| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الأحد 29/7/ 2007

 

أرشيف المقالات

 


آيات رشدي مرة اخرى


د.ممتاز كريدي

سلمان رشدي ما زال بضاعة رائجة للتسويق فقد منح من قبل ملكة بريطانيا قبل فترة قصيرة ‘وفي ظروف معينة‘ لقب "سير" تـقديرا و... الى اخره!.
في مقاله الموضوعي الشيق" سلمان رشدي : من صنع هذه الظاهرة" كتب د. سيار الجميل: ".. اعتقد ان المسلمين هم الذين صنعوا مجد سلمان رشدي وشهرته وكل ظاهرته فلا يمكن ان يرتفع اسم الرجل بهذا القدر ويغدو مادة ثمينة للاستلاب الاسلامي او التحدي الغربي لولا صدور "فتاوى" يغدو تأثيرها السيئ اكبر بكثير من تأثيرها الديني ... ولا ادري لماذا تصدر الفتاوى بحق رشدي بالذات.. وهناك العشرات بل المئات من مواقف مخزية اخرى لم تعالج اصلا.."
اود قبل اضافة بعض الملاحظات على مقالة د. الجميل ان استفسرعن هوية ونوعية هؤلاء المسلمين الذين يقصدهم الجميل والذين كثيرا ما كفروا و" شيطنوا " من خالفهم الرأي السياسي ووجدوا فيه تهديدا لمصالحهم المبطنة بالدين و" التي تنحاز الى " الكفار" تارة وتدين " الملحدين " تارة اخرى وذلك حسبما تقتضيه مصالحهم‘ وتاريخ العراق القريب حافل بالامثلة على ذلك لذا فان التعميم غير وارد. رجال دين من هذا النوع لايختلفون اخلاقيا عن شريحة انتهازية من المثقفين ‘الذين قال عنهم الكاتب الباكستاني طارق علي "انهم اكتسبوا مقدراتهم الكلامية والأديولوجية من اليسار ويستخدمونها الان ضد رفاق الامس لهذا " اصبحوا بلهاء نافعين يخدمون الامبريالية التي تستخدمهم وتتخلى عنهم .." بعد الاستفادة منهم
عودة الى حكاية رشدي : وجدت اوساط معينة في اوربا في حينه ان الفتوى التي اصدرها آية الله الخميني بقتل سلمان رشدي تهديدا لحرية الكلمة والفن والادب ولم تقتصر حملة " الدفاع عن حرية الرأي " في الشرق الاسلامي على الاوساط الرسمية والدبلوماسية في بلدان المجموعة الاوربية بل شملت الصحف والمجلات التي وجدت في " الفضيحة " وهذا كلام حق يراد به الباطل بعينه صيدا سمينا تجاريا فتسابقت الى شراء حقوق طبع "الآيات" واصبح موضوع سلمان رشدي يحتل الصدارة منافسا بذلك احداث المناطق الملتهبة ولاسيما في الشرق الاوسط. كان ذلك فرصة موآتية لبعض الانظمة العربية والاسلامية فهي الاخرى بامس الحاجة الى وسيلة الهاء من نوع جديد ذي طابع مشروع في ظاهره: انتصار للاسلام !بوسائل ترتد الى نحر الجماهير المغرر بها بأسم الدين و" تسهم بالاساءة الى الاسلام في نهاية المطاف " (
سيار الجميل)
اتاحت "الآيات" للبعض فرصة لعب الدور " البطل الايجابي " ابتداءا ب "المدافعين عن حقوق الانسان" ومرورا ب"حماة" الاسلام وانتهاء بحكام اسرائيل الذين عارضوا على لسان احد وزرائهم ترجمة و".. نشر الرواية في أسرائيل.. احتراما لمشاعر المواطنين المسلمين".
في المانيا الاتحادية الغت الحكومة بسبب الفتوى بقتل رشدي اتفاقية ثقافية مع ايران عقدتها في اوج احكام الاعدام بالجملة التي نفذت في سجون ايران بحق عدد كبير من العلماء والمثقفين اليساريين. وفي فرنسا انبرت اوساط معينة للدفاع عن حرية الكلمة ولنصرة مؤلف "آيات شيطانية" بينما أبدت " بعض التفهم" لمشاعر الفرنسيين الذين احرقوا صالات السينما التي عرض فيها فيلم " الاغراء الاخير " للمخرج الايطالي سكورشيزه والمأخوذ عن رواية اليوناني نيكوس كازانتزاكيس الذي اصدرت الكنيسة الأرثودكسية "فتوى" بتكفيره لأنه "شكك بقدسية المسيح" لذا فان التعصب الديني القرووسطي ليس من " مزايا " المسلمين وحدهم ففضائع محاكم التفتيش التي ارتكبت بأسم المسيحية شاهد على سوء استغلال الدين بغض النظر عن المكام والزمان.

ما من رواية اشتهرت ‘ والشهرة انواع ‘ واثارت مثل هذه الضجة العالمية مثل "آيات شيطانية" وبدا كما لو كانت كل الاصوات ‘معارضة ام مؤيدة‘ جزءا من حملة دعائية لترويج الكتاب سياسيا وتجاريا ولا فرق بين السياسة والتجارة في عالم رأس المال‘ وهذا ما تم فعلا ‘ فكتاب رشدي الذي ترجم الى اكثر من عشرين لغة لابد وان يكون من" الاهمية" بمكان والا لماذا هذه الزوبعة والمؤلف لم يكن معروفا كما عرف بعد صدور "ألآيات" ؟.
ولد سلمان رشدي ب "بومبي " قبيل انسحاب الاستعمار البريطاني من" درة تاج الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس" ويعيش ويعمل منذ سبعينات القرن الماضي في بريطانيا التي اكتسب جنسيتها .
عام 1974 اصدر رواية فشلت فنيا وتجاريا ‘غير انه اصاب برواية "اطفال منتصف الليل " عام 1981 نجاحا اهله للفوز بجائزة "بوكر " البريطانية للاداب‘ كما اثارت " العار" 1983 اهتمام النقاد والقراء وترجمتا الى بضعة لغات ونشرتا في ايران نفسها.
سلمان رشدي يعرف اكثر من غيره ‘ وهو الذي انكب على دراسة الاسلام اثناء دراسته لمادة التاريخ في جامعة كمبريج اي موضوع شائك تناول في "ألآيات " عندما " تخيل " شخصية " ابتكر" لها اسم ماهوند وهو يعرف حق المعرفة ان الاسم الذي "ابتكره" هو ذاته الذي اطلقه صليبيو القرون الوسطى على مؤسس الدين الاسلامي وذلك من باب الازدراء والتحقير وخروجا عن الموضوعية في كتابة التأريخ‘ وهذا ما وجد فيه قسم من فقهاء المحطات التلفزيونية فرصة للظهور بمظهر حماة الدين الاسلامي في الوقت الذي يتعاطفون به مع رافعي شعار "التصدي لبرابرة الشرق " وهوالشعار الذي يخاطب به قادة المركزية الاوربية الجدد عموم الشرق باستثناء اتباعهم من حكامه ورموزه الذين " يحاربون الالحاد الشيوعي".
ثم اليس في عنوان الرواية ما يفصح تماما عن نية رشدي في التشكيك بشكل استفزازي " بكلام الله" كما يعتقد بذلك مئات الملايين من الجماهير المؤمنة دينيا والمسحوقة طبقيا ؟ او لا يعرف سلمان رشدي ان كل الحروب الدينية دون استثناء وفي كل زمان ومكان كتبت على راياتها " هذا ما اراده الله " لم تكن دفاعا عن الدين وانما مجرد غطاء تتستر به ؟ الم يدري وهو المطلع علي التاريخ الاوربي على الاقل ان هنري الرابع ملك فرنسا قال " .. باريس تستحق ان يقام بها قداس.." اشارة الى اعتناقه المذهب الكاثوليكي.
اتراه نسي " وهو الهندي الاصل " كل المآسي التي جرتها وما زالت الحروب والصدامات الدينية والطائفية على شعبه بهندوسييه ومسلميه ؟
لايعنينا هنا التطرق الى كل جوانب الرواية والتي لايمكن اعتبارها الا تجديفا وكفرا بالله من وجهة نظر المؤمنين المسلمين غير انها واضحة ومتوفرة بشكل لا حصر له .
يلعب الاسلام في العالم الاسلامي دورا يختلف عن الدر الذي تلعبه المسيحية في اوربا ‘ فالامر في الحالة الاولى يتعلق بشعوب سلبها الاستعمار والامبريالية الثقافية هويتها الحضارية وهذا يشكل احد الاسباب الي تجعل من الاسلام بالنسبة للجماهير المؤمنة عنصرا لتحقيق الهوية الذاتية والانتماء الوطني والقومي ويعي حكام غالبية بلدان العالم الثالث هذه الحقيقة لذلك تسعى بكل السبل لتوجيه الدوافع الدينية لايقاء هيمنتها الاقتصادية والسياسية كما انه تجد في الدين –كما تفهمه نفعيا- وسيلة لالهاء الجماهير المؤمنة عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بها وجاء رشدي بروايته فرحبت به "ساخطة غاضبة" فهي تريد ايضا القيام بدور" البطل الايجابي "والكل يريد تقريب رغيفه النار.