدنية وتحسين الظروف المعيشية وبالتالي النهوض بالواقع الاقتصادي الكفيل الوحيد الذي يضمن أفراداً واعين ومتعلمين بعيدين عن الفقر الذي يولد الجهل بأبسط الأمور.

متى ما توفرت هذه الشروط سيُثمن المواطن صوته وسيعطيه لمن هو أهلا له ,ولكن علينا ان نتذكر دائما الدمار الكبير الذي خلفه نظام صدام البعثي والذي اثر بشكل كبير على الواقع العراقي وبكافة جوانبه لذلك فأني اعتقد جازما أن المسيرة المدنية في العراق تتجه (ولكن ببطء) نحو المسار الصحيح وما علينا الا الصبر ومشقة الانتظار.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات