| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الأثنين 3/9/ 2007

 

أرشيف المقالات

 

خاص بالشرارة

في حوار مع الرفيق الدكتور علي العقابي
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي


( إن الحزب الذي يؤمن بجماهير شعبه فعلاً ويعمل من أجل مصالحها وأهدافها الجذرية عليه أن يصارحها بكل شيء وأن يأخذ رأيها في كل شيء، وأن يفسح المجال لمشاركتها الفعلية في صياغة برامجه وخطط عمله حاضراً ومستقبلاً )

(استعادة الأمن والاستقرار هو المفتاح لحل كل المشاكل والأزمات التي نعانيها، ولدينا برنامج متكامل في هذا الموضوع)

( نحن نطالب باعتماد عقود الخدمة، وليست عقود المشاركة التي تؤدي في المطاف الأخير إلى نهب نسبة كبيرة من الواردات النفطية من قبل الشركات الأجنبية )

( نعم حصل تصدع في صفوف القائمة العراقية، لكننا حريصون على رأب هذا الصدع وإعادة القائمة إلى مسارها الصحيح )

حاوره أحمد محمد الموسوي

من تتاح له فرصة التعرف عليه عن قرب يدرك جيداً مدى قوة وصلابة هذا المناضل العتيد الذي لا يعرف الكلل ولا الملل طريقاً إليه. رجلٌ مملوء بحب عقيدته وشعبه، أفنى حياته وزهرة عمره فيهما وهو يرسم سِفره النضالي من لحظة ولادته في مدينة الحي عام 1952 في محافظة واسط وفي كنف عائلة ميسورة الحال, شيوعية، وحتى لحظة تجديد انتخابه عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره الوطني الثامن. وما بين هاتين اللحظتين، امتدت لحظات وأيام وخطوات، امتزجت بتاريخ نضال الحزب والحركة الوطنية، نوجز منها :
منذ صباه بدأ العمل في صفوف اتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي, وترشح للحزب في حزيران 1967 ونال شرف العضوية في 31 آذار 1968 عندما كان طالبا في الصف الرابع الثانوي, وخاض العمل السري منذ نعومة أظفاره، واعتقل في عامي 1971 و1972 وتميز بمواقفه الصلبة والشجاعة، وظل يعمل حتى عام 1974 عندما تم ترشيحه للدراسة الأكاديمية في الاتحاد السوفيتي. وحصل على شهادة الماجستير بدرجة امتياز في القانون الدولي والعلاقات الدولية، وعلى اثر ذلك تم ترشيحه إلى دراسة الدكتوراه, إلا انه رفض الدراسة وعاد سرا إلى الوطن على ضوء النداء الذي صدر من الحزب بالالتحاق بالحركة الأنصارية المسلحة ضد النظام الديكتاتوري, بعد أن تعرض الحزب لأبشع حملة إرهابية قمعية دموية عرفها التاريخ. وساهم في جميع مفاصل العمل الحزبي والعسكري وقاد الكثير من العمليات العسكرية ضد الديكتاتورية، وبقى في كردستان حتى عام 1988 عندما تعرضت الحركة الأنصارية المسلحة إلى انحسار نتيجة الهجمات البربرية للنظام ومرتزقته, بما فيها حملات السلاح الكيمياوي. ولقد تعرضت عائلته إلى الاضطهاد والملاحقة والاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي بما فيه الكي الكهربائي عندما أرادت الالتحاق به في كردستان, وبقيت العائلة لمدة عام، تنتقل من سجن إلى آخر, حتى أطلق سراحها بكفالة ضامنة, ولم تثنِ هذه الظروف من عزيمتها ـ أي عائلته ـ حتى التحقت به بعد إطلاق سراحها بفترة قصيرة جدا. بعد ذلك اضطر مع رفاقه الآخرين للرحيل إلى الخارج، ومرة أخرى في موسكو، ورشح لدراسة الدكتوراه ـ التي رفضها في عام 1979 واختار الوطن ـ وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وباختصاص دقيق (العلاقات الدولية والسياسة الخارجية) في 12/11/1992 وكان في نفس الوقت سكرتيرا لمنظمة الاتحاد السوفيتي, بعدها غادر إلى إحدى الدول العربية للعمل في إحدى جامعاتها حتى عام 1996 عندما عاد إلى الوطن سرا. وعمل في مختلف المجالات الحزبية, كما عمل أستاذا في كلية القانون والسياسة حتى عام 2003. كان مندوبا لمؤتمرات الحزب الوطنية الخامس والسادس والسابع والثامن. وجدد انتخابه عضوا في اللجنة المركزية في المؤتمر الوطني الثامن للحزب الذي عقد قبل أشهر .. عاد إلى بغداد مع رفاقه بعد سقوط النظام مباشرة من شقلاوة وعمل مع رفاقه على إعادة بناء التنظيم الحزبي في جميع محافظات العراق، وقاد واشرف على الكثير من المنظمات الحزبية بما فيها المناطق الساخنة. كما عمل في هذه الفترة أستاذا في الجامعة المستنصرية/ كلية العلوم السياسية. وحاليا يعمل مستشاراً في مركز وزارة الخارجية.

الشرارة التقت الرفيق الدكتور العقابي وطرحت معه على بساط الحوار قضايا وطنية وحزبية مهمة:

• لقد استطاع الحزب الشيوعي العراقي رغم كل تعقيدات المشهد السياسي وحراجة الوضع الأمني أن يعقد مؤتمره الوطني الثامن في العاصمة بغداد، ووسط أجواء ملبدة بغيوم شتى وعلى مختلف الأصعدة .. الرفيق د.علي العقابي، ماذا يشكل لك شخصياً مثل هذا الحدث؟ وكيف تجدون الحزب الآن في الواقع العراقي؟
ـ يمثل انعقاد المؤتمر الوطني الثامن لحزبنا الشيوعي, والنجاح الكبير الذي حققه, حدثاً استثنائياً في الحياة السياسية العراقية، سواء في طريقة مناقشة وثائقه قبل عقده بشهور طويلة، أو بتجسيده الديمقراطية الحزبية على أوسع نطاق، بحيث شملت الانتخابات الحزبية كل الحزب من أصغر هيئة فيه إلى اللجنة المركزية، وكذلك بروح التحدي التي جسدها عقده في بغداد الحبيبة، تعبيراً عن التصاق الشيوعيين بشعبهم وتربة وطنهم، وسيكون لكل ذلك تأثيراً إيجابياً، وقوة مثل للآخرين، لاسيما إذا تحقق قدر كاف من الأمن والاستقرار. إن هذا الحدث المهم في حياة وتاريخ الحزب يشكل بالنسبة لي منطلقاً لإنقاذ الوطن من أزماته المتعددة, والخروج به من المحنة, وتمكينه من الانتقال إلى شاطئ الأمان، نظراً لما صدر من وثائق هامة عن المؤتمر وأهمها المشروع الوطني الديمقراطي. إن الحزب الشيوعي العراقي، مساهم نشيط وفعاّل في العملية السياسية، ويسعى لإصلاحها من داخلها، ويزداد تأثيره الإيجابي فيها بمرور الوقت وذلك على خلفية سياسته الواقعية ومواقفه العقلانية، وكونه أحد الدعاة الرئيسيين للوحدة الوطنية، ورفضه الطائفية والمحاصصة أياً كان شكلها ولونها، وعلى خلفية الاحتضان الجماهيري له أيضاً.

• خاض الحزب تجربة رائدة وفريدة من نوعها في تاريخه وتاريخ العراق السياسي عموماً, عندما عرض مسودات مشاريع وثائق المؤتمر الوطني الثامن للنقاش داخل أروقة الحزب وعلى المستوى الشعبي والجماهيري وفي وسائل الإعلام. ما هي برأيكم أهم الدروس المستنبطة من هذه التجربة؟
ـ إن أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة، هو أن الحزب الذي يؤمن بجماهير شعبه فعلاً ويعمل من أجل مصالحها وأهدافها الجذرية عليه أن يصارحها بكل شيء وأن يأخذ رأيها في كل شيء، وأن يفسح المجال لمشاركتها الفعلية في صياغة برامجه وخطط عمله حاضراً ومستقبلاً، وهذا ما استهدفه الحزب الشيوعي العراقي من هذه العملية الرائدة، فضلاً عن تقديم هذه التجربة البديل الديمقراطي، لما هو سائد من عنف وتهميش وإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر.

• كما ظهر في الإعلام مؤخراً، أن قيادة الحزب قدمت لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في لقاءين منفصلين وثيقة للإصلاح السياسي. ما هي أهم الخطوط العامة التي تضمنتها هذه الوثيقة؟ وكيف تقيّمون استجابة الحكومة لها؟ وما هي فرص انجازها على الواقع العراقي الراهن؟
ـ إن أهم الخطوط العامة التي تضمنها مشروعنا الوطني الديمقراطي، والذي أسميتموه بحق وثيقة للإصلاح السياسي، هي نبذ الطائفية والمحاصصة المقيتة، والاحتكام إلى الوحدة الوطنية ومبدأ المواطنة.
فالعراقيون يجب أن يكونوا متساويين بغض النظر عن قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، وأحزابهم السياسية، ومشاربهم الفكرية. العراق للجميع، ولابد للجميع أن يساهم في صنع القرار السياسي الذي يخص بلدهم ومستقبل شعبهم.
استعادة الأمن والاستقرار الذي هو المفتاح لحل كل المشاكل والأزمات التي نعانيها، ولدينا برنامج متكامل في هذا الموضوع، عن طريق إعادة بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية على أسس الكفاءة والنزاهة والوطنية، وتطهيرها من العناصر الإرهابية والمليشيات التي اخترقتها بحدود كبيرة، وتسليحها وتأهيلها (وحصر السلاح بيد الدولة فقط) وبما يجعلها قادرة على تولي الملف الأمني حقيقية لا وهماً، بالتزامن مع تحقيق إنجازات ومكاسب اقتصادية - اجتماعية وسياسية وثقافية من قبل الحكومة والمؤسسات الرسمية لكسب ثقة المواطن العراقي، التي لا نرى بغيابها إمكانية تحقيق أي شيء على صعيد الواقع الملموس مهما كانت الوعود معسولة، والشعارات براقة.
وإذا ما أنجزنا ذلك حقاً، استطعنا أن نوفر المستلزمات الفعلية لخروج قوات الاحتلال من بلادنا واستعادة سيادتنا واستقلالنا الوطني الناجز.
مكافحة البطالة، هذه الآفة الاجتماعية الرهيبة بجدية وبأسلوب علمي.
إعادة الخدمات التي يعاني أبناء شعبنا من غيابها الويلات، خصوصا الكهرباء والماء والمحروقات والصحة والتعليم..الخ.
المباشرة بإعادة إعمار العراق على أسس سليمة والاستفادة بشكل صحيح من كل الإمكانيات والطاقات المتوفرة على الصعيدين المالي والكوادر المؤهلة.
تفعيل مشروع المصالحة الوطنية وتوسيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية.
التخلي عن نزعة الاستئثار والتفرد وتغليب المصالح الحزبية والأنانية الضيقة وإشاعة روح الحوار واحترام الرأي الآخر، وصولاً إلى إشاعة الديمقراطية في ممارساتنا السياسية وبناء دولة القانون والمؤسسات.
مكافحة الفساد المالي والإداري دون هوادة، فهو لا يقل خطراً عن طاعون الإرهاب.
عدم التفريط بثرواتنا الطبيعية ولاسيما النفط، وضرورة فرض السيطرة الوطنية عليها وجعلها بالفعل ملكاً لكل أبناء الشعب العراقي، وانتهاج سياسة تنموية حقيقية، تكون قادرة على إعادة الحياة إلى اقتصادنا الوطني، وتعديل مساره الأحادي الجانب، الذي يعتمد على قطاع النفط بنسبة تزيد على الـ(90%) .. إقامة علاقات حسن جوار مع الدول المحيطة بالعراق وتوفير كل المستلزمات التي تمنع الآخرين من التدخل في شؤونه الداخلية.
أما فرص انجاز المشروع الوطني الديمقراطي في الواقع العراقي الراهن، فتتوقف على اقتناع الآخرين به، ومدى شعورهم بالمسؤولية تجاه مصائر الشعب والوطن الذين أخذتهما المحاصصة الطائفية، والاستئثار وغياب المشروع الوطني، فضلاً عن الاحتلال وبقايا النظام المقبور إلى حافة الحرب الأهلية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المهمة سوف تكون نصب أعين قيادة الحزب ورفاقه ومنظماته, والشيء المفرح حقاً هو أن العديد من القوى السياسية، وبعضها يمتلك ناصية القرار السياسي، أخذت تدرك شيئاً فشيئاً عقم هذه السياسة (المحاصصة) وخطرها على كل أبناء الشعب دون استثناء، بمن فيها الطائفة أو القومية التي يدعون الدفاع عنها، وحماية مصالحها، وهذا ما يوفر فرصاً أفضل لتبني جوهر هذا المشروع، ووضعه موضع التنفيذ، أو بالنسبة لنا فسوف لن نألو جهداً في سبيل التثقيف به، وتحشيد القوى من أجل تكوين رأي عام مساند له، وقادر على فرضه وتجسيده على أرض الواقع.

• ينظر بعض المواطنين باهتمام لقانون النفط والغاز، وبعضهم يقابله بعدم اكتراث. وما بين قانون النفط والغاز ومعاناة المواطن للحصول عليهما مسافة قد تمتد لتشمل الملايين ممن اصطف للحصول على البنزين أو على الغاز أو على النفط. ما هو موقفكم من قانون النفط والغاز؟
ـ قانون النفط والغاز، يفترض به أن يجسد النص الدستوري، بأن الثروات الوطنية وخاصة النفط ملك لكل الشعب العراقي، كما يجب أن يحقق السيطرة الوطنية على أهم ثروة من ثروات البلد، ولذلك فنحن من الدعاة المتحمسين للاستثمار الوطني عبر شركة النفط الوطنية التي ينبغي أن يعاد تأسيسها وبنائها على أسس سليمة.
إن قانون النفط والغاز بصيغته الحالية والتي يراد تمريرها في مجلس النواب، فيه من الثغرات والنواقص الشيء الكثير، ولذلك نناضل مع القوى الوطنية الأخرى من أجل تعديلها، وضمان سيطرة العراقيين على ثروتهم النفطية الناضبة. نحن نطالب باعتماد عقود الخدمة، وليست عقود المشاركة التي تؤدي في المطاف الأخير إلى نهب نسبة كبيرة من الواردات النفطية من قبل الشركات الأجنبية. وبالإضافة إلى قيام شركة النفط الوطنية بعمليات الاستثمار وضرورة توفير كل مستلزمات نجاحها في هذا الميدان، لا بد من أن تكون الحكومة المركزية هي المشرفة على صناعة النفط وإبرام العقود، بالتنسيق مع السلطات المحلية والإقليمية، كذلك تعديل وتصحيح تركيبة الهيئات المختصة، وخاصة المجلس الأعلى للنفط والغاز، ومجلس المستشارين، وأهمية استقطابها للكفاءات الفنية والوطنية.

