| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                   الأحد 3/4/ 2011

 

 مسؤولية القول.. عن أية "دولة مدنية يتحدث نوري المالكي...!؟

موفق الرفاعي

كان على رئيس الحكومة نوري المالكي ان يعلم ان هناك اخرين ينصتون خارج القاعة غير شيوخ عشائر تلعفر ووجهائها الذين التقاهم قبل ايام. وان هناك من كان ينتظر منه مثل هذه التصريحات التي تتناقض تماما والمواقف التي يتخذها هو او حزبه على صعيد الواقع.

فحين يقول.. "نحن لسنا في دولة مذهبية أو طائفية أو متبنية للنظام الإسلامي ليقال أن هذا نظام إسلامي شيعي أو سني"، فهو ينسى انه رئيس لحزب اسمه "حزب الدعوة الاسلامية" وان هذا الحزب يؤمن بمبدأ (ولاية الفقيه) - كما عبّر عن ذلك ذات مرة من على قناة الحرة الفضائية القيادي في الحزب علي الاديب-، اضافة الى ذلك فأن حزب الدعوة لا ينتمي اليه ولا سني واحد كما هو حال حزب "الاخوان المسلمين" السني – الحزب الاسلامي- الذي لا نجد من بين المنتمين اليه شيعيا واحدا.

الائتلاف العراقي الذي يتزعمه نوري المالكي هو الاخر ائتلاف مكون من احزاب وتيارات وشخصيات اسلامية شيعية ولا يتوفر على سنة وليبراليين الا في حدود ما تحتاجه المرحلة الراهنة من مقبِّلات بغية تحمل ابتلاع مراراتها.

كما ينسى السيد نوري المالكي حين يقول: "العراق دولة مدنية والناس أحرار في اعتقاداتهم واعتناقهم لمذاهبهم وأديانهم"، ينسى ان المجالس المحلية والتي يهيمن عليها اما اعضاء في حزب الدعوة وهم الغالبية او اخرون من تيارات واحزاب اسلامية شيعية اخرى، ان هذه المجالس اتخذت اجراءات للحد من الحريات الشخصية بل واعتدت وتجاوزت في مرات كثيرة على تلك الحريات.

وينسى المالكي ايضا انه وفي خضم مفاوضاته لتشكيل الحكومة، كان قد وصف القائمة العراقية في لقاء تلفزيوني من على قناة الحرة بأنها "تمثل المكون السني". الامر الذي دعا القائمة العراقية حينها الى اتخاذ قرار وقف المفاوضات معه والذي جاء على لسان الناطقة باسمها ميسون الدملوجي التي طالبته بالاعتذار، ما اجبر عضو ائتلاف دولة القانون عبد الهادي الحساني الى التصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، "أنه ليس هناك ما يبرر تقديم اعتذار من المالكي لأن ما قاله كان مجرد توصيف لأن الأغلبية في القائمة العراقية هم من السنة" فأكد بذلك ما صرح به المالكي.

ان البعد الطائفي واضح في كل شأن من شؤون الدولة التي تدير دفتها احزاب اسلامية وعنصرية. وهو صريح في جميع تصريحات الاسلاميين وغيرهم داخل العملية السياسية شيعة وسنة واكراد ولا يحتاج الى دليل. وهو مما يُدرَك حتى لو طُمست كل التصرفات وشطبت جميع التصريحات.

العملية السياسية اصلا قامت ومنذ مجلس الحكم على البعد الطائفي (الديني – المذهبي - العرقي). ليس فقط في توزيع المناصب السياسية السيادية وما دونها حتى درجة مدير عام، بل وقد نص الدستور حتى على تشكيلات القوات المسلحة.
الدستور الذي جاء مفصلا على قياس الاحزاب الطائفية دينية اسلامية وقومية كردية.
ففي الباب الاول من الدستور نصت المادة التاسعة "اولاً" على ذلك: "تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ او اقصاء،..."
 
الغريب.. ان حديث نوري المالكي عن المجتمع المدني يأتي امام شيوخ عشائر ما يعني ضمنا الاعتراف بتأثيرات هذه الصيغة المتخلفة في المجتمع العراقي. وكان قبل ذلك قد اسس مجالس الاسناد من ابناء العشائر بقيادة شيوخها.. كان ذلك قبيل الانتخابات التشريعية الاخيرة لسبب كان معروفا.

ان من ابسط شروط بناء مجتمع مدني هو رفض الصيغ القبيلة العشائرية. فلا يمكن بناء دولة مدنية باعتبارها المعنى السياسي للمجتمع المدني، الا برفض ذلك وتجاوزه نحو مرتكزات حضرية يكون فيها الفرد ضمن الجماعة – الشعب- وحريته هما المقدسان.

بناء الدولة المدنية يحتاج العمل عليه، اضافة الى وجود منظمات المجتمع المدني احزابا سياسية تؤمن بالديمقراطية حقا. لا ان تدّعي ذلك بالقدر الذي يحقق لها طموحاتها في الوصول الى هرم السلطة بغية ارغام المجتمع على تبني ايديولوجيتها. وهو ما تفعله غالبا.. الاحزاب الشمولية جميعها.

ما نلمسه هذه الايام هو سعي المالكي نحو الاستئثار بالسلطة او في الاقل العمل على جعل السلطة التنفيذية هي السلطة المهيمنة على جميع السلطات الاخرى. يساعده على ذلك ضعف خصومه وفساد الكثيرين منهم. فيما بناء مجتمع مدني لا يقوم الا على تلاشى دور السلطة إلى المستوى الذي يتقدم فيه دور المجتمع على دور الدولة.
ليس فقط الأداء الحكومي وحده هو ما يُقيِّم نجاح او فشل المسؤول، فحتى ما يصرّح به من اقوال هو مسؤولية يتحمل نتائجها عند التقييم.

فعن أية "دولة مدنية" يتحدث السيد نوري المالكي..!؟





 




 

free web counter

 

أرشيف المقالات