| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 3/7/ 2009



ايران في مواجهة ثورة الاصلاحيين

ايوب شيخ فرمان

الحركة الجماهيرية او التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي جرت وتجري الان في إيران حقيقة تؤكد انشقاق في النظام سواء في المجال السياسي أو القومي إن لم يكن إنقلاباً على النظام نفسه .
وربما اصبح النظام الايراني في وضع لا يحسد عليه بعيد أن انشق الى شقين : محافظين وإصلاحيين , فالاصلاحيون بقيادة مير حسين موسوي وجماهيره ينزلون الى الشارع ويقومون بالتظاهرات وهو نفسه يعلن شهادته أمام مناصريه لتحدي النظام ويعلن عن تزوير الانتخابات في هذه المحافظة وتلك بالرغم من تأييد مرشد الثورة السيد خامنئي لنتائج الانتخابات لصالح أحمدي نجاد . والتظاهرات التي تحدث في طهران العاصمة وحدوث قتلى وجرحى وتحدي السلطة من قبل المتظاهرين , كل هذا يؤكد أن ايران مقدمة على ديمقراطية جديدة على مبدأ حق الشعب في اختيار قادته وبرنامجه السياسي .

وهذه التظاهرات الشعبية منظوية تحت قيادة موسوي الاصلاحي والذي يدعو الى التغيير تحت خيمة الجمهورية الاسلامية , ولكن يبدو أن هذا الاصلاح يتعدى حدود الجمهورية الاسلامية نفسها فالمفروض بالنظام الايراني الاسلامي أنه لا تجاوزعلى الخطوط الحمراء في اصعب الحالات ومهما كانت الاسباب ، والذي حدث ويحدث إنه لربما تجاوز على تلك الخطوط ، فتفجير في مرقد ألامام الخميني قائد الثورة الاسلامية ومؤسسها في ايران خروج على الصلاحيات بل وخروج عن المعروف ، وقيام التظاهرات في طهران نفسها تحد للثورة الاسلامية ونظامها السياسي والادهى من ذلك وصول التظاهرات الى حضرة ضريح قائد الثورة الاسلامية الامام الخميني .

والذي يؤكد من ان الصدام الجاري او الاحتدام بين التيارين تجاوز الصمت المتوقع هو اعلان السيد موسوي الشهادة أمام مناصريه بل وحتى مناوئيه. فالرسالة موجهة الى الصف الآخر المعارض له والشهادة حسب العرف الاسلامي تعني التضحية حتى الموت في سبيل الله إن لم يكن الآن في سبيل طبقته الاصلاحية فحسب , والاهم من ذلك هو استخدام الزعيم الاصلاحي موسوي صيغة التهديد والوعيد عبر كلمات قالها ( لا إله إلا الله ) و لاتتركوا الخونة من أن يحملوا راية الثورة بدلا عنكم ... إنه اسلوب وتعبير في الكلام يرفض الآخر جملة وتفصيلا بل وينهيه حتى عن حمل راية الثورة .

فالاختلاف في الرأي في نظام سلفي كجمهورية ايران الاسلامية لا ولن يحدث إلا حينما يكون هناك شرخ كبير في النوايا أو تصدع في الفكر نفسه قد يودي الى تغيير النظام نفسه وبالتالي قد يكون هناك طرف آخر ثالث بينهما يدخل في المعادلة بمعنى قد يحدث لإيران الاسلامية ما حدث للاتحاد السوفيتي السابق والنتيجة كانت انهيار الاتحاد السوفيتي وخلق روسيا جديدة خلت من الشيوعية في السلطة بعدما كانت على رأسها.

الذي يجري في داخل المؤسسة الاسلامية في ايران أمر غير متوقع بل وغير مألوف ذلك ان التاريخ الاسلامي ومنذ تأسيسه ايام الرسول ومرورا بالصحابة وقيادة الخلفاء الراشدين والامويين والعباسيين لم يحدث قط خروج جماعة أو فئة على القانون أو الخلافة الاسلامية كما حدث ويحدث الآن في جمهورية ايران الاسلامية . ترى هل يقدم الاصلاحيون ومعهم موسوي وخاتمي وكروبي على فعل ذات الشيء الذي فعله غورباتشوف و يلتسن وجماعتهما من تغيير النظام 180 درجة على الرغم من إختلاف الفكرين وربما حتى اختلاف النوايا بينهما الى درجة كبيرة .

ترى لأيهما يكون القرار الاخير ،للسلطة ومرشدها الثوري أم للشارع وغضب الاصلاحيين الذين لا حول ولا قوة لهم سوى تكاتفهم وتلاحمهم ضد النظام ؟
تغاير الرأي في نظام كجمهورية ايران الاسلامية ثورة بحد ذاتها على التقاليد في نظام يحتكم الى قوانين سلفية لانقاش عليها ولا حوار فيها ،ترى ماذا يعني هذا الصراع بالرغم من قوة النطام الايراني في امكانية استخدام الردع اللازم لحفظ ماء وجه المحافظين في السلطة ؟ .