• منذ نهاية الانتخابات وتشكيل المجلس الحالي, كان ولازال الملاحظ على ممثلي الشيوعي العراقي داخل البرلمان أنهم يغردون خارج سرب القائمة العراقية. وجاء ذلك في سياق العديد من القضايا العقدية والقرارات والقوانين المفصلية التي تصدى لها المجلس تشريعيا. بتقديركم, على أي مسافة انتم الآن من شركائكم في القائمة؟ وهل لازالت القائمة تحتفظ بمشتركات عمل مستقبلية؟
ـ تضم القائمة العراقية طيفا واسعا من القوى السياسية والمرجعيات الفكرية المتباينة, التي اتفقت على برنامج وطني ديمقراطي يتضمن حلولا ومعالجات صالحة لكل المشاكل والمآسي التي يعانيها شعبنا العراقي, وبذلك شكلت بديلا وطنيا وديمقراطيا عن المشاريع الطائفية والقومية, التي جسدتها القوائم الانتخابية الأخرى. ومنذ البدء أعلنا أننا سنكون غير ملزمين بأي قرار أو إجراء لا ينسجم مع برنامج القائمة أو مع سياستنا وأهدافنا، وتوقعنا أن يحدث مثل هذا التباين والاختلاف في وجهات النظر، وبالتالي في المواقف من هذه القضية أو تلك تبعاً للأسباب المذكورة أعلاه. كما كنا حريصين على التنبيه وممارسة النقد البناء تجاه الأخطاء والممارسات الضارة التي يقدم أحد أطرافها، أو شخصياتها، أو القائمة بكاملها، وهذا ما حصل فعلاً، فموقفنا اختلف تماماً ومعنا عدد غير قليل من أعضاء القائمة في موضوع الفيدرالية وقانون الأقاليم، وفي كيفية التعامل مع العملية السياسية، وهل نعمل على إصلاحها من الداخل، أم من خارجها؟ وكذلك في مسألة تشكيل جبهة جديدة، فيها قوى وجهات لا يمكننا أن نلتقي معها، لأنها طائفية أيضاً، وتريد نسف العملية السياسية من أساسها والعودة إلى نقطة الصفر. نعم حصل تصدع في صفوف القائمة العراقية، لكننا حريصون على رأب هذا الصدع وإعادة القائمة إلى مسارها الصحيح. وساعة نجد أنفسنا قد وصلنا إلى طريق مسدود، فسوف لا نتردد لحظة واحدة في الانسحاب منها.

• يبدو أن فنطازيا المشهد السياسي العراقي مستمرة في أداء انسحابات مزاجية للكتل البرلمانية تارة، وعودة غير مأمونٍ لها تارة أخرى. ويبدو كذلك أن الخارطة السياسية في العراق كثيراً ما يرسمها الشد والجذب فيما بين هذه الكتل، والتي تنطلق في الأعم الأغلب من خارج المشترك والمصلحة الوطنية. ماذا قدمتم كونكم شريكاً في العملية السياسية باتجاه ترطيب أجواء العمل السياسي والخروج من عنق هذه الزجاجة؟
ـ بعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة والبرلمان، يحكم سلوكها السياسي محوران أساسيان، هما ممارسة التقاليد العشائرية في السياسة، والدفاع عن أعضائها وفق شعار (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، بصرف النظر عن المصلحة الوطنية ورغم الشعارات البراقة التي ترفعها. والثاني ممارسة الابتزاز السياسي على القوى الأخرى، فنراها ترفع سقف مطاليبها إلى حدود تعجيزية أحياناً، لكي تحصل على أقصى ما يمكن من التنازلات من الطرف الآخر، وليذهب الوطن والشعب العراقي إلى الجحيم!
هذه المصالح الضيقة، والأنانية، الحزبية والفئوية، هي أساس البلاء، ومصدر كل المآسي التي حولت المشهد السياسي فعلاً إلى فنطازيا مستمرة.
إننا نعمل في الحكومة وفي مجلس النواب. في الإعلام، أو مع القوى السياسية في داخل البرلمان وفي خارجه، من أجل التركيز على القواسم المشتركة وهي كثيرة حقاً. وتأجيل ما يفرقنا في الوقت الحاضر لحين إنضاج الظروف الملائمة، والدعوة إلى توحيد الخطاب السياسي والإعلامي باتجاه إعلاء راية الوحدة الوطنية والمواطنة، وتبشيع المحاصصة الطائفية، التي هي مدمرة لكل ما يمت للشعب والوطن بصلة، وتقديم المقترحات البناءة، والقابلة للتنفيذ لكي تكون في متناول الجميع، والعمل على تكوين رأي عام وطني، تساهم من خلاله الجماهير الغفيرة صاحبة المصلحة الحقيقية في ازدهار الوطن وسعادة الشعب، باتجاه التبني والدفاع عن هذه المبادئ السامية. وقد لعبنا في أحيان كثيرة دور الوسيط النزيه بين مختلف الفرقاء السياسيين والاجتماعيين لتقريب وجهات النظر، والوصول إلى ما ينفع الجميع.

