| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 31/5/ 2009



جامعات بغداد:
مواكب عزاء وحسينيات ام دور للعلم والمعرفة والثقافة......... ؟؟!!

شامل عبد القادر  *

كنا صغارا عندما افترشنا الحصران وجلسنا صامتين في موكب اقيم على وجه السرعة في حارتنا القديمة . كانت نسوة الحارة والاطفال والرجال يذوبون حبا وعشقا في موسم الاحزان والالام مع حلول محرم الحرام وتتحول فرحة السنة الهجرية الجديدة الى علقم في افواهنا ويخيم الحزن لمصاب سيدنا الحسين عليه افضل السلام من دون ان يعرف الجالسون والواقفون معاني لكلمات غامضة وغير قابلة للتداول في بغداد كالسنة او الشيعة مثلا!!

كانت المواكب الى فترة قريبة جدا تقام في الساحات العامة او في زوايا المحلات البغدادية الضيقة او في اوسع المناطق في المدن المعروفة كالنجف وكربلاء والكاظمية وكان (المنبريون) يتسابقون بالصعود في تلك الايام الى المنابر يقصون علينا بأصوات شجية مأساة الامام الشهيد واسرته بلا اي انحياز لطائفة معينة على حساب اخرى فالاحزان كانت اسلامية بحته بلا الوان طائفية قبل (العراق الجديد!).

كنت اتابع تحضيرات المواكب في مدينتي المقدسة الكاظمية فهذا موكب الجمهور وهذا موكب البربر الخبازين وذاك موكب الانباريين ووووووو!!

لم اتخيل ان يأتي يوم ما وتنتقل مواكب العزاء الحسينية من الساحات العامة والحسينيات والمساجد الى باحات الكليات وقاعاتها وحدائقها ومكتباتها!!!!

اليوم تحولت كليات كالاعلام والاداب والتربية في جامعة بغداد الى حسينيات بالمعنى الكامل للعبارة!!

تجولت يوم الاحد الماضي (10 مايس) في اروقة كلية الاداب قسم اللغة الانكليزية وعلى حين غرّة صدمت اذاننا اصوات عالية جدا .. لطمية.. وردات.. بصوت جهوري قوي ينطلق من احدث الاجهزة الالكترونية!!

كانت ( الردة) تأتي من جهة قاعة مخصصة للطلبة والدراسة والمحاضرات وليس للروزخونية !!

وتساءلت : هل تحوّلت كلياتنا بفضل هيمنة الاحزاب الطائفية الى حسينيات ومواكب عزاء عاشورية ؟!

كان بعض الطلبة ممن استهوتهم (القرايات!!)لا( قراءة دروسهم!) قد وضعوا اجهزة D.Gعملاقة خارج القاعة لبث (قراية!!) بصوت الكربلائي!!

بعد (التحرير!!) تحوّلت الجدران والحيطان والجداريات الى نسخة ثانية من اقوال القادة الجدد.. قادة معممين لا يضعون رتبة عسكرية على اكتافهم ولكنهم يضعون كل ما هو مثير للدهشة والتساؤل!!

وجدت الطلاب قد نفروا الى الحدائق هروبا من هذا الزعيق الذي اسموه (قراية!) وتناثروا على مناضد وكراس وراحوا يثرثرون ويتناولون المرطبات والشاي بعيدا عن موجة المتعصبين الطائفيين الذين احتلوا القاعات وحجزوا الصفوف لاغراضهم الطائفية المقيتة بعيدا عن روح التعليم العالي والعلمية الاكاديمية!!

لقد حوّلوا الحرم الجامعي الى سبورة سوداء!!

تسلقت السلم الرخامي المؤدي الى اقسام الاعلام ورحت ابحث عن الصفوف غير اني وجدتها فارغة من الطلاب الذين انتزعتهم اذرع هذا النفر الطائفي من مقاعدهم واجبروهم على حضور (مناسبة!!) دينية في احدى القاعات !

دخلت القاعة وجلست على اقرب مقعد وشاهدت رئيس القسم وبعض اساتذة القسم يتابعون بإصغاء دقيق كلمة لاحدى الطالبات بالمناسبة!!!

وفجأة وبلا تحضيرات مسبقة او مناسبة معينة انطلق صوت (قاري!!) من كاسيت اعجب احد الطلاب فاراد ان يمتع زملاؤه من خلال جهاز ال D.G!!

حدثني احد الاساتذة وهو بدرجة دكتوراه وما زال يدّرس في احدى الكليات ان احد طلابه لم يباشر بالدوام منذ اب 2008 وجاء الان في مايس 2009 ليدفع القسط السنوى ويباشر بالدوام وجميع الطلاب على ابواب الامتحانات الفصلية النهائية!!

قلت له : لماذا لا تفصلوه؟

اجابني ضاحكا:( هذا مو طالب .. هذا مجرم قاتل .. بس انفصله يقتلنا.. اذا هو من يريد يطب للصف يضرب الباب برجله!!)

الحقيقة المرة ان لا اديان في الجامعات ولا متدينين في الكليات الا ما رحم ربي .. الموجودون باعتراف اساتذة الكليات هم حفنة من المرتبطين بميلشيات طائفية او جيوش طوائف لا علاقة لهم بالاسلام الاّ من حيث استفزاز الاخرين حتى ان كانوا من ابناء الطائفة الواحدة!!

اننا نتساءل بحزن والم :
من يعيد لجامعاتنا بهائها العلمي ؟
من يعيد لها قداستها؟
متى تسترد الكليات هويتها الاكاديمية بعيدا عن ممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين الذين للاسف هم الان محسوبين على طلاب الجامعات وكلياتها؟!!



* كاتب عراقي


 

free web counter

 

أرشيف المقالات