| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الأثنين 31/12/ 2007

 

قراءة في مذكرة التفاهم بين الاحزاب الكردية

منهل حرب

يسعى رئيس الجمهورية العراقي السيد جلال الطلباني لضم الحزب الاسلامي للتحالف الرباعي ليصبح خماسيا، واكد السيد سامي العسكري ( قيادي في حزب الدعوة رشحته الحكومة لمنصب وزير باعتباره مستقلا!) اكد رغبة الحزب الاسلامي في الانضمام للتحالف الرباعي ومنعته ضغوط جبهة التوافق، ولم ينفي الحزب الاسلامي ذلك. وسبق ان شارك الحزب الاسلامي في اصدار وثيقة مع احزاب التحالف الرباعي سموها البيان الختامي للقادة السياسيين (1). وعند توقيع الحزب الاسلامي مذكرة تفاهم مع الاحزاب الكردية، اعتبرها الدكتور سليم عبد الله ( قيادي في الحزب الاسلامي) بأنها رسالة للمالكي ليؤكد بأن مذكرة التفاهم تأكيد ليصبح الحزب الاسلامي شريكا فعليا وذا صلاحيات كبيرة (جريدة الشرق الاوسط 10625 في 26/12/2007). وفي اليوم التالي نفى عبد الله ان تكون مذكرة التفاهم موجهة لكتلة محددة او طائفية محددة كما ظهر في الشريط الاخباري لقناة الحرة، وقد يعكس ذلك طبيعة التحالفات السياسية في العراق، والتخطيط لمثل هذه التحالفات، فتباين تصريحات مسؤول جزبي بهذه السرعة عن نشاط حزبي مهم (تحالف) اشكالية تشير بان التحالف تم صياغته على عجل.
يغيب العامل الوطني فقد ظهر باهتا، حين اكدت المذكرة على الاخوة العربية – الكردية ولا يمثل الحزب الاسلامي العرب وحتى عرب العراق فقط، كما لايمثل الحزبان الكرديان كل الكرد في بلدانهم، انها بقايا الاشكالية للاحزاب. واشادت المذكرة بالتاريخ المشترك والدين الواحد واواصر القربى والنسب، وربما ضمت الاحزاب الكردية اعضاء من ديانات اخرى ولا ترتبط بالنسب مع العرب المسلمين. وقد يعني ذلك تجاهل لمكونات وشرائح اخرى للشعب العراقي. لقد تبنت الاحزاب الكردية القضية الكردية (قضية قومية) طيلة سنوات نضالها وحتى ظهور شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان (1، 2)، اما الحزب الاسلامي فقد انشغل بالمسالة الدينية ومنذ تاسيسه من الاخوان المسلمين، وظهر ذلك واضحا في مشروع العقد الوطني الذي قدمه لانقاذ العراق (3).
رائعة مشاركة الحزب الاسلامي في الاشارة للظلم الذي لحق بالشعب الكردي نتيجة سياسة الانظمة الرعناء. وتجاهلت احزاب المذكرة بان تلك السياسات الرعناء نتيجة نظرية قومية ونظرة دينية ضيقة، وبلغ الظلم اقصاه ابان حكم عبد الله المؤمن الديكتاتور صدام حسين.
تؤكد المذكرة بان احزابها نواة لمشروع وطني متفق عليه من قبل جميع العراقيين! (تتجاوز المذكرة تصريحات عبد الله المشار اليها)، وتجاهلت قطاع واسع من القوى السياسية أي القوى الديمقراطية. وتشير المذكرة على كون احزابها العامل الذي يدفع العراقيين في مسيرة الديمقراطية والبناء. لقد تكررت اشكالية تعريف الديمقراطية، فيصر الساسة في الحكومة والبرلمان (احزاب التحالف الرباعي ومذكرة التفاهم) على ان مشاركة احزاب تمثل مكونات بالتمثيل البرلماني هو التطبيق الامثل للديمقراطية. فتؤكد احزاب المذكرة التعريف الذي روجت له الاحزاب الدينية والطائفية والقومبة. ولتجاوز ونكران هذا المفهوم صرح ظافر العاني (قيادي في حزب الحزب الاسلامي) بان المذكرة لم تكن اتفاقا على اسس طائفية او عرقية، في حين ان المكونات واضحة فيها، واكد ذلك عبد الله والعسكري. وربما تعكس هذه التصريحات اختلاف في وجهات النظر في تفسير مكونات الشعب العراقي.
تطرح المذكرة مباديء عامة للحوار! من اجل عراق حر ديمقراطي تعددي فيدرالي موحد ليتبعها العراقيون. وكأن الحوار خارج مباديء المذكرة غير مسموح فيه وتعكس هذه ديكتاتورية جديدة. وللحوار اشكالية لدى التيار الديني طيلة التاريخ، ونستغربها من الاحزاب الكردية باعتبارها احزابا ديمقراطية.