• لنعد إلى أجواء المؤتمر الوطني الثامن، فالمتابع لبرقيات التهنئة التي وردت إلى المؤتمر يؤشر بروداً من جانب الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية في علاقتها مع الحزب الشيوعي العراقي. ما هي الأسباب في تراكم هذا الكم من الجليد في العلاقة؟ وهل هناك فرصة لإذابته ورجوع الدفء إلى علاقاتكم مع الأحزاب الشيوعية في المنطقة؟
ـ لماذا تسمونه كم من الجليد؟ لقد أرسلت الأحزاب الشقيقة في الأردن/ لبنان/ البحرين برقيات تهنئة بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الثامن للحزب.
ولكن هذا لا ينفي أن قلة من الأحزاب الشقيقة, لا تستطيع لحد الآن استيعاب التغيرات الهائلة التي حصلت في العالم, وتظل مشدودة في العداء لأمريكا, حتى لو أدى بها ذلك إلى الاصطفاف مع ما يسمى بـ"المقاومة" في العراق، وتبرير الأعمال الإرهابية على بشاعتها.
لم يدخر الحزب جهداً في اللقاءات والمؤتمرات التي جمعتنا سوية، وسوف لن يدخر أية جهود أخرى مستقبلاً, لتوضيح هذا الالتباس وخلفيته التاريخية، والعمل على وضعهم في صورة التعقيدات الكبيرة في العملية السياسية، وما يجري في العراق، وطبيعة هذه القوى التي ينحازون إليها دون معرفة بهويتها ومشاريعها السياسية. ولذلك تتفهم الكثير من هذه الأحزاب والقوى موقفنا وواقعية سياستنا، عندما تتضح الصورة أمامهم وتقدم المعطيات الكافية لهم. وإننا واثقون من أن علاقتنا مع الأحزاب الشقيقة مستمرة ووطيدة على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير, وبما يخدم مصالح شعوبنا في المنطقة.

• في الختام اسمح لنا أن نتوجه لكم بالشكر الجزيل لتلبيتكم الدعوة للحديث عبر صفحات الشرارة. وتقبل منا تهانينا الحارة لمناسبة تجديد عضويتكم في اللجنة المركزية للحزب، مع كل الود والاحترام.
ـ لكم جزيل الشكر على إتاحتكم هذه الفرصة للحديث إلى قراء مجلتكم، هذه المجلة التي أصبحت بمثابة منشور فكري سياسي فاعل ونشط. ونحن في قيادة الحزب قيمنا وبروح ايجابية عالية نشاطاتكم. أخيرا أتمنى لكم النجاح والموفقية في عملكم.