| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الخميس 28/6/ 2007

 

أرشيف المقالات

 


الأخطاء في اللغة .. والاحقية في النشر


وليد رباح

في جيلنا الذي مضى وانقضى بعضه او كاد .. كنا نتوق لنشر نتاجنا في مجلات ادبية وصحف سيارة كبيرة تعطينا جميل الكلام ممزوجا بالثقافة المتميزة الرائقة .. فكنا نقرأ لكتاب تشعر عند قراءتهم انك تغذي روحك بصنوف من روافد العقل فتأتيك اللذة والفرح معا .. وكانت اللغة التي تسهل قراءتها وتعز كتابتها هي التي تمنحنا نشوة الاستمتاع بها والشغف في استيعابها ..
في ذلك الزمان .. كانت برامج المدارس الابتدائية منها والثانوية تعطي اللغة العربية الاولوية من حيث القواعد والاسس .. ولم تكن قد الغيت مادة قواعد اللغة في كثير من البلدان بحجة او باخرى .. لذا فقد كان ذلك الجيل متمكنا من لغته حريصا عليها .. واكثر ما يكون الحرص يتجلى في القائمين على النشر في تلك المجلات والصحف .. فقد كان الخطأ في حرف من اللغة كفيلا بان يلغى المقال جملة وتفصيلا ليلقى في المهملات من السلال فتجتهد ان لا تخطىء وتراجع كتابتك مرات ومرات حتى تصبح صالحة للنشر ..
وكان النشر يخضع لتقييم الكتابة من كافة جوانبها .. فللقصة حبكتها وللمقالة توازنها واتزانها وللكلمة السياسية نفعها وموضوعها وللشعر معناه وجزالة لغته وقس على ذلك .. مما دفع لنا بعقول متمكنة تعطيك ما تفتقده من جماليات فقدناها في هذا الزمان .. فقد كنا نقرأ للدكتور احمد زكي باشا اول رئيس تحرير لمجلة العربي الكويتية .. تلك المجلة التي تتلمذنا على صفحاتها الرائقة الرائعة فاصبحنا نكتب بثقة دون مجازفة .. وقرأنا لكبار الكتاب من امثال جبران خليل جبران وطه حسين وتوفيق الحكيم واحمد حسين هيكل ومي زيادة ومن الشعراء قرأنا عبد الكريم الكرمي ( ابو سلمى ) والجواهري والسياب وغيرهم .. وكان حصاد عقولهم خلق جيل متمكن في الكتابة فخرج الينا مجموعة من الكتاب ( اطال الله في اعمارهم وارتحل الباقون ) ساروا على منوال الاولين فاستمتعنا بما يكتبون وينشرون ..
ونتحسر في هذا الزمان على كتاب او اشباه كتاب يطلقون الكلام على عواهنه دون تبصر وتفكر .. احدهم يرسل الينا مقالا ثم يصف الجماهير بانها ( جماهير غفورة ) بدلا من غفيره ..ويتكرر هذا في جمل عديده .. وثانيهم يكتب الينا متسائلا (لاحظت حجومكم عن نشر مقالاتي ) بدل ان يقول احجامكم ( بكسر الالف ) فالاولى تدل على مقاساتنا والثانية تدل على امتناعنا .. ومع كل ذلك فان بعض الكتاب او اشباههم في هذا الزمان ما ان ينشر مقالا او مقالين .. كلمة او اثنتين حتى يرسل اليك مذكرا اذا كنا سندفع له مقابل ما يكتب والا امتنع .. وكأنى بهذه الجريدة سوف تسقط في بحر الاسفاف ان لم ينشر فيها جنابه ..
أكثر من كل ذلك .. كان الكاتب مقلا في كتاباته نتيجة تركيزه واعتصار افكاره لما ينفع .. اما من يكتب في هذا الزمان فانه العكس .. وقد ارسل الينا احدهم يرغب الكتابة قائلا : استطيع ان اكتب في اليوم الواحد من خمسة الى خمسة عشر مقالا في السياسة والادب والشعر والفن والثقافة .. ولم نملك الا ان نضحك ..
لقد سقطت اللغة العربية في مستنقع الاسفاف والسطحية في هذا الزمان .. وما ذلك الا لان قواعد اللغة اصبحت لا تحترم .. واني لا اعتبر الكاتب كاتبا الا اذا صحح اعوجاج لسانه فلم يلحن .. وكان العرب قديما يعزفون عن قراءة الشعر والكتابة ان اخطأ احدهم في اللغة .. مما اخرج الينا فطاحل في هذا المجال ..
اني لارثي لحال اولئك الكتاب ..خاصة من يرسلون الينا معاتبين اننا لا ننشر لهم .. ومع كل ذلك .. فان النشر ليس موضوعا فقط .. وانما التقييم يأتي من كافة الجوانب .. فان رأى بعض الكتاب او اشباههم اننا نغمطهم حقوقهم في النشر .. ففي الشبكة العنكبوتية ما يغني عنا .. فان الافا من المواقع تنشر للكاتب سواء كانت كتابته قيمة او تافهه .. وعليهم ان يتجهوا الى تلك المواقع .. اما نحن فما زلنا على قديمنا .. ولن نغيره حتى يغير الله اجسادنا الى رمم ذائبة في التراب .. والسلام .