تحدد احزاب مذكرة التفاهم دورها في المعادلة العراقية فتجد مسؤوليتها الكبرى في ايصال العراق لشاطيء الامان، أي ان مسؤولياتها قيادة العراق. وتعود مشكلة القيادة لدى القوى القومية العربية ومنذ الستينات من القرن الماضي ونتائجها معروفة، ولا يظهر تفسير واضح لتبني الاحزاب الكردية مثل هذا الطرح. وتحدد المذكرة التحرك السياسي في احتواء الازمات والوقوف بوجه الاخطار والتوفيق بين القوى السياسية المختلفة للقضاء على الارهاب والاحتراب الطائفي والعراقي. وتبدو هذه وكأنها اعترافا بمشاركة قوى سياسية عراقية وراء تلك الجرائم والارهاب بشكل عام. فهل هذه زلة لسان؟ ولو اشارت المذكرة الى العمل لتشكيل جبهة لمحاربة الارهاب لما برزت تلك الشكوك.
تعتبر المذكرة خطوة متقدمة لبناء رؤية مشتركة تمهد لعقد اجتماعي!. وكأن احزاب التفاهم لم تشارك في كتابة الدستور العقد الاجتماعي الذي صوت عليه الشعب بطلب منها أي الاحزاب. فهل تتنكر احزاب المذكرة لاعمالها خلال هذه الدورة الانتخابية، فتعتبر مباديء الحوار خطوة متقدمة على الدستور. وفي خطوة متقدمة على مشروع العقد الوطني الذي قدمه الحزب الاسلامي لم يؤكد فيه على الديمقراطية والفيدرالية (3)، فقد اكدت المذكرة العمل من اجل عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي موحد. وهذه خطوة لصالح الحزب الاسلامي وتدلل على حيويتهوتقبله الافكار وسعة صدر الاستاذ طارق الهاشمي، وتجاوز الحزب الاسلامي كلمة احتلال (3، 4) فلم ترد في المذكرة.
تكررت كلمة التوازن في المذكرة في اشارة الى ضرورة لجان التوازن الطائفي التي كرست المحاصصة الطائفية، وتنتقد اطراف المذكرة في ادبياتها وتصريحات قادتها تلك المحاصصة. لقد عجزت احزاب التفاهم عن تجاوز هذه الاشكالية، فكيف تستطيع قيادة العراق نحو الديمقراطية والتعددية والفيدرالية.
استغربت الفقرة 7 من المذكرة فأكدت على تبادل وجهات النظر والتنسيق المشترك ازاء جميع المستجدات في المباديء العامة للحوار. فهل تحتاج احزابنا الى تدوين فقرات واعلان مذكرات ومؤتمرات صحفية لتعلن عن امكانية تبادل الافكار بينها. فهل تتوقع اطراف المذكرة ان يهلل العراقي لمثل هذه الاتفاقات.
تجنبت مذكرة التفاهم الاشارة الى اسماء دول الجوار التي عبثت ولا زالت تعبث بأمن العراق بمختلف الحجج، وتعاطف قادة اطراف التفاهم فأكدوا رفض التدخل الاقليمي والخارجي. لقد تجاوز هؤلاء القادة اشكاليات البصرة جرائم لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في قتل النساء والاعتداء على الجامعات وتهريب النفط والخطف وغيرها، وتجاوزوا عن احداث محافظات كربلاء والديوانية والسماوة وغيرها. والظاهر ان المذكرة تركت لكل طائفة وعرق حرية تصفية الحسابات بأي شكل كان دون مراعاة امن المواطن. وربما شعر الاستاذ الهاشمي بذلك، فأكد دعمه لمطالب الصحوة في الانبار في ترشيح وزراء خلال المؤتمر، في حين رفضت جبهة التوافق ذلك قبل فترة، بل حذرت التوافق الصحوة من ترشيح الوزراء. ان اشارة الهاشمي خطوة متقدمة جدا يجب الاشادة بها، وانها كانت مخصصة لطائفة واحدة.
الفقرات 11 و 12 أكدت على حقوق الشعب الكردي والمادة 140، وكأن الاشقاء الكرد يشكون في الدستور العراقي الدائم للعراق، وهذا تشكيك بالعملية السياسية. لقد شهدنا تسويف ومماطلة في تنفيذ المادة 140 بل انتقائية في تنفيذ مواد من الدستور شاركت اطراف سياسية عديدة فيه منها الحزب الاسلامي وما ورد في العقد الوطني (3) يوضح هذا الامر (صدر العقد الوطني في شهر اب وتغيرت المواقف في شهر كانون الاول من نفس العام 2007). ولم تنتقد المذكرة القوى السياسية التي عطلت مثل هذه الامور.ان هذه المعطيات تجعلنا نعتقد ان مذكرة التفاهم جاءت بعد فشل زيارة نيجرفان البرزاني الى النجف وليس الى بغداد، كما اشار لذلك كثير من المراقبين. انها رد فعل على اخفاقات معينة، وكانت تصريحات سليم عبد الله في جريدة الشرق الاوسط واضحة.
ازدواجية الشخصية التي اثارها الدكتور علي الوردي رحمه الله توضحت في دعوة مذكرة التفاهم من اجل خلق مجتمع مدني عصري واكدت المذكرة على المحافظة على التقاليد والاعراف. وكأن الثار والفصل العشائري والعصبية القبلية والعصبية الحزبية وغسل العار وغيرها واخيرا الاقتتال بين الطوائف والتنابز بالالقاب من مظاهر المجتمع المدني.
تبنت المذكرة لغة قديمة في اشارتها لرد الظلم، وتهربت من قضية المهجرين حيث نصت المذكرة على تقديم اقصى مساعدة ممكنة لتخفيف معاناة المهجرين! وتوفير ملاذات امنة. فهل هذا رد ظلم ياسادة ؟ ولا يرغب قادة احزاب المذكرة اعادة المهجرين الى منازلهم ومناطقهم. الا يثير هذا الموقف الشكوك حول مشاركة قوى سياسية عراقية في ممارسة التهجير القسري. هل تعجز حكومة تدعي الانتصار في خطة فرض القانون ودحر القاعدة عن اعادة المهجرين، وعندها يحق لنا ان نؤكد ان زيادة القوات الامريكية في بغداد من حقق الانتصار على الارهابين وليس قواتنا الامنية!. ان هذا الموقف غريب جدا ولا استطيع تفسير اتفاق القادة حول ذلك، وقد نشر البعض مقالات لتفسير تلك الظواهر في العراق (5، 6).
لم تستنكر احزاب المذكرة اعتقال الابرياء! بل اشارت الى العمل على تسريع اطلاق سراح الابرياء. ان اعتقال الابرياء هو الظلم بابشع صوره، وتجاوزا لحقوق الانسان والدستور العراقي. وعندما استخدمت المذكرة لغة قديمة ترتبط بالدين، كانت تشير لرغبة قادة احزاب التفاهم في اكمال العبادات، كما تعطل البرلمان في وقت الحج.
ورغم وجود لجنة لتعديل الدستور فشلت عدة مرات في انجاز اعمالها لتمسك كل كتلة بموقفها دون مرونة، تمنح احزاب المذكرة لجنة تعديل الدستور شرعية وكأنها تفتقد الشرعية. ان احزاب المذكرة ممثلة في البرلمان وتحتل مناصب رئيسية في الدولة، فما هو الجديد بالامر؟ لقد وردت هذه الفقرة في المذكرة لتأكيد المسؤولية الكبرى التي اشاروا لها في الفقرة الاولى. ان هذا الوهم في تحمل المسؤولية الكبرى دون بقية القوى السياسية، وربما يشير للاختيار الالهي ويعبرون عنه بالقول قدرنا هكذا.
يطغى الانفعال على السياسي العراقي في رد فعله، ولا ارغب في تقديم شواهد ومنذ تفجير الامامين العسكريين (ع). والارباكات في هذه المذكرة تدل على كونها ردة فعل. ويحب السياسي العراقي ان يكون في موقع الحدث (مسؤولية كبرى) ويتجاهل الغير (قدرنا في هذا المكان)، واعادة اشكاليات مطروحة (تناول القضايا الحساسة) وغيرها من الامور.
ان اشراك القوى الديمقراطية في مثل هذه النشاطات يمثل الحل الامثل لتجاوز الازمات وتحقيق اهداف الشعب العراقي في بناء مجتمع مدني عصري، ويكفل تقبل الشعب للدستور ومواده وتعديله، فان بامكان تلك القوى ان تشير لكل حالة باسمها دون مجاملة او تلميع ولف ودوران.

1- قراءة اولية في وثيقة التحالف الوطني الرباعي www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/articles-2007-47931.html
2- بين ماضي الرصيد النضالي للقوى والمكونات ومتطلبات الحاضر والمستقبل www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/articles-20070822-html.47760
3- قراءة قي مشروع العقد الوطني www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/articles-2007007-49106.html
4- شفافية سياسي عراقي: نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي مثالا www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/index-20071113-50108.html
5- الارهاب: رؤية اخرى www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=118745
6- قراءة اخرى في ظاهرة الارهاب www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=119952


 


 

Counters

 

أرشيف المقالات