| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

                                                                                 الأثنين 30/7/ 2012

     

 زيارة إلى قبر امرأة لم تمت

سهيل الرفاعي

اليوم مرّ على موتك ثلاثة أعوام

وها أنا ومعي نورا وزوجها

جهزنا لاستقبال ضيوفنا..أقصد ضيوفك

كل ما يليق باستقبالهم

قومي من قبرك كي نستقبلهم معا

فقد عرفوا فيك الترحاب الحلو بالضيوف..وسعة الابتسامة..والكلمات الأحلى..فليس من المعقول أن نستقبلهم من دونك..أنت أم البيت..أرجوحة الفرح الطفولي...ضحكة الصباحات الجميلة..ودفء المحبة.. ولهذا أحضرتْ نورا فستانك الموشى بالعسجد..هل تتذكرينه؟؟ ذلك الذي قدمت به مسرحية (امرأة لا تنفع للحزن) ..وهيأت قلادتها ..أقصد القلادة التي تحمل اسمك..والتي تركتيها لها يوم رحيلك..عندها قالت نورا ..بابا هذا أسم سهام وأنا نورا..قلت لها لا فرق سهام هي نورا ..ونورا هي سهام...أوه يا الله ..تذكرتُ.. أوصيتُ البارحة بائعة الورد هل تتذكرينها ؟ تلك المرأة الطيبة.؟؟ وكانت معي نور ..اوصيتها أن تعد لي أكليلا من الجوري الأحمر على شكل قلب عاشق..وكذلك كان طلب نورا من الجوري الأبيض...وقبل قليل جاءا ئاشتي وأبو الياس..وكل منهما يحمل بيديه ورد الأوركيد ..الأبيض والوردي..هل تتذكرين تلك القصيدة التي أهداها لنا ئاشتي..في عيد زواجنا الخامس والعشرين..لقد قرأها لنا ونحن ننتظر نهوضك من القبر.

(أيها المنفى

ترجلْ وأسترحْ هذا المساء

لم تعد تصلح للحب

فخليها على الله ونمْ

أيها المنفى

الذي ظنَّ بأن الحب،

في قلب الشيوعيين ينضب،

ها هي الزهرة ُ،

في قلبيَّ سهام وخليل،

منذ ما يقرب ،

من خمس وعشرين سنة،

قد غدت للحب ربْ)

كان ذلك قبل عشرة أعوام...أوه حبيبتي..نسيت أن أخبرك بأنني البارحة نهضت من النوم على عجالة حين سمعت ُصرير الريح على الباب..تصورت أنك قد عدت..فليس من اللائق أن تغيبي عن بيتك ثلاثة أعوام..أنت أم البيت وربته.. صباحاتنا أصبحت مملة بدونك..مساءاتنا أمست بدون طعم بدونك..حتى المدفأة الخشبية ما عادت تبث في أرواحنا الدفء الذي كانت تبثه روحك فينا.. .يا آلهة الموت كم أنا مرتبك..بدأت أشعة الشمس ترسل حرارتها..فتخجل أوراق الجوري من هذا الحب وتنحني على بعضها.. لهذا طلبت من نورا أن تحمل جردلا من الماء كي تسقي الورد الخجلان..ئاشتي طلب من طلال أن يغني تلك الأغنية التي تحبينها...

(أنته اللي أبلبي..وأنه اللي أبلبك)

وعده بأن يغنيها حين تقومين من القبر..فقد طال انتظارنا يا (سمسم) ..متى تقومين من هذا القبر..القبور لا تليق بالجميلين ..وأنت الجميلة يا سهام..أنت التي تنضحين طيبة لرفاقك ولكل الناس... تعلمت من الانتماء سر هذا الحب ..وتشبعت روحك به..حتى غدت عبارة الطيبة- سهام أو سهام – الطيبة.. معذرة حبيبتي فقد وصلا الآن بشرى وعلي.. بشرى تحمل بيديها ورد الليلك..ذلك الذي (تموتين عليه)..الأبيض والوردي.. سألتني بعينيها بعد أن رتبت الورد ..ألم تقم بعد؟ كدت أقول بلا.. لكنني خشيت من أنك لا تقومين ..وعندها اخجل يا (سمسم)

خالتي..أقصد أمك جاءت مع بيت أبي عبد الله..حين وصلت القبر ولم تجدك عانقتني وبكت..بكت كبدها المثقوب برصاص الموت..بكت كل أيام طفولتك بين يديها..كنت مطرقا رأسي..حين علا نشيجها..خشيت أن تسقط دموعي على حصى قبرك..عندها تتعرفين على مدى ضعفي برحيلك..أريدك أن تقومي من القبر ..كي ينتصر الحب بروحي

لماذا ينهزم الحب أمام الموت؟؟ ولماذا الموت لا يعرف الهزيمة؟؟

free web counter