ربما يكون لعلي بن أبي طالب رأي فيما يحدث في ايران وهو.. لو اختلف اثنان في قضية ما , فلابد من ان يكون احدهما على صواب والآخر على خطأ , فإن كان الاصلاحيون على خطأ فهذا يعني ان للنظام الحق في استخدام الضوء الاخضر لقمع التظاهرات والاحتجاجات , بل وقمع مؤيدي السيد موسوي انفسهم , وإن كان الاصلاحيون على صواب , فيا ترى لماذا هذه التظاهرات والتضحيات المناهضة للسلطة , ولماذا هذا الشرخ الكبير في النظام الايراني نفسه وانشقاقه الى تيارين محافظ وإصلاحي إن لم يكن ما يدعيه الاصلاحيون صحيحا من تزوير الانتخابات في مسقط رأس الزعيم الاصلاحي موسوي ناهيك عن بقية المحافظات .

محلل سياسي امريكي شكك في قدرة الاصلاحيين القيام بحركة كهذه ما لم يقف وراءها دعم خارجي , في حين خاطب الرئيس الامريكي ايران بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين , والسؤال يطرح نفسه : هل كان الشعب الفيتنامي في حربه ضد امريكا في سبعينيات القرن الماضي مدعوم من جهة خارجية ؟ .

الدعم الخارجي لن يتأتى عبر حركة جماهيرية بل انها وإن أتت , فستأتي عبر جماعة أو عصابة من خلال انقلاب ابيض في اكثر الاحيان كما حدث في إنقلاب عام 1968 في العراق في وقت افتخر البعثيون آنذاك بثورتهم البيضاء من خلال تشبثهم بالسلطة بعد نزولهم من القطار الامريكي في القصر الجمهوري والنتيجة كانت تسليم واستلام السلطة وكما يقول الفنان الكوميدي عادل إمام : سلم نظيف واستلم نظيف .

على كل حال فالثورة إنعطاف تاريخي وما يحدث في ايران الآن انعطافة كبيرة وتاريخية في دولة تتحكم بالحديد والنار وبجبروت يقل نظيره في المنطقة ناهيك عن تحديها للمجتمع الدولي عبر تسابقها مع الزمن لامتلاك السلاح النووي والمماطلة مع المنظمة الدولية بهذا الخصوص , وبرغم كل هذا فهناك تظاهرات واصطدامات في العاصمة طهران ونيران وتفجيرات في ساحة الثورة نفسها وكأن الثورة تعيد تاريخها من جديد بل وكأن التاريخ يعيد ثورته من جد وجديد , كل هذا يسحق التحليل السياسي القائل من أن الاصلاحيين مدعومون من خارج البلاد .

ترى الى ما ينوي الاصلاحيون عمله ، هل إزاحة الراية من يد المحافظين أم إزاحة النظام نفسه من السلطة ؟
ومهما كانت النوايا والنتائج المترتبة فان احداث طهران اشعلت الشعلة وانارت الطريق وأفاقت الآخرين من سباتهم العميق للعب دورهم في الساحة الايرانية عبر تغيير ينوي الاصلاحيون القيام به وربما يحتاج هذا التغيير الى تضحيات جسام لم يتردد الزعيم الاصلاحي لإبدائها عبر الشهادة سلفا وعلى الطريقة الاسلامية , أما الاصلاحيون فهم كما يقول ماركس .. لايملكون مايخسرونه , وإن كان تفكير الاصلاحيين وقادتهم بهذا الاتجاه فان ايران مقبلة على قيادة جديدة ويوم مشرق جديد لهم .

ترى الى ما ينوي الاصلاحيون صيده بعدما رموا سنارتهم في النهر , هل يثبت لهم المحافظين , انهم يصطادون في الماء العكر أم انهم مصممون على الصيد وبانتظار غنيمة كبيرة تجبرهم حتى على طلب مساعدة الآخرين للنيل من الغنيمة وتقاسم ثرواتها فيما بينهم .

ومع كل هذا , العالم كله يترقب احداث ايران والايام القادمة كفيلة لوضع النقاط على الحروف فيما يخص مستقبل الشعب الايراني المسكين , هذا إن لم تكن هناك أطراف اخرى داخل ايران كالقوميون الفرس او القوميات الاخرى او منظمة مجاهدي خلق او المعارضة الايرانية المغلوب على امرها سواء من الراديكاليين او العلمانيين ممن
يتحينون لهذه الفرصة التاريخية و ينوون تغيير حتى الحروف الابجدية الايرانية وربما الى تغير ديموغرافي وتاريخي يهز عرش النظام الحالي .

وقد تلعب المعارضة الدولية دورها الفاعل والمساند للمعارضة الداخلية الايرانية بكل فئاتها وتشكيلاتها وفي مقدمتها امريكا وحليفتها بريطانيا العظمى واسرائيل وتكون بمثابة الدعم المعنوي لها , ولربما يعيد هذا الثلوث سيناريوهاته التاريخية مع ايران خصوصا بعد ان تجاوزت الاخيرة حدودها المسموح بها وهو استمرارها في السير لإمتلاك السلاح النووي وتحديها المجتمع الدولي في هذا النهج و تعاونها اللامحدود لجهات قد تكون على لائحة المطلوبين دوليا و محاولة تراسها كزعيمة للاسلامية الدولية , كل هذا يؤكد من ان ايران في وضع لا تحسد عليه بتاتا .



 

free web counter

 

أرشيف المقالات