|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  29  / 3 / 2016                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 


 

هويات متعددة لنشاطات الكاتب يوسف أبو الفوز

د. ماركو يونتونين *
ترجمة : مصطفى شاهباز
تصوير : أحمد زيدان

(موقع الناس)


الدكتور ماركو يونتنين يقدم مساهمتة
في حفل تكريم الكاتب ابو الفوز في هلسنكي اذار 2016

إذا كان الشخص صحفي، كاتب وناشط سياسي في نفس الوقت فستكون له عدة هويات يشتهر بها، كما أنه سيكون معروفاً من قبل جماهير مختلفة في توجهاتها. يوسف أبو الفوز هو بالتأكيد واحد من هذه الشخصيات العامة متعددة المواهب.

ففي أسبوع واحد يمكن أن يشارك في مؤتمر في أربيل في اقليم كردستان، والاسبوع اللاحق قد يكون مسافراً، لتغطية نشاط أدبي، إلى لندن أو نيويورك أو شيكاغو. وبالاضافة الى نشاطاته الدولية المعروفة على نطاق واسع، لدى يوسف أيضا سمعة محلية كبيرة في فنلندا. يمكن أن نسميه أيضا هذا الجانب من هوية يوسف بأنه "يوسف الفنلندي".


لقد كان لي شرف معرفة يوسف الفنلندي منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وكشاب مغرم بالأدب العربي والدراسات الاستشراقية وكنت قد اكملت للتو أكبر ترجمة لي من العربية لرواية "الخبز الحافي" للكاتب المغربي "محمد شكري" الكاتب الشعبي المعروف من مدينة طنجة في المغرب. حيث حظيت بفرصة عظيمة للقاء الكاتب عدة مرات في المغرب وأنه من المستحيل أن أوضح في بضع كلمات مدى أهمية ذلك بالنسبة لي في العمل مع المؤلف.

أدركت أن وراء الكاتب هناك الذات الحقيقية للشخص الذي يكتب، وهنالك أهمية قصوى للمترجم في أن يفهم "القصة وراء القصة". أعني قصة الحياة الفردية للمؤلف التي تشكل بطبيعة الحال الأدبيات التي ينتجها هذا المؤلف. قالت صديقة لي في يوم ما من العام 1999، تعمل الآن كأستاذة للأنثروبولوجيا في فنلندا، أنها سمعت عن مؤلف مثير جداً للاهتمام، وهو يشبه شكري بلغته التصويرية المفصلة والتي تحكي تجارب ومعاناة اللاجئين العراقيين في طريقهم إلى الغرب.

لقد اثار هذا الأمر اهتمامي على الفور وطلب لقائه. حيث قدم نفسه حينها بأنه يوسف هدّاد، لكن بالنسبة لي والآلاف الأخرين ونسبة لإسمه الأدبي فإنه يوسف أبو الفوز. وكانت تجاربه في الحروب والدمار الذي حصل في العراق أمر مدهش، لكن قصصه القصيرة كانت تربط بين بغداد وهلسنكي وموسكو، ذكريات من الحاضر والماضي لأصدقاء فقدهم وأنواع مختلفة من الأشخاص الذين التقى بهم في فنلندا.
ومع بدأنا العمل سوية على أول كتبه (طائر الدهشة) (1999) أدركت بأنني لم اشارك في ترجمة أدبية فقط. عند ترجمتي لكتابه علمني يوسف دروس أساسية من تاريخ العراق ومجتمعه، وأخبرني بالآلاف القصص حول حياته الشخصية والاخرين . من هذه الخبرات التي اكتسبتها بدأت العمل بشكل وثيق أكثر حول أسئلة تتعلق بالتاريخ الاجتماعي للعراق وتجارب العراقيين المغتربين.

شكرا لك يا يوسف على هذه التجربة المذهلة! من خلال عملنا سوية والذي تحول إلى صداقة وثيقة، تعلمت مقدار نشاط يوسف الفنلندي في مختلف قطاعات الحياة الاجتماعية والثقافية في فنلندا. هو يشارك في المناسبات الأدبية، يكتب بصورة مستمرة في الصحافة العراقية حول المجتمع الفنلندي، يشارك في النقاشات حول التعددية الثقافية، حقوق الإنسان والهجرة عدى عشرات النشاطات الأخرى. واحد من أكثر الذكريات السعيدة المشتركة مع يوسف هي زيارتنا خلال سنة 2009 إلى كردستان العراق.

حيث قام يوسف بنفسه بتنظيم زيارة لتسعة فنانين وكتاب فنلنديين إلى أربيل حيث حللنا ضيوفاً على وزارة الثقافة في اقليم كردستان. الفرصة العظيمة كانت أن يوسف الفنلندي بعلاقاته الواسعة في فنلندا جمع أهم الفنانين الفنلنديين في هذه الزيارة، كما أنه وبفضل يوسف العراقي كانت كل الأبواب مفتوحة في وجوهنا في كردستان من المعاهد العلمية إلى اتحاد الكتاب والوزارات المختلفة.

باختصار فإن يوسف هدّاد، يوسف أبو الفوز، يوسف العراقي، يوسف الفنلندي ويوسف الكاتب العالمي يشكل جسراً حقيقياً بين ثقافات ومجتمعات مختلفة. ربما لم يحدث قط في التاريخ المعاصر أن احتجنا إلى مثل هذه الشخصيات كما نحتاجها اليوم!

 


* باحث في جامعة تامبيرا الفنلندية، مهتم بشؤون تعدد الثقافات، ترجم عام 2000 للكاتب يوسف ابو الفوز ، مجموعة "طائر الدهشة "، ويعكف حاليا على ترجمة روايته " كوابيس هلسنكي" .


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter