|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  29  / 10 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 


 

في الحركة الاحتجاجية
الديمقراطية .. العنصر الاهم في عملية التغيير

احمد ستار العكيلي

على وقع الحركة الاحتجاجية  الجارية في العراق  باتجاه التحول من الطابع الاستبدادي والطائفي الى  الاصلاح ,ومن احتكار السلطة الى تفعيل المشاركة الشعبية ,لا يمكن في هذه الظروف تجاهل عدد من الاعتبارات المعنية بشرح الانتقال الديمقراطي ,وكيفية تجذر الثقافة الديمقراطية ,خصوصا وان احداث مقتل الشاب منتظر الحلفي في قضاء المدينة في محافظة البصرة  وفرض نشوء نزاع سياسي بين الاحزاب  المتفذةوانطلاق شرارة الهبة الجماهيرية المنادية باصلاح النظام السياسي نحو بناء الدولة المدنية ،  يحتم البدء بالتفكير في هذه العملية التي يجب ان تسبق أي شكل من اشكال التحول الديمقراطي الذي قد يعده البعض عنوانا وسمة مميزة ,مثل الانتخابات, تعددية الاحزاب ,الامر الذي يعيد الى الاذهان المقاربة التفسيرية التي قدمها المفكر الامريكي هنتغتون حول الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي ,ووضعه اسس تستقي ركائزها الاساسية من خلال الدراسات الاورو-امريكية ,والتي قامت بشرح عملية التحول الديمقراطي من خلال عدد من المعايير أهمها الانتخابات-ودور النخبة ,هذه المقاربة التي قد يعتقد البعض تحت ضغط التغيير الجذري في البلد  أن استئناف الحديث عنه ,والممارسة العملية من خلال الانتخابات هو مؤشر على تجذر وترسخ ادبيات الدمقرطة وثقافتها. فعملية الاصلاح هي عملية معقدة وتراكمية ,ولا يمكن لعقود من الاستبداد والنعرات الطائفية  ,ان يساهم في تسريع عملية المثاقفة ,دون الاهتمام ,بعدد من المعطيات التي تشكل عوائق ,في مسيرة الانتقال الحقيقي نحوا الاصلاح في الدولة  الذي يتمظهر من خلال اقرار الحريات العامة - المشاركة الشعبية - التعايش - حكم القانون - المواطنة - استقلال القضاء قبل التفكير بالانتخابات التي لا يمكن التعويل عليها في دفع مسيرة الاصلاح ,وان كانت تمثل احد التجليات الاساسية في ترسيخ الادبيات الديمقراطية ألا ان واعتمادا على عدد من المعطيات والاحداث في المنطقة فان ثمة معايير يجب ان تكون لها الاولوية في أي عملية مثاقفة نحو عملية الانتقال الديمقراطي في البلد  الذي لا يمكن ايجاد نموذج يصلح محاكاته وتقليده ,فمن المعلوم أن الاوضاع في المنطقة  تعرضت لمد ثوري رفعت فيه الشعارات الايدلوجية التي ترفض ما أتى قبلها ,كما ترفض التعايش مع الاختلاف, بالإضافة الى تغييب الشعوب وممارسة الاضطهاد والقمع مما أدى الى خلق ثقافة تزهد بالإصلاح ,بل وتضعه في خانة المستحيلات حتى تفاجأ الجميع بزخم الانتفاضات  الشبابية التي ارتكزت على مطالب مشروعة ,الا أن طبيعة التحولات اللاحقة ,وبطء معدل التغيير نحوا اقرار مبادئ واليات الاصلاح ,مع بروز عدد من الاحداث ذات النفس الطائفي ,ادى الى القول بأهمية اعادة النظر في عملية الاصلاح حتى تتلاءم مع الاهداف النظرية التي رفعتها الانتفاضات العربية ولاسيما نحن نرى الصراع حول مستقبل وشكل الدولة وصراع الكتل السياسية على النفوذ والمال والسلطة وعلاقة المد والحزر بين المركز والاقليم . جميع هذه المعطيات تؤكد بوضوح على صعوبة ,الرهان على الانتخابات ,كمؤشر على تحول حقيقي نحوا الاصلاح والتغيير ,وفي الوقت نفسه يتطلب هذا التغيير عدد من المتطلبات السابقة ,التي لا يمكن بدونها اجراء دمقرطة حقيقية والتي منها. 

1- محاولة تفكيك المنظومات الاجتماعية التي تستمد حضورها من خلال القبلية, والمذهبية, والطائفية ,ومراقبة تأثيرها السلبي في عملية التعايش, وتأثيرها على مفهوم المواطنة, كوحدة تعايش وحيدة ضمن الدولة الحديثة ,فهذه التكوينات اثبتت حضورها السلبي في انتخابات جميع الدورات السابقة للانتخابات النيابية .

2- ارساء برنامج تربوي ,تعليمي شامل لإرساء مفاهيم المواطنة باعتبارها منظومة من الحقوق والواجبات ,تتأسس على مبدأ الاستقلالية ,المقابل لمفهوم الخضوع للسلطة السياسية وما يتبع ذلك من نمو وانتشار مظاهر النفاق, والخوف ,والتقديس .

3- العمل على بلورة خطاب شرعي يؤصل لمبادئ حقوق الانسان ,والاصلاح السياسي ,والتنمية من من خلال المجالس العلمية ,والمؤتمرات الفكرية,ومعالجة عدد من القضايا ,الاشكالية المرتبطة بأراء تاريخية قد تستمد قوتها وحضورها من خلال التاريخ المحايث للنص ,مما يعطيه مشروعية وتقبل ,دون النظر الى طبيعة السياق ,وحدود الفهم للنص خصوصا ما يتعلق بالمفاهيم العقائدية ,كمسائل الولاء والبراء ,والتعايش مع غير المسلم , ودار الاسلام ودار الحرب, وحكم الردة ,وغيرها من القضايا التي لا تزال تمثل اعادة البحث فيها ,وطرحها اولوية في سبيل تجديد الخطاب الديني الذي تشوه كثيرا من قبل الجماعات التكفيرية ,أو على الطرف المقابل من قبل الجماعات التي ساندت الانظمة السياسية من خلال مقولة طاعة ولي الامر دون اعارة ادنى اهتمام لحقوق الشعوب .



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter